أبو خباب المصري.. حكاية "كيماوي القاعدة"
الجمعة 23/أغسطس/2024 - 09:03 ص
طباعة
حسام الحداد
مدحت مرسي السيد عمر وكنيته "أبو خباب المصري"، الذي وُلد وتلقى تعليمه في الإسكندرية، حيث درس في كلية العلوم جامعة الإسكندرية وتخصص في الكيمياء 1975، ثم تزوج بعد ذلك وعاش في الإسكندرية حيث عمل رغم تخصصه في الكيمياء كسائق لسيارة أجرة "تاكسي" في منطقة باكوس الشعبية بالإسكندرية، قبل أن يغادرها إلى أفغانستان هو وأسرته للمشاركة فيما سمى بالجهاد الأفغاني ليلحق بأيمن الظواهري قائده في تنظيم الجهاد الإسلامي في مصر، ويعتبر بنظر المراقبين لشئون الجماعات الإسلامية أنه من "المجاهدين الكبار والقدامى إلا أنه لم يكن من الصف الأول في القاعدة"، على حد تعبير الدكتور هاني السباعي خبير شئون الجماعات الإسلامية.
ويرى السباعي أن "أبو خبّاب" هو "أكبر شخصية من الأسماء الموجودة حاليًا في القاعدة واسمه أكثر بروزا من صهر أيمن الظواهري الذي اهتمت وسائل الإعلام به باعتبار هذه المصاهرة"، وقال :" هو مهندس وخبير في صناعة المتفجرات والذي يتعب الأمريكان الآن هو المتفجرات العادية وليس الكيماوي...كان يدرّب الشباب على صناعة المتفجّرات أيام حكومة طالبان، كما أنه يعرف العلوم العسكرية جيدا ولذلك اعتبره الأمريكان خطيرا".
ورغم إشارته إليه على أنه مهندس وخبير في العلوم الكيماوية وموضوع على قائمة المطلوبين واسمه ضمن القائمة التي أصدرها مجلس الأمن لتجميد أمواله على مستوى العالم، يبدى الدكتور السباعي، مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية في لندن، استغرابه أن يكون "ابو خبّاب" مسؤولا عن تصنيع اسلحة كيميائية لتنظيم القاعدة، متسائلا :" اين سيقوم بذلك وهل سيقوم به في أفغانستان ليدمر الناس هناك في عملية كيماوية يقتل فيها الشعب الأفغاني بينما يمكن للأمريكيين أن يحموا أنفسهم ".
رصد مكافأة:
في العام 2004 ، رصدت الولايات المتحدة مكافآت قدرها عشرة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تقود لاعتقال "أبو خبّاب".
وقالت أنباء صحفية أن موقع تابع لوزارة الخارجية الأميركية أعلن رصد خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن اثنين من قياديي القاعدة المقربين من ايمن الظواهري زعيم الجهاد المصري الحليف الاول لأسامة بن لادن.
وقال المصدر إن الموقع الأمريكي خصص مكافأة الخمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال أو إدانة كل من مدحت مرسي السيد عمر وكنيته أبو خباب المصري خبير مفرقعات القاعدة الذي تعتقد الولايات المتحدة أنه كان بصدد صنع قنبلة قذرة للهجوم عليها فيما رصد الموقع مكافأة مماثلة لمن يساهم في اعتقال الأصولي علي محمد مصطفى البكري وكنيته عبد العزيز المصري.
مسئول عن برنامج التنظيم للحصول على السموم وأسلحة الدمار الشامل:
بعد الهجوم الجوي الأمريكي الذي جرى في يناير 2006 على مبنى قائم في المنطقة القبلية الباكستانية الخارجة عن القانون، أعلن الرئيس الباكستاني برويز مشرف وعدد من مسئولي الاستخبارات هناك عن مقتل بعض ميدانيي القاعدة وبالخصوص المصري المتخصص بصناعة الأسلحة الكيماوية خبير المتفجرات أبو خباب المصري، لكن مصادر استخبارات أمريكية حالية تؤكد أنه ما زال حيا وهو مسؤول على انبعاث برنامج القاعدة الهادف إلى الحصول على أسلحة الدمار الشامل.
ومع المشاكل القائمة مع تقييمات الاستخبارات الأميركية السابقة فإن المسؤولين الأميركيين أصبحوا حذرين من تقليل شأن قدرات القاعدة وهم يشددون على أن معرفتهم بها قليلة بسبب مصاعب الحصول على معلومات من المنطقة الجبلية الواقعة في شمال غربي باكستان حيث تمكنت الشبكة الإرهابية من إعادة ترسيخ نفسها.
لكنهم يقولون إن القاعدة جددت قدرا من البحث النشط لتطوير قدراتها التي خسرتها بعد قصف الولايات المتحدة لمقراتها في أفغانستان ومعسكرات تدريبها في أواخر عام 2001 وهم يرون أن القاعدة تحاول مرة أخرى حاليا لامتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية وإشعاعية بل وحتى قنابل نووية لاستخدامها ضد الولايات المتحدة وأعدائها، وحتى الآن يرى المسؤولون الاستخباراتيون أن الجهود تنصب في تطوير واستخدام السيانيد والكلورين وسموم أخرى لا تتسبب عادة في هجمات قتل جماعية تستخدم عادة في أسلحة الدمار الشامل.
وقال مسئولو استخبارات إنهم وضعوا تقييماتهم الحالية على أساس ما جرى من عمليات إنصات ومن مخبرين تم القبض عليهم كانوا يعملون مع القاعدة ومن تعقب تدفق الأموال والمواقع الإنترنتية الخاصة بنشطاء القاعدة. وقال مسؤول عن مكافحة الإرهاب إن هناك دلائل على تسلم بعض الميدانيين تلقيحات للمناعة لحماية أنفسهم من العوامل البيولوجية. ويعتقد أن أبو خباب الذي اسمه الحقيقي مدحت مرسي السيد عمر قد أسس مختبرات مع عدد محدود من المساعدين لتوفير مناخ هادئ يستطيع العلماء ان يقوموا ببحوثهم مع المواد الكيماوية والمركبات الأخرى حسبما قال عدد من مسؤولي الاستخبارات الأميركيين الذين على تواصل مع برنامج أسلحة القاعدة. وكشفت المعلومات الاستخبارية الأخيرة أن أبو خباب، 54 سنة، يقوم بتدريب مجندين غربيين على هجمات كيماوية في أوروبا وربما في الولايات المتحدة، مثلما فعل حينما كان يدير «معسكر خباب» في منطقة تورا بورا بأفغانستان قبل هجمات 11 سبتمبر حسبما ذكر مسؤول استخبارات أميركي طلب عدم الكشف عن اسمه لأن المعلومات الخاصة بـ«سي آي أيه» تعتبر سرية، وراح بعض الخبراء يتساءلون عن مدى تمكن القاعدة من إعادة إنشاء برنامج أسلحتها في جبال باكستان.
وقال رفائيل بيرل الذي يرأس وحدة لمحاربة الإرهاب تعرف باسم Action Against Terrorism Unit إن هناك قناعة بقيام القاعدة بتطوير أسلحة كيماوية وإذا لم تكن تملك حاليا أسلحة بيولوجية "فإن هناك قناعة بقيام القاعدة بتطوير أسلحة كيماوية وإذا لم تكن تملك حاليا أسلحة بيولوجية «فإنها بالتأكيد ليست بعيدة عن هذا الهدف»، وقال إنه مع المعرفة التقنية التي يملكها أبو خباب فإنه «من الواضح تماما أنهم يحاولون العمل على المجالين الكيماوي والبيولوجي".
وقال مسئول استخبارات أمريكي رفيع إن جهود القاعدة «صغيرة جدا في هذا المجال قياسا بما كانت تقوم به في أفغانستان، فغياب السلامة يجعلك لا تشعر بالراحة عند الحركة» مثلما هو الحال مع ما كان ممنوحا لرجال القاعدة من حريات من قبل طالبان، وقال رجل الاستخبارات السابق الذي ترك «سي آي إيه» في أغسطس 2006: «أنا لا أقول إن البرامج كبيرة وجاهزة للاستعمال غدا، لكن كل ما فقدوه خلال غزو عام 2001 تمكنوا من إعادته".
صلته بالإرهاب:
وتعود صلات أبو خباب بالإرهاب إلى أواسط الثمانينات على اقل تقدير عندما كان عضوًا بارزا في تنظيم الجهاد الإسلامي المصري الذي كان يقوده أيمن الظواهري والذي اندمج مع منظمة القاعدة، وخلال سنوات قام بتدريب مئات من المقاتلين في معسكرات القاعدة حول كيفية استخدام المتفجرات والسموم والأسلحة الكيمياوية البدائية، وفقا لوثائق أف بي آي.
ويقول مسؤولون استخباراتيون إنه ليس لدى أبو خباب، الذي تخرج في مصر كمهندس كيمياوي، تدريب رسمي على الأسلحة البيولوجية أو النووية، ولكنه انتهى إلى أن يكون مسئولا عن برنامج الأسلحة، جزئيا على الأقل، لأن بعض العناصر ممن يعتقد أنهم أكثر خبرة بشان الأسلحة البيولوجية والنووية قد اعتقلوا أو قتلوا.
ووُصف أبو خباب من جانب عدد من المسئولين الاستخباراتيين باعتباره يتباهى بنفسه وكونه واحدا من أفضل خبراء المتفجرات، وقال مسؤولون استخباراتيون حاليون وسابقون انه كانت لديه علاقة حادة مع زعيمي القاعدة بن لادن والظواهري وقيادتهما العليا بسبب نزعته الذاتية وميله الى الاستقلالية، ومع ذلك فقد كلفه الظواهري عام 1999 ليترأس برنامجا للأسلحة غير التقليدية حمل اسم «الزبادي".
ووفقا لملفات كومبيوترية للقاعدة عثر عليها بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان، حقق أبو خباب «تقدما كبيرا» خلال اشهر. ووجدت السلطات الأميركية مواد في مجمع دارونتا وأماكن أخرى في أفغانستان تظهر أن القاعدة كانت تسعى إلى الحصول على أسلحة دمار شامل، بما في ذلك أسلحة نووية وبيولوجية، وبحلول عام 2002 يُعتقد أن أبو خباب هرب إلى الشيشان أو إلى جورجيا ليستأنف تدريب المتطرفين على استخدام الأسلحة الكيمياوية قبل ان ينتهي به المطاف الى باكستان. وفي ديسمبر 2002 زعم أن القاعدة أرسلت فريقا الى نيويورك لاستخدام سلاح يحمل اسم «مبتكر» لنشر غاز السيانيد في سيارات الأنفاق مما يمكن أن يؤدي الى قتل عشرات من الناس، وقال مسؤولون استخباراتيون انهم يشكون في أن أبو خباب لعب دورًا في هذا التطور.
وقال ضابط خبير بأسلحة الدمار الشامل في «سي آي أي» أن أبو خباب طور نوعا من السموم يمكن أن ترمى في مناطق معينة وأضاف الى المزيج زجاجا مسحوقا للمساعدة في الدخول الى مجرى دم المصاب، وفي السنوات الأخيرة بدأ ابو خباب السعي الى مزيد من التمويل لمتابعة ما يدعي انه يمكن أن يكون برنامجا ناجحا لتطوير سلاح نووي. وقال ضابط سابق في «سي آي أي « لقد ابلغ القاعدة خلال سنوات بأنه يستطيع القيام بذلك، وقال لهم: أعطوني المال. وذلك هراء بالطبع. غير أنه يمكن أن يطور وسيلة لنشر الاشعاعات»، وهو ما يسمى «القنابل القذرة». وفي يونيو 2004 لاحقت الحكومة الأميركية ابو خباب الى باكستان وحددت جائزة بقيمة خمسة ملايين دولار لقاء معلومات تؤدي الى اعتقاله. وفي يناير 2006 علم مسؤولون أميركيون ان ابو خباب وعناصر بارزة أخرى في القاعدة، ربما يكون الظواهري من بينهم، سيحضرون لقاء في دامادولا قرب الحدود الأفغانية.
مؤلفاته:
ليس لأبو خباب المصري مؤلفاتي في الدعوة او في الجهاد كباقي قيادات تنظيم القاعدة امثال الظواهري او ابو مصعب الزرقاوي او غيرهم بينما له مؤلف هام معنون بـ"مجموعة أبو خباب المصري" والذي يتناول فيه طرق الحرب الكيماوية وكيفية صناعة القنابل الكيماوية والسامة
مقتله:
أفاد مسئولون باكستانيون أن خبير الأسلحة الكيميائية في تنظيم القاعدة مدحت مرسي السيد عمر قتل على الارجح اليوم الاثنين 29 يوليو 2008،في باكستان في قصف صاروخي أمريكي. وقال مسؤول كبير في الاستخبارات في مدينة بيشاور (شمال غرب باكستان) طالبا عدم الكشف عن هويته "نعتقد انه قتل في هذه الضربة". وأضاف "كان هذا مخبأه وبلغتنا معلومات أنه كان مستهدفا بالضربة الأمريكية"، وكانت الولايات المتحدة تخصص مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار للوصول الى مدحت مرسي السيد عمر، المصري الجنسية والمعروف أيضا باسم ابو خباب المصري، وكان يشتبه في انه يدير معسكرات تدريب في افغانستان. ولم يرد أي تأكيد فوري من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في افغانستان او من واشنطن على مقتل هذا المسؤول في تنظيم القاعدة. وكان مسؤولون أفادوا في وقت سابق ان ثلاثة ناشطين من العرب وثلاثة فتيان باكستانيين قتلوا عندما اطلقت طائرة امريكية مفترضة من دون طيار الصواريخ التي اصابت منزلا ملحقا بمسجد في قرية عزم ورساك الواقعة في جنوب وزيرستان التي تعتبرها واشنطن معقلا آمنا لتنظيم القاعدة وانصار حركة طالبان عند الحدود مع افغانستان، وأعلن الجيش الباكستاني أنه ينتظر معلومات إضافية قبل تأكيد مقتل مدحت مرسي السيد عمر.
القاعدة تنعي أبو خباب المصري:
أكد بيان لتنظيم «القاعدة» بثه موقع اسلامي في 30 يوليو 2008، أن خبير الأسلحة الكيميائية في التنظيم قتل فعلا، الأمر الذي سبق ان اكده مسؤولون باكستانيون، وذكر البيان الموقع باسم مسؤول التنظيم في افغانستان مصطفى ابو اليزيد، الذي يعرف باسم «سعيد المحاسب»، ان ابو خباب المصري انضم الى «كوكبة الابطال»، وقتل معه آخرون، هم ابو محمد ابراهيم بن ابي الفرج المصري، وعبد الوهاب المصري، وابو اسلام المصري، ومعهم بعض أولادهم"
وذكرت شبكة التلفزيون الأمريكية «سي بي اس» ، ان لديها رسالة الكترونية تشير الى اصابة الظواهري بجروح بصواريخ اطلقت في 28 يوليو على منطقة القبائل، في جنوب وزيرستان. واكد الجيش الباكستاني أيضا ألا معلومات لديه تشير إلى مقتل الظواهري.