هل يُسقط تحالفُ عشائر الرمادي "داعش" في الأنبار؟
الأربعاء 29/يوليو/2015 - 04:39 م
طباعة

تشكل عشائر محافظة الأنبار أحد أهم عناصر الحسم في معركة الرمادي ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، فبالإضافة إلى قوات الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي تستطيع العشائر إحداث أكبر قدر من الخسائر في داعش، في حال استمرار الضغط عليها وتكثيف الضربات الجوية على تجمعات التنظيم الدموي.

ولكن هناك عدة مشاكل تواجه عشائر الأنبار، على رأسها:
1- عدم وجود "قيادة موحدة" أو مركزية لقبائل الأنبار التي تحارب "داعش" منذ العام الماضي.
2- شكل وطبيعة التعاون مع "هيئة الحشد الشعبي"، وهو الأمر الذي جعل نحو 6 آلاف متطوع من قبائل الأنبار، ينضمون إلى الحشد وليس إلى ميليشيات القبائل.
3- عدم وجود غطاء قانوني لمقاتلي العشائر، وهو ما دفع مجلس عشائر الأنبار إلى مطالبة الحكومة الاتحادية بتوفير غطاء قانوني لمقاتليه؛ ضمانًا لعدم ملاحقتهم بعد استقرار الأوضاع الأمنية في المحافظة بدعاوى كيدية.
4- معاناة عشائر محافظة الأنبار من عدم تسليحها من قبل الحكومة العراقية.

وقال فيصل العسافي رئيس مجلس عشائر الأنبار: إن “مقاتلي مجلس العشائر المنتفضة ضد داعش مستعدون للقيام بالمهام الأمنية، إلى جانب قوات الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى لتحرير مناطق المحافظة من سيطرة داعش، لكن على الحكومة الاتحادية البدء في توفير الغطاء القانوني لعملنا، ونحن نخشى أن يتعرض المقاتلون ممن يتصدون لعصابات داعش الإرهابية بعد استقرار الأوضاع الأمنية في الأنبار إلى الملاحقة القضائية بدعوى كيدية، وإن الحكومة الاتحادية مطالبة بتوفير الغطاء القانوني للمقاتلين، وإن مجلس العشائر يتقاطع من مجلس محافظة الأنبار، وهو يرى بأن المجلس أحد أبرز الأسباب التي قادت إلى تدهور الأوضاع الأمنية في الأنبار وسيطرة الإرهابيين على مناطق عديدة في المحافظة.
وحول عدم توحد العشائر قال الشيخ سعد أبوريشة: "إن عشائر الجغايفة والبونمر وغيرها من العشائر تقاتل منذ عامين تقريبًا في جبهات متعددة ضد المسلحين.. إن عشائر الأنبار متوحدة، وإن داعش وحدت عشائر الغربية من حيث لا تعلم".

وهو الأمر الذي نفاه الشيخ سعد، الذي ينحدر من عشيرة عرفت بمقاتلتها للقاعدة عام 2006، قائلا: "لا فائدة كبيرة من إعلان تحالفات عشائرية، متسائلا: ماذا ستقدم الحكومة لتلك العشائر فيما لو أعلنت إنشاء قيادة موحدة؟".
وتابع: "الحكومة أغلقت أذنيها منذ أشهر عن مطالبات دعم مقاتلي العشائر ضد داعش، وإن عشائر الأنبار رفضت مؤخرًا تدخل الجيش الأردني لمقاتلة داعش، أو حتى تسليح العشائر، وإن العراق قادر على دحر الإرهاب بدون مساعدة، وإن تلك الاقتراحات قدمت من رئيس أركان المملكة مشعل الزين الذي زار بغداد في وقت سابق من العام الجاري".
وقال الشيخ رافع الفهداوي زعيم قبيلة البو فهد: إن "العشائر التي تحارب داعش لا تعقد مؤتمرات في خارج البلاد، وإن قبائل الأنبار تحارب في غربي وجنوبي المحافظة منذ العام الماضي، ولا تحتاج إلى أن تقول بأنها ضد داعش، وما زال التسليح والدعم الحكومي ضعيف لمقاتلي العشائر، ونأمل أن يزداد اهتمام الحكومة بأبناء العشائر خصوصًا، وإن أغلبهم الآن دخل ضمن هيئة الحشد الشعبي".

ورفض غسان العيثاوي أحد شيوخ عشيرة البوعيثة فكرة توحد العشائر لمقاومة داعش في الأنبار قائلا: "ليس من مصلحة الأنبار إيجاد مركز قيادة أو تجمع واحد للعشائر، وستحدث حالة من التنافس على زعامة مثل هكذا تجمعات، ولن نخرج بنتيجة مفيدة، ونفضل الاندماج في إطار رسمي حكومي ونغادر التجمعات العشائرية".
وكشف عن استيعاب هيئة الحشد نحو 6 آلاف مقاتل عشائري في الأنبار بشكل رسمي، وتلقوا تدريبات بإشراف مستشارين أمريكان، ويشارك عدد من المتخرجين مع القوات الأمنية بإمساك الأرض، وصد الهجوم في مناطق حصيبة والخالدية، شرقي الرمادي. لكن بعضهم لم يستلم رواتبه، وأن الأسلحة التي وعدوا بتسلمها لا تفي بحجم المعركة، وأن هناك أعدادًا أخرى من مقاتلي العشائر ما زالوا يحافظون على مدنهم، لكنهم غير منخرطين في "هيئة الحشد"، وسيصل تعدادهم إلى أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل.

يأتي ذلك في الوقت الذي تعاني فيه عشائر محافظة الأنبار من عدم تسليحها من قبل الحكومة العراقية، وتأمل بتسليحها لمواجهة التنظيم، لكنها تشكو من التمييز مقارنة بقوات الحشد الشعبي ويقول شيوخ العشائر إنهم لم يحصلوا خلال عام و7 أشهر على أي شيء، بما في ذلك الرواتب، رغم فقدان بعض الأسر أبناءها خلال الحرب ضد "داعش"، كما تشكو العشائر من قلة السلاح الذي لا يقارن بما حصلت عليه قوات الحشد الشعبي من صواريخ وقاذفات صواريخ ومدافع رشاشة وذخيرة وآليات، وإن الحكومة العراقية غير جادة في استقبال المتطوعين وتسليح أبنائها.

ونفت الحكومة على لسان المتحدث الرسمي باسمها، سعد الحديثي ما يقال عن تأخر تسليح عشائر الأنبار وشكوك بعض الأطراف في القيادة العراقية بولاء العشائر السنية، قائلة: إن كل ما يطرح بهذا الشأن ليس صحيحًا على الإطلاق، ولا توجد أسباب طائفية أو سياسية في الأمر، والدعم قدم، وبدأ يتصاعد للعشائر، وهناك انخراط فعلي للآلاف من أبنائها في القتال إلى جوار القوات المسلحة في مناطق القتال ضد التنظيم، وإن هناك آلاف آخرين ينتظرون دورهم من أجل التدرب والتأهيل في مراكز التطوع والتدريب، ورفض مراكز ومعسكرات التدريب استقبال المتطوعين من العشائر في بعض الأحيان يعود إلى رغبة الحكومة في تنظيم عملية التطوع، وعدم تسليم السلاح إلا عبر القنوات الرسمية لضمان عدم تسربه لأي جهة.

ويأتي هذا الجدل وسط تقدم ملحوظ للقوات الأمنية في الأنبار وما استطاعت تحقيقه من تقدم استراتيجي بتحرير مبنى جامعة الأنبار قرب مدينة الرمادي من سيطرة تنظيم "داعش"، وقيام قوات العشائر بتضييق الخناق على المتواجدين في مدينة الرمادي، وبدأ قادة العشائر يلوحون بحسم المعارك في المدينة، ولكن تبقى الحقيقة الراسخة أن حسم المعارك يجب أن يكون مع استمراريتها وعدم توقفها، وكذلك تكثيف الضربات الجوية على تجمعات داعش ومخازن أسلحته وأن هذا الأمر لم يتحقق بدون دعم وتوحد العشائر داخل محافظة الأنبار التي تعد أكبر محافظات العراق مساحة، ويبلغ إجمالي عدد سكانها مليون و900 ألف نسمة معظمهم من العشائر السنية .