الخلافاتٍ تطيح بـ.."سعيد عبد العظيم" من الجمعية العمومية للدعوة السلفية
الإثنين 27/يوليو/2015 - 07:01 م
طباعة


والدكتور ياسر برهامي
كعادة التنظيمات الإسلامية مع من يخالف القيادة الرأي فقد أطاحت الجمعية العمومية للدعوة السلفية، بالدكتور سعيد عبدالعظيم، نائب رئيس الدعوة، المحسوب على جماعة الإخوان، والذى انضم لــ «معسكر رابعة» عقب عزل الرئيس الأسبق، محمد مرسي، وجددت الجمعية ثقتها في محمد عبدالفتاح أبو إدريس، رئيساً لها، والدكتور ياسر برهامي، نائباً له، خلال الانتخابات التي جرت بشكل سري، مساء السبت 25 يوليو 2015.
وأصدرت الدعوة بياناً قالت فيه إن الجمعية أجرت بعض التعديلات، بتقليل عدد أعضاء مجلس الإدارة ليصبح 13 بدلاً من 15، ليتوافق مع قانون الجمعيات الجديد، كما عدلت مسماها لتصبح جمعية الدعاة.

محمد مرسى
وقالت مصادر بالدعوة إن الانتخابات أسفرت عن استمرار الدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، وأحمد فريد، ومحمد عبدالحميد، والمهندس عبدالمنعم الشحات، وعادل نصر، في مجلس الإدارة، ودخول 3 جدد، أبرزهم غريب أبو حسن، وخروج 5 أبرزهم محمد إسماعيل المقدم، الذى فضل الابتعاد عن الدعوة لانخراطها في السياسة.
وأوضح صلاح عبد المعبود، عضو مجلس شورى الدعوة، أن القيادات التي لم تستمر في مجلس الإدارة لم تخض الانتخابات من الأساس، فيما أكدت مصادر داخل حزب النور، أن التشكيل الجديد جاء وفقاً لما خطط له برهامي ورجاله.

الدكتور سعيد عبد العظيم
وهذا الموقف من الدكتور سعيد عبد العظيم لم يكن سابقة في تاريخ فصائل التيار الإسلامي التي تختلف تكتيكيا بينما تتفق على استراتيجية واحدة مفاداها اقامة دولة الخلافة، ليس هذا فقط بل تتفق أيضًا في المرجعية الفكرية الوهابية، والتي تعتبر هي إطار العمل المرجعي بالنسبة لهذا التيار وإن اختلفت فصائله، ما يجعل السمة المشتركة لجميع الانتخابات التي تجرى داخل الجماعات الإسلامية برمتها، سواء جماعة الإخوان أو جماعة الدعوة السلفية أو الجماعة الإسلامية، هي الإطاحة بعدد من الكبار أو المؤسسين عندما تجري الانتخابات، ولعل الدكتور ناجح إبراهيم أبرز مؤسسي الجماعة الإسلامية الذى تم الانقلاب عليه في الانتخابات التي جرت في 2011، نموذجًا يتجلى في هذا الأمر، وفى جماعة الإخوان، وتحديدًا عام 2009 أطاحت الإخوان باثنين من أهم قياداتها تزامنًا مع انتخابات مكتب الإرشاد، ومرشد الإخوان، حيث تم الإطاحة بالدكتور محمد حبيب، نائب مرشد الإخوان السابق، والدكتور إبراهيم الزعفراني، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان، بسبب اعتراضه على طريقة الانتخابات. وأخيرًا أطاحت الدعوة السلفية باثنين من أبرز قياداتها من مجلس إدارة الدعوة السلفية، وهما الدكتور محمد إسماعيل المقدم، والدكتور سعيد عبد العظيم، عضوي مجلس إدارة الدعوة السلفية، وتم تعيين المقدس مستشارًا لمجلس الإدارة.
آراء الخبراء:

ناجح ابراهيم وكرم زهدي
عليقًا على هذا الموضوع قال هشام النجار، الباحث الإسلامي، إن ناجح إبراهيم وكرم زهدي ورفاقهما من القادة التاريخيين للجماعة الإسلامية أمثال حمدي عبد الرحمن وعلى الشريف وفؤاد الدواليبى، هم الذين انقلب عليهم مجموعة الشيخ عصام دربالة وعبود الزمر وصفوت عبد الغنى انقلاباً أبيض خلف ستار إجراء انتخابات جديدة لاختيار مجلس شورى جديد، من خلال جمعية عمومية طعن الكثيرون في كيفية تشكيلها، وأطاحوا بهم من قيادة الجماعة في أحرج مراحلها، بالرغم من أن قياديًا مخضرمًا مثل ناجح إبراهيم كان يمتلك مفاتيح الأبواب المغلقة في وجه الجماعة، في أول انفتاح لها على الشأن العام بعد الخروج من السجون، فهو صاحب خطاب إعلامي متزن ومنضبط وقريب من قلوب الجماهير، بحيث تستطيع الجماعة من خلاله إزالة الصورة السلبية لها جماهيرياً واكتساب شعبية واسعة، كما أنه على علاقة ممتازة بكل التيارات السياسية والفكرية على الساحة بما يضمن للجماعة حضورًا قويًا في وقت قصير وفق رؤيته للتعامل مع تلك التنويعات السياسية والفكرية، فضلاً عن علاقة الثقة المتبادلة بينه وبين مؤسسات الدولة، ويضيف النجار أنه بدلاً من الإبقاء على ناجح إبراهيم صاحب النظرة الاستشرافية ورفاقه كرم زهدي وحمدي عبد الرحمن الذين قرأوا معظم ما وقع للإسلاميين بعد الثورة قبلها بسنوات وكانت للدكتور ناجح على سبيل المثال نصائحه وتحذيراته الشهيرة التي أثبتت الأحداث بعد ذلك صدقها ودقتها، وهو صاحب السرعة والحسم في التعامل مع الأحداث، استبدلته الجماعة بقيادات تجيد المناورة وتتعاطى مع الشأن السياسي ببطء وجمود شديدين، ما أدى في النهاية إلى التدهور والانهيار العام على كل المستويات دون إحراز أي إنجاز سياسي أو دعوي يذكر مع هروب قيادات وعودة قيادات أخرى للسجن، فضلاً عن الانقسامات غير المسبوقة داخل الجماعة . ناجح إبراهيم رأى الأولوية لترميم الجماعة داخليًا ورعاية أفرادها واستطرد: "رأى ناجح إبراهيم ومن معه أن الأولوية في هذه المرحلة لترميم الجماعة داخلياً ورعاية أفرادها اجتماعياً واقتصادياً وإزالة آثار المرحلة الماضية النفسية، وتأهيل الكوادر الدعوية للقيام بدورهم تدريجياً والعودة للمساجد بفكر وفقه وخطاب جديد متطور منضبط، ورأى عدم حرق المراحل وعدم المسارعة في الانغماس في الصراعات السياسية خاصة في المرحلة الانتقالية، وقد حذر الإسلاميون قبل أن يصلوا إلى السلطة، وقال لهم إن محنة السلطة أشد وأخطر من محنة السجون، فتواضعوا ولا تطمعوا وشاركوا الآخرين ولا تغركم قوتكم وتسامحوا واصفحوا ولا تأخذكم نشوة الانتقام". وواصل النجار قائلاً: "شنوا – أي قيادات الإخوان الحالية - حملات تشويه ضده وضد من تبنى مواقفه ومنهجه، لكن الأحداث وما وصلت إليه الجماعة الإسلامية اليوم أنصفت ناجح إبراهيم وكرم زهدي، وأوضحت للجميع مقدار صواب رؤيتهما ومواقفهما، وأجبر الجميع على الاعتراف بفضلهما ونضج آرائهما، وتطور أدائهما السياسي والفكري واستفادتهما من التجارب السابقة".
الإخوان وأبو الفتوح:

ابو الفتوح
عقب ثورة يناير أعلن الدكتور أبو الفتوح ترشحه لانتخابات الرئاسة المصرية 2012 وذلك في يوم 10 مايو 2011. وقوبل القرار بالترحيب من بعض القوى السياسية وبعض شباب الثورة، إلا أنه لاقى اعتراضا من قبل مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين لإعلانهم مسبقا عدم تقديم أي مرشح لانتخابات الرئاسة القادمة وكانت هذه نقطة جوهرية في أول خلاف بين أبو الفتوح والجماعة ، وقرر مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين، فصل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من عضوية الجماعة، بناءً على ما أوصت به لجنة التحقيق الدائمة في جلسة 18 يونيه 2011، لترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية وعدم التزامه بقرارات الجماعة في ذلك ومن بعدها وأصبح أبو الفتوح محل هجوم ونقد شديدين من الجماعة حتى وصل الأمر إلى اتهامه في بعض الأحيان بالخيانة، المحطة الثانية التي اغتالت فيها الجماعة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح هي مشاركته في تظاهرات الـ 30 من يونيه ضد المعزول محمد مرسي، ليكون متهما رئيسا من قبل جماعة الإخوان المسلمين بالمشاركة في الانقلاب على أول رئيس منتخب وذلك بمشاركته القوى المدنية للتظاهر في هذا اليوم للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإجراء عدة إصلاحات سياسية، على الرغم من اتهام أبو الفتوح من قبل الجماعة بالمشاركة في الانقلاب على مرسي، إلا أن أبو الفتوح رفض ما وصفه بـ"انقلاب 3 يوليو" والذي نص على عزل محمد مرسي، وإقرار خارطة طريق مستقبل، تبدأ بتعديل الدستور وانتخابات رئاسية مبكرة وإجراء انتخابات برلمانية مؤكدًا في تصريحات له عقب عزل مرسي أن خارطة الطريق انقلاب على الدستور والمسار الديمقراطي، وقاطع أبو الفتوح الاستفتاء على دستور 2014، والمشاركة في الانتخابات الرئاسية، والانتخابات البرلمانية لعدم اعترافه بالنظام الحالي ووصفه لما حدث بالانقلاب العسكري، لم يقتصر الهجوم على أبو الفتوح من قبل جماعة الإخوان على ترشحه للرئاسة في 2012 أو مشاركته في 30 يونيه فقط، فقد جاءت المبادرة التي أطلقها أبو الفتوح لإنقاذ الوضع السياسي في مصر لتقابل هي الأخرى بعدم اهتمام من قبل قيادات دعم الشرعية المؤيد للإخوان، فقد اعتبر إيهاب شيحة القيادي بالتحالف المبادرة بأنها محاولة لتجميل شخصية "فاشلة"، في إشارة منه لمواقف أبو الفتوح الأخيرة من التحالف وجماعة الإخوان معلنا رفض التحالف لها، كما قال الدكتور عطية عدلان، القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية، إن مبادرة أبو الفتوح ما هي إلا حلول لخروج النظام من المواجهة وضمان تأمينه من القصاص الذي يطالب به الثوار، في حين اتهمه البعض الآخر بأنه مدفوع من النظام لتحقيق المصالحة لم يكتف الأمر على قيادات دعم الشرعية فقد سارعت صفحات جماعة الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي في تشويه صورة أبو الفتوح ووصفه بالانقلابي، وأنه جاء بهذه المبادرة إنقاذا للنظام الذى سانده في الـ 30 من يونيه في الانقلاب على الرئيس الشرعي المبادرة التي أطلقها أبو الفتوح لإنقاذ المسار السياسي في مصر كان ملخصها تشكيل حكومة كفاءات وطنية، وتعيين رئيس حكومة جديد على أن يفوض رئيس الجمهورية صلاحياته إلى رئيس الحكومة، بالإضافة إلى إعادة هيكلة وزارة الداخلية والتمهيد لانتخابات رئاسية مبكرة خلال عام والإفراج عن جميع المحتجزين غير المدانين في قضايا القتل والإرهاب وإلغاء عقوبة الإعدام في الفترة الحالية كانت هذه أبرز بنود المبادرة.

كمال الهلباوي وثروت الخرباوي
وهناك أمثلة أخرى كثيرة في هذا السياق منها الدكتور كمال الهلباوي وثروت الخرباوي وغيرهما الكثيرون الذين اختلفوا مع التنظيمات التي كانوا ينتمون لها، وقيادات بها، الا انهم اصبحوا بعد اختلافهم بالنسبة لهذه التنظيمات أعداء بل أشد عداء من غيرهم، فإما ان يتم اتهامهم بالخيانة او الرجعية او العمالة، تلك الاتهامات الجاهزة لمن يخرج عن القطيع ويرتكب جريمة التفكير !!