قافلة السلام برئاسة شيخ الأزهر ودورها في تهدئة الأوضاع في إفريقيا الوسطى
الثلاثاء 30/يونيو/2015 - 02:00 م
طباعة

استقبل الآلاف من المسيحيين الذين اكتظت بهم كنيسة سانت تيك تيموتيه والشوارع المحيطة بالعاصمة بانجي- أعضاء قافلة السلام الدولية المرسلة من مجلس حكماء المسلمين الذي يترأسه فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالورود والأهازيج.
وأكد أعضاء القافلة، لجموع المستقبلين في الكنيسة، أن قافلة مجلس حكماء المسلمين جاءت إلى بانجي لترسيخ روح السلام بين جميع أبناء إفريقيا الوسطى، مسلمين ومسيحيين؛ لأن السلام هو الهدف الأسمى لكل الأديان وبخاصة المسيحية والإسلام .
ودعا وفد مجلس حكماء المسلمين الحاضرين من رعايا الكنيسة إلى حث إخوانهم المسلمين إلى العودة إلى ديارهم التي فروا منها، حيث استقبل الحضور من أبناء المنطقة الدعوة بترحاب شديد، هاتفين بحماية المسلمين بأرواحهم.
وانعكاسًا لهذا الشعور الجارف للسلام، ناشد الوفد رئيس الأساقفة تشكيل لجنة من القيادات المسيحية بالتنسيق مع القيادات الإسلامية، للبدء فوراً في اقناع النازحين بالعودة إلى ديارهم، بعد أن تعهد الحاضرون بحمايتهم

وقد ألقى أعضاء القافلة، محاضرة للنساء تضمنت التعريف برسالة وأهداف مجلس حكماء المسلمين، والحديث حول مكانة المرأة في الإسلام، وتكريم الإسلام للمرأة، ودور الأمهات في توعية النَّشْء وتحذيرهم من خطورة الوقوع ضحية الفكر المتطرف.
وبعد انتهاء المحاضرة، تم إجراء حوار مفتوح مع عدد من المشاركات، اللاتي عبرن عن أسفهن للأحداث المؤلمة التي عصفت بإفريقيا الوسطى على مدار الأعوام الأربع الماضية، والتي راح ضحيتها أكثر من عشرة آلاف شخص، وتسبب عنها معاناة المرأة في هذا البلد الإفريقي
كما نظم أعضاء قافلة السلام زيارة إلى ثلاث مستشفيات بالعاصمة بانجي للاطمئنان على الحالة الصحية للمرضى المسيحيين والمسلمين على السواء، وهي الخطوة التي لاقت استحسانًا باعتبارها المرة الأولى التي يشاهد فيها أئمة مع قساوسة في الأماكن العامة.
كما أشرف أعضاء القافلة على تنظيم نشاط رياضي لكرة القدم بين فريقين مختلطين من المسلمين والمسيحيين وذلك بهدف نشر روح المحبة والسلام بين أتباع الديانات.
وفي نهاية النشاط وزع أعضاء القافلة الهدايا التذكارية على المشاركين، كما حرص كل طرف على مصافحة الطرف الآخر.
قصة النازحين

يأتي هذا بعد أن تصاعدت أعمال العنف في جمهورية إفريقيا الوسطى مما أدت إلى اجبار 50,000 شخص تقريباً على النزوح منذ بداية العام.
ويشمل هذا العدد ما يقدر بـ 30,000 شخص فروا من منازلهم ووجدوا لأنفسهم ملجأ في أجزاء أخرى من البلاد، وأكثر من 19,200 شخص عبروا إلى مقاطعة إكواتور في جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة.
وقد صرّحت المتحدّثة باسم المفوضية كارين دي غرويل خلال مؤتمر صحفي في جنيف في فبراير الماضي، إن معظم هؤلاء النازحين داخل جمهورية إفريقيا الوسطى انتقلوا منذ يناير إلى مدينة باتانغافو الشمالية وإلى بامباري في الجزء الشرقي وسط البلاد. وفرّ الكثيرون من العنف المترافق مع هجرة موسمية للمواشي واشتباكات بين الرعاة والسكان المحليين والمزارعين وجماعات ميليشيا "أنتي بالاكا" التي يغلب عليها المسيحيون.

وبعد تفاقم الأمر، لجأ بعض الرعاة إلى جماعة "سيليكا" التي يغلب عليها المسلمون، بحثاً عن الحماية. بالإضافة إلى ذلك، تسببت العمليات العسكرية الأخيرة بإخراج القوات السابقة في جماعة "سيليكا" المباني العامة في بريا، وهي مدينة في شرق بامباري، ما أدى إلى تنفيذ هجمات انتقامية على القرى المجاورة. وقد علق المدنيون في الوسط، وشهدوا على إحراق قراهم، ومنازلهم وممتلكاتهم. أما الأشخاص الذي وصلوا إلى بامباري، وأغلبيتهم من النساء والأطفال، فكانوا في حالة عوز وذهول، في حين أن البعض الآخر اختبأ في الغابة لأسابيع.
وقالت دي غرويل حينها: "إن المفوضية وزعت مواد الإغاثة على أكثر من 1,170 عائلةً نزحت مؤخراً في بامباري، في حين أن 800 عائلة أخرى في باتانغافو حصلت على رزم الإغاثة الطارئة". وأضافت: "في حين لا يزال الوضع الأمني غير مستقر، إلا أن الاحتياجات الإنسانية لا تزال هائلة. فالعناصر المسلحة تدخل بعض مواقع للنازحين في بامباري وباتانغافو وتقوم بتهديد الأشخاص وابتزاز الأموال."
يعيش بعض النازحين على بُعد بضعة أمتار من منازلهم القديمة، ومع ذلك لا يمكنهم العودة خوفاً من خسارة حياتهم. وفي غياب معظم السلطات المحلية، قامت القوات السابقة في جماعة "سيليكا" بالسيطرة على العديد من المباني العامة في بامباري. وشدّدت دي غرويل، المتحدثة باسم المفوضية قائلةً: "نحن بحاجة ماسة إلى حضور قوي للشرطة والدرك لحماية المدنيين وللحد من القتل المتزايد وأعمال الانتقام."
وأضافت أنه في الجهة الأخرى من الحدود، في جمهورية الكونغو الديمقراطية، سجّلت المفوضية أكثر من 19,200 لاجئ وصلوا إلى أرض بوسوبولو شمال مقاطعة إكواتور، نتيجة تجدد العنف منذ ديسمبر 2014، في مقاطعة كوانغو، في محافظة أوكا في جمهورية إفريقيا الوسطى.

وقالت دي غرويل: "أفادت فرقنا الميدانية عن استمرار وصول اللاجئين الذين أخبرونا أنهم فروا من الاشتباكات بين ميليشيتي "أنتي بالاكا" و"سيليكا" السابقة في قراهم. وقالوا إن منازلهم احترقت ولم يكن أمامهم خيار آخر سوى الفرار. وإذا ظلوا في قراهم، فإنهم يخاطرون بالتعرض للتعذيب أو القتل وتعريض النساء للاغتصاب."
وأفيد عن وصول وافدين جدد إلى أراضي موبايي. إذ إن حوالي 2,400 لاجئ، ومعظمهم من الأطفال، عبروا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية عن طريق نقاط الدخول الجديدة إلى أراضي موبايي وبوسوبولو منذ 15 فبراير، وقالوا إنهم فروا خوفاً من مقاتلي ميليشيا "سيليكا" السابقة بعد عملية نزع السلاح في بريا.
وتتواجد المفوضية وشركاؤها على الأرض لإنشاء موقع جديد للاجئين في منطقة بيلي، بعيداً عن الحدود. ويعيش اللاجئون الوافدون حديثاً حالياً في تجمعات مؤقتة على ضفاف نهر أوبانجي الذي يشكل الحدود الطبيعية بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى، في ظل محدودية الرعاية الصحية، والمياه النظيفة والطعام، إضافة إلى عدم حصول الأطفال على التعليم.

وقالت دي غرويل: إن المفوضية كانت تنظّم تقديم مساعدات في حالات الطوارئ، بما في ذلك العيادات المتنقلة، والحصول على مياه الشرب، في حين تقوم بالاستعداد لنقلهم إلى موقع اللاجئين. إلا أن الافتقار إلى الخدمات، والتحديات اللوجيستية في هذا المكان النائي من شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية، تزيد من صعوبة هذا العمل. لا تضم المستشفى في بيلي سوى 15 سريراً، كما أنها تفتقر إلى المعدات.
وصرّحت دي غرويل مشيرةً إلى قضية تعرّض ثلاث فتيات لاجئات إلى الخطف والاعتداء من قبل رجال مسلحين قائلةً: "تلقت فرقنا تقارير مثيرة للقلق عن العنف الجنسي الذي تمارسه العناصر المسلحة من جمهورية إفريقيا الوسطى." وأضافت: "نخشى وجود المزيد من الحالات المشابهة التي لم يتم التبليغ عنها. وبالتالي، فإن نقل اللاجئين بعيداً عن الحدود أمر ضروري، وندعو جميع الشركاء والسلطات الكونغولية إلى بذل كل الجهود الضرورية للسماح بتنفيذ هذا الانتقال بصورة عاجلة."
وقد أجبر العنف في جمهورية إفريقيا الوسطى على نزوح حوالي 900,000 شخص قسراً. كما ونزح داخل البلاد حوالي 442,000 شخص، ومن بينهم أكثر من 50,000 في بانجي، وفر حوالي 35,000 شخص إلى بامباري و33,700 شخص في باتانغافو. ويعيش حوالي 451,000 شخص في المنفى، لا سيما في الكاميرون، وتشاد، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجمهورية الكونغو (24,000 شخص).