العلاقات المصرية السعودية.. رؤى مختلفة
الأربعاء 22/يوليو/2015 - 08:35 م
طباعة


منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة السعودية وكثر الحديث عن تقارب سعودي اخواني، وتناولت الكثير من المواقع الاخبارية والصحف العربية والاجنبية هذا الموضوع دراسة وتحليلا، ومن بين هذه الرؤى والتحليلات كان حديث الدكتور عبد الرحيم علي رئيس مجلس ادارة البوابة نيوز ، حيث قدم ثلاثة محددات تحكم رؤيته في ملف العلاقات العربية العربية، وفي القلب منها العلاقات المصرية السعودية، باعتبارها الملف الأبرز والأخطر ضمن ملفات الأمن القومي العربي، والتي تتمثل في:
المحدد الأول: يتعلق بالعلاقات المصرية السعودية، وفي هذا الإطار فإن بناء تحالف استراتيجي بين البلدين هو ضرورة اللحظة في مواجهة الأخطار التي تواجه الأمة العربية، عقب ما عُرف بثورات الربيع العربي، ومن هنا كانت دعوتي في مقال سابق في تلك الزاوية إجراء حوار استراتيجي مصري سعودي؛ يسعى لتحقيق تفاهم حقيقي واتساق في الرؤى باتجاه ملفات الأمن القومي العربي، وفي مقدمتها الموقف من تنظيم الإخوان الإرهابي، والأطماع الإيرانية في المنطقة.
المحدد الثاني: يتعلق بالموقف من تنظيم الإخوان الإرهابي، وهنا لا نعني بالتنظيم فقط فرعه المصري، ولكننا نتحدث عن التنظيم الدولي، بما يتضمنه من حديث عن حركة حماس باعتبارها الجناح العسكري للتنظيم، ووفق رؤيتنا يعتبر تفكيك هذا التنظيم هو التحدي الأكبر أمام الأمن القومي العربي باعتباره حصان طروادة الذي استخدمته وما زالت القوى الأجنبية التي أرادت وما زالت تريد تقسيم المنطقة، وتفكيك جيوشها لصالح دولة إسرائيل، إذ لا مناص أمام الأمة العربية من القضاء على مجمل خلاياه المنتشرة في جسد الوطن العربي كالسرطان وتحاول تفتيته والقضاء عليه.

ووفق تلك الرؤية فإن أي حوار أو محاولة للتقارب مع ذلك التنظيم تضر إجمالا بالأمن القومي العربي، ولا تفيد قضايا التنمية في المنطقة ككل.
المحدد الثالث: يتعلق بإيران وأطماعها في المنطقة، ووفق رؤيتنا فإنه لا بديل عن تحالف عربي تقوده المملكة العربية السعودية ومصر يواجه هذه الأطماع، ويضع محددات واضحة ومفهومة للدور الإيراني في المنطقة، بعيدًا عن الاستراتيجية الأمريكية، ومن هذا المنطلق كنا أول من أيد التحالف العربي الذي قادته المملكة لإعادة الاستقرار في اليمن، وظللنا مؤمنين بهذا الدور وذلك التحالف؛ حتى تحقق له ولنا ما يراد، ودخلت الحكومة اليمنية مؤخرًا إلى عدن.
وحسب د.عبد الرحيم علي وانطلاقًا من تلك المحددات الثلاثة تنطلق رؤيتنا في عرض ونقد وتحليل كل الظواهر المتعلقة بهذا الملف، الذي نؤكد للمرة الأخيرة ودون مزايدات، على موقفنا المعلن والواضح منه، والذي ينطلق من ضرورة إنضاج حوار استراتيجي مصري سعودي يسعى لتحقيق تطابق كامل في وجهات النظر فيما يخص محددات الأمن القومي العربي وخاصة الموقف من تنظيم الإخوان الإرهابي بكل فروعه، وكذا الأطماع الإيرانية في المنطقة.
أما الحديث عن تغير في المواقف أو الرؤى نحو اتجاهات أو معادلات مغايرة فهو ما لم نَقُلْ به لا الآن ولا الأمس، ولن نقول به في الغد، حتى وإن حاول البعض الصيد في الماء العكر.
وحول نفس الموضوع ومن خلال وجهة نظر مختلفة يرى "يوني بن -مناحيم" المحلل الإسرائيلي للشئون العربية إن السعودية تمارس ضغوطا كبيرة على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للمصالحة مع حركة حماس ووقف تنفيذ أحكام الإعدام بحق قادة الإخوان في مصر، وذلك من منطلق حاجة المملكة لدعم الإخوان وحماس في المحور السني الذي تقيمه ويضم تركيا وقطر في مواجهة إيران، وباتت الرياض في حاجة ماسة إليه بعد توقيع طهران الاتفاق النووي مع الغرب.
وقال الكاتب في مقاله المنشور على موقع “news1” وحمل عنوان "السعودية تضغط على مصر للتصالح مع حماس" إن الرئيس السيسي وفي مقابل تمسك السعودية بحماس والإخوان، حذر المملكة التي تقدم مساعدات اقتصادية واسعة لمصر من أن الجماعات الإسلامية تهدد الأمن القومي العربي.

وكان نص مقاله كالتالي "تحاول جماعة الإخوان المسلمين استغلال توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، ومخاوف الدول العربية السنية من زعزعة الاستقرار بالمنطقة من أجل مصالحها. فعلى المدى القصير تطمح جماعة الإخوان المسلمين في محاولة التوصل إلى صلح بين حركة حماس ونظام الرئيس المصري السيسي لترسيخ نظامها في قطاع غزة وكذلك لإلغاء عقوبات الإعدام التي صدرت بحق زعماء الإخوان في مصر وعلى رأسهم الرئيس المعزول محمد مرسي.
بعث عدد من زعماء الإخوان الموجودين في تركيا نهاية الأسبوع الماضي بانتقادات وتهديدات لدول الخليج لالتزامها الصمت إزاء ما يفعله الرئيس المصري السيسي لعناصر الجماعة في مصر.
وحذر يحيى حامد، مسئول العلاقات الخارجية في الجماعة على حسابه الخاص بـموقع فيس بوك قادة دول الخليج من أنه "إذا لم يكن هناك إعادة نظر لأحكام الإعدام التي صدرت بحق قادة "الإخوان المسلمين"، فإن ذلك سيؤدي إلى زلزال في المنطقة العربية بأسرها". بينما قال عمرو دراج رئيس المكتب السياسي للجماعة "لن يسمح الإخوان بتنفيذ أحكام الإعدام بحق محمد مرسي وقادة الجماعة".
صحيفة “الوطن" المصرية قالت في يوم 19 يوليو إن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس، طلب من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، خلال لقائهما الأسبوع الماضي، بالتدخل لدى الرئيس المصري السيسي لوقف تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق محمد مرسي والعشرات من قادة "الإخوان المسلمين". وفقا للتقرير حذر مشعل من أنه "حال نُفذت أحكام الإعدام فسوف يمثل ذلك خطرا حقيقيا على الدول العربية ودول الخليج ويؤدي إلى تزايد قوة تنظيم داعش".
يبدو أن الملك السعودي سلمان، الذي يواجه ضغطا كبيرا بسبب توقيع إيران الاتفاق النووي، مستعد لفعل الكثير للحصول على تأييد جماعة "الإخوان المسلمين" وابنتها حماس لضمهما لـ"المحور السني" الجديد الذي أقامه ضد التمدد الإيراني والذي يضم تركيا وقطر.
تختلف هذه السياسة عن تلك التي اتبعها الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز حتى وفاته في يناير الماضي، حيث سار على خطى مصر والإمارات وأدرج "الإخوان المسلمين" وحماس ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية في بلاده.
تقول مصادر مصرية إن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير طرح خلال زيارته الأخيرة للقاهرة اقتراحا بأن يلتقي مسئولون مصريون في الرياض بقادة حركة حماس، لكن مصر رفضت المقترح.
صحيفة "البوابة" المصرية، المقربة من عناصر الحكم، أفادت في 19 يوليو أن مصر أبلغت السعودية رفضها مناقشة أي تقارب مع حركة حماس في أعقاب زيارة خالد مشعل للمملكة.
وفقا للتقرير، أعلنت مصر عدم استعدادها لتكون طرفا في أي مشروع يشارك فيه "الإخوان المسلمين"، وأنه ليس هناك مجال للنقاش في هذا الصدد. وبعثت مصر برسالة واضحة للسعودية مفادها أن الإخوان يشكلون "خطرا على الأمن القومي العربي والأمن المصري". يمكن أن نقدر أن هذا التقرير صحيح.
كانت موجة الإرهاب التي ضربت مصر خلال شهر رمضان هي الأخطر، وتضمنت هجمات إرهابية كبرى نفذها داعش بشمال سيناء قتل خلالها عشرات الجنود المصريين وتم اغتيال النائب العام هشام بركات في القاهرة

يعتقد الرئيس السيسي أن جماعة الإخوان المسلمين هي المسئولة عن موجة الإرهاب هذه بالتنسيق مع داعش. لذلك سارع السيسي بالتصديق على القانون الجديد لمكافحة الإرهاب، الذي يسمح بشن حرب أكثر فاعلية ضد الإرهاب، وكذلك الإسراع بتنفيذ أحكام الإعدام على قادة الإخوان.
وعلى ما يبدو فإن الرئيس السيسي ينوي السير على درب الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي أعدم شنقا في 1966 القائد الإخواني سيد قطب.
مارس الملك السعودي سلمان منذ وصوله للحكم ضغوطا على مصر للمصالحة مع حركة حماس، لكن الرئيس السيسي رفض، ورضخ قليلا في نهاية المطاف ووافق على فتح معبر رفح في كثير من الأحيان.
الآن، وبعد التوقيع على الاتفاق النووي، تحتاج السعودية جدا دعم جماعة الإخوان وحماس من أجل بلورة جبهة سنية ضد إيران. من المتوقع أن يكثف الملك السعودي الضغط على الرئيس المصري السيسي، حيث تحصل مصر على مساعدات اقتصادية واسعة من السعودية.
شهدت العلاقات بين مصر والسعودية توترات في الأيام الماضية، حيث رحب وزير الخارجية سامح شكري بالاتفاق النووي مع إيران، واستضافت مصر وفدا لأتباع الرئيس اليمني المخلوع على عبد الله صالح، العدو اللدود للسعودية، ومعرضا للمتمردين الحوثيين حول بشاعة الحرب في اليمن
مهمة السعودية صعبة. يتعين عليها بلورة جبهة سنية واسعة ضد إيران لكن لا يمكن السماح لنفسها بخسارة مصر، وهو ما يدركه السيسي الذي لا يسارع للخنوع للضغوط السعودية للمصالحة مع حركة حماس.
توجه الصحافة المصرية إشارات لإيران والسعودية. المحلل المصري محمد إبراهيم الدسوقي نشر في 20 يوليو مقالا بصحيفة "الأهرام" الرسمية جاء فيه :” بإمكان القاهرة وطهران التعاون ليس في المجالات الاقتصادية وحدها وإنما أيضا في تبادل الخبرات العلمية والتكنولوجية.. إن وزارة الخارجية مدعوة لإعداد صيغة جديدة للعلاقة مع طهران بما يتفق ومصالحنا العليا في الإقليم".