ماذا تستهدف تركيا من إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا؟
الثلاثاء 28/يوليو/2015 - 09:53 م
طباعة

كشفت الإجراءات العسكرية التي اتخذتها تركيا أخيراً في سوريا، مدى ما تريده الدولة التي باتت تنفذ أجندة التنظيم الدولي للإخوان في المنطقة، من تلك الضربات الجوية، التي زعمت أنها ضد معاقل تنظيم "داعش"، ثم تطور الأمر إلى أن شملت الضربة أكراد سوريا.
وعلى الرغم من تواتر أنباء قوية عن تخطيط "تركي – سعودي – قطري) إلى توجيه ضربة عسكرية إلى سوريا لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، والعمل على توفير غطاء جوي لما أسموه المعارضة المعتدلة، إلا أن تقارير أمنية قالت إن الهدف الرئيس من الضربة التركية وإنشاء منطقة أمانة في شمال سوريا، هو تجريد كل أشكال الأسلحة من الأكراد المتمركزين في شمال سوريا، ويسببون حرجاً لحكومة اسطنبول.

من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تسعى لاتخاذ الخطوة الأولى لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، وأوضح أردوغان في مؤتمر صحفي قبل توجهه إلى الصين، اليوم الثلاثاء "يكمن هدفنا في تهيئة القاعدة لإقامة منطقة آمنة، وفي المرحلة الأولى يتعين علينا تطهير المنطقة من عناصر "داعش"، وبذلك ستتم إقامة البنية التحتية الضرورية للمنطقة الآمنة، بما يتيح لـ1.7 مليون سوري العودة إلى منازلهم".
فيما حذرت العديد من التقارير من أن استهداف الضربات العسكرية التركية لأكراد العراق من شأنه أن يعقد الحرب على تنظيم داعش والمتطرفين في العراق، حيث إنها تعتمد على القوات البرية الكردية في تحقيق مكاسب على الأرض ضد هذه الجماعات الإرهابية التي تسيطر على مساحات واسعة من البلاد.

كانت تركيا قد أبرمت اتفاق سلام مع حزب العمال الكردستانى شمال العراق، في 2013، حيث بدأت في مهاجمة القوات الكردية شمال العراق، وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن هذه الهجمات تهدف إلى إقامة "منطقة خالية من داعش" في شمال سوريا، لكنه لم يعط تفاصيل عن مدى هذه المنطقة الآمنة في سوريا وكيف سيتم الحفاظ عليها، وأضاف أن القوات التركية نفذت هذه الضربات بعلم الإدارة الأمريكية لكن دون تدخل من جانب الولايات المتحدة.

وفي محاولة لترضية تركيا ودعمها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وصفت واشنطن حزب العمال الكردستانى بالإرهابى، كما وصف مسئول بالبيت الأبيض حزب العمال الكردستانى بالإرهابى، مدينا في الوقت نفسه الهجمات التي شنها الحزب على القوات التركية.
وحمل أوغلو حزب العمال الكردستانى مسئولية 281 حادثا إرهابيا خلال 3 سنوات، وأكد أن حزب العمال الكردستانى يشكل تهديدا خطيرا لصميم الديمقراطية في تركيا"، مشيراً إلى أن هذه الجماعة كانت مسؤولة عن 281 حادثا إرهابيا وقعت في الأسابيع الثلاثة التي تلت إعلان تخليها عن الالتزام بوقف إطلاق النار القائم منذ ثلاث سنوات.

من جانبها، طالبت إيران باحترام السيادة الوطنية للدول، وردا على الغارات التركية في سوريا دعت إيران إلى احترام "السيادة الوطنية" للدول في إطار "تعاون دولي لمكافحة الإرهاب"، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم ردا على سؤال بشأن الغارات الجوية التركية في سوريا إن "محاربة الإرهاب يجب أن تتم ضمن احترام القوانين الدولية والسيادة الوطنية للدول"، مضيفة "أن أي عمل يؤدى إلى إضعاف الحكومات الوطنية قد يشجع في الواقع المجموعات الإرهابية على تنفيذ أعمالها الإجرامية".

اللافت أن أنقرة كانت حريصة على التنسيق مع واشنطن، وكشف الرئيس التركي أنه بحث مع نظيره الأمريكي باراك أوباما خلال المكالمة الهاتفية التي جرت الأربعاء الماضي، الإجراءات التي اتخذتها أنقرة في هذا الاتجاه، وتابع: "لن نتراجع في معركتنا ضد الإرهاب، إنها عملية متواصلة، ونحن سنستمر فيها بالقدر نفسه من الحزم"، وأكد أن تركيا قادرة على محاسبة الإرهابيين على دم القتلى الذين سقطوا في الهجمات الأخيرة.
وتابع أنه يتوقع أن يعلن حلف الناتو الذي عقد الثلاثاء اجتماعا طارئا، عن استعداده لاتخاذ "الإجراءات الضرورية" في سياق إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، دون أن يكشف عن مزيد من التفاصيل.

وأضاف: "إذ تعرض أي عضو في الحلف لهجوم، فيقدم الناتو له المساعدات الضرورية. واليوم تعرضت تركيا لاعتداء، ونحن نستخدم حقوقنا للدفاع عن أنفسنا، وسنتمسك بها حتى النهاية".
وقال مسئول لوكالة "أ ف ب" خلال مرافقته للرئيس باراك أوباما في زيارة إلى أثيوبيا، إن "الهدف هو إقامة منطقة خالية من تنظيم الدولة الإسلامية وضمان قدر أكبر من الأمن والاستقرار على طول الحدود التركية مع سوريا".
وأضاف المسئول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنه "لا يزال يتعين العمل على وضع تفاصيل" هذه المنطقة، مؤكدا في الوقت نفسه أن "أي جهود عسكرية مشتركة لن تشمل فرض منطقة حظر طيران" وهو ما تطالب به تركيا منذ فترة طويلة.
من جانب آخر، قال أمين عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ إن الحلف لا يشارك في الجهود التي تبذلها تركيا لإقامة منطقة آمنة على الحدود السورية-التركية.
وقال بعد اجتماع طارئ عقده مجلس الناتو على مستوى السفراء اليوم الثلاثاء في بروكسل: "إن الناتو، كحلف، لا يشارك في جهود تركيا الرامية إلى إقامة منطقة عازلة على الحدود السورية بغية التصدي للخطر الذي يشكله تنظيم "داعش"، بل يدور الحديث عن مبادرة ثنائية لتركيا والولايات المتحدة".
وتابع ستولتنبرغ أن تركيا لم تطلب من الناتو زيادة الوجود العسكري للحلف في أراضيها، وأضاف: "لم تطلب تركيا أي وجود عسكري إضافي للناتو في أراضي البلاد. إننا نعرف أن أنقرة حليف موثوق به، ولها قوات مسلحة تتميز بقدرات كبيرة وهي الثانية من حيث عدد أفرادها بين جيوش دول الحلف".