بعد فشل الوساطات الدولية.. السوريون يرفعون شعار "لا صوت يعلو على الدم"
الخميس 30/يوليو/2015 - 12:18 م
طباعة

بعد جولات عدة من المفاوضات بين الأطراف السورية المتصارعة اعترف ستيفان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا بأن السوريين ليسوا مع الحل السياسي، واقترح دعوة السوريين للمشاركة في مجموعات عمل تشرف عليها المنظمة الدولية لحل أربع قضايا كبرى في ظل عدم استعداد أطراف الصراع لإجراء مفاوضات سلام رسمية، وأنه يتعين على الأطراف السورية بدء المحادثات مع بعضهم البعض، واتخاذ قرار بشأن كيفية المضي قدمًا بشأن كيفية تنفيذ بيان جنيف عام 2012، والذي وضع أسس عملية السلام في سوريا.

وأبلغ المبعوث الدولي أعضاء مجلس الأمن أن مجموعات العمل المقترحة ستركز على أربعة مجالات هي: السلامة والحماية، بما في ذلك إنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات الطبية، والمسائل السياسية والدستورية، مثل إنشاء هيئة الحكم الانتقالي والانتخابات؛ والمسائل العسكرية والأمنية، بما في ذلك مكافحة الإرهاب ووقف إطلاق النار، والمؤسسات العامة والتنمية، مع التركيز على كيفية تقديم الخدمات العامة. وإنه لا يوجد بعد توافق" حول انتقال سياسي في سوريا، إلا أن الأمم المتحدة "مجبرة" على مواصلة جهودها.
وعرض دي ميستورا للمرة الأولى أمام مجلس الأمن نتائج أشهر من المشاورات مع الفرقاء السياسيين في الأزمة السورية، بينهم عدد من دول المنطقة، وخلص إلى أن "العديد منهم أبلغونا بعدم الدعوة إلى مؤتمر جنيف-3؛ لأن الأوضاع لم تنضج بعد، ورغم وجود أرضية مشتركة بين الأطراف السورية فإننا يجب أن نتحلى بالصراحة مع أنفسنا، وهناك أسئلة بشأن تحويل السلطة التنفيذية إلى هيئة انتقالية لا تزال هي أهم عناصر الانقسام في الوثيقة".

حديث دي ميستورا يؤكد بالفعل على أن الأطراف السورية غير جادة في حل الأزمة، وأنها تتجه إلى المزيد من إهدار دما السوريين التي أكدت الإحصائيات الدولية بأن عدد القتلى والجرحى الذين سقطوا في سوريا، منذ 18 مارس عام 2011 وحتى الآن، نحو مليوني قتيل وجريح، ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان "استشهاد ومقتل ومصرع 210060 شخصاً، منذ انطلاقة الثورة السورية منذ أول شخص في درعا؛ حيث كان مقتله الشرارة التي أشعلت الثورة ضد النظام السوري، وحتى تاريخ 5 فبراير 2015".
وصنف المرصد القتلى على النحو التالي: المدنيون:100973، بينهم 10664 طفلاً، و6783 أنثى فوق سن الثامنة عشرة، و35827 من مقاتلي الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية والمنشقون المقاتلون بلغت خسائرهم 2498 أما خسائر قوات النظام السوري البشرية فبلغت 45385 قتيلا بالإضافة إلى 29943 من عناصر جيش الدفاع الوطني وكتائب البعث واللجان الشعبية والحزب السوري القومي الاجتماعي و"الجبهة الشعبية لتحرير لواء إسكندرون" ومن أسماهم المرصد بـ "الشبيحة، والمخبرين الموالين للنظام". في حين بلغت خسائر حزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانب الجيش السوري 640 قتيلا.

ووثقت أحدث إحصائية للمرصد مقتل 2502 من الموالين "للنظام من الطائفة الشيعية من جنسيات عربية وآسيوية وإيرانية، ولواء القدس الفلسطيني، ومسلحون موالون للنظام من جنسيات عربية"، في حين بلغت الخسائر البشرية في صفوف الكتائب الإسلامية المقاتلة، والدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" وجبهة النصرة "تنظيم القاعدة في بلاد الشام" وجنود الشام، وجند الأقصى، وتنظيم جند الشام، والكتيبة الخضراء، من جنسيات عربية وأوربية وآسيوية وأمريكية وأسترالية 24989 قتيلا، ومن بين القتلى هناك 3130 قتيلا مجهولي الهوية.
وأشار إلى أن هذه الإحصائية "لا تشمل مصير أكثر من 20000 مفقود داخل معتقلات قوات النظام وأجهزته الأمنية، وآلاف آخرون فُقِدوا خلال اقتحام قوات النظام والمسلحين الموالين لها لعدة مناطق سورية، وارتكابها مجازر فيها، كما لا تشمل أيضاً، مصير نحو 7000 أسير من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وأكثر من 2000 مختطف لدى الكتائب المقاتلة والكتائب الإسلامية وتنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة، بتهمة موالاة النظام، ولا تشمل أيضاً مصير أكثر من 1500 مقاتل، من الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة وتنظيم الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة ووحدات حماية الشعب الكردي، والمسلحين المحليين الموالين لهذه الأطراف، الذين أسروا خلال الاشتباكات الدائرة بين هذه الأطراف، ولا تشمل أيضاً، مصير نحو 4000 مختطف من المدنيين والمقاتلين في سجون تنظيم الدولة الإسلامية، بينهم المئات من أبناء عشائر ريف دير الزور، الذين اختطفهم التنظيم من مناطقهم."

وقدر المرصد عدد الذين لقوا حتفهم من المقاتلين من كافة الأطراف المتصارعة بنحو 85 ألفًا، وأن هناك تكتم شديد من قبل كافة الأطراف على خسائرها، بالإضافة إلى أنه لم يتمكن من معرفة مصير نحو 40000 معتقل ومختطف وأسير وأن أكثر من مليون ونصف المليون مواطن سوري أصيبوا "بجراح مختلفة وإعاقات دائمة، وشرد أكثر من نصف الشعب السوري، بين مناطق اللجوء والنزوح، ودمرت البنى التحتية والأملاك الخاصة والعامة، خلال الأشهر الـ 47 الفائتة."
هذا الرقم الهائل من القتلى والمصابين والمشردين لم يُسهم ولو بقدر ضئيل في استجداء رحمة الاطراف المتصارعة من أجل الحل السلمي للأزمة بل خرج العديد من أطراف الأزمة بالعديد من التصريحات التي تؤكد على اختيارهم العنف والقتال وعدم النظر إلى الحل السلمى حيث قال مصدر سوري إنه "لا انزياح مطلقًا لمواقف النظام في مواجهة المعارضة، ولا تنازلات أساسية في أي مفاوضات، حتى لو اجتمع العالم أجمع؛ لأن الصراع الدائر هو صراع وجود بالنسبة للنظام وحلفائه في الداخل والخارج ونجدد التأكيد على ولاءاتنا الأساسية، وهي بشكل رئيسي، لا إعادة لتشكيل الأجهزة الأمنية، لا لأي تنازل من صلاحيات منصب رئيس سوريا، ولا تعديل في الدستور الحالي، لا إعادة لهيكلة الجيش".

وأضاف أن "الطائفة العلوية مختلفة فيما بينها بشأن أوضاع البلاد، لكنها متفقة على شخص الرئيس بشار الأسد، باعتباره الضامن الوحيد لوحدة واستمرارية النظام، ويمكن اعتبار هذه رسالة للحلفاء والأعداء على حد سواء؛ حسمًا لأي جدل في الأوساط السياسية والعسكرية، وأن مرشد الثورة الإيرانية علي الخامنئي، هو ضمانة كبيرة للرئيس الأسد ونظامه، وهو لا يهادن في ذلك ويدعم بكل القدرات والسبل".
وردت المعارضة على لسان ريما فليحان عضو وفد المعارضة السورية لمفاوضات “جنيف 2″ أن "نظام بشار الأسد لا يملك أي حل سياسي ولا يريد أيضًا أن يكون له هذا الخيار؛ لأنه متمسك بالحل العسكري والأمني واستمرار دوامة العنف في سورية ونحن نأتي إلى الدورة الثانية من مفاوضات جنيف 2؛ لأننا نريد أن نثبت للعالم أن المعارضة جدية في حل سياسي مدعوم من الداخل السوري والمجتمع الدولي يؤدي إلى رحيل النظام الذي يقتل الشعب السوري ويدمر سورية ويتصرف كنظام احتلال".

ريما فليحان عضو وفد المعارضة السورية
وأضافت: "نحن مع بيان جنيف واحد الذي ينص على إنجاز وإنجاح آلية لتطبيق بنوده من خلال هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2118؛ ولذلك سنعيد التأكيد وطرح هذه المسألة الجوهرية، ونحن لا نقول: إن هناك نتائج مباشرة لمفاوضات جنيف لكن ولأول مرة النظام يأتي ليفاوض على رحيله مهما قال، وأعلن في وسائل الإعلام أنه يريد التحدث في قضايا أخرى، لكنه هو هنا بعد موافقته على جنيف واحد، وأن النظام الأسدي يقتل السوريين ويحاصرهم ويرتكب جرائم ضد الإنسانية من خلال تجويعه للأهالي المدنيين”.
هذه التصريحات بما فيها من تشدد تمثل أحد أطراف الصراع التي تتفاوض بالفعل على خلاف الأطراف الإسلامية المتشددة، وعلى رأسها داعش والنصرة التي ترفض الحل السلمي من الأساس، وبالتالي هذا الأمر يؤكد على أن الأطراف السورية كافة اختارت الدم كسبيل وحيد للحل ولو كان على جثث ملايين السوريين.