مع غموض موقف الحوثيين.. هدنة اليمن الثالثة تحدد مستقبل الحل السياسي
الإثنين 27/يوليو/2015 - 05:31 م
طباعة

تعد مجريات اليوم الاثنين، في اليمن، مقياس لصموت الهدنة التي دخلت حيز التنفيذ منتصف ليل الأحد- الاثنين، وكذلك باقي أيام الهدنة المقررة لخمسة أيام، محطة مهمة في حسم سيرها، وما إذا كانت ستصمد لتمهد لتسوية سياسية معينة أم ستفشل؟ في ظل غموض موقف الحوثيين من الهدنة واستمرار الصراع على الأرض بين اللجان الشعبية والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وميليشيات الحوثيين والقوات الموالية لها.
الوضع الميداني

ميدانيًّا توقفت اليوم الاثنين غارات التحالف بقيادة السعودية في اليوم الأول للهدنة في اليمن، فيما استمرت حدة المواجهات على الأرض، وخصوصاً في مدينة تعز التي تشهد مواجهات عنيفة وقصفاً مكثفاً من قبل الحوثيين على الأحياء.
وأفادت مصادر محلية في تعز أن أحياء المدينة التي يسيطر عليها المقاومون تتعرض لقصف بواسطة المدفعية والقذائف المختلفة، من قبل الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح، بالتزامن مع مواجهات عنيفة في منطقة "حدنان" و"مشرعة" و"جبل صبر".
وقالت مصادر لـ RT الاثنين: إن الحوثيين قصفوا مطار عدن بصواريخ الكاتيوشا.
وأضافت المصادر أن طيران التحالف أغار على مواقع الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح شمال المدينة.
وكانت وكالة رويترز أفادت نقلًا عن مصادر يمنية بوقوع خروقات في مدن يمنية عدة وذلك بعد ساعات من بدء سريان هدنة إنسانية في البلاد بطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
من جانبها أفادت وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي تديرها الحكومة من مقرها المؤقت في الرياض بأن الحوثيين وقوات صالح قصفوا بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة- تجمعات سكنية في أكثر من منطقة بمدينة الضالع جنوب اليمن؛ ما أدى لسقوط قتلى وجرحى.
وفي محافظة مأرب اتهمت المقاومة الحوثيين بالقيام بقصف مدفعي في منطقة "الجفينة" غربي المدينة، بعد بدء سريان الهدنة؛ ما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل وعدد من الجرحى.
إلى ذلك شهدت محافظة لحج جنوبي اليمن مواجهات في منطقة "صبر" ومناطق قريبة منها شمال عدن، وسط اتهامات متبادلة بخرق الهدنة الإنسانية.
وحلقت طائرات التحالف في صنعاء ومحافظات أخرى للاستطلاع، حيث سمعت مضادات الطائرات، ولم ترد معلومات حول وقوع أي غارات.
قصف الحدود

وعلى صعيد الصراع على الحدود السعودية اليمنية، أوضح المتحدث الإعلامي للدفاع المدني بمنطقة نجران جنوب السعودية المقدم علي بن عمير الشهراني "أن الدفاع المدني باشر بلاغاً عند الساعة 5:20 عصر يوم أمس (الأحد) عن سقوط مقذوف عسكري من داخل الحدود اليمنية على منزل بمدينة نجران؛ ما نتج عنه إصابة فتاة وطفلين سعوديين". وأضاف أنه جرى نقلهم للمستشفى، كما نفذت الإجراءات اللازمة وفق الخطط المعتمدة لذلك.
من جانبه حذر الناطق باسم قوات التحالف بقيادة السعودية العميد أحمد العسيري "الحوثيين أنه في حال قيامهم والقوات الموالية لهم بأي أعمال أو تحركات عسكرية في أي منطقة فسوف يتم التصدي لها من قبل قوات التحالف، مع استمرار الحظر والتفتيش الجوي والبحري، والاستطلاع الجوي لأي تحركات لميليشيا الحوثي والقوات الموالية لها".
وفي أول تعليق سياسي على مذبحة المخا التي أسفرت عن مقتل 120 والتي اتهم التحالف بارتكابها، نفى العميد العسيري مسئولية التحالف عنها، مجددا التأكيد على أن قوات التحالف لا تقصف المناطق السكنية حتى لو كان فيها مسلحون من ميليشيا الحوثي.
واتهم العسيري الحوثيين بالوقوف وراء هذه "الجريمة الكبرى، للانتقام من أبناء تعز".
وأكد بأنه سيتم تقديم طلب للأمم المتحدة لإرسال لجنة تقصي الحقائق إلى منطقة المخا لتحديد نوع الصواريخ التي قصف بها التجمع السكني، لافتًا إلى أن "القصف كان من قاعدة وليس من الطيران".
الوضع الإنساني

وعلى صعيد الوضع الإنساني، تركز بشكل أساسي على مناطق الجنوب والوسط، لا سيما في عدن والضالع ولحج وأبين وتعز، بدرجة رئيسية. وهو وضع كانت تفرضه الميليشيات؛ لأن المساعدات الإنسانية والأعمال الإغاثية، كانت تصل إلى اليمن بشكل كبير، وكانت تستولي عليها الميليشيات، وتوزّعها على المناطق الحاضنة لها، وتمنع وصولها إلى المناطق والمحافظات الرافضة لها. بالتالي فإن تحرير لحج، كان بمثابة نهاية تامّة لمشكلة الوضع الإنساني، بعد تحرير عدن وتحوّلها إلى مركز لوصول المساعدات وتوزيعها.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الأحد بالهدنة الإنسانية لمدة خمسة أيام، اعتبارًا من منتصف ليل الأحد- الاثنين، ودعا الحوثيين إلى احترامها. وقال الأمين العام إنه "يحض" الحوثيين وحلفاءهم على "الموافقة (على الهدنة) والتزام الهدنة الإنسانية لما فيه خير جميع اليمنيين"، كما طالب اطراف النزاع بـ"العمل بحسن نية طيلة فترة سريان الهدنة". وأكد أن ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين "يجعل الالتزام بهدنة وإمكان تمديدها أمرين لا بد منهما". وطالب الأمين العام طرفي النزاع بـ"تعليق العمليات العسكرية خلال الهدنة وعدم استغلال الهدنة لنقل أسلحة أو الاستيلاء على أراض". ودعا أيضا المتحاربين إلى "إبداء أكبر قدر من ضبط النفس في حال حصول انتهاكات معزولة (للهدنة) وتجنب أي تصعيد". كما طالب الأمين العام طرفي النزاع بـ"تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى كل مناطق اليمن"، وكذلك إتاحة الوصول السريع والآمن لوكالات الإغاثة الإنسانية إلى الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدة. وتؤكد أرقام الأمم المتحدة أن المدنيين يشكلون أكثر من نصف 3700 شخص قتلوا خلال أربعة أشهر من النزاع. ونقلت ثلاث طائرات سعودية وطائرة إماراتية مساعدات إلى اليمن منذ إعادة فتح مطار عدن الأربعاء. وأكدت مصادر يمنية وبرنامج الأمم المتحدة للأغذية تخزين وتفريغ آلاف الأطنان من المواد الغذائية والطبية والأدوية.
المشهد الإقليمي

وعلى صعيد المشهد الإقليمي، بحث وزير الخارجية سامح شكري، ونظيره العماني يوسف بن علوي، في القاهرة، تطورات الأوضاع في اليمن، والجهود المبذولة لدفع الحل السياسي للأمام، ويحفظ للبلاد وحدتها الإقليمية.
وشدد الوزيران، على أهمية الحفاظ على الهوية العربية والابتعاد عن الانقسامات المذهبية والدينية والعرقية التي تفرق ولا تجمع.
فيما جدد أمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، دعم دول المجلس ومساندتها للمساعي الحميدة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل مواصلة العملية السياسية، وإعادة الأمن والاستقرار في ربوع اليمن، مشيدا بالجهود التي يبذلها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في هذا الاتجاه. وأعرب الزياني خلال لقائه، اليوم، بمكتبه في مقر الأمانة العامة بالرياض مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، عن تقدير دول المجلس للجهود التي تقوم بها منظمات الأمم المتحدة للأعمال الإنسانية في ايصال مساعدات الاغاثة إلى المحافظات اليمنية لرفع معاناة الشعب اليمني في ظل الظروف المأساوية التي تعيشها اليمن. وجرى خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في اليمن وسبل تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بين مجلس التعاون والأمم المتحدة لتكثيف الجهود لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني في كافة المحافظات، كما تم بحث سبل دفع العملية السياسية السلمية على أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216.
المشهد اليمني
أصبحت الهدنة الإنسانية الثالثة في اليمن، عاملًا محددًا لمجريات الأمور والحل السياسي خلال المرحلة المقبلة، فنجاح الهدنة في ظل غموض موقف الحوثيين، يؤسس إلى مرحلة حل سياسي، أما فشلها فإنه يشير إلى استمرار الصراع في اليمن.