"الفلوجة" معركة الحسم بين "داعش" والدولة العراقية
الإثنين 13/يوليو/2015 - 03:33 م
طباعة

تشكل مدينة الفلوجة أهمية خاصة للدولة العراقية وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، بالإضافة إلى إنها معقل السنة في العراق والعديد من العشائر والقبائل؛ ولذلك توجهت الأنظار لها مجددًا بعد أن قامت قوات الحشد الشعبى والجيش العراقي بإطباق الحصار على قضاء الفلوجة؛ تأهبًا لاقتحامها؛ وذلك بسبب قربها من العاصمة بغداد التي لا تبعد عنها سوى 60 كيلو مترًا شمال غرب العاصمة.

وهذا الأمر ليس بجديد فدائمًا ما تطفو أخبار معركة استعادة محافظة الأنبار وعاصمتها الفلوجة من قبضة تنظيم داعش وفقًا لمجريات المعركة على الأرض، وهو الأمر الذي كشفت عنه مصادر أمنية بإعلانها إحكام حصار قضاء الفلوجة من 4 اتجاهات بانتظار ساعة الصفر لاقتحامها، وترافق مع كل هذه التطورات الميدانية الإيجابية الخوف على عدة مناطق في الأنبار، مثل قضاء حديثة من محاولة التنظيم استهدافه لإرباك عمليات الفلوجة والرمادي، بالإضافة إلى استهداف سامراء لتشتيت جهد الميليشيات التي تعهدت باقتحام الفلوجة، كل هذا مع اتجاه داعش لاستخدام المدنيين في الفلوجة دروعًا بشرية مع محاولات السلطات المحلية والقوات المشتركة مساعدة السكان على الخروج من الفلوجة بفتح معبر الفلاحات

وتتمثل أهمية الفلوجة فيما يلي:
1- تعتبر ثاني أكبر المدن في محافظة الأنبار التي سيطر التنظيم على 70 % منها وعلى 6 أقضية فيها وهي القائم والرطبة وعانة وراوة وهيت والفلوجة.
2- تتميز بموقعها الاستراتيجي الهام الذي يجعلها معبرًا لـ 3 دول هي السعودية والأردن وسوريا.
3- أهمية المدينة كعمق استراتيجي للتنظيم داخل المحافظة وخاصة مع سوريا، وبالتالي خسارتها تعني فقدان التنظيم لأهم خطوط الإمداد.
4- تتحكم الفلوجة بالطريق الدولي الذي يربط العراق بسوريا والأردن.
5- رغم أن عددًا من العشائر قام بالبيعة لداعش إلا أنه هناك عشائر الدليم وخاصة البو علوان والبونمر رفضت مبايعة البغدادة ودخلت في صدام معه.

وعلى الجانب الآخر هناك العديد من المخاوف في حال الهجوم على المدينة منها:
1- عدم فعالية الضربات الجوية ضد التنظيم داخل المدينة وهو ما يشكل صعوبة في اقتحامها.
2- التخوف من تكرار ما حدث في تكريت، خاصة أن المدينة جميعها من السُّنة.
3- قيام داعش بالعديد من التفجيرات الانتحارية وحفر الخنادق والأنفاق في المدينة تحسبًا للهجوم عليها.
4- لا زالت خطوط الإمداد مفتوحة بها من سوريا، وبالتالي من تركيا التي تشكل معبرا هاما لمتطوعي "داعش".
5- قربها من عامرية الفلوجة التي تبعد 23 كيلومتراً عنها وجرف الصخر المحررة حديثاً من الشمال.
6- يحشد داعش عناصره في مناطق اليتامى والحصى والفحيلات والبوهوا، ويعد هذا الحشد الأكبر من نوعه في محاولة للحفاظ على المدينة.

وتبذل الحكومة العراقية جهود كبيرة لاستعادة المدينة التي يحمل معنى اسمها "الأرض الصالحة للزراعة" والتي حولتها داعش إلى خراب لا تصلح حتى للسير عليها؛ حيث قال إياد علاوى نائب الرئيس العراقي إنه من غير الصحيح الإدلاء بتصريحات مسبقة حول انطلاق المعارك في الأنبار وأنه لا توجد معلومات محددة حول من أين ستبدأ العمليات؛ لأن الاستعدادات العسكرية ما زالت غير كافية لمواجهة التنظيم.
ودعا إيران إلى الجلوس مع الآخرين وتغيير سلوكها في المنطقة والقوى المتحالفة ضد الإرهاب، لعقد مؤتمر دولي لتأسيس قيادة مشتركة توزع من خلالها الأدوار لمكافحة التنظيمات المتطرفة، وأن لا يترك العراق في مواجهتها بشكل منفرد.

وكشف معين الكاظمي القيادي في الحشد الشعبي أن «عمليات فجرة الفلوجة» التي بدأت نهاية الأسبوع الماضي، بدءاً من ناظمي التقسيم والثرثار على ذراع نهر دجلة، نجحت في إحراز تقدم «وصولاً إلى الجسر الياباني»، وهو جسر يقع على الخط السريع الذي يربط بين الفلوجة والرمادي، وبذلك «تم قطع الاتصال بين مجاميع داعش الموجودين بالفلوجة مع إمداداتهم التي كانت تصلهم من الرمادي»، مشيراً إلى أن العملية تمضي باتجاه «تأمين غرب بغداد وأن هذه العمليات هدفها تحرير محافظة الأنبار، حيث لا تزال عملية محاصرة داعش مستمرة، خصوصاً في منطقة الصقلاوية حيث تم إحكام السيطرة على الجهة الشمالية لمدينة الفلوجة، ويجري كذلك استهداف المواقع التي يتحصن فيها الإرهابيون داخل المدينة

وتابع: "منطقة الفلوجة لها أهمية أمنية واستراتيجية ومعنوية فمن الناحية الاستراتيجية الفلوجة تعتبر في غاية الأهمية كونها تبعد ما يقارب 50 كيلومتراً عن بغداد، ولها تأثير على أمن أبو غريب والعاصمة بشكل عام، ولهذا كان أبو بكر البغدادي يهدد بأنه سوف يدخل بغداد، عانياً بذلك أن خطوته قد تأتي عبر الفلوجة وانها تعتبر رمزاً وعاصمة للإرهابين والقاعدة والبعثيين والمتطرفين والطائفيين على اعتبار أن الكثير من الأعمال الإجرامية التي كانت تنفذ في بغداد كان تمويلهما ومصدرها وتخطيطها من الفلوجة، وأن كسر هذه الأسطورة وتدمير أحلامهم شيء في غاية الأهمية؛ لذلك من الناحية العسكرية، نحن نسعى لتحقيق هذا الهدف بإسقاطها، وتحرير أهالي هذه المنطقة من المجموعة الظالمة التي تسلطت عليهم وأن سقوط الفلوجة سيؤدي إلى هزيمة نفسية كبيرة لداعش، كما تحققت الهزيمة النفسية في تكريت"

وقال راجح البركات عضو مجلس محافظة الأنبار: إن عمليات تطهير ناحية الكرمة، شرقي الفلوجة، بداية لتطهير الفلوجة من عناصر تنظيم داعش وأن القوات الأمنية مستمرة بمعارك التطهير في مدن الأنبار، وهدفها العسكري تطهير الكرمة لانطلاق معركة الحسم في تحرير الفلوجة من عصابات تنظيم داعش، وتأمين الطريق الدولي بالكامل من دنس الإرهاب خلال الأيام المقبلة .
وتابع القوات الأمنية تستعد لاقتحام مركز ناحية الكرمة بعد تطهير عدد من مناطقها المحيطة من الجهة الشمالية والشرقية، ومنها منطقة الرعود والقناطر والمعامل ومناطق أخرى تم تطهيرها بعد قتل العشرات من عناصر «داعش»، وهروب المئات منهم إلى الفلوجة وأن التعزيزات العسكرية متواصلة لدعم القطعات البرية من الجيش والشرطة، وغطاء طيران التحالف سيُسهم في معركة تطهير الفلوجة من دنس داعش الإرهابي .

ووصف الناطق باسم «الحشد الشعبي» كريم النوري مدينة الفلوجة بـ «الرئة التي يتنفس منها داعش»، وأن القيادة العسكرية تعتبرها مفتاح الأنبار، وبؤرة العصابات الإرهابية، بقدر ما تكدس فيها من العتاد والأسلحة طيلة الفترة الماضية»، وأنه ليس هناك سقف زمني محدد للاقتحام (الفلوجة)، ولكن الأمور تسير بخطوات جيدة وثابتة وممتازة، حيث ستشارك بالاقتحام ستة ألوية من بدر، وتلتحق بها القوات الاخرى من سرايا الجهاد وسرايا العقيلة وسرايا الخرساني؛ من أجل مسك الأرض.
وأشار أن عملية تطويق الفلوجة وقطع خطوط الإمداد عنها التي بدأت الأسبوع الماضي، شكلت الصفحة الأولى في محاولة فصل وعزل الفلوجة عن الأنبار، والسيطرة على الجسر الياباني بذراع دجلة شمال غرب الفلوجة، ومن ثم السيطرة على الطريق السريع الذي ينطلق باتجاه الصقلاوية. وتم الدخول إلى الصقلاوية باتجاه المعهد الفني حيث تمت السيطرة على محطة الوقود.

وتابع: هناك بعض المقاومة من داعش كونهم لا يريدون التفريط بالفلوجة، ويحاولون قدر الإمكان الحفاظ على سيطرتهم؛ لذلك تميزت المنطقة بكثرة العبوات الناسفة المزدوجة. ولكن هناك إصرار على محاصرة الفلوجة من كل الجهات، وفي نفس الوقت، إعطاء الفرصة والمجال لمن يريد الخلاص من أبناء المدينة، ممن تورط وانخدع بالدواعش؛ لهذا تم تأخير بعض الضربات الصاروخية لإعطاء فرصة للمدنيين للخروج، وأن هناك تعاوناً مثمراً وتنسيقاً مع العشائر العراقية في المدينة، وأن الاقتحام القادم سوف يكون مع العشائر.
وبذلك تكون الفلوجة هي معركة الحسم القادمة بين داعش والدولة العراقية.