المسودة النهائية للحوار.. "شهادة وفاة" للإخوان في ليبيا
الأحد 12/يوليو/2015 - 03:11 م
طباعة

بعد شهور متعثرة شهد فيها الحوار الليبي كثيرًا من المعاناة ما بين الرفض والقبول وكذلك الانسحاب والمشادات بين المتناحرين، أخيرًا وُفقت الأمم المتحدة في الحصول على موافقة الأطراف على المسودة الرابعة التي أعدتها للانتقال إلى مرحلة جديدة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، فيما رفض البرلمان الليبي المنتهية ولايته المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين والذي تواليه ميلشيات فجر ليبيا التوقيع بشرط تعديل المواد التي يراها جوهرية، ما يؤدى إلى اختفاءها من المشهد السياسي الليبي تمامًا.
بداية لحل الأزمة

انتهت أطراف الحوار الليبي من مراسم التوقيع بالأحرف الأولى على مشروع الاتفاق السياسي لحل الأزمة في ليبيا، بمدينة الصخيرات المغربية، مساء أمس السبت 11 يوليو 2015، بحضور الشهود الممثلين بالمجالس البلدية.
وتحدد المسودة التي وقعت بمنتجع الصخيرات جنوبي العاصمة المغربية الرباط، مبادئ المرحلة الانتقالية في ليبيا، ومن المقرر عقد جولات حوار جديدة لمناقشة النقاط الخلافية بين الأطراف، بعد عيد الفطر.
وواصلت أطراف الحوار، اجتماعات في مدينة الصخيرات المغربية، في ظل غياب فريق المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، الذي رفض العودة للصخيرات قبل الموافقة على تعديلات المسودة التي أشار إليها إحدى بياناته.
وشارك في الحوار أمس "البرلمان – النواب المقاطعين – المستقلين – كتلة 94 بالمؤتمر – الأحزاب – المجالس البلدية"، حيث وقع ممثلوها بالأحرف على مسودة الاتفاق السياسي الرابعة المعدلة في حفل رسمي في المغرب حضره سفراء ومبعوثو الدول الكبرى.
وأكد برناردينو ليون المبعوث الأممي لدى ليبيا، أن الباب لا يزال مفتوحاً لهؤلاء الذين اختاروا ألا يكونوا هنا اليوم، كان لهم أيضاً دور حيوي في تطوير هذا النص، في إشارة للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته الطرف الوحيد الذي لم يحضر ويوقع الاتفاق المبدئي.
وبين المبعوث الدولي أنه وكما هو منصوص عليه بالمادة الأخيرة من مسودة الاتفاق، وبالرغم من التوقيع بالأحرف الأولى، فإنه لن يدخل حيز النفاذ إلا بعد قيام أطراف الحوار السياسي الليبي بإقراره واعتماده كاملاً وتوقيعه وهي ضمانة من بين الضمانات العديدة التي رغب الأطراف في تضمينها بالاتفاق.
أكد أبو بكر بعيرة ممثل فريق الحوار عن البرلمان أن الأخير غلّب المصلحة الوطنية العليا للبلاد فوق كل الاعتبارات، مشيرًا إلى أن الباب يبقى مفتوحًا لكل الأطراف للتوقيع على الاتفاق السياسي الذي ينهي معاناة الشعب الليبي ويحقق الوفاق الوطني ويحفظ وحدة وسيادة واستقرار البلاد.
البرلمان الليبي يرحب

من جانبها رحبت الحكومة الموقتة برئاسة عبد الله الثني بالتوقيع بالأحرف الأولى على الاتفاق السياسي بمدينة الصخيرات المغربية، معتبرة هذه الخطوة بداية الطريق الصحيح لخروج ليبيا من أزمتها.
وأكدت الحكومة في بيانها، الصادر صباح اليوم الأحد 12 يوليو، أن هذا الاتفاق هو السبيل الأمثل نحو وحدة ليبيا وتحقيق أمنها واستقرارها.
ودعت الحكومة في بيانها جميع الأطراف الليبية لتغليب مصلحة الوطن، والاستمرار نحو اتفاق شامل يؤسس لحكومة وفاق وطني تقود الليبيين في معركتهم ضد الإرهاب، وتعزز فرص بناء دولة مستقرة.
وأكدت الحكومة تقديرها جهود المملكة المغربية لاحتضانها جلسات الحوار، والبعثة الأممية برئاسة برناردينو ليون، ودعت الدول العربية والمجتمع الدولي لبذل مزيد من الجهد لإنجاح الحوار والوقوف مع الشعب الليبي في الظروف الراهنة التي تشهدها الدولة.
"فجر ليبيا" يهدد بالتصعيد

ولم تشارك حكومة "فجر ليبيا" برئاسة خليفة الغويل التي تتخذ من طرابلس مقرا لها ولا تحظى باعتراف دولي في هذه المحادثات.
إلى ذلك، بعث المؤتمر العام المنتهية ولايته، أمس، رسالة إلى ليون عقب التوقيع على اتفاق الصخيرات: إننا ماضون في الالتزام بمبدأ الحوار كأساس لحل ما يحدث في ليبيا، ولم ولن نمانع أن يكون دور الأمم المتحدة فاعلاً وأساسيًا في حوار ليبيا وبالحدود التي أكدتم عليها في رسالتكم.
انتقد ميليشيا فجر ليبيا الاتفاق بين بعض الفصائل الليبية الذي تم توقيعه في المغرب برعاية أممية، معتبرين أن خطة السلام المقترحة "خيانة تهدف إلى إقامة ديكتاتورية فاشية برعاية الأمم المتحدة.
وقالت حكومة طرابلس أن "التعديلات التي أدخلتها الأمم المتحدة أخيرا، لم تتضمن مقترحاتنا.
وبموجب الاتفاق الموقع يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا تستمر عاما واحدا تمهيدا لانتخابات عامة جديدة.
وتضمنت المسودة الأممية ثلاث نقاط هي: تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، واعتبار برلمان طبرق الهيئة التشريعية، وتأسيس مجلس أعلى للدولة ومجلس أعلى للإدارة المحلية وهيئة لإعادة الإعمار وأخرى لصياغة الدستور ومجلس الدفاع والأمن.
ترحيب دولي

في سياق متصل، رحب السفراء والمبعوثون الخاصون لأمريكا، ودول أوروبية وعربية، بتوقيع أطراف الحوار الليبي، بالأحرف الأولى على المسودة النهائية، اليوم الأحد، بمدينة الصخيرات المغربية.
وقال السفراء والمبعوثون الخاصون لكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمغرب والبرتغال وروسيا وإسبانيا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية المجتمعون في الصخيرات بالمملكة المغربية: نرحب باتفاق اليوم بين الأغلبية العظمى للوفود المشاركة في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة على التوقيع بالأحرف الأولى على المسودة النهائية للحوار.
وأضافوا، في بيان نشر على صفحة التواصل الاجتماعي للسفارة الأمريكية بليبيا، أن هذه المسودة النهائية هي اتفاقية ليبية يتفاوض عليها الليبيون بالنيابة عن الشعب الليبي. ونحن نرحب بالوفود الليبية التي حضرت إلى الصخيرات.
وتابع البيان: نهنئ الوفود التي أظهرت إحساسها بالمسئولية والقيادة والشجاعة في هذه اللحظة الحاسمة من خلال التوقيع بالأحرف الأولى على مسودة هذه الاتفاقية.
ودعا البيان بقية الوفود وكافة صناع القرار الليبيين للاتحاد الآن والانضمام إلى دعم هذه الاتفاقية لصالح بلادهم ومن أجل مستقبل ليبيا.
وذكر البيان: إننا ندرك أن الشعب الليبي يرغب في السلام. والحوار هو السبيل الوحيد لإيجاد حل حاسم للأزمة في ليبيا. وهؤلاء الذين يعيقون هذه العملية عن التقدم يختارون زعزعة الاستقرار في ليبيا وتعريضها لخطر المزيد من انعدام الاستقرار والتطرف.
وأضافوا: نحن على أتم الاستعداد لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتشجيع كافة الأطراف الفاعلة الليبية على الانتهاء من مسودة الاتفاقية. ومستعدون لتقديم مساعدات واسعة النطاق لليبيا دعمًا لحكومة وفاق وطني موحدة.
وتابع البيان: نحث كافة الليبيين على إبداء أكبر قدر من الدعم للحوار مع تقدم الأطراف نحو المرحلة التالية لإنهاء مسودة الاتفاقية وتجهيزها للتوقيع.
وانتهي السفراء قائلين: نعبر عن امتناننا العميق للمملكة المغربية على دورها الرائد في استضافة الوفود الليبية وكافة المشاركين في هذه العملية خلال هذه الفترة الحيوية لبناء الأمن والسلام في ليبيا.
الاتحاد الأوروبي يرحب

في ذات السياق، أشادت مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني بتوقيع أطراف الحوار الوطني في الصخيرات، أمس السبت، بالأحرف الأولى على المسودة الأممية للحل السياسي، واعتبرته «خطوة كبيرة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في ليبيا.
وقالت موغيريني، في بيان صدر عنها اليوم على موقع الاتحاد الأوروبي، إن الاتفاق الذي تم بين مجلس النواب والممثلين المستقلين عن مصراتة يضع حلاً سلميًا للأزمة التي شهدتها ليبيا والتي تسببت خلال العام الماضي في انقسام ومعاناة الشعب الليبي، فقد وضعوا مستقبل ليبيا بين أيديهم بشكل مسئول.
وأعربت عن أملها في أن تظهر الأطراف التي لم توقع الاتفاق المسئولية نفسها، وأكدت التزام الاتحاد الأوروبي دعم حكومة الوفاق الوطني عند الانتهاء من تشكيلها، وسيقوم الاتحاد بالمساعدة في بناء المؤسسات والسلطات المحلية والمساعدة في استئناف تقديم الخدمات.
وشكرت موغيريني المبعوث الأممي لليبيا برناردينو ليون على جهوده الكبيرة في التوسط بين الأطراف للوصول لاتفاق، كما شكرت الحكومة المغربية لدعمها الحوار.
القضاء على الإخوان

وبحسب مراقبين، فإن اتفاق الأطراف الليبية على الاجتماع للتوقيع المبدئي على وثيقة الاتفاق السياسي وبرعاية أممية، يعني انتهاء وجود المؤتمر منتهي الولاية من المشهد السياسي الليبي الجديد.
ويرى المراقبون أن المؤتمر الوطني انتهى سياسيا وعسكريا بانخراط مصراتة القوى السياسي والعسكرية الأبرز والأقوى للحوار ورغبتها في الدخول في توافق مع خصومها.
ويعتبر التوقيع على وثيق التوافق السياسي التي ستحظى برعاية دولية ومحلية، يعني الدخول في مرحلة جديدة تبدأ باختيار حكومة توافق والشروع في تطبيق بنود وثيقة التوافق الخاصة بالتدابير الأمنية والتي من أبرزها انسحاب التشكيلات المسلحة من المدن الكبرى وعلى رأسها العاصمة طرابلس.