"الأفارقة" وقود معركة "داعش" في ليبيا

الأربعاء 22/يوليو/2015 - 05:40 م
طباعة الأفارقة وقود معركة
 
على غرار طريقة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بتجنيد الأفارقة واستخدامهم فيما بعد ضد الشعب الليبي- قام فرع تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا بتنفيذ حملة ممنهجة لتجنيد المهاجرين الأفارقة واستغلال ظروفهم الإنسانية لتحقيق أهدافه في التوسع والتمدد داخل ليبيا. 

الأفارقة وقود معركة
وهو الأمر الذي حذر منه العديد من المراقبين بعد تزايد عمليات تجنيد المهاجرين الأفارقة الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا؛ ليكونوا وقود الحرب التي يشنها تنظيم داعش في مسعى لإقامة دولة الخلافة، بعد تمكنه من التوسع في وسط وجنوب التراب الليبي.
ورصدت مصادر ليبية متطابقة قيام داعش بتجنيد المئات من المهاجرين الأفارقة الذين باتت تغص بهم ليبيا، وخاصة في مناطقها الساحلية وذلك انتظارا لفرصة تمكنهم من الانتقال إلى السواحل الجنوبية لأوروبا.
ويبدو أن تنظيم داعش الذي استطاع خلال الأشهر القليلة الماضية قلب موازين القوى الميدانية في ليبيا؛ من خلال تمدده وتوسعه في أجزاء واسعة من البلاد، وسيطرته شبه الكاملة على مدينة سرت، أصبح في حاجة إلى المزيد من الأفراد لمواصلة تمدده، لا سيما في هذه المرحلة التي يُنظر إليها على أنها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات على ضوء تداعيات اتفاقية السلم والمصالحة التي وقعها الفرقاء الليبيون الأحد قبل الماضي في مدينة الصخيرات المغربية.

الأفارقة وقود معركة
ويُرجع مراقبون حاجة "داعش" إلى المزيد من الأفراد والعناصر القادرة على حمل السلاح، إلى فقدان هذا التنظيم للعشرات من مقاتليه في الضربات الجوية التي تشنها الطائرات الليبية، وإحكام السيطرة على الحدود الليبية مع تونس ومصر، بالإضافة إلى استمرار سلاح الجو الليبي في استهداف السفن المجهولة التي تقترب من السواحل الليبية.
وساهم هذا الحصار في تضييق الخناق على تنظيم داعش الذي لم يتبق له سوى المنفذ الحدودي السوداني، وهو يخضع حاليا لميليشيا فجر ليبيا، والتوجه إلى المهاجرين الأفارقة لتجنيدهم بالقوة والابتزاز، أو عبر إغرائهم بالمال وتوفير الأمن والأمان لهم. 

الأفارقة وقود معركة
وقال وحيد الزوي مسئول المكتب الإعلامي في كتيبة "شهداء الزاوية": إن تنظيم داعش "يسعى إلى تعويض النقص لديه بتجنيد أفارقة من المهاجرين غير الشرعيين، وإن سعي داعش لضم المهاجرين الأفارقة إلى صفوفه، جاء بعد مقتل عدد كبير من عناصره وقياداته، لافتًا في هذا السياق إلى مقتل نحو 85 فردًا من داعش في معركة الليثي بضواحي بنغازي التي جرت قبل عدة أيام.
وقال سامي عاشور المُحلل السياسي الليبي: "إن عمليات تجنيد الأفارقة للقتال في صفوف داعش، تكثفت خلال الأسابيع الماضية، في سياق حملة مُمنهجة استندت إلى عاملين أساسيين؛ أولهما "فكرة الجهاد" التي يسعى داعش إلى الترويج إليها، وثانيًا الاسترزاق الذي يدفع الكثير من الحالمين بالهجرة إلى البحث عن مصدر لتغطية حاجياتهم في انتظار الهجرة إلى أوروبا؛ حيث تُعتبر ليبيا دولة عبور للمهاجرين الأفارقة نحو أوروبا، حيث يتدفق عليها المئات من المهاجرين من دول جنوب الصحراء الإفريقية".
 واعتبر أن المهاجرين الأفارقة الذين ينتشرون في أجزاء متفرقة من ليبيا، أصبحوا بين مطرقة الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدول الأوروبية للحد من الهجرة غير الشرعية، وسندان تنظيم داعش الذي يسعى إلى استغلالهم، والزج بهم في معاركه الخاسرة، وأن أسلوب داعش في تجنيد المهاجرين الأفارقة "خسيس"؛ لأنه "يعتمد على استغلال حاجة المهاجر غير الشرعي إلى المال، والأمن والأمان"، وانتصاراته الميدانية "وهمية"، وأن كل من تطأ قدمه مُستنقع داعش لن يتمكن أبدا من الخروج منه".

الأفارقة وقود معركة
وكان تنظيم «داعش» الإرهابي قد بدأ في تجنيد عناصر مرتزقة من دول إفريقية، للانضمام إلى صفوفه وتكليفهم بتنفيذ عمليات إرهابية، منذ أواخر عام 2014م وكشف مايك أوميرى، منسق مركز المعلومات الوطني لمكافحة الإرهاب في نيجيريا، عن أن كشافة داعش ربما يكونوا في البلاد لجمع مقاتلين وحث النيجيريين على إبلاغ الأجهزة الأمنية، من دون تردد، بشأن أي جماعة أو وكالة غير حكومية تمارس أنشطة معلنة أو سرية (مشبوهة)، أو لديها استعداد للمجازفة ببراءة شبابنا وأمن شعبنا، وأن الحكومة النيجيرية لا تترك أي شيء للصدفة في مكافحة الإرهاب وحماية الأرواح والممتلكات وهناك "تقارير استخباراتية"، تشير إلى أن "داعش له وجود في إفريقيا، حيث يأمل في تجنيد مقاتلين للاستعانة بهم في أعماله الإرهابية".

الأفارقة وقود معركة
وعزز من تواجد واستقطاب "داعش" للأفارقة حديث عبدالله ديوب وزير الخارجية المالي عن أن هناك شبانًا أفارقة بينهم ماليون يقاتلون إلى جانب جهاديي تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، وأن بين مقاتلي داعش هناك شبان أفارقة، هناك ماليون وآخرون من دول أخرى مثل النيجر ونيجيريا والصومال، وأن هؤلاء المقاتلين الأفارقة قد يعودون ويزعزعون مناطق في قارتهم، وأن جهاديين آخرين ما زالوا يتواجدون في شمال مالي؛ حيث يشنون منذ عدة أشهر هجمات غالباً ما تكون دموية ضد القوات الدولية .
وتابع: "الذين لم يذهبوا" إلى العراق وسوريا هم من صفوف أنصار الدين (المالية) وبوكو حرام (النيجيرية)؛ حيث يستعملون نفس الطريقة التي يستعملها تنظيم "داعش" من حيث قطع الرءوس وغيرها من الأعمال الوحشية.


 وفي الجزائر كشف مصدر أمني جزائري أن سلطات الأمن تحقق حول هوية أشخاص من جنسيات إفريقية وسورية ومنهم جزائريون، اشتبه في انتمائهم لتنظيم داعش يقومون بالترويج للتنظيم وسط الشباب في ولاية غرداية وباقي ولايات الجنوب، ومن أجل الالتحاق بداعش وأن ولاية غرداية شهدت، نزوح عشرات السوريين الذين يقيمون في مختلف الفنادق المتواجدة بوسط المدينة، كما تم التوصل إلى أن السوريين المتواجدين بولاية غرداية استطاعوا في ظرف وجيز كسب ود المواطنين من السكان وفي الإدارات العمومية والشركات الوطنية والأجنبية؛ مما يعزز فرص التنظيم في تجنيد أفارقة، وفتحت السلطات الأمنية الجزائرية تحقيقًا مع مهاجرين أفارقة ألقي القبض عليهم على الحدود الجنوبية مع تونس، يشتبه بتجنيدهم في شبكات «جهادية» في دول جوار تونس وليبيا، وتلقوا تدريبات شبه عسكرية قبل ترحيلهم إلى مناطق النزاع.

الأفارقة وقود معركة
وكشفت مصادر عن  توقيف مجموعتين من المهاجرين الأفارقة السريين، يشتبه في انتمائهم إلى شبكة إرهابية، على خلفية تلقيهم تدريبات شبه عسكرية في معسكرات؛ لتجميعهم قبل المغادرة بالدول التي انطلقوا منها، منهم 28 مهاجرًا غير شرعي بولاية تبسة، و16 آخرين بولاية الطارف الحدوديتين مع تونس، وجرى اعتراض طريقهم عندما كانوا يحاولون التسلل إلى تونس، ومن ثم دخول الأراضي الليبية؛ مما يرجح محاولتهم الهجرة عبر سواحلها إلى إيطاليا أو التحاقهم بتنظيم داعش في ليبيا.
ومما عزز من فرضية علاقتهم بشبكات «إرهابية» تلقي هؤلاء الأفارقة تدريبات على الفنون القتالية في الجنوب الجزائري، قبل ترحيلهم إلى دول الجوار، واستنفرت قوات الجيش الجزائري قواتها خلال الأشهر الأخيرة لتجنب تسلل عناصر من جماعات «إرهابية» متعددة إلى الجزائر، التي تحاول استغلال نزوح الفارين من الاضطرابات الأمنية من دول الجوار على غرار ليبيا ومالي.
ولا يُعرف إجمالي عدد المهاجرين الأفارقة في ليبيا، ومع ذلك سعت بعض الأطراف الليبية إلى استغلال هذا الملف للضغط على الدول الأوروبية، فيما يفطن تنظيم داعش إليهم من زاوية تحويلهم إلى خزان بشري لعملياته العسكرية في سياق مخططاته التوسعية.

شارك