مقبل بن هادي الوادعي.. أحد مؤسسي السلفية اليمنية
الأحد 21/يوليو/2024 - 09:02 ص
طباعة
مقبل بن هادي الوادعي 1937م- 21 يوليو 2001 م كان أبرز دعاة السلفية في اليمن أنشأ مدرسة علمية سلفية بدماج سماها بدار الحديث يفد إليها الطلاب من أنحاء اليمن ومن بلدان أخرى، وتخرج على يديه شيوخ أنشئوا مدارس في عدد من مناطق اليمن.
ولد في قرية دماج التابعة لمحافظة صعدة باليمن ولم يؤرخ ميلاده على وجه التحديد لأنه نشأ في بيئة أمِّية وقد نشأ يتيم الأبوين، ومات أبوه وهو صغير، وماتت أمه قبل البلوغ.
طلبه للعلم:
كانت بداية طلبه للعلم في قريته، وكانت مقتصرة على إجادة القراءة والكتابة وشيء من تلاوة القرآن، ثم رحل إلى السعودية للعمل وتأثر هناك بالواعظين، وأرشده أحدهم إلى كتاب فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ولما رجع إلى اليمن أخذ ينكر ما عليه أهل بلده من الأمور المخالفة للعقيدة مما استفاده من ذلك الكتاب، فثار عليه الناس فأرغم على الدراسة في مسجد الهادي بصعدة الذي يدرس المذهب الزيدي الهادوي، يقول الوادعي: لما رأيت الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال على النحو. ثم لما قامت الثورة في اليمن نزح إلى نجران وهناك التقى بشيخه مجد الدين المؤيدي ولازمه لفترة، ثم رحل إلى السعودية حيث درس هناك بمعهد الحرم المكي حتى أتم المرحلة الثانوية ثم بالجامعة الإسلامية فدرس بكلية الدعوة وأصول الدين انتظاماً، وبكلية الشريعة انتساباً، ثم واصل دراسته فيها حتى حصل على الماجستير في تخصص علم الحديث ثم أقبل على كتب السنة والتفسير وكتب الرجال ينهل منها ويستمد منها مؤلفاته القيمة.
من الزيدية إلى السلفية:
خلف الواجهة المذهبية لسلفية مقبل، من المهم أن نظهر أهمية دور المتغيِّرات الاجتماعية والسياسية العادية التي تُسهم في فهم مثل هذا المسار، ومن دون أن ننكر الجزء العائد لاستقلال النشطاء الإسلاميين يجب أخذ هذا المزيج المعقّد من الحوافز الشديدة الدنيوية في الحسبان بشكلٍ منهجيٍ لنفسر مساراتهم المتمايزة، كما كُنّا لنفعل من أجل أيِ من نظرائهم ضمن سياقات سياسية أخرى، مسار مقبل إذنً ليس فقط مسارا "إسلاميا سلفياً"؛ مقبل، أيضاً مواطن يحمل التبعية اليمنية أولاً، ذو انتماء طائفي "زيدي" ثانياً، وأخيراً هو من طبقة اجتماعية (رجل قبيلة) دنيا نسبياً، وقد سعى، من دون نجاح يُذكر، إلى تسلق درجات الطبقات الاجتماعية والمهنية لبيئته الوطنية، ثم للمملكة السعودية المجاورة بعد ذلك، وقد نجح أخيراً إثر عودته من السعودية في الارتباط بالسوق السياسي– الديني لموطنه الأصلي، موظفاً المكتسبات الرمزية التي حصل عليها في الخارج.
وقد وُلد عام 1930، في مكانٍ قريبٍ من الحدود مع المملكة السعودية، في شمال يمني يحكمه الإمام الزيدي يحيى حميد الدين، وقد أدرك سريعاً وزن "انتماءاته الأولية" القومية، والطائفية، والاجتماعية، كان اليمن وقتها أحد أشدّ بلاد العالم فقراً، ولديه نظام سياسي ديني مفرط التراتبية (الإمامة الزيدية، التي أصبحت ملكية وراثية عام 1926)؛ حيث كلّ فرد محصورٌ بدقة في طبقته الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية، وفي هذا المستوى المادي جداً بعض ما يفسِّر حتماً مسيرته "الأيديولوجية" وابتعاده عن انتماءاته الأولى، في التركيب الاجتماعي للمجتمع الزيدي، محكومٌ على مقبل بالبقاء تابعاً تبعية مزدوجة: فهو لا ينتمي للأرستقراطية الدينية لسلالة النبي (السادة، الوحيدين الذين يمكنهم أن يطمحوا إلى منصب الإمامة الرفيع)، ولا للأرستقراطية الحقوقية "للقضاة"، مستشاريهم الأساسيين، ولا حتى لأرستقراطية "السيف" التي يشكِّلها، حتى يومنا هذا، رؤساء القبائل الكبيرة، قوّة الإمامة المسلّحة الرئيسة لفترةٍ طويلةٍ.
لم يكن التزامه الأول في صباه سياسياً ولا أيديولوجياً، لكنه كان مهنياً جداً. وكالآلاف من مواطنيه، ذهب إلى العمل في المملكة السعودية للخروج من الضائقة الاقتصادية، وفي مكة كسب قوّته من العمل في البناء، متابعاً تعليماً دينياً في الوقت نفسه، ووضعته زيديته في وضعٍ خطرٍ مع قوانين البلاد التي استقبلته في مجتمع حيث الأقلية الشيعية غير مقبولة، إذن كان ثمن الاندماج الناجح "بالعامل" الديني، والاقتصادي وكذلك الاجتماعي السعودي، يمر عبر التخلِّي عن انتمائه الطائفي الأصلي، وهذا ما قام به.
وفور عودته الأولى للبلاد في أواسط السبعينيات، أظهر على كل حالٍ أنه اعتنق المعتقدات الوهّابية السائدة في المملكة السعودية: تخلّص من "تقديس الوسطاء" بين الخالق والإنسان، سواءً كان هؤلاء أولياء أو زعماء روحيين لأخويّات صوفية، وهو ما تنكره التقاليد معتبرةً إياه "إشراكاً، أي: رفعاً للمخلوقات إلى نفس مرتبة الخالق، وفي قريته القريبة من صعدة استنكر وجود قبور في المساجد، واستخدام التمائم أو التعاويذ، وباعتبار أنه أعلن انتقاداته علناً بشكلٍ واسع وحاول المزاحمة، مارس وجهاء الزيدية ضغوطاً على المقرّبين منه "كي يجروا له غسيل دماغ"، حسب تعبيره، ولإعادته إلى الصواب، أرغموه على اتباع دروس جامع الإمام الهادي، مهد مذهبهم.
وقاوم ثلاث سنوات، وقبل بألاّ يدرّس سوى النحو، حينذاك لم تكن العزلة والنفي اللذان بدأ يعانيهما أيديولوجيتين فقط، كان لهما بُعد اجتماعي صريح وتعبير عن احتقار "السادة"، سليلي الرسول، له وحالما حاول الامتناع عن ذلك بفعاليته الدينية وبالتالي السياسية فرضياً، ذكره أعضاء الارستقراطية الدينية بصراحة بمكانه في السلم الاجتماعي: أنه ليس سوى "قبائلي" وضيع ولن يحلم بالخروج من طبقته، وتهكموا قائلين: مهما دعكنا الممسحة، لن تصبح أبداً بيضاء، كان هذا التنبيه الدّيني والاجتماعي مهيناً بشكلٍ خاصٍ؛ لأنه صدر عن هؤلاء الذين يحمون شحوب بشرتهم بمظلاتٍ واسعة كيلا يصبحوا كالفلاحين، لقد دوّن مقبل في سيرة حياته: سأذكر ذلك طيلة حياتي.
في نهاية السبعينيات أنجز الزيدي مقبل مساره نحو السلفية، وسبب له كونه آتياً من بلد "شيعي" مرةً أخرى شكوكاً في شرعيته في المملكة السعودية التي عاد إليها طلباً للرزق، وبينما كان يطمح لتغيير وضعه والوصول إلى مقام تدريس القانون الإسلامي، متسلحاً بشهاداته الجديدة، شككت لجنة تحقيق من جديد بسلامة معتقده، لقد تم استجوابه بشكل خاصٍ عن طريقة رفع الأذان للصلاة، وعن جواز الصلاة مع انتعال الحذاء.
وأكّد قائلاً: "أنا سنّي وأفكر مثلكم؛ ومن حينها حارب الشكوك التي تعوق مهنته بنوعٍ من المزايدة المعادية للزيدية".
وسُجن لفترةٍ وجيزة بتهمة الارتباط بجماعة "جهيمان"، التي احتلت بعد ذلك بقليل (20 تشرين الثاني 1979) مسجد مكة الكبير (وهو عملٌ أدى قمعه، بالاستعانة المباشرة بمجموعات التدخل في الدرك الوطني إلى مئات القتلى)، عندها لجأ مقبل نهائياً إلى موطنه الأصلي اليمن، ومن عام 1970 انتصرت الجمهورية هناك على الإمامة، وقد شجّعه في خياراته الدينية مع ذلك "المادية" و"الشيوعية" النسبية للنظام الذي أتى به إلى الحكم عام 1962 التدخل العسكري لجمال عبد الناصر، ولدى عودته من السعودية، استقبله الإخوان المسلمون ودعموه مادياً، حينها كان الإخوان، كما في الماضي، حلفاء النظام المباشرين ويستند رئيس الدولة عليهم طبعاً، ما دام على الجمهورية، التي أكّدت أنها ضد ثيوقراطية زيدية ما زالت راسخة بقوةٍ في الثقافة الشعبية، أن تسدّ ثغرةً في الشرعية الدينية.
في البدء كان للسلفي مقبل موقفٌ مزودجٌ من تيار الإخوان المسلمين، وقد قال إن بعض أساتذته السعوديين "حذروه من أن يسلم لهم مصيره.
لكن ذلك لم يمنعه، عند الحاجة، من التعاون مع الذين كانوا حينذاك حلفاء السلطة الأقوياء، وقبل بالتالي إدارة أحد معاهدهم، وبعد سنة، عام 1982م، في سياق سياسي مختلف قام بالمقابل بتحول مذهلٍ في مؤلفه (المؤسس: المخرج من الفتنة، الذي يحدد فيه الخطوط العريضة لرؤيته "السلفية" للإسلام، قطع علاقته بفظاظة مع هؤلاء الذين سوف يدعوهم متهمكاً (الإخوان المفلسين). وأصبح حلفاؤه بالأمس، مثل أي "كافرٍ" أو يكادون، كبش محرقته المفضلين.
كان الباعث على تغيره طبعاً حججاً ذات طبيعة "دينية": أسقطت كل "التجديدات" للقراءة الكلاسيكية للقرآن والسنة، المنسوبة للإخوان وشبّهت بتجديدات مماثلة مخالفة لصحة المعتقد التقليدية (بدعة). فالإخوان المسلمون، بدخولهم لعبة الانتخابات، متهمون بتغذية انقسام الجماعة إلى أحزاب (الحزبية)، وبالتالي، تجزئتها بالنهاية (الفتنة). لكن هناك دوافع عميقة جداً، قوميةً ومهنيةٌ – اجتماعيةً وتحزيبيةً تكمل إيضاح هذه الواجهة المذهبية.
وتصادف بالفعل أن أستاذية العلماء المدرِّسين المصريين، وهم غالباً مجرد مهاجرين "اقتصاديين"، يتم التدرّب عليها في اليمن ما يضرّ بالنخبة الدينية المحلية، وبالتالي فإن الإخوان "المستوردين" هم هدفٌ لانتقاد لا يخلو من غيرة حرفية وقومية: هؤلاء الذين أفسدوا الإخوان المسلمين في اليمن هم المصريون الذين أتوا للعمل في "المعاهد العلمية" ومكتب التوجيه والهداية ومعظمهم انتهازيون، يتظاهرون بالانضمام بحماسٍ للإخوان المسلمين ليكسبوا ثقة مدراء المعاهد ويحافظوا على عملهم، لكن معظم هؤلاء المصريين "يغيرون لونهم"، إنهم مستعدون ليصبحوا سنّيين بين السنة، وشيعيين بين الشيعة، وحتى صوفيين بين الصوفية، يرفض اليمنيون حتماً أن يكونوا أذيالاً للمصريين والسودانيين الذين يرسّخون لد يهم المبادئ التي سبق أن رفضها الشباب المصريون.
وفي شريط معنون ببلاغة "الحمير ذوو العمائم"، يبسط مقبل حدة لسانه لتطال علماء جامعة الأزهر القاهرية الكبيرة، ضغينته إذن واضحة تجاه هؤلاء المميزين، الذين كانت الحكومة اليمنية تأتي بهم بمشقة في محاولة لتهدئة الخواطر، في سياق توحيد البلاد الذي حصل في أيار 1990، كما نرى بوضوحٍ تشابه "مرونة التأقلم" مع المحيط التي يستنكروها مقبل لدى المهاجرين المصريين في اليمن، و"مرونة التأقلم" التي أظهرها بنفسه كمهاجرٍ في السعودية، أو كما سوف نرى، "كرجل سياسة" في اليمن.
هذه المنافسة الداخلية للتيار الإسلامي ليست في الواقع التفسير الوحيد للراديكالية الفظّة لخطاب "السلفيين اليمنيين" ضد "إخوانهم" المسلمين. إنّ عودة تاريخية وجيزة لهي أمرٌ ضروريٌ لنفهم كيف حصلت القطيعة، بمواجهة وصراع أكبر بكثير ممّا في المملكة السعودية المجاورة. في المحيط السعودي يبدو أن الإخوان "المستوردين" أيضاً من مصر (التي هربوا منها خشية قمع عبد الناصر) والناقلين الأساسين لنوعٍ من التحديد الدِّيني والسياسي امتنعوا عن الدخول في توترٍ مفتوحٍ مع تبعية سلفية شديدة الانغراس في النسيج الاجتماعي والنّخب الحاكمة معاً، بالمقابل في اليمن ساهمت اعتبارات السياسة المحلية في تأكيد "إيديولوجي" للسلفية.
والإخوان المسلمون المحليون، الذين ورثوا، كما رأينا، تاريخاً طويلاً من التعاون مع النظام ساهموا في عام 1982 مرةً أخرى في الدِّفاع عنه، مناضلين ضد مقاتلي الجبهة الديمقراطية التي زرعها الاشتراكيون العدنيون في المنطقة الحدودية الجنوبية، ورفضوا في هذه الفترة الانضمام للنظام من دون أن يؤكدوا معارضتهم الممكنة له، وأعلنوا ذلك، وكان الرئيس علي عبد الله صالح قد شكل حزباً وحيداً هو "مؤتمر الشعب العام"، الذي كان يأمل أن يرى فيه انصهاراً لكل التشكيلات السياسية القائمة، وقد أمل خصوصاً أن ينتسب إليه الإخوان المكوّن الأساس للتيار الإسلامي، الذي يعلم حاجته إلى دعمه الأيديولوجي، وصلاته القبلية كذلك، واقتنع عبد الملك منصور، أحد أكبر زعماء الإخوان، بالانتقال إلى معسكر الحزب الجديد، لكن معظم الفرق رفضت أن تتبعه، وأعطى قائد الحركة أحمد ياسين الأمر بمقاطعة منصور.
وهكذا دخل الإخوان المسلمون السياسة بواسطة التعددية التي بدأت معالمها في الظهور. ولكي يقسم النظام المعسكر الإسلامي بذل جهدا مع المحافظة على علاقات طيِبة مع الإخوان، الذين سوف حتى يشركهم في الحكومة عندما يحتاج لذلك عام (1993) ليتصدى للاشتراكيين، في استمالة خصومهم المحتملين. وضمن هذا السياق، أبرم مقبل اتفاقاً مع النظام، بادئاً معه تعاوناً طويلاً متعدد الأشكال، وبصورة شديدة المغزى، في حين انتقد الإخوان بشدّة في كتابه البرامجي "المخرج من الفتنة"، هادن منصور الذي أصبح عضواً في حزب الرئيس، وبالتالي فإن التيار السلفي الرئيس أصبح بعد الآن ليس فقط مقبولاً، وإنما مدعوماً من السلطة، وصمد هذا التعاون بقوة أمام وحدة عام "1990" والانفتاح الانتخابي التعددي الذي ترسّخه.
وقاتل السلفيون الاشتراكيون مع بقية المعسكر الإسلامي إلى جانب الجيوش الحكومية إبان الحرب الأهلية عام 1994 (بين اليمن الشمالي سابقاً والجنوبي سابقاً "الاشتراكي"). وبعد انتصار الشمال، استمروا في مساعدة النظام على محاربة تأثير حزب اشتراكي ضعف كثيراً، لكنهم أصبحوا السلاح الانتخابي المفضّل للنظام ضد الإخوان (الذين طردهم النظام من الحكومة بعد انتصاره على الاشتراكيين)، وخلافاً لهؤلاء حظر أتباع مقبل المشاركة في المشاورات الانتخابية؛ ساهموا إذن في تقسيم الناخبين الإسلاميين، ليس إلى معسكرين (معارضة وسلطة)، ولكن إلى ثلاثةٍ؛ لأن معسكر المستنكفين يقلل بالمقدار ذاته من تمكّن المعارضة الانتخابية من حزب الرئيس.
موقفه من الإخوان والعاملين بالسياسة:
يقول الوادعي في كتابه "فضائح ونصائح": الإخوان المسلمون منهجهم ليس منهج أهل السنة، أما أفرادهم الملبس عليهم فلا نستطيع أن نطلق على كل فرد منهم أنه ليس بسني، لكن سنيته مزعزعة، أما ديمقراطي وسني فهذا لا يصلح لأن الديمقراطية هي تعطيل الكتاب والسنة، فلا ينبغي أن يطلق عليهم أنهم من أهل السنة، لكن يطلق على بعض أفرادهم الملبس عليه الذي لا يعرف حقيقة دعوة الإخوان المسلمين، ففيهم أناس ملبس عليهم، تسأل أحدهم: أنت من الإخوان المسلمين؟ يقول: نعم أنا من الإخوان المسلمين، ثم يقول لي: لماذا تتكلم يا أبا عبدالرحمن في الإخوان المسلمين وهم واقفون في وجه الشيوعية والبعثية وغيرها؟ فأقول له: هل تعرف شيئاً عن ميثاق الشرف؟ يقول: وما هو ميثاق الشرف؟ فأقول له ميثاق الشرف: عشرة أحزاب تعاهدت والتزمت ألا يتكلم بعضهم في بعض، ولا يكفر بعضهم بعضاً، وبعض الأحزاب كفرية
وهل تعرف التنسيق مع حزب البعث والحزب الناصري؟ يقول: أعوذ بالله هذا كفر، قلت له: قد نشرته الصحف والجرائد، وقد أخرج عبدالمجيد الزنداني شريطين في الدفاع عن هذا وأنت تزعم أنك من جلسائه ولا تدري ما هذا .
وهل تعرف اللقاء الودي بين الإصلاح والاشتراكي؟ فيقول: أما هذا فنبرأ إلى الله منه، وغداً يصفق معهم: نفديك يا صدام بالروح والدم، فاين البراءة إلى الله؟ .
فالذي هو ملبس عليه ولا يدري حقيقة هذا الأمر لا نستطيع أن نقول: إنه ليس بسني، لكن سنية مخلطة، مثل المخضرية، والمخضرية أنه كان رجل في سوق الملح بصنعاء يبيع الفول، فمرت بجانبه بغلة فذرقت في الفول، ثم التفت يميناً وشمالاً هل يراه أحد، فلم يره أحد، فحرك الفول بيده ثم يدعو الناس: مخضرية، مخضرية .
وبعد هذا أحد إخواننا الأفاضل حفظه الله تعالى يسأل عن السرورية فقد أرسل برسالة خاصة عن السرورية ؟
فأقول لأخي في الله: السرورية، أنا أعرف الأخ محمد سرور وقد زارنا إلى هنا مرة أو مرتين وقال: لا نكتمك أننا جماعة لكن لا نتعصب، وكانوا في أول أمرهم وفي نشراتهم الأولى مثل البيان على خير، وقد أثنينا على مجلتهم البيان خيراً، وما اتضحت الحقيقة إلا في قضية الخليج .
فحاصل الأمر أن السرورية في العقيدة كعقيدة أهل السنة يؤمنون بأن الله مستوٍ على عرشه، ويؤمنون بأسماء الله وصفاته على ما هي عليه في الكتاب والسنة .
وفي المنهج قريب من الإخوان المسلمين، وسيكونون بعد غد مثل الإخوان المسلمين .
وقد ابتلينا نحن هنا بالسرورية جمعية الإحسان التي انتشرت في حضرموت، وكذلك بعض أصحاب جمعية الحكمة، فأصحاب جمعية الحكمة هؤلاء دواهي مثل الحكومات، فالحكومات تنصب واحداً سنياً وواحداً بعثياً، وآخر شيوعاً من الأسرة نفسها، وواحد قبيلياً، وواحد عسكرياً، من أجل أن يضحكوا على الناس ويعرفوا ما الناس عليه .
وقد أخذ هذا أصحاب جمعية الحكمة من أجل أن يأكلوا من الجانبين من ههنا ومن ههنا فتركوا تبعاً لعبدالرحمن عبدالخالق، وجمعية إحياء التراث، والبعض الآخر تبعاً لمحمد سرور .
فأنصح إخواني في الله جميعاً أن يقبلوا على العلم النافع .
وأنا أسألكم على الإنصاف أرؤساء هذه الجماعات أحق بالاتباع أم رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الذي يقول: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ " [ الأحزاب: 21 ]، ويقول الله عز وجل في كتابه الكريم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِيناً} [ الأحزاب: 36 ] .
وأنا أريد منك أن تنظر غلى عمرك كم لك مع هذه الجماعة، وما هي الاستفادة التي استفتها؟ وكم حفظت من القرآن؟ وماذا درست في اللغة العربية؟ وماذا درست في المصطلح ؟ وكم انتفع على يديك ؟ ونحن نتحدى الإخوان المسلمين، وجمعية الإحسان، وجمعية الحكمة أن يأتوا بواحد قد خرج من عندهم يعتبر مرجعاً .
فالمسالة مسألة تلبيس، فإياك أن تضيع وقتك فيجب أن تخلص العمل لله عز وجل .
فما عندك وقت للسمر الذي يضيع في الهوس إلى نصف الليل في قالت الجريدة الفلانية، وقالت المجلة الفلانية .
فيجب عليهم أن يتقوا الله، وأن يرجعوا إلى السنة وإلى العلم والتعليم، وحرام عليهم أن يضيعوا وقتهم في القيل والقال، كما يجب على الطرف الآخر ألا يرميهم بأنهم خوارج، فالخارجي هو الذي يكفر بالعصية .
فيجب أن نوحد صفنا، وأن ندعو إلى كتاب الله والسنة، والذي يدعو إلى الفرقة يخشى أن تنزل عليه صاعقة من السماء؛ لأن المسلمين أحوج ما يكون إلى جمع الكلمة تحت ظل الكتاب والسنة .
فما كل الناس يهيئون للخير ولطلب العلم لكن تقبل على طلب العلم، وتهب نفسك لله، وتحتسب نفسك لله عز وجل .
وأنا أنصحكم أن تسألوا الشيخ ربيع بن هادي حفظه الله تعالي فقد ذهب عمره الكثير مع الإخوان المسلمين، فهو أعر الناس بهم وبحقيقتهم وحقيقة الجماعات .
وأنا لا أطلب منكم أن تقلدوا الشيخ ربيعاً لكن تستفيدون من علمه، وأنا لم أقل لك تستفتي محمود الحداد، ولا فريداً مالكاً، بل تستفتي رجلاً صالحاً عالماً من العلماء الأفاضل قطع شوطاً كبيراً مع الإخوان المفلسين .
ثم بعد ذلك هذه التسميات والتفرقات (قطبية) أذن الله لنا أن يوجد منا قطبية (وسرورية) ومن تلك الأسماء؟!
فلا تضيع وقتك، الشهيد عبدالله عزام والله أعلم بحاله، ونسأل الله أن يغفر له ويرحمه، لكن مسألة الشهيد وغيرها فإياكم وتلكم الألقاب الضخمة التي يغرون الناس بها، والداعية الكبير، نعم الداعية الكبير ولكن إلى الضياع والله المستعان .
مشايخه باليمن:
تتلمذ الشيخ مقبل على مشايخ عدة وفي مدارس متنوعة وفنون متفرعة، فمن مشايخه في اليمن أبو الحسين مجد الدين المؤيدي يقول عنه الوادعي: استفاد منه كثيراً في النحو في نجران، وإسماعيل حطبة، ومحمد بن حسن المتميز، وقاسم بن يحيى شويل، وثلاثتهم درس عليهم في مسجد الهادي بصعدة.
مشايخه بمكة:
محمد بن عبد الله الصومالي درس عنده سبعة أشهر أو أكثر، واستفاد منه كثيرًا في علم الحديث ومعرفة رجال الشيخين، عبد الله بن محمد بن حميد درسه في "التحفة السنية" وكان يتعجب من إجابات الشيخ واعتراضاته، وكان يتوسع فتفرق الطلاب، فقال للشيخ: وأنت انصرف.
يحيى بن عثمان الباكستاني من مشايخه في الحرم المكي درس عنده في "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم" و"تفسير ابن كثير".
عبد العزيز بن راشد النجدي من مشايخه في الحرم المكي، يقول عنه الشيخ: كان له معرفة قوية بعلم الحديث، وينفر عن التقليد، وهو خريج الأزهر وكان متشددًا في التضعيف، حتى أنه ألف "تيسير الوحيين في الاقتصار على القرآن والصحيحين" وكان يقول: الصحيح الذي في غير الصحيحين يعد على الأصابع.
مشايخه بالجامعة الإسلامية والمدينة:
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز كان يحضر دروسه في "صحيح مسلم" في الحرم المدني.
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحل من الجامعة الإسلامية قبل أن يدخلها الوادعي إلا أنه كان يزور طلبة العلم في المدينة وينصحهم، وكان الشيخ يحضر جلساته الخاصة بطلبة العلم "قواعد في الحديث" لا العامة.
مؤلفاته:
كتب الشيخ في فنون متشعبة، وأبواب متفرعة:
* تحقيق وتخريج مجلدين من "تفسير ابن كثير" إلى سورة المائدة والباقي يقوم به الطلاب.
* الصحيح المسند من أسباب النزول.
* الشفاعة.
* الجامع الصحيح في القدر.
* الصحيح المسند من دلائل النبوة.
* صعقة الزلزال لنسف أباطيل الرفض والاعتزال.
* السيوف الباترة لإلحاد الشيوعية الكافرة.
* رياض الجنة في الرد على أعداء السنة.
* الطليعة في الرد على غلاة الشيعة.
* بحث حول القبة المبنية على قبر رسول الله.
* الإلحاد الخميني في أرض الحرمين.
* فتوى في الوحدة مع الشيوعيين.
وغيرها من المؤلفات المطبوعة والدروس المسموعة.
مرضه ووفاته:
كانت بداية مرضه في ربيع الأول سنة 1421هـ، نقل فيه إلى صنعاء ثم إلى السعودية ثم إلى أمريكا، ثم رجع إلى السعودية لأداء الحج في تلك السنة، ثم لم يسمح له بدخول أمريكا فتم تحويله إلى ألمانيا وقد كانت حالته الصحية سيئة جدًا، ثم عاد إلى جدة بعد أن قرر الأطباء في ألمانيا أن لا أمل في علاجه، وتوفي بها في 30 ربيع الآخر 1422هـ، ودفن في مقبرة العدل في مكة.