غارات تركيا على معاقل "بي كي كي" تضعها في مواجهة طهران

الإثنين 27/يوليو/2015 - 08:38 م
طباعة غارات تركيا على معاقل
 
عززت الطلعات الجوية التي قام بها سلاح الجو التركي، وزعم أنها تستهدف معاقل تنظيم الدولة "داعش" والذي يسيطر على مساحات شاسعة من الأراضي السورية والعراقية، من الصدام المباشر مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تتحكم في كثير من أوراق اللعبة في الأزمتين السورية والعراقية.
اللافت للنظر أن كثيرًا من دول المنطقة أعربت عن تخوفها من الاتفاق النووي بين الدول الست الكبرى وإيران، وقالت معظم هذه الدول إن الاتفاق يعطل فقط إيران عن امتلاك قنبلة نووية لمدة 15 سنة، متوقعين أن نفوذهم في المنطقة سيزداد مع رفع العقوبات عنهم.

غارات تركيا على معاقل
مخاوف الصدام المستتر بين (أنقرة وطهران) ظهرت في حديث وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أثناء زيارته الدوحة، ضمن جولته الخليجية في المنطقة للانضمام إلى جهود مكافحة الإرهاب، حيث قال الوزير الإيراني في مؤتمر صحفي مع نظيره القطري خالد بن العطية في الدوحة أمس (الاحد) 26 يوليو 2015، إن طهران لن تتوانى عن تقديم المساعدات في مجال محاربة الإرهاب والتطرف، وأنها ماضية في مساندة حلفائها في المنطقة. 
وكان ظريف التقى في الدوحة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأطلعه على الاتفاق النووي مع مجموعة 5+1 في العاصمة فيينا، كما ظريف أمس الأول (السبت) من الكويت أن طهران تمد يدها لجيرانها في المنطقة في مواجهة الأخطار المحاطة بالمنطقة، وأن هناك إرادة مشتركة بهذا الشأن بين بلاده والكويت.

غارات تركيا على معاقل
وأشار إلى أن أي تهديد لدولة هو تهديد للجميع، ولا يمكن لدولة بمفردها أن تحل المشكلات الإقليمية دون مساعدة من الآخرين، فيما وصل ظريف صباح اليوم الاثنين 27 يوليو إلى العراق حيث من المرتقب أن يلتقي مساء الرئيس العراقي فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري ووزير الخارجية ابراهيم الجعفري، لبحث القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وقال مراقبون أن الهدف من جولة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الخليجية طمأنة دول المنطقة بشأن تبعات الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، فضلاً عن استغلال تلك الزيارات لإرسال رسائل ضمنية للعديد من الدول المنطقة المناهضة لسياسات طهران خاصة السعودية وتركيا، اللتان يعتبران الاتفاق الإيراني والدول الست الكبرى، سيعزز نفوذ طهران التي تتهمها دول المنطقة بالتدخل في العراق وسوريا ولبنان والبحرين.

غارات تركيا على معاقل
كانت الدبابات التركية قصت قرية تسيطر عليها القوات الكردية في شمال سورية، اليوم الاثنين، ما أوقع أربعة جرحى على الأقل في صفوف المقاتلين، حسبما أعلن المقاتلون الأكراد والمرصد السوري لحقوق الإنسان، ويأتي القصف بعد أن استهدفت تركيا في الأيام الأخيرة مواقع لجهاديي تنظيم الدولة في سورية ولحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة إرهابية في شمال العراق.
وأعلنت وحدات حماية الشعب الكردية في بيان أن دبابات تركية قصفت مواقع للوحدات ولفصائل عربية تقاتل إلى جانبها في قرية زور مغار بمحافظة حلب على الحدود التركية وشرق قرية جرابلس الخاضعة لسيطرة التنظيم الجهادي.
وتابع البيان أن "القصف العنيف بالدبابات" أدى إلى إصابة أربعة مقاتلين عرب وعدد من سكان القرية بجروح.
غارات تركيا على معاقل
من جانبهم، أعلن أكراد العراق أنهم لن ينخرطوا في أي محور إقليمي داخل الاستقطاب (الشيعي- السني) المستعر في المنطقة، لكن دخول تركيا الحرب ضد "داعش"، في الوقت الذي يرتبط فيه حزب "العمال الكردستاني التركي" بعلاقات قوية مع إيران، وهو ما يكشف صعوبة أن يكون الأكراد محايدين في تلك الأزمة.
وتشير تقارير إعلامية، إلى أن الأكراد العراقيين صادقون في رغبتهم بالحياد، كونهم منخرطين في مذهب سني مطعّم بصوفية تاريخية، لذلك هم أبعد عن التشدد الديني، ويعتبر أبرز قادتهم مسعود البرزاني وجلال الطالباني، أما ثقافياً فهم قريبون من الحضارة الفارسية، وينحدرون من العرق الهندو- أوروبي الإيراني، ويتحدثون باللغة القديمة ذات الأصل الزارادشتي في إيران وكردستان. 
ولا يخفى ساسة عراقيون إعجابهم بقدرة الأكراد على الاحتفاظ، في أحلك الأوقات، بعلاقات طيبة مع النجف وطهران، ومع الرياض وأنقرة، وأيضاً مع واشنطن.

غارات تركيا على معاقل
وتقول تقارير إعلامية إن القرار التركي بتوجيه ضربات جوية لـ"داعش" وحزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة (بي كي كي)، عامل انقسام بين أربيل والسليمانية، قطبا السياسة الكردية في شمال العراق.
والسليمانية، هي معقل جلال الطالباني الرئيس العراقي السابق، وهي الأقرب جغرافياً وسياسياً إلى إيران، وإلى "بي كي كي" المتحالف مع طهران وبشار الأسد، والذي يقوده نخبة من الأكراد العلويين وعلى رأسهم الزعيم المعتقل عبدالله أوجلان.

غارات تركيا على معاقل
أما مسعود البرزاني، فهو أقرب إلى أنقرة، رغم أنه لا يفرط بعلاقته مع إيران، وسبق أن تحدث عن "سخاء طهران" في مساعدتها العسكرية ضد "داعش"، لكنه يطالب بالحذر من تحول العلاقة إلى انخراط في سياسة داعمة لإيران والأسد، ويعارض تحمس "بي كي كي" للدفاع عن النظام السوري.
وعبر مرارًا عن خيبة أمله في الفشل في الوساطة الطويلة بين أوجلان وأنقرة، لإقرار مشروع سلام كان واعداً حتى قبل سنة، ثم جاءت التطورات الإقليمية والداخلية التركية لتفشله تقريباً.

غارات تركيا على معاقل
وسادت أجواء من التوتر أخيراً، بعدما أعلن رئيس وزراء تركيا أحمد داود أوغلو أنه تحدث مع البرزاني، وحصل منه على تأييد لحملته ضد "داعش" و "بي كي كي"، وهو ما أثار رد فعل واسعاً داخل كردستان، إلى درجة أن مكتب البرزاني أعلن أن الاتصال الهاتفي استمر نحو ساعة، وتضمن بصراحة طلباً كردياً بوقف الضربات لمقرات "بي كي كي"، خصوصاً أن قوات الأخير تساهم بفعالية في حماية أربيل المحاذية للموصل، وتلعب دوراً مهماً في (كوباني) وأماكن استراتيجية أخرى، ويمكن القول إن مجمل ما حصل، يُعزز من فرص التصادم بين تركيا وإيران، بسبب ضرب الغارات على معاقل "بي كي كي".

شارك