القبائل السيناوية .. الدرع الواقي للأمن القومي المصري (1 -2)
الأربعاء 22/يوليو/2015 - 08:29 م
طباعة
لقد بارك الشعب المصري النجاح الذي حققته القوات المسلحة المصرية في حربها ضد معاقل الإرهاب في شمال سيناء ؛و الذي توج بإحباط محاولة العناصر الإرهابية المسلحة باحتلال جزء من أرض الشيخ زويد أو رفح ورفع أعلام ما يعرف( بدولة سيناء )،وهو أسلوب تنظيم (داعش) في سوريا والعراق ،حيث يوكبه ضجيج أعلامي عبر وسائل أعلام عميلة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، وبألقاء الضوء علي طبيعة المعارك الشرسة والذي كشف عن تبني العناصر الإرهابية لاستراتيجية عسكريه جديدة سواء من ناحية اعداد العناصر المشاركة في الهجوم أو نوعية العتاد والأسلحة المستخدمة ،فحسب بيان القوات المسلحة أن 70 عنصرا قد شاركوا في الهجوم وأنهم استخدموا أسلحة متعددة المستويات حتي وصلت لمدافع مضادة للطائرات، وعلي الرغم من النجاحات التي حققتها القوات المسلحة
طوال العامين الماضيين بهدم الكثير من الأنفاق واقامة المنطقة العازلة ومداهمة وتدمير معسكرات و مخازن أسلحة التنظيم ،الا أنه لازالت عمليات التهريب تتم وبمستوى أعلى قياسا بالأسلحة المشاركة في المعارك الأخيرة، ولازال تدفق العناصر التكفيرية الي شمال سيناء متواصلا ،ولن نتحدث هنا عن أهمية الدور المخابراتي سواء بالداخل أو بالخارج لكننا سنؤكد علي أهمية الظهير الشعبي في شمال سيناء، وهم قبائل وعشائر سيناء الذين شكلوا طوال عقود خط الدفاع الأول لبوابة مصر الشرقية، ولكن ما حدث من تطور بغد توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل حيث تسببت البنود المجحفة بالمعاهدة في خلق فراغ أمني في سيناء خاصة بالمنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة ، وساهم الحصار الإسرائيلي علي قطاع غزة بعد استيلاء حماس علي الحكم ، في نمو وتطور تجارة الأنفاق لتهريب الأسلحة والمخدرات ،ومن هنا ظهرت مافيا الأنفاق والتي تشرف عليها حماس وبالتعاون مع شيوخ قبائل وعناصر من بدو سيناء ،ولقد ساهمت فترة حكم مبارك الفاسدة حيث تم إقصاء الشعب المصري من معادلة التنمية المستدامة ،علي أن أهل سيناء كانوا أكثر المتضرر بن من هذا الأقصاء والإهمال ، ومنذ ثورة 25يناير وحتي الأن تعاقبت حكومات مختلفة اجتمعت على أطلاق الوعود بشأن تنمية سيناء وفيما عدا مشروع قناة السويس الجديدة ، تبخرت جميع الوعود هباءً ، ولقد شهدت فترة حكم مرسي من تزايد تواجد العناصر التكفيرية خاصة قرار مرسي فراج عن المئات من العناصر من السجون إلي جانب حشد المئات من العناصر المصرية للقتال في سوريا ، أذن هنا ك من يستفيد من دورة حياة الإرهاب في سيناء ، ولقد فطنت القيادة السياسة لهذا الواقع وقررت الاستعانة بالظهير الشعبي عبر شيوخ القبائل والعشائر ، ويهمنا في هذا المجال أن نتعرف على ملامح بدو سيناء ودور شيوخ القبائل
شبه جزيرة سيناء منطقة صحراوية وهى الجزء الشرقي من مصر وتحتل 6% من مساحة مصر الإجمالية ويسكنها حوالي مليون وأربعمائة ألف نسمه . منهم 597000نسمة في محافظتي شمال وجنوب سيناء و800ألف نسمة في المنطقة الغربية من سيناء ( الإسماعلية والسويس وبورسعيد ) التي تلقب بأرض الفيروز. وتنقسم سيناء إلي ثلاثة أقسام .القسم الشمالي ويعرف بالسهول الشمالية، والقسم الأوسط ويعرف بجبل التيه ،والقسم الناري بالجنوب ويتميز بقمم الجبال، بينما تتميز المنطقة الشمالية بالمياه الجوفية الممتدة ما بين القنطرة ورفح حيث تتزايد جودة المياه الجوفية بالاقتراب من مجرى وادى العريش
أما عن التركيبة السكانية في سيناء فإن 96% من أهل سيناء من البدو تشكلوا من عدة قبائل أبرزها قبيلة الترابين وهي القبيلة الأكبر في سيناء والنقب وقبيلة سواركه والتياها والعزايزة والحويطات وقبائل أخرى كثيرة وتعود جزور أهالي سيناء إلي الجزيرة العربية والحجاز ونجد واليمن وقسم اخر تعود جزورهم إلي مصرين بدو كانوا يسكنون في سيناء منذ القدم وملامحهم الشكلية مصرية فرعونية .وتوجد أيضا قبائل مرتبطة بالشرقية والجيزة جاءوا الي سيناء خلال القرن الماضي وأصبحوا يدو وهناك مجموعة صغيرة قليلة من العريشة من نسل الجنود الألبان القادمين مع محمد على .
أما أهم مدن سيناء فهي العريش- طور سيناء-بير العبد – الشيخ زويد – رفح – الحسنة – نخل – رأس سدر – أبو زنيمه – ابو رديس – سانت كاترين – شرم الشيخ – دهب – نويبع - القنطرة شرق – طابا ...إضافة إلي بعض المراكز العمرانية الأخرى هي أساس التنمية الحضارية والعمرانية في أطار المشروع القومي لتنمية سيناء، إضافة إلي أكثر من300قرية يغلب عليها الطابع الريفي حيث يتم التخطيط لتطوير هذه المنظومة في نسيج عمراني واحد ، والمياه تحيط بسيناء من أغلب الجهات فهي تقع بين ثلاثة مياه البحر المتوسط في الشمال ( بطول120كم) وقناة السويس في الغرب (240كم) ثم خليج العقبة من الجنوب الشرقي والشرق يطول (150كم) ،وهكذا تمتلك سيناء30% من سواحل مصر الكلية
ونأتي إلي أهم نشاطات السكان الاقتصادية (السياحة –التعدين – الزراعة – النقل ) وتعتبر السياحة في سيناء سياحة عالمية لما تمتاز به من خصائص طبيعية ودينية وحضارية، وهى تساهم بنسبة كبيرة في الدخل القومي المصري ويأتي السياح من كل أنحاء العالم لاسيما دول الاتحاد الأوربي وتوجد العديد من المنتجعات السياحية أهمها شرم الشيخ وذهب ورأس سدر ونويبع وطابا ودير سانت كاترين ومدينة طور سيناء وتتركز السياحة في محافظة جنوب سيناء . فيما تعتبر الزراعة هي النشاط الأكبر للسكان علما بان المساحة المزروعة فعليا لا تتجاوز 173.5الف فدان منها 173الف فدان في شمال سيناء وحوال 1500 فدان فقط في جميع سيناء و جميعها تنتج حوالي 160 الف طن ثانويا من الخضر و الفاكهة ، و حوالي 410 الف اردب من الحبوب كما تعد الثروة الحيوانية و التي تبلغ 265 الف راس من الاغنام و الماعز و بعض الابقار و الجاموس تعتمد في تربيتها علي المراعي الطبيعية ، و تعتمد الزراعة و الرعي علي مياه الامطار و السيول و المياه الجوفية التي لم تستغل اغلبيتها حتي الان . ثم يأتي التعدين في المرتبة التالية في النشاط السكاني حيث تعتبر شبه جزيرة سيناء المورد الاول في الثروة المعدنية في مصر حيث يتدفق من اطرافها الغربية البترول و تعتبر محافظه جنوب سيناء من اهم المواقع المنتجة للبترول ( ابو رديس – راس سدر ) بالإضافة الي مواقع بحرية في خليج السويس و تنتج سيناء حوالي ثلثي انتاج مصر من البترول تاتي معادن الفوسفات و النحاس و الحديد و المنجنيز .. الخ في شرق سيناء كما يتميز جنوب سيناء في الكثير من الخامات التي تستخدم في الصناعة مثل الجبس و الفحم و الطفل الكربوني و كلها مواد تساهم في صناعة الاسمنت و السيراميك و غيرها الي جانب ان سيناء تشتهب بأجود انواع الفيروز في العالم و اخيرا تأتي نشاطات النقل و المواصلات التي لها اهمية خاصة في سيناء نظرا لاتساع المساحة و قسوة الطرق و الدروب و صعوبة بعض الطرق الجبلية علما بان سياحه السفاري تعتمد علي خبرة و مهارة بدو سيناء في مسالك الطرق و علي صعيد اخر توجد في سيناء مطارات عديد مفترض انها تستوعب اعداد من العمالة الكثيفة . اذا العوامل الاقتصادية و قياسا الي عدد سكان سيناء رقمياً تفوق ما يحظى به سكان مصر في الوادي او الدلتا ولكن وقع الحال يؤكد ان جميع سكان سيناء خاصة في الشمال يعانون من ازمات اقتصادية و من غياب مشاريع تنموية حقيقية مما يدفع البعض من الدخول في واحة اقتصاد التهريب عبر الافاق و تجارة السلاح المخدرات بل و تشكيل احتياطي بشري للتنظيمات الارهابية و سنعرف في العدد القادم اهم مشاكل يعاني منها سكان سيناء و مدي مصداقية الوعود التي اطلقتها الحكومات المتعاقبة حول تنمية سيناء