الشيخ "محمد جبريل" يفجر أسئلة جوهرية بدعائه في ليلة القدر
الأربعاء 15/يوليو/2015 - 02:23 م
طباعة

بعد دعاء الشيخ محمد جبريل على الإعلاميين والساسة الفاسدين أثناء إحياء ليلة القدر في مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة. هاجمه وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة وقرر وقفه عن العمل بكافة مساجد البلاد،
وتحدث جمعة في مداخلة هاتفية مع برنامج "على مسئوليتي" لقناة صدى البلد مساء الثلاثاء 14 يوليو 2015، عما سماه تجاوز الشيخ جبريل في حق الدولة وتطرقه للحديث عن الأمور السياسية، وكشف عن وقفه من العمل بأي مسجد داخل مصر، وتوعد بمحاسبة المخالفين لهذا القرار.
وقال جمعة: إن الوزارة ستتابع الشيخ جبريل قضائيًّا وستخاطب التليفزيون المصري لعدم إذاعة أي تسجيلات له، وستطلب من الدول العربية عدم استضافته أو السماح له بممارسة أي أعمال في مساجدها، واعتبر أنه "من أصحاب الوجوه المتلونة التي تتلاعب بعواطف الناس".

وكان القارئ الشيخ جبريل قد دعا أثناء إمامته المصلين على "الظالمين" و"الفاسدين" و"علماء السلاطين" و"الإعلام المضلل"، ودعا للشباب المحتجزين.
والمعروف للجميع أن الداعية الإسلامي تعددت مواقفه السياسية منذ حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وحتى ليلة أمس التي اعتبر كثيرون الدعاء فيها موالاة لتنظيم الإخوان على حساب الدولة ودغدغة لمشاعر المصلين.
وبداية جبريل ومواقفه المتناقضة كانت في معسكر الحزب الوطني وبالتحديد في العام 2010، فكان "جبريل" ورقة قوية لعب بها مرشحو الحزب في صراعهم مع جماعة الإخوان، ليقيم طلعت القواس، وغيره من مرشحي الحزب أمسيات دينية يحييها "جبريل" في مناطق عابدين ووسط البلد. ولم يستمر الوضع كثيرًا وسرعان ما انتفض "جبريل" على الماضي فكان ضيفًا دائمًا على المتظاهرين خلال أيام الثورة، وفي يوم الجمعة 25 فبراير 2011، دعا "جبريل" إلى تدمير الحزب الوطني الذي وصفه بـ"الفاسد" والذي زوّر الانتخابات البرلمانية، بحسب الشيخ، كما دعا رؤساء الصحف القومية والإعلام المصري إلى أن يغيّروا من سياساتهم، وغرس قيم الكرامة في نفوس الشباب.
وطالب "جبريل" خلال خطبة الجمعة التي حملت شعار "الاستمرار" بإقالة وزير الداخلية، داعيًا إلى محاسبة رموز النظام السابق، مثل صفوت الشريف وزكريا عزمي وأحمد فتحي سرور.

واستمر ظهور "جبريل" خلال خُطَب الجمعة بميدان التحرير طوال أيام الثورة، والتي كان أبرزها جمعة التنحي والشهداء، حيث أمّ جبريل جموع المصلين لأداء صلاة الجمعة بميدان التحرير، وظل يدعو دعاء القنوط لمدة نصف ساعة شدد فيها على هلاك الظالمين والطغاة. ومع حلول أول شهر رمضان في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، أمّ "جبريل" المصلين في يوم 15 أغسطس 2012 وخصص فيه قرابة ساعة لدعوات سياسية من بينها دعاءه للرئيس المعزول مرسي بالتوفيق والسداد، وأن يهيئ الله له البطانة الصالحة، كما تذكر شهداء الهجوم على نقطة عسكرية في رفح ودعا لأمهاتهم بالصبر والسلوان. ودعا "جبريل"، مرتين على الرئيس السوري بشار الأسد قائلًا: "اللهم عليك بالطاغية بشار"، وبعد نحو ثلث ساعة دعا عليه مرة أخرى مذكرًا بما حاق بالشعب السوري من ظلم وقمع على يديه وداعيًا لنصرتهم ومؤبنا لشهدائهم. وفي يوم 1 فبراير 2013، وأثناء احتشاد الآلاف من شباب الأولتراس الذين فقدوا أصدقاءهم في مذبحة بورسعيد فوجئ الجميع بوصول الداعية محمد جبريل، إلى مقر النادي الأهلي بالجزيرة ليحيي حفل تأبين الشهداء الذي أقامه مجلس إدارة النادي الأهلي.
وتعد الأزمة الحقيقية في تاريخ "جبريل" هو دعاءه لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، خلال أدائه صلاة التراويح بمسجد نادي الصيد في 28 يوليو 2013، لتتسبب كلمة جبريل "اللهم عليك بمن قتلوا الساجدين المصلين"، في وقوع اشتباكات بين عدد من مؤيديه ورواد النادي، ما جعل الأمن يتدخل ويُخرج جبريل من الباب الخلفي للنادي، ليحاط بعدها جبريل بدائرة حمراء ويواجه بقرارات بمنعه من الخطابة دون ترخيص.
وبعد حادثة نادي الصيد بقرابة عام كامل، تسبب "جبريل" في صدور قرار بوقف إمام مسجد عمرو بن العاص مصطفى حميدان، لتركه الشيخ محمد جبريل أثناء أداء صلاة العشاء والتراويح إمامًا بالمسجد الشهير أربعة أيام، ليتوجه "جبريل" بعدها إلى المملكة العربية السعودية ليحرم المصلين من الصلاة خلفه خلال ليلة القدر في رمضان العام الماضي.

ظهر الشيخ محمد جبريل هذا العام ليثير جدلًا كبيرًا، حيث دعا في صلاة التراويح التي أمّ فيها المصلين بمسجد عمرو بن العاص على من سمّاهم الظالمين والإعلاميين الفاسدين، كما دعا بفك أسر المحبوسين من الشباب.
وكان رد فعل الأوقاف بمنعه من الخطابة، وتبقى عدة تساؤلات قدمها بعض السياسيين على مواقع التواصل الاجتماعي من بينها، هل كان محمد جبريل مخطئ عندما نافق حسني مبارك واتهم حراك يناير الجماهيري بأنه مخطط يهودي؟ وهل كان الرجل على صواب عندما دعي على السيسي وإعلامه وأركان نظامه؟ وما بين الخطأ والصواب هل نعتبر الرجل أصيب بصحوة ضمير وغير موقفه السياسي وذلك حقا مشروعا له ولغيره؟... أم أن الرجل مخطئ في كافة الأحوال لأنه خلط بين ما هو ديني وما هو سياسي، وأن ذلك ترفضه قواعد الديمقراطية ونصوص قانون العقوبات؟ وهل يتعين وضع حدود فاصلة بين الحزب السياسي كمكان لممارسة العمل السياسي وبين المساجد كمكان لعبادة الله؟ وهل نملك شجاعة تجريم الدعاء للحاكم في المساجد ومنع من يدعو له من الخطابة كما سارعنا بمنع الشيخ جبريل الذي دعي عليه؟ متى سنملك رؤية؟