مع رفض البرلمان مرشح الحكومة.. أفغانستان بدون وزير للدفاع في مواجهة طالبان و"داعش"
الأحد 05/يوليو/2015 - 12:52 م
طباعة

حالة من الارتباك تعيشها الحكومة الائتلافية في أفغانستان، مع ارتفاع وتيرة الضربات من قبل حركة طالبان في ظل حملة الربيع التي تشنها ضد القوات الحكومية في البلاد، مع ضغط من قبل البرلمان الحكومي في اتخاذ خطوات قوية لمواجهة تردي الأوضاع الأمنية ومواجهة الجماعات المسلحة، وفي ظل استمرار أزمة تعيين وزير لوزارة الدفاع الأفغانية.
تهديد البرلمان

على خلفية حدة التوتر بين الحكومة الائتلافية ومجلس الشيوخ الأفغاني، أضرب مجلس الشيوخ الأفغاني عن مواصلة المهمة الرسمية هذا الأسبوع احتجاجًا على توتر الأوضاع الأمنية السائدة، خاصة الحادثة الأخيرة في منطقة جلريز، في ولاية وردك، والتي راح ضحيتها قرابة العشرات من الشرطة الأفغانية.
واعتبر أعضاء في المجلس الوطني مسئولي الحكومة الأفغانية الائتلافية أنها فاشلة في مهمتها، ولا تهتم بمطالبات المجلس، كما أن الحكومة لا تسمح لمسئوليها بأن يستجوبهم المجلس.
وأعرب رئيس مجلس الشيوخ الأفغاني فضل الهادي مسلميار في جلسة اليوم الأحد عن بالغ قلقه إزاء تنامي التوتر الأمني وخاصة الحادثة الكارثية الأخيرة في ولاية ميدان وردك، والتي قتل جراءها 30 عنصرًا من الأمن الأفغاني في مواجهة مع طالبان، وفشلت الحكومة الأفغانية في فك محاصرتهم.
ووصف رئيس المجلس أن تنامي التوتر الميداني في بعض المناطق الأفغانية بسبب عدم اعتناء المسئولين الأمنيين؛ حيث إن القوات الأمنية لا تجهز في الصفوف الأمامية بطريقة مناسبة، وعندما يستجوبهم المجلس لا يحضرون.
وانتقد أعضاء الحكومة الأفغانية الذين يستدعيهم البرلمان إلى المجلس لاستجوابهم ولكنهم لا يحضرون في جلسات المجلس، وذكر بالتحديد من بينهم صلاح الدين رباني وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية الحالية.
وهدد رئيس الشيوخ الأفغاني الحكومة الأفغانية باتخاذ التدابير الجدية اللازمة طالما أن الحكومة لا تلبي بمطالبات أعضاء المجلس الوطني
رفض مرشح لمنصب وزارة الدفاع

يأتي هذا مع استمرار أزمة اختيار مرشح لوزارة الدفاع الأفغانية، فقد رفض البرلمان الأفغاني بأغلبية الأصوات في عملية التصويت التي جرت أمس السبت رسمياً مرشح الحكومة الأفغانية لمنصب وزارة الدفاع معصوم ستانکزي، وبذلك لم يتمكن من الحصول على أصوات اعتماد البرلمان الوطني، بينما تواصل تقدمها الميداني ليس في المناطق الأفغانية النائية وإنما حتى في محيط العاصمة كابول.
وكان رئيس البرلمان الأفغاني، عبد الرءوف إبراهيمي، قد أعلن أمام البرلمان الوطني في ختام جلسات التصويت أن ستانكزي المرشح لمنصب وزارة الدفاع الأفغانية فشل في الحصول على أصوات اعتماد المجلس الوطني .
ودعا إبراهيمي الرئيس الأفغاني إلى أن يرشح شخصًا مؤهلًا آخر مكانه في أقرب فرصة ممكنة لهذا المنصب الشاغر منذ شهور.
وكان 213 نائبًا برلمانيًّا قد حضروا في الجلسة الأخيرة، وكان من المفروض أن يحصل ستانكزي على أغلبية أصوات النواب ليصبح وزير الدفاع في الحكومة؛ حيث حصل 84 صوت اعتماد في مجلس النواب الوطني، بينما كانت الرافضون أكثر.
يأتي ذلك في الوقت الذي تكثف فيه حركة طالبان من هجماتها في أفغانستان، والتي تستهدف خلالها رجال الشرطة والجيش والمسئولين الحكوميين والقوات الأجنبية المتواجدة في البلاد.
ويذكر هنا أن الرئيس الأفغاني أشرف غاني قد عين ستانكزي في منصب وزير الدفاع في شهر مايو الماضي بعد أشهر من المناقشات حول هذا المنصب الرئيسي، وكان ينتظر تصويت البرلمان على هذا القرار بالموافقة أو بالرفض.
ومن المقرر أن يواصل ستانكزي مهمة القيام بأعمال وزارة الدفاع الأفغانية بأمر من الرئيس الأفغاني إلى حين ترشح الحكومة الأفغانية شخصاً آخراً، وذلك سيستغرق بعض الوقت.
الوضع الأمني

يثير التباطؤ في تشكيل حكومة وحدة وطنية مخاوف من عودة الاضطراب السياسي في أفغانستان، في وقت انسحبت معظم القوات القتالية التابعة للحلف الأطلسي (ناتو) في نهاية ديسمبر بعد 13 سنة من إطاحة نظام حركة «طالبان».
وتشن الحركة «عمليات الربيع» في أنحاء البلاد، مستهدفة خصوصاً القوات الأفغانية والأجنبية إضافة إلى رموز الحكومة. وهي تنشط في معقليها قندهار وهلمند (جنوب)، وكذلك في الشمال.
فقد أكدت حركة طالبان من السيطرة على 7 نقاط أمنية، في مناطق (زيولات، شيرخان، خواجه صاحب، محمد نور خيل) الواقعة في مديرية جلريز بولاية ميدان وردك، ليبلغ عدد النقاط الأمنية التي تسيطر عليها الحركة بالولاية 14 نقطة أمنية.
وفي الأسابيع الأخيرة، اقترب المتمردون مرتين من ضواحي قندوز، الموقع الاستراتيجي في الشمال، قبل أن يصدهم الجيش والشرطة.
وقالت الشرطة الأفغانية إنها قتلت الليلة الماضية القيادي البارز في حركة طالبان حاجي وزير، وذلك في عملية بولاية هرات غربي البلاد، كما قتل نحو خمسين من الشرطة والحركة في اشتباكات جنوب العاصمة كابل.
وأفاد مسئول أمني بأن حاجي وزير هو المسئول عن تأمين السلاح، وكان العقل المدبر لعدة اغتيالات وتفجيرات في هرات.
حضور "داعش"

الأمر لم يتوقف في صراع الدول الأفغانية مع حركة طالبان المتمردة، بل وجد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" موطئ قدم له في أفغانستان، وأصبح يهدد الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، فقد قال شهود ومسئولون: إن مقاتلين موالين لتنظيم الدولة سيطروا على مساحات واسعة في أفغانستان للمرة الأولى؛ إذ انتزعوا مناطق في الشرق من حركة طالبان؛ ما يمثل تهديدًا جديدًا للاستقرار.
وقال شهود فروا من القتال في إقليم ننكرهار لوكالة رويترز: إن مئات المقاتلين الذين بايعوا تنظيم الدولة طردوا طالبان، وأحرقوا حقول الخشخاش التي تساعد في تمويل حملة طالبان للإطاحة بالحكومة الأفغانية.
ونشر مقاتلو تنظيم الدولة أيضًا توجيهات قالوا إنها صادرة عن زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي"، لكن لم يتضح إن كان قد اختص بها أفغانستان تحديدًا، أم أنها تعليمات سابقة ربما خضعت للترجمة.
وقال حاجي عبدول جان، وهو شيخ قبيلة في منطقة أتشين: إن أنصار تنظيم الدولة "جاءوا في شاحنات بيضاء كثيرة عليها مدافع كبيرة وقاتلوا طالبان. لم تقدر طالبان على المقاومة وفرّت".
وقال جان الذي شهد القتال في مطلع يونيو، قبل أن يفر إلى مدينة جلال أباد عاصمة الإقليم: إن بعض السكان رحبوا بالوافدين الجدد. مضيفًا أن مقاتلي تنظيم الدولة "على النقيض من طالبان لا يجبرون القرويين على توفير الطعام والسكن لهم، بل لديهم الكثير من الأموال في جيوبهم ينفقونها على الغذاء وجذب الشبان إليهم".
ومثل هذه الروايات هي أوضح مؤشر حتى الآن على أن المتعاطفين مع تنظيم الدولة يمثلون خطرا متزايدا باستثناء بعض الانشقاقات القليلة بين قيادات متدنية المستوى في طالبان وبعض الهجمات المتفرقة، في حين قال شهود: إن عشرات المقاتلين الأجانب يرافقون أنصار تنظيم الدولة الذين هم في معظمهم مقاتلون سابقون في طالبان أحبطهم فشل الحركة في العودة إلى السلطة في كابول.
ويرتفع علم تنظيم الدولة في بعض المناطق، ويخطب مقاتلون أجانب في المساجد عبر مترجمين، دون أن تعرف هوية المقاتلين غير الأفغان في التنظيم.
وقال مسئولون محليون: إن المقاتلين الموالين لتنظيم الدولة انتزعوا من طالبان السيطرة على أراض في ستة أحياء على الأقل من أحياء ننكرهار الأحد والعشرين.
وذكروا أن المعارك بين التنظيمين المتنافسين تدور في منطقتي خوجياني وباتشير أجام.
وتسيطر الحكومة المركزية على الأغلبية العظمى من أراضي أفغانستان، لكن الأحداث في ننكرهار تحمل نذير شؤم للقوات الأمنية التي تحارب لاحتواء تمرد طالبان، بعد أن انسحبت معظم قوات حلف شمال الأطلسي قبل ستة أشهر.
المشهد الأفغاني

استمرار غياب منصب وزير الدفاع في أفغانستان والرتم البطيء من قبل الحكومة الائتلافية في أفغانستان، والتي يرأسها كلٌّ من الرئيس الأفغاني أشرف غني ورئيس السلطة التنفيذية عبدالله عبدالله، يضع الأوضاع الأمنية في البلاد على حافة الانهيار، في ظل مواجهة القوى والأجهزة الأمنية الأفغانية للجماعات المسلحة، وفي مقدمتها تنظيم "داعش" الإرهابي، وحركة طالبان، وهو ما يضع تحديا أمام الحكومة الجديدة، في ظل الضغوط من قبل البرلمان الأفغاني. فهل ستنجح حكومة كابول في تخطي حرب الربيع دون خسائر ثقيلة لها؟