هل تستطيع العشائر السورية مواجهة الأسد و"داعش"؟

الأحد 12/يوليو/2015 - 04:48 م
طباعة هل تستطيع العشائر
 
تشكل العشائر السورية أحد العناصر المهمة في الصراع في سوريا؛ ولذلك فقد تعرضت للعديد من الانتهاكات من قبل "داعش" و"النظام السوري"، وهو ما دفعها إلى محاولات تجمع جهودها من أجل حماية مصالحها في أتون الصراع الدائر حاليًا في سوريا والحصول على موطئ قدم في سوريا المستقبل، ولتفعيل هذا الأمر اجتمعت مجموعة من شيوخ العشائر السورية في جنيف بسويسرا، نهاية الشهر الماضي، وشكلت ما يسمى "ائتلاف العشائر السورية"؛ ليكون تشكيلًا معارضًا يضاف إلى مجموعة التشكيلات الموجودة سابقًا، والتي تسعى لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وإخراج تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش".
هل تستطيع العشائر
وأكد الشيخ عبدالكريم الفحل، الناطق باسم الائتلاف الجديد وأمين سره، أن التشكيل الجديد لن يكون بديلًا عن الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، أو أي مؤسسة معارضة أخرى، رغم الكثير من الملاحظات المسجلة على عملها وأن تشكيله جاء على يد مجموعة من شيوخ العشائر الذين كانوا قد ذهبوا إلى جنيف أصلًا للقاء المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
وأوضح أن ائتلاف العشائر يضم ممثلين عن غالبية العشائر السورية، وأنه اختار جمال الطحان النعيمي رئيسًا له، واتخذ قرارًا في اجتماعه الأول بتشكيل جيش العشائر، ويتكون من 15 ألف عنصر، وأن دولًا عربية منها السعودية تكفّلت بتسليح الجيش المذكور، كما وعدت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية بدعمه بالسلاح والخدمات اللوجستية، وأن مهمة الجيش المحدث محاربة النظام السوري حتى إسقاطه، ومن ثم التفرغ لقتال تنظيم "الدولة"، بالتعاون مع كثير من التشكيلات والفصائل المعارضة الأخرى، واعتبر أن هذا الجيش جزءٌ من الجيش السوري الحر.
هل تستطيع العشائر
 وعلى الجهة الأخرى توقع الشيخ نواف البشير أحد شيوخ العشائر السورية  فشل التشكيل الجديد وجيشه المحدث؛ بسبب إغفال ضم شيوخ عشائر مهمة وفاعلة على الأرض، ولها تمثيل أكبر، وأن الولايات المتحدة تعمل بازدواجية واضحة؛ حيث إنها ستقوم في الوقت نفسه بتدريب عناصر عسكرية من الفرقة 31 والجبهة الشرقية بعد عيد الفطر مباشرةً، لمحاربة تنظيم "الدولة" بغطاء جوي من طيران التحالف الدولي، وأن تكون هناك نية لاستنساخ مشروع صحوات العراق في سوريا، واعتبر أنه محاولة لإفشال مشروع محاربة داعش.
واعتبر حسين مرهج العماش أحد قادة العشائر أن مبادرة تسليح العشائر لن تكون ناجعة مالم تشمل كل السوريين الثائرين. "فالعشائر ليست الثورة السورية". وهذا ليس انتقاصًا للعشائر العربية التي أنا أحد أبناءها، ولكن أغلبها اليوم قد اختفى من الناحية السياسية والعسكرية، واندمج في مجتمعاتها الحضرية، ولم يبق منها إلا "رمزية اجتماعية" تذكر في مجالس السمر. وما شيوخ العشائر الذين نراهم في صدارة المجالس، ويلبسون الغترة والعقال والبشت، ليسوا سوى أشخاص أغلبهم يتكسبون على أكتاف العشيرة، وفقدوا القدرة الفعلية على التأثير.
هل تستطيع العشائر
 وشدد على أنه في ظل حكم البعث في سوريا والعراق انصهرت العشائر غصبًا عنها في مجتمع مفكك خطط له صبيان البعث في البلدين، ولم تعد لديها القدرة على التعبئة، ويمكن نجاح التجربة بدعم كل الثوار؛ من أجل سوريا العربية الموحدة الأصيلة، من خلال تزويدهم بسلاح ضد طائرات الأسد المتهالكة ليحموا أبناءهم وأهلهم، ومساعدتهم على توحيد فصائلهم وقواتهم المشتتة، وخاصة في المنطقة الجنوبية.
واعتبر حامد عبد العزيز المسلط رجل الأعمال السوري الذي ينتمي إلى عشيرة الجبور في منطقة الجزيرة الواقعة في الجزء الشرقي من سوريا- أن تحجيم النظام السوري لدور العشائر على مدى عقود، وانتشار الفقر في تلك المناطق، من بين عوامل ساعدت على وقوف العشائر بوجه دمشق مع بدء الاحتجاجات في 2011، ودخول بعض أفرادها بوقت لاحق في تحالفات مختلفة من بينها مع داعش.
هل تستطيع العشائر
 وتابع أن العشائر العربية والكردية في منطقة الجزيرة وكذلك في بقية المناطق السورية لا يمكن أن تقبل بالقوى الإسلامية التي تحمل مشروعًا متشددًا يفرض على السوريين أفكارًا غريبة عنهم، منوها بوسطية العشائر وابتعادها عن التطرف الديني والمذهبي.
ويؤكد الشيخ محمد الحسين التركاوي، أحد مؤسسي الكتلة الوطنية للقبائل والعشائر السورية أن الدور الذي لعبته العشائر في الاحتجاجات بسوريا كان نسبياً وانعكاساً للمناطق التي تتواجد فيها، وأن التأثير الكبير للقبائل في حوران والمنطقة الوسطى ومنطقة الجزيرة وإدلب، فيما بقي تأثيرها محدودًا في حلب وريفها، ومعدومًا في مناطق أخرى وكان هذا التأثير سببًا دفع تنظيم "داعش" إلى استقطاب عشائر شرق سوريا ومحاولته تشكيل تحالفات على غرار ما قام به في الأنبار بالعراق.
وتشكل العشائر السورية 35 % من السوريين، ويتركز ثقلها في المناطق الشرقية والشمالية، هناك حيث نشأت جبهة النصرة، ذراع القاعدة في سوريا، وتسرب عناصر داعش من العراق، ليعلنوا عاصمتهم في مدينة الرقة.
هل تستطيع العشائر
ووجهت اتهامات عديدة لأبناء العشائر السورية تتعلق باحتضانها للجماعات المتشددة لأسباب يراها بعض أبناء تلك العشائر مختلفة، بينما يقول من انتفض ضد داعش من أبناء العشائر، إنه لقي تجاهلا من قبل المعارضة السورية والمجتمع الدولي، وترك وحيدًا ليقارع التنظيم ويصنف بعض من أبناء عشائر البوكامل في مدينة الشحيل التابعة لدير الزور، على أنهم كانوا عاملًا أساسيًّا في نشأة جبهة النصرة التي استفادت من حقد العشائر على النظام السوري
ولعب التكوين العشائري الذي يغلب على مناطق شرق سوريا دورًا بارزًا منذ نشأة الصراع، وإن اختلفت توجهات أبناء العشائر ولا زالت، بين من ينضوي تحت راية كتائب الجيش الحر، وجبهة النصرة، وتنظيم داعش، وقوات الدفاع الوطني التابعة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وسعى كل من النظام والمعارضة منذ اندلاع الحراك الشعبي إلى كسب ود العشائر والتحالف معها، وقدمت السلطات في مناطق الجزيرة إعانات وهبات مالية لبعض شيوخ القبائل ليضبطوا أبناء عشائرهم ويمنعونهم من الانخراط في الانتفاضة. 
هل تستطيع العشائر
 وبذلك استطاعت داعش، استغلال التركيبة العشائرية في سوريا لمصلحتها، واستفادت من الخلافات بين العشائر على النفط والنفوذ ومن نهج بعض العشائر التي توالي الأقوى ونجحت في استمالة قسم آخر يتمتع بنفوذ في المنطقة، كان يرفض نهج التنظيم وسلوكياته وتمكنت بذلك بعد الانتصارات التي حققتها في العراق بالتنسيق مع العشائر العراقية، من فرض سيطرته شبه المطلقة على دير الزور، خصوصًا وأن هناك تداخلًا بين العشائر في محافظة دير الزور مع عشائر العراق، وبذلك يكون العامل القبلي العشائري قد لعب وسيلعب الدور الأكبر ر في توزيع ولاءات العشائر للتنظيمات المتشددة، وعلى رأسها داعش والنصرة وحتى النظام السوري نفسه. 

شارك