"الزبداني".. معركة "المصير" بين الفصائل الإسلامية وحزب الله ونظام الأسد

الثلاثاء 21/يوليو/2015 - 10:28 م
طباعة الزبداني.. معركة
 
تمثل مدينة  الزبدانى أهمية خاصة للنظام السوري وحزب الله في مواجهة الفصائل الإسلامية المسلحة بسبب موقعها المتوسط بين دمشق وحمص ومنطقة الساحل السوري معمل تفريخ المقاتلين العلويين الداعم الرئيس لقوات بشار الأسد فبعد معركة القلمون، وجه حزب الله والجيش السوري جهوده القاتلية الى المدينة لاستعادة المدينة من المجموعات المسلحة واستشهد اليوم  شخص من مدينة الزبداني جراء القصف الجوي المكثف من طائرات النظام الحربية والمروحية والتي تستهدف بشكل مستمر مناطق في المدينة
الزبداني.. معركة
وسيطرت قوات النظام وحزب الله اللبناني على سهل الزبداني بعد انسحاب مقاتلي الفصائل الإسلامية والمقاتلين المحليين من السهل جراء القصف المكثف من قبل قوات النظام بمئات الصواريخ وقذائف المدفعية والدبابات وقذائف الهاون، إضافة لتنفيذ طائراتها المروحية والحربية لأكثر من 600 ضربة جوية على المدينة، التي لا تزال عصية على حزب الله اللبناني وعناصر الفرقة الرابعة، اللذان يحاولان منذ الرابع من الشهر الجاري السيطرة على المدينة، بعد هجوم عنيف نفذوه على المدينة، حيث استشهد المزيد من مقاتلي الفصائل اليوم ليرتفع إلى 62 ثم الى  70 مقاتل من  كافة الاطراف المتصارعة، ولا تزال الاشتباكات مستمرة في المدينة، ما أدى إلى خلوها  من  السكان، بسبب نقص الغذاء والمواد الطبية نتيجة الحصار، ولم يبق فيها إلا بضعة آلاف من المدنيين الذين يقيمون خصوصا في الأحياء الشرقية، بحسب ناشطين.
الزبداني.. معركة
وتمثل رد فعل الفصائل الاسلامية المسلحة المكونة من  فصيلين هما  كتائب لواء الفرسان وكتائب حمزة بن عبد المطلب التابعين للواء حركة أحرار الشام الإسلامية، في عملية "البركان الثائر"، وهو الاسم الذي اختاره ثوار الزبداني لمعركة بدء تحرير الحواجز المحيطة بالمدينة والمتمثلة  في  180 نقطة عسكرية تحيط بالزبداني مدعمة بآليات وعناصر عسكرية  بينها 50 حاجزاً رئيسياً يقصف بشكل يومي، وأهمها حاجز (حرش بلودان) وهو مركز للاعتقال أيضاً، حاجز (النقطة الثالثة) في الجبل الشرقي، (وادي قاق)، (عين الرملة)، (مدافع الحوش)، والمعسكر، ونقطة (جملا )التي تقصف مناطق في ريف دمشق الغربي والصاروخية بناء ستوت، وعين العسل وغيرها  يوم السبت 2/7/2015،   بالإضافة إلى منطقة (بحيرة زرزر)
الزبداني.. معركة
وبدأت المعركة بعمليات نوعية وضربات استباقية للكتائب الاسلامية استهدفت حاجز الشلاح ومحيطه، أسفرت تلك العمليات عن تحرير حاجز الشلاح وهو حاجز رئيسي يمتد بين الزبداني وبلودان ويقطع الطريق الواصلة من حاليا واستراحة مجلس الوزراء واستراحة الرئيس، التي تعد تجمعاً ونقطة هامة في المنطقة،  تحرير بناء الثلج و بناء سناك التنور في محيط الشلاح وحاجز القناطر بالإضافة لصد التقدم على أربعة محاور هي محور مشفى الباقوني، ومن جهة الشلاح و السلطاني وهي نقطة تفصل بين الزبداني ومنطقة المعمورة، ثم محور الغربي للمدينة من جهة قلعة الزهراء  مما أدى الى  سقوط 20 قتيلاً من حزب الله اغتنام دبابة وعربة bmb ورشاش 23 وذخيرة كاملة وأسلحة خفيفة ومتوسطة من الحواجز .
الزبداني.. معركة
و تتمثل أهمية المدينة  فيما يلى:
1- تعد الزبداني آخر مدينة حدودية مع لبنان في منطقة ريف دمشق، ولا تزال بيد المعارضة، وبالتالي فقوات حزب الله تريد القضاء على هذا الجيب الذى يقلق مناطق نفوذها 
2- تشرف المدينة على الطريق العام بين دمشق وبيروت وتعتبر استراتيجية لحزب الله أكثر منها لمقاتلي المعارضة المحاصرين منذ اكثر سنتين فيها  ومن شأن سيطرة الحزب عليها أن تسهل تنقلاته وإمداداته بين سوريا ولبنان.
3- موقعها المتوسط بين بين دمشق وحمص ومنطقة الساحل  السورى معمل تفريخ المقاتلين العلويين الداعم الرئيس لقوات بشار الأسد
4- قربها من لبنان، حيث لا تبعد سوى أحد عشر كيلومترا عن الحدود اللبنانية ـ السورية، و ثانيا لقربها من العاصمة السورية دمشق، حيث تبعد عنها نحو 45 كلم عن العاصمة السورية دمشق
الزبداني.. معركة
5- تعتبر المدينة حيوية لضمان طريق الشام الدولي من المصنع إلى جديدة يابوس.
6- تبلغ مساحة الزبداني حوالى ثلاثمئة وخمسة وتسعين كيلومترا مربعا، وشكلت دائما مدخلا للسلاح والمسلحين من لبنان الى مناطق القلمون.
7- وقوعها في سلسلة جبال القلمون مما يجعلها نقطة عبور هامة إلى لبنان.
8-  قربها من منفذ المصنع الحدودي الوحيد المتبقي بيد الحكومة السورية الحالية، ويفصلها عنه مسافة لا تزيد عن 11 كم.
9- تحيط بها الحدود اللبنانية من ثلاث جهات رئيسية هي الغرب والجنوب والشمال، مما يجعلها خط إمداد رئيسي لحزب الله اللبناني بالنسبة للنظام وخط إمداد لثوار الزبداني من جهة أخرى سواء بالسلاح والغذاء أو حتى الدواء فهي معبر مهم بالنسبة للثوار.
10- خوف النظام  السوري أن يسيطر الثوار على الجبل الغربي للمدينة الذي يصل الزبداني بكفير يابوس ويصبحون على الحدود اللبنانية مباشرة وهو ما يزيد مخاوف حزب الله والحكومة اللبنانية أيضاً، وفي حال تم الوصول الى كفير يابوس أصبح المعبر الوحيد "المصنع" من جهة سوريا بيد الثوار.
الزبداني.. معركة
المكاسب التي سيحققها النظام وحزب الله من الاستيلاء على المدينة تتمثل فيما يلى : 
1- الهجوم على  المدينة من التلال الغربية  لها  وتحديدا  من منطقة قلعة التل يسمح لقوات الاسد وحزب الله باستهداف  مواقع  جميع المسلحين انطلاقا من مئة وخمسين نقطة عسكرية تابعة للجيش السوري.
2- تأمين الحدود اللبنانية بالكامل، فالعملية هي استكمالٌ للعمليات الجارية في جرود القلمون لتطهير الشريط اللبناني السوري من المجموعات المسلحة
3-  غلق  معابر الامداد والتهريب مع لبنان 
4- تأمين ريف دمشق الغربي ومن ثم تأمين دمشق.
5- السيطرة على المدينة تلغي أيضا أية مخاطر مستقبلية للمجموعات الارهابية على خط بيروت دمشق 
6- نجاح النظام بالسيطرة عليها واقتحامها بشكل حقيقي، سيزيد إمداداته من جهة لبنان ويؤمن طريق دمشق بيروت والسيطرة على الطرق الجبلية في سلسلة جبال لبنان الشرقية فيقطع  طرق الإمدادات العسكرية للمناطق المحاذية مثل الزبداني والكفير وسرغايا.
7-  يسمح الاستيلاء على المدينة للجيش السوري بالقيام بعمليات عسكرية مريحة في مناطق وجود المجموعات التكفيرية في ريف دمشق، لإبعادها أو محاصرتها أو الحد من إمكانية تحركها.
الزبداني.. معركة
ويعود الصراع الدامي على مدينة الزبدانى الاستراتيجية الى عام 2012م  حيث دارت  معركة كبيرة بين الجيش السوري الموالي للرئيس بشار الأسد والجيش السوري الحر المعارض له للسيطرة على منطقة الزبداني ومضايا  وكانت تعد حلقة من حلقات اجتياحات ريف دمشق وهي السياسة التي انتهجها النظام السوري لمجابهة المدن الثائرة و استمرت المعركة ٤ أيام من 13 يناير إلى 17 يناير 2012 م عجز الجيش السوري على مدارها عن اقتحام البلدة بسبب إحكام الجيش السوري الحر الموالي للثورة سيطرتها عليه ومقاومته لمحاولات التوغل فيها  ورافق الحملة قطع لخدمات الكهرباء والماء والهواتف عن البلدة ما دفع كتيبة حمزة بن عبد المطلب إلى تهديد السلطة بضرب أبراج نقل الكهرباء المتجهة إلى لبنان وكذلك أنابيب المياه التي تغذي مساكن ضباط الجيش وأبراج الاتصالات  الأمر الذي دفع السلطة في النهاية إلى الجنوح لمفاوضات للتهدئة انتهت لاتفاق وقف إطلاق النار بين المتنازعين  وأثناء المعركة قامت لجنة من بعثة المراقبين العرب بزيارة المدينة للاطلاع على أوضاعها وحياة سكانها تحت الحصار، لكن القوات النظامية عادت لقصف المدينتين مع ذلك في 3 شباط خارقة الاتفاق، وبعد أسبوع من القصف أدى إلى سقوط 100 قتيل ومئات الجرحى، فضلاً عن تهديم 35 منزلاً بالكامل وتضرُّر 400 منزل، أعلنَ الجيش الحر انسحابه من المنطقة في 11 فبراير بعد إبرام اتفاق جديد مع الجيش النظامي،  ولكن سرعان ما استولى على المدينة الفصائل الإسلامية المعارضة للنظام، وهو ما استدعى قيام  حزب الله والجيش السوري  بالهجوم على المدينة الجهة الغربية،  مع قصف عنيف مستمر على مدار الساعة من مدافع ودبابات بالإضافة إلى صواريخ غراد و"زينب" و"الفيل" من كافة حواجز الجيش السوري المحيطة بالمنطقة ويهدف القصف إلى تغطية تقدم عناصر حزب الله والجنود السوريين من الجهة الغربية للمدينة وسقط عدد من القتلى في صفوف الجانبين   منهم القيادي الميداني بحزب الله عماد رهيف السبع
الزبداني.. معركة
ويرى الخبير العسكري العميد نزار عبد القادر أن الجيش السوري وحزب الله نفذا عملية عسكرية استباقية بغرض تحقيق أهداف استراتيجية دفعتهما لتغيير مسار المعركة من شمال القلمون والاتجاه جنوبا وان الحزب أمامه ثلاثة احتمالات قبل اندلاع معركة الزبداني، وهي: تكرار سيناريو عرسال، أو استهداف البقاع الأوسط، إضافة إلى سيناريو آخر من الجولان إلى جبل الشيخ والعرقوب و إن الغلبة كانت للاحتمال الأكثر جاذبية ومنطقية على الصعيد الاستراتيجي "وهو معركة البقاع الأوسط".
وأشار إلى أن حزب الله إذا نجح في المعركة سيمنع الفصائل المسلحة من التسلل والتقدم نحو المناطق الجنوبية الغربية بمنطقة القلمون والاتصال بمدينة الزبداني وبهذا يكون الحزب حال دون تنفيذ مخطط يقوم على قطع طريق المصنع-جديدة يابوس لقطع الشريان الحيوي الوحيد الباقي للنظام والذي يستخدمه حزب الله أيضا كطريق استراتيجي لتمرير مقاتليه وتموينهم في سوريا، كما سيمكّن هذا السيناريو في حال نجاحه من منع الفصائل الإسلامية من وجود حاضنة لها في القرى السنية في البقاع الأوسط بلبنان،  ومنع فصائل المعارضة من تحقيق أي مكسب استراتيجي جديد يهدد دمشق، ومنع اتصال المسلحين من القلمون بالغوطة الشرقية.
وبذلك تشكل عودة المدينة  إلى سيطرة الأسد أو بقاءها في يد الفصائل الإسلامية المسلحة معركة المصير في الصراع داخل سوريا

شارك