هل ما فعله المفتي يعد سرقة من "سيد قطب"؟

الخميس 25/يونيو/2015 - 02:36 م
طباعة هل ما فعله المفتي
 
تداولت الصحف والمواقع الإخبارية تقريرًا تتهم فيه مفتي الجمهورية بسرقة مقال من كتاب سيد قطب "في ظلال القرآن" وقام بنشره في جريدة اليوم السابع الثلاثاء الماضي 23 يونيو 2015، دون الإشارة إلى المصدر.
ويأتي هذا بعد أيام من قرار وزارة الأوقاف المصرية استبعاد كتب سيد قطب من المساجد، ضمن كتب علماء ودعاة محسوبين على الإخوان والتيار السلفي بزعم أنها تدعو للتشدد.
وجاء في مقال علام، تحت عنوان: «نجحت لعلكم تتقون»، بدأه هكذا: «إن الله-سبحانه- يعلم أن التكليف بالعبادة أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون، ودفع لتنهض به وتستجيب إليه مهما يكن فيه من حكمة ونفع».
والعبارة عند «قطب»، من طبعة دار الشروق، صفحة رقم 168، كالتالي: «إن الله-سبحانه- يعلم أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون، ودفع واستجاشة لتنهض به وتستجيب له؛ مهما يكن فيه من حكمة ونفع، حتى تقتنع به، وتراض عليه»، حسب المواقع التي نشرت التقرير ومن بينها عربي 21 المحسوب على جماعة الإخوان.
ثم يضيف المفتي: «ومن ثم يبدأ التكليف بالصوم بذلك النداء المحبب إلى المؤمنين، الذين يذكرهم بحقيقتهم الأصيلة؛ ثم يقرر لهم-بعد ندائهم ذلك النداء- أن الصوم فريضة قديمة على المؤمنين بالله في كل دين، وأن الغاية الأولى هي إعداد قلوبهم للتقوى، والشفافية والحساسية والخشية من الله، قال تعالي: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون».

هل ما فعله المفتي
والعبارة عند «سيد قطب» كالتالي: «ومن ثم يبدأ التكليف بذلك النداء الحبيب إلى المؤمنين، المذكر لهم بحقيقتهم الأصيلة؛ ثم يقرر لهم-بعد ندائهم ذلك النداء- أن الصوم فريضة قديمة على المؤمنين بالله في كل دين، وأن الغاية الأولى هي إعداد قلوبهم للتقوى والشفافية والحساسية والخشية من الله: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»
وتابع المفتي مقاله: «وهكذا تظهر الغاية الكبيرة من الصوم أنها التقوى، فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارًا لرضاه».
أما العبارة في «ظلال القرآن»، فجاءت كالتالي: «وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم.. إنها التقوى.. فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب، وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارا لرضاه».
وأضاف علام في مقاله: «فالتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، والمخاطبون بالقرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه».
والعبارة لسيد قطب تقول: «والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه، فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها، ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفا وضيئا يتجهون إليه عن طريق الصيام..(لعلكم تتقون)».
ويلاحظ أن المفتي لم يترك التعبير الأخير لقطب دون اختلاس أيضا، لكنه أخر ترتيبه في مقاله ليقول: «فالتقوى إذا غاية تتطلع إليها أرواح المؤمنين، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها، ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفا وضيئا يتجهون إليه عن طريق الصيام (لعلكم تتقون(لعلكم تتقون)».
وفي مقطع آخر يقول المفتي: «ثم يبين الله لعباده أن الصوم أياما معدودات، فليس فريضة العمر وتكليف الدهر، ومع هذا أعفى من أدائه المرضى حتى يصحوا، والمسافرون حتى يقيموا، تيسيرا».
أما العبارة فجاءت عند «قطب» على النحو التالي: «ثم يثني بتقرير أن الصوم أيام معدودات، فليس فريضة العمر وتكليف الدهر. ومع هذا فقد أعفى من أدائه المرضى حتى يصحوا، والمسافرون حتى يقيموا، تحقيقا وتيسيرًا».

هل ما فعله المفتي
وإلى هنا يكون المفتي، قد اقتبس قرابة ثلاثة أرباع مقاله حرفيًّا من كتاب «في ظلال القرآن»، لسيد قطب، إلا أنه آثر أن يأتي الاختلاف عن قطب فيما تبقى من مقاله، وهو قرابة الربع، وخصصه للحديث عن التقوى.
ومما جاء فيه قوله: «وقد ضمن الله ـ عز وجل ـ للمؤمنين بالتقوى ثلاثة أمور: الأمر الأول: أعطاهم نصيبين من رحمته: نصيبا في الدنيا ونصيبا في الآخرة، وقد يضاعف لهم نصيب الآخرة فيصير نصيبين، الأمر الثاني: أعطاهم نورا يمشون به في الظلمات، الأمر الثالث: مغفرة ذنوبهم، وهذا غاية التيسير، فقد جعل سبحانه التقوى سببا لكل يسر، وترك التقوى سببا لكل عسر».
وتعقيبًا على هذا الأمر قال نشطاء وصحف إلكترونية: إن ما فعله المفتي ليس الحالة الأولى له.
حيث أكدت صحيفة «المصريون» أن المفتي اقتبس مقاله المنشور بصحيفة «الشروق بعنوان: «للصائم فرحتان»، من كتاب «إحياء علوم الدين» للإمام «أبو حامد الغزالي»، وإنه نقل جزءا كبيرا من مقاله بعنوان «الدين المعاملة- منهج الصحابة في التيسير 2»، بتاريخ 17 أبريل 2015، الذي نشرته صحيفة «المساء»، من كتاب الدكتور عبد الله بن إبراهيم الطويل، بعنوان «منهج التيسير المعاصر».
وبعيدًا عن اتهام المفتي بالسرقة من عدمه وان جاز لنا ان نعتبر ما أخذه من كتاب الظلال لسيد قطب انما هو محض اقتباس كما جرت العادة عند متبعي المنهج النقلي حفاظًا على سنة السلف الصالح كما يدعون ومن بينهم فضيلة المفتي فان ما حدث له دلالات عدة أولها تأثر فضيلة المفتي بكتابات سيد قطب، وإن كان مرر هنا قول متفق عليه فلا نعلم موقفه من باقي افكار سيد قطب المنتشرة في ظلاله من تكفير المجتمع والحاكم من ناحية ومن ناحية اخرى تقسيم المجتمع إلى عالمين أو دارين "دار الحرب" والتي تشتمل على كل من هو خارج عن جماعته، و"دار السلام" والتي هي جماعته، إذ يؤكد سيد قطب بين طيات كتابه على جاهلية المجتمع والحكام وكفرية المجالس النيابية والقوانين الوضعية، فاين فضيلة المفتي من هذا الافكار وغيرها والتي تحض على الكراهية والعداء للوطن ودونية المرأة وقهرها.
أما الدلالة الثانية والأكثر خطورة من سابقتها ألا وهي التناقض الحادث بين موقف وزارة الأوقاف من حظر كتب سيد قطب ومصادرتها من مكتبات المساجد، وبين اقتباس المفتي من هذه الكتب نفسها، مما يؤكد على التناقض في مواقف الدولة من إعلانها محاربة الإرهاب، في نفس الوقت الذي تسمح فيه للسلفيين باعتلاء المنابر ومشاركتهم في قوافل دعوية للمناطق الفقيرة رغم ما هو معروف عنهم من التشدد وعدم الاعتراف بمفهوم الديمقراطية والدولة الحديثة من الأساس.

شارك