عام على إعلان دولة الخلافة.. ومحاولة "روسية" لمواجهة داعش

الإثنين 29/يونيو/2015 - 10:05 م
طباعة عام على إعلان دولة
 
عام على إعلان دولة
في ذكرى مرور عام على إعلان أبو بكر البغدادي عن نشأة ما أسماه "دولة الخلافة" في سوريا والعراق، وبدء تداول تنظيم "الدولة داعش" ،  لا يزال خطر التنظيم مثار اهتمام المجتمع الدولي، ورغم تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة إرهاب تنظيم داعش، إلا أن عمليات التحالف اقتصرت على عمليات نوعية دقيقة لاغتيال عدد من قيادات التنظيم البارزين، ومعها غارات جوية تكلفت 2.7 مليار دولار منذ أغسطس الماضي، وبالرغم من ذلك يتمدد التنظيم بشكل ملحوظ، حتى أصبح يمتد نفوذه على مساحة تفوق مساحة بريطانيا.
ويرى مراقبون أن تنظيم داعش استطاع أن يجعل للخلافة الإسلامية إقليما جغرافيا، عماده الجهاد ضد الكفار، واجتذب الذين يبحثون عن مجتمع إسلامي مثالي، والجهاد من أجله، وقارنت كاترين براون الأستاذة بجامعة لندن بين الفتيات الأوروبيات اللاتي سافرن إلى الاتحاد السوفيتي في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، والفتيات اللاتي التحقن بصفوف داعش في العقد الثاني من القرن العشرين، وخلصت إلى أن حلم الحصول على المواطنة في الاتحاد السوفيتي، وليس القتال كان باعثا أساسيا للسفر إليها، في حين أن الباعث وراء الانضمام إلى داعش هو المشاركة في القتال تحت مسمى الجهاد لإنشاء دولة تقوم على مجتمع مثالي يطبق الشريعة، يسوده العدل والمساواة، لا يعرف الفروق الطبقية الحادة، تحكمه شريعة السماء بما يشبه الأفكار المثالية أو اليوتوبيا. 
ويرى باحثون أن الإعلان الذي صدر في 29 يونيو 2014 كانت سبقته مراحل بدأت من زرعه التنظيم بذرته الأولى عبر جماعة "التوحيد والجهاد" عام  1999 ومبايعته لتنظيم القاعدة في 2004 مرورا بإعلان "الدولة الإسلامية في العراق" في 13 أكتوبر 2013، ومن ثم سيطرته على مناطق في سوريا في الثلث الأول من عام 2013 وانفصاله عن القاعدة في 3 فبراير 2014 وصولا إلى إعلان الخلافة في العراق وسوريا ورفع راية "الدولة الإسلامية في العراق والشام" من مدينة حلب في شمال سوريا وحتى محافظة ديالى شرق بغداد، واليوم يسيطر التنظيم على أكثر من نصف الأراضي السورية وثلث الأراضي العراقية بمساحة إجمالية تقارب 195 الف كيلومتر مربع حيث يفرض فيها قوانينه المتشددة في تطبيق الشريعة الإسلامية مستخدما أساليب التخويف والإرهاب، كما أظهر التنظيم خلال عام على إعلانه أبشع أدواته لترويع السكان المحليين والعالم برمته وتعزيز سمعته الدموية، فارتكب جرائم بحق المدنيين، وانخرط في خطف النساء والإتجار بالبشر، وعمليات الإعدام الجماعي، وتدمير الآثار التاريخية على الملأ، مستخدما الإنترنت لنشر ثقافته المدمرة.
عام على إعلان دولة
بينما اعتبرت الباحثة الغربية ميلنى سميث أن تنظيم داعش يخاطب الغرباء في مجتمعاتهم بخطاب "دولة الخلافة" الذى يخرجهم من العزلة والاغتراب، وبلغ الأمر أن قرر أحد المتحولين جنسيا، وصديقته السفر من الاتحاد السوفيتي إلى سوريا للالتحاق بدولة داعش هاربين من الحصار الاجتماعي في مجتمعهم، متأثرين بالدعاية التي يبثها التنظيم.
من جانبها تسعى روسيا لمواجهة داعش بطريقتها الخاصة، عبر جمع دمشق والرياض في  وتركيا والاردن في تحالف واسع ضد تنظيم الدولة، وهى الرغبة التي عبر عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال لقائهما وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو، حيث كشف الرئيس الروسي أن موسكو تتلقى خلال اتصالاتها مع دول المنطقة التي تربطها بها علاقات طيبة جدا، إشارات تدل على استعداد تلك الدول للإسهام بقسطها في مواجهة الشر الذي يمثله "داعش"، وأن ذلك "يتعلق بتركيا والأردن والسعودية".
كما تم التأكيد على أن موسكو مستعدة لدعم دمشق إذا اتجهت الأخيرة إلى الدخول في حلف مع دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا والأردن والسعودية، لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، وأقر بأن تشكيل مثل هذا الحلف يعد مهمة صعبة التنفيذ، نظرا للخلافات والمشاكل التي شابت بالعلاقات بين الدول، وأعرب الرئيس الروسي عن قناعته بأن "محاربة الإرهاب والمظاهر الغاية في التطرف تتطلب توحيد جهود كافة دول المنطقة".
عام على إعلان دولة
ودعا الرئيس الروسي جميع الأصدقاء جميعا، "بمن فيهم الأصدقاء في سوريا، إلى بذل الجهود القصوى لإقامة حوار بناء مع جميع الدول المهتمة بمحاربة الإرهاب".
اعتبر بوتين أن "تطورات الأوضاع المعقدة في سوريا، مرتبطة بالدرجة الأولى بالعدوان الذي يشنه الإرهاب الدولي، لكننا واثقون من انتصار الشعب السوري في نهاية المطاف، أما سياستنا الرامية إلى دعم سوريا والقيادة السورية والشعب السوري، فستبقى دون تغيير".
وفي مؤتمر صحفي أعلن لافروف مع نظيره السوري وليد المعلم أن الرئيس بوتين دعا إلى ضرورة تخلي كافة دول المنطقة عن خلافاتها بشأن مختلف القضايا والتي كانت دائما موجودة وربما ستبقى، والتركيز على توجيه الجهود إلى مكافحة الخطر المشترك وهو الخطر الإرهابي، وأن جهود سوريا فقط لمكافحة "داعش" وأعوانه ليست كافية، ولذلك تدعو موسكو "كافة دول المنطقة إلى تنسيق جهودها من أجل مكافحة هذا الخطر".
أكد وزير الخارجية الروسي أن مهمة المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وجيران سوريا، لا تتمثل في محاولة فرض شيء على السوريين بل تهيئة الظروف لحوار شامل بينهم، مشيرا إلى أن موسكو مستعدة لدراسة إمكانية عقد لقاء تشاوري ثالث في موسكو من أجل وضع قاعدة متينة لاستئناف المفاوضات بين السوريين، مشيرا إلى أنه بحث هذه المسألة مع نظيره السوري، معبرا عن ارتياحه للطابع الودي للمباحثات الحالية، مؤكدا مواصلة دعم سوريا شعبا وحكومة في حل المشاكل الاقتصادية الاجتماعية في ظل الأزمة الحالية والجهود الرامية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهات الخطر الإرهابي.
عام على إعلان دولة
من جانبه أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أنه حصل على وعد من الرئيس بوتين بدعم سوريا سياسيا واقتصاديا وعسكريا، مضيفا إن الطريق الأسلم للتحضير لمؤتمر ناجح في جنيف يمر عبر موسكو، ودعا المعلم المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا إلى المشاركة في لقاء موسكو الثالث.
شدد المعلم على أن الرئيس بوتين شدد على ضرورة إيجاد تحالف إقليمي لمكافحة الإرهاب"، مشيرا إلى أن تشكيل تحالف دولي من السعودية وتركيا والولايات المتحدة وقطر التي تآمرت على سوريا وموّلت الإرهاب سيتطلب معجزة حقيقية.
وتساءل: "هل يجب أن يسقط ضحايا في السعودية والكويت وفرنسا حتى يدرك المجتمع الدولي انتشار الإرهاب.. قلنا لمن يدعمون الإرهاب في سوريا إن الإرهاب سيرتد عليكم".
وأكد وزير الخارجية السوري أنه يمكن إنجاح إقامة التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب فقط في حال تخلي الدول التي تشجع الإرهاب عن دعمها للإرهابيين.

شارك