الإمارات تحارب "الإرهاب" بالقانون ودعم الاعتدال بالمنطقة
الأحد 02/أغسطس/2015 - 01:35 م
طباعة

تخوض الإمارات العربية المتحدة حربًا حقيقية ضد الجماعات الإرهابية؛ وذلك بسبب مواقفها الداعمة للاعتدال في العالم العربي والإسلامي، وهو ما دفع هذه الجماعات الظلامية إلى محاولة بث الفتنة في الداخل الإماراتي من خلال التخطيط لعمليات إرهابية، ولكن يقظة الدولة الإماراتية حالت دون ذلك، بعد أن قامت السلطات الإمارتية بالقبض على خلية للقاعدة تضم سبعة أشخاص عرب حاولت القيام بأعمال تهدد أمن البلاد، وتقوم بتجنيد أشخاص والترويج لأعمال التنظيم، وتسعى لمد نشاطها إلى دول إقليمية، وكانت الخلية تخطط للقيام بأعمال تمس أمن الوطن وسلامة مواطنيه والمقيمين على أرضه، وتقوم بتجنيد أشخاص والترويج لأعمال تنظيم القاعدة، وأنها كانت تمد تنظيم القاعدة بالأموال، وتقدم له الدعم اللوجستي، وتسعى لمد نشاطها إلى بعض الدول الإقليمية".

وقامت النيابة العامة الإمارتية بإحالة 41 متهماً من جنسيات عدة، بينهم إماراتيون إلى المحكمة الاتحاديـة العليا في قضية الانتماء إلى تنظيم إرهابي، وأكد سالم سعيد كبيش النائب العام الإماراتي، بأنه تمت إحالة المتهمين إلى المحكمة الاتحادية العليا، بعد أن أسفرت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة عن أنهم أنشئوا، وأسسوا وأداروا جماعة إرهابية داخل الدولة بمسمى "مجموعة شباب المنارة" تعتنق الفكر المتطرف بغية القيام بأعمال إرهابية داخل أراضيها وتعريض أمنها وسلامتها وحياة الأفراد فيها للخطر، بما في ذلك قيادتها ورموزها وإلحاق الضرر بالمرافق العامة والخاصة؛ بهدف الانقضاض على السلطة في الدولة لإقامة "دولة خلافة مزعومة" على نحو يتفق وأفكارهم ومعتقداتهم كما أعدوا الأسلحة النارية والذخائر والمواد التفجيرية اللازمة بأموال جمعوها لتنفيذ أهدافهم وأعمالهم، وتواصلوا مع منظمات وجماعات إرهابية خارجية وأمدوها باللازم من الأموال والأشخاص للاستعانة بهم في تحقيق أهدافهم.

والسلطات الإماراتية لا تكف عن جهودها لمكافحة الإرهاب داخل أراضيها، فقد سبق وأعلنت في نهاية عام 2012 عن تفكيك خلية تضم سعوديين وإماراتيين كانوا يخططون لتنفيذ هجمات "إرهابية" في البلدين وفي دول أخرى "شقيقة"، ووصفت السلطات حينها أعضاء الخلية بأنهم "من الفئة الضالة"، وفي 2010، حاكمت محكمة أمن الدولة الإماراتية في أبوظبي شقيقين باكستانيين بتهمة "إدارة تنظيم جهادي في الإمارات وبإقامة اتصالات مباشرة مع مسئول بارز في القاعدة، كما بدأت محكمة أمن الدولة في 20 مارس محاكمة 94 مواطناً من التيار الإسلامي بتهمة التآمر على نظام الحكم في البلاد، وهم أعضاء أو مقربون من جمعية الإصلاح الإسلامية المحظورة المرتبطة بالإخوان المسلمين، كما ألقت السلطات الإماراتية القبض على مجموعة تضم 11 وافداً مصرياً على الأقل بتهمة قيادة خلية للإخوان المسلمين تعمل على تجنيد مصريين وجمع معلومات تتعلق بالدفاع وإرسال أموال بشكل غير شرعي إلى الجماعة في مصر، فضلاً عن الارتباط بمجموعة الإسلاميين الإماراتيين الذين تتم محاكمتهم.

الإمارات تستخدم عدة طرق أخرى لمكافحة الإرهاب، منها ما يطلق عليه "المناصحة" لاحتواء الإرهاب في محاولة اتبعتها الدولة لإثناء أعضاء التنظيمات السرية عن الفكر المتطرف؛ مما يؤكد على نهج الإمارات في دعم مبادئ الاعتدال والتسامح، لتحصين الشباب من الوقوع في براثن القوى الظلامية.
وأكد الدكتور عبدالخالق عبدالله خبير العلوم السياسية على أن «الحرب ضد (داعش)، والتنظيمات المتطرفة، ينبغي أن تكون حربنا نحن، لا حرب الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، و50 دولة أخرى، فهي معركة إسلامية سنية عربية، ولا بد أن نكون في مقدمة الدول التي تواجه (داعش) عسكريًّا؛ لأنه أكثر خطورة على قيمنا من تنظيم القاعدة المتطرف، وأن الإمارات دخلت هذه المعركة دفاعاً عن أمنها واستقرار المنطقة، وهي واثقة من نفسها في ذلك، مطمئنة إلى أمنها وسلامة أراضيها وحدودها، وأعدت نفسها مسبقاً قبل أن تأخذ هذا المنحى، كما ندرك جيداً أن لا أحد يستطيع أن يستهدف أمن واستقرار الدولة الخليجية الناجحة».

وتابع الحل العسكري أمر كان لا بد منه؛ لأن خروج داعش كان قوياً، وهدد عواصم عربية، خصوصاً بغداد، فضلاً عن أنه على مقربة من الحدود السعودية، وكان لا بد أن يتخذ قرار المواجهة العسكرية أولاً، والتحالف إقليمياً وعالمياً لمنع تمدد هذه الحركة المتطرفة، ولا أستبعد أن يستمر الحل العسكري عاماً كاملاً وبمجرد دحرها عسكرياً، سيظهر ضلع موازٍ يتمثل في الحل السياسي، وضلع ثالث فكري وعقائدي، ولا شك في أن دول الخليج ستتمكن من هزيمتها ومن على شاكلته، فمنطقة الخليج تعيش مخاطر كبيرة، ففي الماضي كنا نعيش إلى جوار براكين خاملة، بينما الآن هي براكين نشطة، والإمارات دولة تدافع عن الاعتدال، وتواجه التطرف بأنواعه .
واعتبر أحمد علي الزعابي رئيس اللجنة التشريعية في المجلس الوطني الاتحادي أن القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية الذي، أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بمثابة انتباه مبكر من الدولة لمخاطر الإرهاب، وصدر بما يتناسب مع الشخصية الإماراتية وإن الدولة استطاعت، بموجب القانون المعدل للإرهاب، أن تحصل على قوة رادعة في مواجهة التطرف بأنواعه، سواء على مستوى تنظيمي أو فردي، كما يمكن القانون الجديد مؤسسات الدولة من المواجهة المسبقة لمشروع الإرهابي المحتمل، بأن شرع اتحادياً بإنشاء مراكز مناصحة، يمكن من خلالها التدخل لاحتواء من ظهرت عليهم بوادر التطرف الفكري والعنف.

وتابع: "تدخل الإمارات عسكرياً، ضمن تحالف دولي ضد إرهاب داعش، قرار سياسي يحدده ولي الأمر، ونحن في مجتمع الإمارات ندعم هذا التوجه وندعم قيادتنا، فـ(داعش) يمثل خطراً إقليمياً ينبغي الوقوف والتحالف ضده، ونحن نجحنا في أن نحصن الدولة ضد أي اعتداءات خارجية أو داخلية من خلال قانون الإرهاب، الذي جاء في وقته لمواجهة كل الأفعال المادية التي تحوي مضموناً إرهابياً وبموجب القانون المعدل، تستطيع الدولة مناصحة الأشخاص ومتابعتهم، من خلال نشاطهم على شبكات التواصل الاجتماعي، كأن ينشر شخص معلومات تحوي تطرفاً فكرياً، أو مخاطر ضد المجتمع، مثل تصنيع القنابل وغيرها، وهدفنا الرئيس أن نقوِّم هذا الشخص ونبعده عن هذه السلوكيات العدوانية، وليس معاقبته".

واعتبر الخبير العسكري المصري، اللواء متقاعد حمدي بخيت، أن "استراتيجية الإمارات في مواجهة التطرف والإرهاب الإقليمي واقعية، مستندة إلى إدراك الدولة أن الإرهاب ليس له وطن وعابر للحدود، كما تنبهت الإمارات جيداً إلى فكرة مقاولي الإرهاب، الذين يتبعون بصورة أو بأخرى جماعة الإخوان، ويخوضون حروباً بالوكالة عنها، وأن كل قوى الهمجية والتطرف الإقليمية تتدثر بعباءة الدين، بينما في الحقيقة هي تسعى إلى تفتيت المنطقة على أبعاد دينية وطائفية وعرقية ومذهبية، وتحاول جر القوات المسلحة الإقليمية إلى حروب جانبية، وهؤلاء المقاولون انتشروا في دول كثيرة، ويستهدفون زعزعة الأمن في المنطقة".
وبذلك تكون الإمارات العربية المتحدة وعلى الرغم من النشاط الدامي لتنظيم القاعدة وداعش في بعض دول الجوار لا سيما السعودية واليمن والعراق وسوريا خلال السنوات الأخيرة، قد ظلت بمنأى عن أي هجمات للتنظيمات المتطرفة لتعد من الدول الأكثر استقرارًا وانفتاحًا في المنطقة العربية.