فقدان الثقة وغياب الضمانات.. انهيار الهدنة الإنسانية في اليمن

الأحد 12/يوليو/2015 - 03:59 م
طباعة فقدان الثقة وغياب
 
لم تصمد هدنة اليمن الثانية سوى ساعات، بعدما أسقطتها خروقات الحوثيين وغارات التحالف بقيادة السعودية، وسط تفاقم الوضع الإنساني في اليمن.

الوضع الميداني

الوضع الميداني
شن طيران التحالف بقيادة السعودية، سلسلة غارات جديدة ضد مواقع الحوثيين بالرغم من الهدنة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة في اليمن.
واستهدفت الغارات تجمعات للحوثيين في معقلهم في صعدة شمال البلاد، إضافة إلى مواقع لهم في منطقة الوهط الواقعة في محافظة لحج الجنوبية، حسبما أفاد شهود عيان وسكان.
كما شن طيران التحالف، ظهر اليوم الأحد، غارات جوية على مواقع بالعاصمة صنعاء. واستهدفت تلك الغارات، جبل وموقع الحفا الممتد من جبل نقم أمام الجوازات شرق العاصمة صنعاء. كما استهدفت غارات أخرى جبل النهدين خلف دار الرئاسة. واستهدفت غارات جوية معسكر السواد "الاحتياط" وما كان يعرف بقيادة الحرس الجمهوري سابقاً. 
وفي محافظة مأرب، وسط البلاد، سقط ما يزيد عن 20 قتيلاً وجرح آخرون أغلبهم من الموالين للحوثيين في مواجهات مع "المقاومة" في جبهات "العطيف" و"مخدرة" و"الجدعان"، وسط غارات للتحالف غرب المحافظة. كذلك سقط العديد من القتلى والجرحى في عدن أثناء مواجهات في منطقة "البساتين" و"الجعولة"، بالتزامن مع غارات للتحالف استهدفت مواقع متفرقة. وفي محافظة ذمار، جنوب صنعاء، أعلن ما يعرف بـ"المقاومة الشعبية في إقليم آزال" تنفيذ هجومين على تجمعات لميليشيات الحوثي وصالح في منطقة "معبر"؛ ما أدى إلى سقوط مصابين. 
وتأتي هذه الضربات الجوية بالرغم من إعلان الأمم المتحدة هدنة إنسانية للسماح بإيصال المساعدات الضرورية لملايين السكان.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ ليلة الجمعة وكان يفترض أن تستمر حتى نهاية شهر رمضان، إلا أنها سرعان ما خُرقت في عدة مناطق.
واستمرت أثناء الهدنة المواجهات على الأرض بين القوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به دوليًّا عبدربه منصور هادي من جهة والحوثيين وقوات الجيش الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح.
في موازاة ذلك أقدم مسلحون مجهولون، في محافظة البيضاء، على اغتيال قيادي في حزب "المؤتمر الشعبي"، والذي يترأسه المخلوع صالح، عبد الرحمن القوي، وذلك في مدينة البيضاء مركز المحافظة. كما سقط عدد من القتلى والجرحى بغارات للتحالف في مديرية "الملاجم" استهدفت سيارات على الطريق بين محافظتي شبوة والبيضاء. 
فيما كشف قيادي بجماعة "الحوثيين"، أن مسلحي الجماعة سيستهدفون المنشآت النفطية والغازية للسعودية، في حال استمرت عمليات التحالف. 
وقال القيادي في تصريح لوكالة أنباء "فارس" الإيرانية: إن استمرار عمليات التحالف سيدفع الحركة إلى استهداف المناطق النفطية والغازية للسعودية، معتبرا أن هذا الاستهداف يغير جميع المعادلات الاقتصادية في المنطقة.

صراع الحدود

صراع الحدود
فيما ذكرت تقارير اخبارية، أن القوات البرية وحرس الحدود السعودية، تصدّت على الحدود السعودية- اليمنية لمحاولة هجوم بري من قوات الحوثيين والرئيس السابق علي صالح في مركز أبوالرديف بمحافظة الخوبة. 
وأوضحت صحيفة "الحياة" اللندنية، نقلا عن مصادر لم تسمها، أن عدد المسلحين ممن حاولوا الاقتراب من الحدود السعودية بلغ أكثر من 500 مسلّح من الحوثيين وجيش النخبة والحرس الجمهوري التابع للرئيس السابق، مشيرةً إلى أن معظمهم قُتلوا خلال التصدّي لهم، ومنهم من استطاع الفرار إلى مواقع جبلية وعرة في الحدود، وتمّت ملاحقتهم عن طريق "اﻷباتشي"، منوّهة بأن عمليات تمشيط المناطق الحدودية لا تزال متواصلة. 
وأضافت المصادر: "حاول الحوثيون أمس الاعتداء على الحدود برمي قذائف عدة على محافظتي الطوال والخوبة، بدءاً من وقت الإفطار إلى قبل منتصف الليل، وكانت معظمها في مواقع خالية ولم تحدث أضراراً، وذلك في محاولة لإشغال المرابطين ومباغتتهم، إلا أنهم كانوا متيقظين وتمكنوا من السيطرة عليهم، كما أن كاميرات المراقبة كشفت عدد 4 متسللين حاولوا الاقتراب من أحد أبراج المراقبة ويحملون متفجرات وتم القضاء عليهم، وأثناء التمشيط اتضح وجود 8 متسللين آخرين يحاولون الاقتراب من الحدود بالقرب من جثث القتلى وتم الرد عليهم والقضاء عليهم في حينه".

موقف التحالف

موقف التحالف
من جهته أكد المتحدث باسم التحالف العربي العميد أحمد عسيري أن الهدنة التي أعلنت عنها الأمم المتحدة في اليمن غير ملزمة لقوات التحالف لعدم وجود التزام من الجانب الحوثي.
ونفى عسيري لصحيفة "الرياض"، صحة ما جرى تداوله حول التزام جميع الأطراف بالهدنة، مشددًا على أن قوات التحالف غير معنية بهدنة من طرف واحد؛ لأنها سوف تؤدي إلى نتائج عكسية ولن تخدم المواطن اليمني.
وقال: إن الحد الأدنى لتطبيق الهدنة هو وجود التزام واضح من قبل الحوثيين، وأن تكون هناك آلية لتطبيق الهدنة بوجود مراقبين من الأمم المتحدة على الأرض لرصد التجاوزات وتحميل المسئولية لمن يرتكب انتهاكات كما حدث في الهدنة الماضية.

الحوار اليمني

الحوار اليمني
وعلى مستقبل الحوار اليمني، قرر البرلماني اليمني البارز وأمين عام حزب العدالة والبناء عبد العزيز جباري أن تكون هناك ترتيبات لعقد جولة ثانية من المفاوضات بين الحكومة اليمنية الشرعية والمتمردين عقب انتهاء إجازة العيد، وهو الموعد المحدد لانتهاء السقف الزمني المحدد للهدنة الإنسانية التي دخلت حيز النفاذ بدءاً من أمس.
واعتبر جباري في حديث مع صحيفة "الخليج" الإماراتية من مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض، أن فرص استمرار الهدنة الإنسانية الراهنة ووقف إطلاق النار بين الحوثيين وقوات التحالف تتوقف على مدى التزام المتمردين ووجود نوايا مسبقة لاستغلال هذه التهدئة الطارئة في إتاحة المجال للتسوية السياسية للأزمة اليمنية من خلال الانضباط، وعدم تكريس الفترة الزمنية المحددة لسريان الهدنة لإعادة ترتيب الصفوف، واستئناف العدوان، وإضفاء المزيد من التعقيد على المشهد اليمني.
وأشار أمين عام حزب العدالة والبناء، إلى أن الحل السياسي للأزمة اليمنية المتفاقمة مرهون بالتزام المتمردين بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216.
وحمل البرلماني اليمني البارز الحوثيين مسئولية التصاعد المقلق للأوضاع الكارثية في اليمن جراء تعنتهم ورفضهم الانصياع لقرارات الشرعية الدولية، وإصرارهم على المزيد من التأجيج واستخدام القوة والعنف لفرض سياسية الأمر الواقع، معتبراً أن استمرار سيطرتهم على البلاد ومؤسسات الدولة مرفوض.
من جهة أخرى، طالب أمين عام الحزب دول مجلس التعاون بإشراك القوات اليمنية في أي تكوين عسكري موحد يضطلع بمهام حفظ أمن واستقرار دول المنطقة، معتبراً أن إشراك اليمن في قوات درع الجزيرة أو أي تكوين عسكري موحد لدول المنطقة سيمثل إضافة نوعية كون اليمن تمتلك مخزوناً هائلاً من الطاقات البشرية التي يمكن الاستفادة منها وبشكل فاعل في تعزيز أمن واستقرار منطقة الخليج وشبه الجزيرة العربية.

الوضع الإنساني

الوضع الإنساني
يعاني اليمن نقصًا حادًّا في واردات الأغذية والوقود، بينما قطع العدوان السعودي خطوط الإمداد الداخلية وعرقل حصار- شبه شامل يفرضه العدوان- الشحن إلى الدولة العربية الفقيرة.
وتزايدت محنة المدنيين في اليمن بسبب العدوان الوحشي الذي تشنه السعودية، حيث تقول الأمم المتحدة: إن أكثر من 80% من سكانه البالغ عددهم 25 مليون نسمة يحتاجون نوعا من المساعدة الطارئة.
في غضون ذلك، بدت المنظمات الدولية على أهبة الاستعداد للبدء في عملياتها الإغاثية، في محاولة للتخفيف من حجم الكارثة الإنسانية.
 وأعلنت منظمة الصحة العالمية، تكثيف نشاطها في اليمن، بالتزامن مع الهدنة الإنسانية التي كان من المفترض أن تبدأ أمس الجمعة، ولمدة 7 أيام، بالتعاون مع شركائها في العمل الصحي لتلبية بعض الاحتياجات الأكثر تهديداً للحياة. 
من جهته، كان استيفان دوجريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أعلن أن التخطيط للهدنة يشمل توزيع المواد الغذائية على أكثر من 1.1 مليون شخص، وتقديم العلاج والأدوية لما يقرب من 126 ألف طفل يعانون من سوء التغذية. كما أن الهدنة ستشمل، متابعة ورصد حمى الضنك، وتعزيز الظروف الصحية لأكثر من 650 ألف نسمة. 
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد تلقى تأكيدات، عبر مبعوثه الخاص، من الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح وغيرهم من الأطراف على أن الهدنة الثانية في اليمن ستحترم بشكل كامل وأن المقاتلين الخاضعين لسيطرتهم لن يرتكبوا أي انتهاكات في هذا الشأن.

نائب الرئيس اليمني في القاهرة

نائب الرئيس اليمني
وشهد رئيس مجلس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، نائب الرئيس اليمني ورئيس مجلس الوزراء المهندس خالد بحاح، اليوم الأحد، توقيع عدد من المواثيق التي تدعم مجالات العمل المشترك بين البلدين في العديد من المجالات.
وصرح السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، بأنه تم توقيع بروتوكول للتعاون في المجال الأمني، بين وزارتي الداخلية في البلدين، لتنسيق الجهود فيما يخص مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه للحفاظ على أمن الأوطان والمواطنين. 
كما قامت الدكتورة نجلاء الأهواني، وزيرة التعاون الدولي، ممثلة عن الجانب المصري، والدكتور محمد عبد الواحد الميتمي، وزير التخطيط والتعاون الدولي، ممثلاً عن الجانب اليمني، بتوقيع عدد من المواثيق التي تتضمن مشروعات البرامج التنفيذية للتعاون بين مصر واليمن للأعوام 2015/2017، في المجال التربوي، ومجالات الإعلام، والتعليم العالي، والشباب والطلائع. ومن ناحية أخرى فقد تم التأكيد من الجانبين على استمرار تنفيذ البروتوكول الصحي والدوائي الموقع بين البلدين للأعوام 2005 – 2007، وتفعيل البنود الواردة به، طبقاً للقواعد المتبعة بوزارة الصحة المصرية، مع أهمية التنسيق التام بين الوزارة والسفارة اليمنية بالقاهرة في هذا الشأن. كما قام المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس خالد بحاح، نائب رئيس الجمهورية اليمنية ورئيس مجلس الوزراء، بالتوقيع على محضر اجتماعات الدورة الثامنة للجنة العليا المصرية اليمنية، والتأكيد على حرص البلدين على استمرار التنسيق والتعاون والعمل المشترك، انطلاقاً من عمق العلاقات التاريخية بينهما، وقوة الروابط بين الشعبين الشقيقين..  

المشهد الإقليمي

المشهد الإقليمي
وعلى صعيد المشهد الإقليمي، هاجم وزير الدولة للشئون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش الرئيس اليمين السابق علي عبد الله صاله، قائلا: "إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح لا يزال هو اللاعب الأكبر، وإن تعطشه للسلطة أخرجه عن مسار العملية السياسية، ويأتي الآن باكياً على اليمن".
وأضاف في سلسلة تغريدات على حسابه في "تويتر": "مع استمرار النزاعات الطائفية التي أصبحت أكثر وضوحاً، فإن شرعية صالح أو الحوثي لا يمكن أن تمثل الدولة اليمنية المدنية غير الطائفية".
ولفت إلى أنه لا يمكن لصالح أو الحوثي فرض رغباتهم على ملايين اليمنيين الجنوبيين أو الشعب اليمني، والعملية السياسية، هي التي تكون بناءً على قرار مجلس الأمن 2216 والتي تمثل المخرج.
وبين أن صالح يبيع نفسه لقوة الشر، مرة أخرى، والسلطة والنفوذ تبقى دائماً هي أهدافه، وأن العقود الأربعة التي حكم فيها البلاد، هي التي أدخلت اليمن في الكارثة التي يعيشها الشعب حالياً.
وقال قرقاش: إن نجاح الهدنة الإنسانية في اليمن، يعتمد على الالتزام الحوثي بها، متسائلاً خلال حديثه، هل سيحاول الحوثيون استغلالها مثل ما حدث في الهدنة السابقة؟ وهل تستمر جماعة الحوثي في هجومها على كل من عدن، وتعز؟ وهل سيستمرون في إعاقة الإمدادات الإنسانية التي تأتي عبر ميناء عدن؟
وأضاف أن جماعة الحوثي تنادي بذات الخطابات التي ينادي بها الإيرانيون، بمساواة السعودية بالصهيونية والتعبئة في يوم القدس، ما هو الخطاب غير الدقيق، والذي لا توجد به أخطاء، هل هو خطاب معاناة السكان المدنيين في عدن، وتعز والمدن الأخرى والذين يدركون أن الحوثيين وصالح هم وراء معاناتهم.
فيما أكد المتحدث الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام أن التوجه الحقيقي للحركة هو وقف غارت السعودية على اليمن بشكل كامل، وفك الحصار وليس هدنة قصيرة.
جاء ذلك في تصريح صحفي لدى عودة وفد أنصار الله إلى صنعاء قادمًا من العاصمة العمانية مسقط، بعد أن أجرى مشاورات مكثفة مع القيادة العمانية وأطراف دولية.
وقال عبدالسلام: "كل ما طرحناه في تلك المشاورات هو وقف الغارات بشكل كامل وفك الحصار؛ حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ثم تحل المسألة السياسية".
وأضاف "أنه لا حل إذا كان هناك اختلاف سياسي إلا بالحوار، واعتقد أنه لا يمكن أن تكون هناك حوارات في ظل هدنة قصيرة".

المشهد اليمني

المشهد اليمني
عدم وجود ضمانات أكيدة وفي ظل شروط الأطراف اليمنية، من أجل التهدئة، ولدت هدنة اليمن الثانية ميتة، وهو ما أدى إلى سقوطها أسرع مما توقع المراقبون، ففشل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، في تهيئة الظروف والضمانات التي تؤكد نجاح الهدنة بتعهدات من مختلف الأطراف اليمنية وكذلك من التحالف السعودي. 
وكان الأكثر وضوحاً في إعلان أنه غير معني بأي هدنة، منعاً لتكرار تجربة الأيام الخمسة في مايو الماضي؛ والتي استغلتها ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لتعزيز انتشارها، ونقل تعزيزات عسكرية إلى الحدود مع السعودية.. عوامل فقدان الثقة مع عدم وجود ضمانات أكيدة أدت إلى فشل الهدنة في الساعات الأولى لها.

شارك