"جيش تحكيم الدين".. وجه القاعدة في ليبيا
السبت 19/يوليو/2014 - 08:07 ص
طباعة

كشف تنظيم "جيش تحكيم الدين"، أحد التنظيمات الجهادية الليبية، في مقطع فيديو مدته 23 دقيقة، مراحل تنفيذ عملية تفجير "الكتيبة 21 صاعقة" التابعة للقوات الخاصة الليبية في 29 أبريل الماضي 2014 في مدينة بنغازي شرق البلاد.
وجاء الصوت لشخص يُدعي أبو يحيى الليبي "حسن محمد قايد" أحد قيادات القاعدة في باكستان، ثم الشيخ أبو مصعب الزرقاوي "أحمد فضل الخلايلة" أردني الجنسية، وأحد قيادات القاعدة في العراق، وكلاهما قُتل بعد قصف القوات الأمريكية لهما، وهما يحثان فيه على قتال المرتدين، ويصفان الديمقراطية بأنها كفر وردة عن الدين.

و يعد تكوين هذا التنظيم حديثًا، بتشكيلات جماعة وفرق مختلفة تعتنق فكر تنظيم القاعدة فتوحدت تحت تنظيم واحد "جيش تحكيم الدين"، ويضم داخله مئات العناصر من تونس والجزائر، ومن جنسيات دول إفريقيا جنوب الصحراء وعناصر أخرى عائدة من سورية".
فبرغم تخلي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة عن أسلحتها بعد سقوط القذافي وانخراطها في العملية السياسية، إلا أن جماعات جهادية جديدة قد بدأت في الظهور بمجرد أن انقشعت الغيوم واستتب الأمر، وإحدى أكبر هذه الجماعات هي أنصار الشريعة في بنغازي بقيادة محمد زهاوي. وبالإضافة إلى الاتصالات عبر الإنترنت بجماعة أنصار الشريعة في تونس إلا أن أنصار الشريعة في ليبيا لهم روابط بالعديد من الكتائب السلفية الجهادية الأصغر في ليبيا والتي تشمل جماعة ظل تسمى أنصار الشريعة في درنة بقيادة نزيل سجن جوانتانامو السابق أبو سفيان بن قومو، وقد شارك الكثير من تلك الكتائب في "المؤتمر السنوي" الأول لأنصار الشريعة في بنغازي في يونيه 2012، وذلك بناء على صور التقطت لهذا المؤتمر الذي حضره الآلاف.
استهداف الكتيبة 21 صاعقة في بنغازي

وتعتبر جماعة "جيش تحكيم الدين" إحدى الجماعات التي ظهرت في ليبيا أخيرًا، وتعتنق بشكل مباشر أفكار تنظيم القاعدة واسامة بن لادن، فقد تبنت عبر بيان تناقلته مواقع جهادية، مسئوليتها عن التفجير الانتحاري الذي استهدف الكيتبة21 صاعقة في بنغازي، وقال البيان الذي صدر بتاريخ الأول من مايو الجاري على نسخة منه: "أمتنا الغالية نزف إليك اليوم خبر تأسيس جيش تحكيم الشريعة، وقد تمكن أحد جنوده بفضل الله من استهداف الكتيبة 21 التابعة للصاعقة، وذلك عبر إرسال أحد جنود كتيبة الاستشهاديّين وهو البطل الهمام والشهيد نحسبه عند الله تعالى أخونا أحمد الأنصاري".
وأضاف: "جيش تحكيم الشريعة اختار هذا التوقيت حرصًا منه على أرواح المسلمين"، وأكّد البيان أن العملية جاءت إيمانًا من الجماعة بوجوب تحكيم الشريعة وقتال كل من يحكم بالقوانين الوضعية، كما وعدت الجماعة بنشر تفاصيل العملية لاحقًا، وتوعد البيان بالمزيد من العمليات، ووصف القادم بأنه "أدهى وأمر... ما لم تتوبوا إلى الله من شرك القوانين الوضعية".
وخلال فيديو يوضح الهجوم علي الكتيبة21 صاعقة في بنغازي، عرض عمليات تدريب للقاعدة في ليبيا، وعملية صناعة المتفجرات وتفخيخ الشاحنة التي نفذت بها العملية، كما يعرض عملية رصد المعسكر ميدانيًا.
وفى المقطع الأخير يعرض خطبة لمنفذ العملية، وهو شاب ملثم في مقتبل العمر، انطلق فيها بوصف الدين بأنه لا يقوم إلا على الأشلاء والجماجم، وتحدث عن مسوغات العملية فقال: "نبشركم بأن إخوانكم في جيش تحكيم الدين أعدوا العدة وأعلنوها حربًا على المرتدين والطواغيت، حتى تحكم الأرض بشريعة الرحمن"، ثم تطرق للحديث عما هو بصدده فقال: "إنني ما أقدمت على هذا العمل إلا طاعة لله ولرسوله، وابتغاء مرضاته، ثأرًا لمن قُتل من إخواننا على يد هؤلاء المرتدين".
خريطة تواجد جيش تحكيم الدين

ينشط جيش تحكيم الدين، في منطقة الشرق الليبي، وخاصة مدينتي بنغازي ودرنة التي يوجد بها العديد من المجاميع الجهادية المسلحة، من بينها "جماعة أنصار الشريعة" و"مجلس شورى شباب الإسلام" و"الجبهة الإسلامية لقوات المجاهدين درنة" ويجمع بينها مشروع واحد، وهو "إقامة دولة إسلامية في المنطقة الشرقية.
وتعرف مدينة درنة منذ عهد القذافي بحضور جهادي كبير حيث شكلت إلى جانب طبرق و بنغازي والجبل الأخضر المعاقل التاريخية للجماعة الليبية، فقبل 2011 كانت الحركة الجهادية الرئيسية المنظمة في الدولة وهي الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة قد تخلت بالفعل عن الراديكالية واعتزلت. وحيث تأسست بعد الجهاد ضد السوفييت حاولت هذه الجماعة الإطاحة بنظام القذافي في منتصف التسعينيات، لكنها بدأت التحرك بعيدًا عن الصراع المسلح في 2006، وفي 2009 تفاوض أعضاء مجلس شورى الجماعة – بعضهم في السجون الليبية وآخرون منفيون في أوروبا- لإنهاء الصراع مع النظام عبر ابن القذافي سيف الإسلام، وأما البقية التي خالفت القرار فقد انضمت إلى القاعدة في باكستان تاركة وجودًا غير منظم في ليبيا، ولذا فإنه عشية حرب العام الماضي كانت الجهادية العنيفة المنظمة في ليبيا تقريبا قد انقرضت.

ومنذ سقوط نظام العقيد القذافي، تشهد المدنية نشاطًا محمومًا للعناصر الجهادية الليبية البارزة التي سبق لها أن نشطت ضمن تنظيم القاعدة في أفغانستان والعراق من بينها سفيان بن قومو، عضو القاعدة و نزيل سجن جوانتانامو السابق والسائق السابق لأسامة بن لادن، على جزء كبير من المدينة التي يقطنها 90 ألف نسمة.
كما ينشط في المنطقة كذلك جهادي آخر مطلوب وهو أحمد بوختالة، ويتهم بوختالة بارتكاب العديد من الإعمال الإرهابية في درنة ، منها اغتيال عدة مدنيين في الأيام القليلة الماضية، بسبب علاقاته مع الجماعات المتطرفة المحلية، و منها أيضا اغتيال القائد العسكري للثوار في 2011 عبد الفتاح يونس، والهجوم على البعثة الأمريكية في بنغازي.
ووصفت مجلة «نيوزويك» الأميركية تحقيق حول مدينة درنة الليبية، بالمصدر الأكبر للــ«جهاديين» لتنظيم القاعدة، فقد وجد المحققون الأمريكيون في مقر لـ «مجلس شورى المجاهدين» بسنجار، شمال العراق، وثائق مكتوبة هي استمارات ملأها المرشحون للقتال في العراق تحت لواء «القاعدة».
تمويل جيش تحكيم الدين

يعتبر تمويل جماعة جيش تحكيم الدين، في الأساس قائمًا على الأموال المنهوبة من مؤسسات الدولة الليبية عقب سقوط نظام معمر القذافي، بالإضافة إلى عمليات الخطف والنهب لمؤسسات الدولة الحالية، ويعتبر تسليحه قائمًا على مخازن الجيش الليبي عقب سقوط القذافي، بالإضافة إلى الأسلحة التي تُهرب من مالي والسودان.
ونشرت مكتبة الكونجرس الأمريكي في الآونة الأخيرة، في أغسطس 2012، تقريرًا غير سري يشير إلى تزايد أعداد خلايا تنظيم «القاعدة» في ليبيا. كما اعتزم القيادي البارز في تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري فضلاً عن أبو يحيى وعطية الله قبل مقتلهما إنشاء قاعدة للجهاد في ليبيا. ويشير التقرير إلى أن أبو أنس هو "مؤسس شبكة تنظيم «القاعدة» في ليبيا" وأشار إليه على أنه الوسيط بين القيادة العليا لـ تنظيم «القاعدة» في باكستان وقادة الجماعة على الأرض في ليبيا، ويؤكد التقرير أيضاً أن تنظيم «القاعدة» يستخدم اسم "أنصار الشريعة" كواجهة.

والآن تتوفر للراديكاليين الليبيين الأسباب التي تشجعهم على ما يفعلونه، والتي تتلخص في عجز الحكومة عن التصدي لأولئك المسئولين عن تدمير مؤسسات الدولة، وآخرها الاشتباكات التي دارت في محيط مطار طرابلس الدولي، وفي ظل الرد الرسمي الضعيف ضد هجوم على القنصلية الأمريكية ستزيد الانتهاكات، ما قد يؤدي إلى عنف ضد الحكومة، بالإضافة إلى تكرار اختطاف الدبلوماسيين العرب والأجانب في هذا الجدال الليبي.