معركة جديدة بين المؤسسة الدينية وما يسمى بجبهة علماء الأزهر
الإثنين 03/أغسطس/2015 - 04:26 م
طباعة

في الآونة الأخيرة توسعت حملات وزارة الأوقاف المصرية على بعض الدعاة والأئمة والجمعيات الداعمة للتنظيمات الإرهابية، وجاءت آخرها مطالبة الوزير محمد مختار جمعة، باعتبار جبهة علماء الأزهر (تأسست عام 1936)، "تنظيمًا إرهابيًا"، بدعوى أنها "تسيء للدين والوطن".
وطالب مختار جمعة، في بيان صدر عنه السبت الأول من أغسطس 2015، بإدراج الجبهة ضمن قوائم الكيانات الإرهابية؛ نظرًا لما "تبثه عبر موقعها الإلكتروني من جرائم الإرهاب الإلكترونية"، على حد تعبيره.
و"جبهة علماء الأزهر" تأسست بالقاهرة عام 1946، قبل تأسيس مجمع البحوث الإسلامية، ثم توقفت في أواخر الثمانينيات وعاودت نشاطها عام 1994، ومنذ عام 2000 اختفت الجبهة حتى عاودت الظهور مرة أخرى من الكويت، وأطلقت موقعًا إلكترونيًّا، مُعلنةً إحياء نشاطها ورسالتها.

وقال وزير الأوقاف في البيان أيضًا: إن "الجبهة تسيء للدين والوطن، وتستغل اسم الأزهر الشريف وهو منها براء، ولأن من يستغلون هذا الاسم هم عناصر إخوانية متطرفة".
كما طالب باتخاذ "مواقف سريعة وحاسمة تجاه كل من يثبت انتماؤه لهذه الجبهة المحظورة أو عضويته بها أو تأييده لها، وكذلك من يثبت انتماؤهم إلى الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وكل من يوقعون على أي بيانات إرهابية ضد الدين أو الوطن"، بحسب قوله.
وفي سياق متصل، قرر القطاع الديني بوزارة الأوقاف برئاسة الشيخ محمد عبد الرازق عمر إيقاف عدد من قيادات الوزارة ببعض المحافظات، من ضمنها محافظة الفيوم، بدعوى "دعمهم للإرهاب"، لافتًا إلى أن "جماعة الإخوان عيّنت عددًا من الكوادر دون أي سابقة عمل له بوزارة الأوقاف".
وفصلت الأوقاف ثلاثة كوادر بالوزارة هم "مدير الأوقاف في بني سويف، ومدير أوقاف البحيرة، ومفتش الأوقاف بمحافظة البحيرة، ومنع الثلاثة من اعتلاء المنابر أو أداء الدروس الدينية بالمساجد".
وقالت الأوقاف في بيان لها: "إن منع الثلاثة سيكون لحين انتهاء التحقيقات، وبيان ما إذا كان ما يقومون به يستدعي فصلهم من العمل أو إحالتهم إلى أعمال إدارية".
وتقود وزارة الأوقاف خلال الفترة الحالية حملة لمصادرة كتب عدد من الدعاة بسبب ما تصفه "أفكارهم التكفيرية ودعمهم للإرهاب"، وشملت القائمة كتب الدكتور يوسف القرضاوي وسيد قطب وحسن البنا، وعدد آخر من المشايخ والأئمة المحسوبين على التيار الإسلامي.

نص بيان وزير الأوقاف
أكد وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة أن ما كان يسمى بـ "جبهة علماء الأزهر" قد انحلت بحكم القانون سنة 1999م بعد أن سيطر عليها أعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، وأطاحوا بـ أ.د/ محمد السعدي فرهود رئيس جامعة الأزهر السابق، الذي كان قد أعاد تأسيسها والذي شرفت بإشرافه عليّ في رسالة الدكتوراه، وبمجرد سطو الإخوان على الجبهة في أول انتخابات لها قام أ.د/ السعدي فرهود ومعه كل العلماء الوسطيين ونحن معه بترك الجبهة نهائيًا ولم يعد لأي منا صلة بها، وبما أن الجبهة كلها صارت غير ذي صفة، فلم يعد لها أي كيان قانوني يعتد به، بل صار من يعملون على إحيائها وتوظيفها لمصالحهم الخاصة، كما ذكر أ.د/ حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة السابق وعضو مجمع البحوث وفق ما نشر على بوابة الأهرام من أن أي نشاط للجبهة بعد حلها هو نشاط سري مجرّم، ومن يمارسه باسم الجبهة فهو كاذب يوقع نفسه تحت طائلة القانون.
وما زلت عند رأيي بأن من يستغلون اسم الجبهة بعد حلها وتوظيف ارتباط اسمها باسم الأزهر الشريف هم عناصر إخوانية إرهابية تعمل لصالح الجماعة الإرهابية ويجب إدراجهم ككيان إرهابي، بل يجب التحفظ على أموالهم التي يستخدمونها في دعم التطرف، ونحن نبرأ إلى الله (عز وجل) من هذه الجبهة، وممن يستغلون اسم الأزهر الشريف في تحقيق مصالحهم الخاصة.
وأؤكد أن ردّي على هذه الجبهة جاء بعد دعوتها للتظاهر يوم 14 أغسطس بمشيخة الأزهر الشريف، وهي دعوة خبيثة ماكرة ترمي كما جاء وفق بيان الأزهر إلى زعزعة استقرار البلاد، وبما أننا كمؤسسات دينية نقف صفًا واحدًا في مواجهة التطرف والإرهاب، كان ردي على هذه الجبهة المتطرفة التي لا تمت لا للأزهر ولا للأوقاف بأي صلة".

رد الجبهة على وزير الأوقاف
بعد أن انتفت الجبهة مما نسب إليها في حينه من بيان لم يكن لها به صلة، وقد نشر ذلك لها، ولا تزال بعض القنوات تتولى إذاعة هذا النفي عنها،
إذا بوزير الأوقاف يصدر عنه ما صدر وهو كان أحد أعضائها، ولا يزال اسمه مدرجًا في سجلاتها بالجهات الرسمية، ولم يقدم حتى بطلب استقالته من صفوفها، وهي التي لا تزال تجادل عن شرف الأزهر ورسالته بالحق وللحق، ولا تزال قضاياها مع من ظلمها منظورة أمام القضاء وكان الأحرى بسيادة الوزير أن ينشر على العامة ما ظهر له من معالم انحراف أمرها إن كان لديه شيء من أدلة غابت عن الدولة منذ خمسة عشر عامًا، أو يعلن تبريه عن صفوفها، وهي التي- بحمد الله- لا تزال حافلة بالأعلام من شيوخه وزملائه، قائمة برسالاتها وواجباتها على وفق المتيسر لها من وسائل وأسباب، لم تتأخر حتى اليوم عن دعوة من ذي الشأن لرتق الفتق، ورأب الصدع، مما هو مثبت لها بشهادة الكبار في السلطة أو خارجها، ونحن لا يسعنا أمام هذا التجني غير المبرر عليها إلا أن نستعين بالله تعالى على كل من ظلمنا، أو ظن بنا بغير الحق ظن السوء {إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين} [الأعراف: 155].
صدر عن جبهة علماء الأزهر صبيحة السبت 16من شوال 1436هـ الموافق 1 أغسطس 2015.

شيخ الأزهر يرد على جبهة العلماء
فيما دعت جبهة علماء الأزهر إلى الخروج في مظاهرات حاشدة، الجمعة، 14 أغسطس الجاري، للمطالبة بإقالة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، ومؤمن متولي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر.
وقالت الجبهة، في بيان لها: إن «دعوات التظاهر بسبب التدهور الشديد في أوضاع الأزهر الشريف، خاصة بعد النتيجة المتدنية جدًا في شهادة الثانوية الأزهرية بنسبة 28% لأول مرة في التاريخ».
في المقابل، أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بيانًا، الجمعة، حذر فيه من الخروج على الشرعية والدعوات لمظاهرات يوم الجمعة 14 أغسطس، محذرًا من أنها تهدف لزعزعة أمن واستقرار البلاد.
وذكر الطيب أن الأزهر يتبرأ من هذه الدعوات الهدامة، ويؤكد أن ما يسمى «جبهة علماء الأزهر» لا تمت للأزهر بصلة، ولا تعبر عن علمائه ولا تحمل منهجه الوسطي ومبادئه الوطنية التي تقدم مصالح الوطن وتُعليها فوق كل مصلحة شخصية أو حزبية ضيقة، موضحًا أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من ينتمي لهذه المجموعة.
وطالب البيان جموع الشعب المصري بعدم الانسياق وراء هذه الدعوات التخريبية الهدامة التي تنطلق من مصالح خاصة، لا تراعي حرمة وطن ولا دين لبث عدم الاستقرار والفوضى واستغلال ضعاف النفوس للنيل من استقرار مصرنا الغالية وعرقلة مسيرة التنمية.
وشدد الأزهر على أن مثل هذه الدعوات تسعى لإفساد فرحة المصريين في الاحتفال بإنجاز مشروع قناة السويس الجديدة، الذي سيعود بالخير والرخاء على الشعب المصري، مؤكدًا أن المصريين أصبحوا أكثر وعيًا بالمخططات الخبيثة لمثل هذه الجماعات.

البحوث الإسلامية تنفي وجود الجبهة
كما أكدت الأمانة العامة لمجمع البحوث الإسلامية في بيان لها السبت الأول من أغسطس 2015 أنه لا يوجد حاليًا جمعية أهلية باسم جبهة علماء الأزهر، وأن الذين يدعون وجود جمعية بهذا الاسم لا يمثلون إلا أنفسهم، وأن الأزهر الشريف كأكبر مؤسسة دينية إسلامية في العالم يمثله فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والهيئات التي يشملها الأزهر الشريف وعلى رأسها هيئة كبار العلماء.
وأوضح البيان أن جبهة علماء الأزهر تأسست عام1946 م كجمعية أهلية، وتم إشهارها لدى وزارة الشئون الاجتماعية، وقد نص نظامها الأساسي على أن المقصد العام لهذه الجمعية هو إعزاز الإسلام والمسلمين، ورفع شأن الأزهر والأزهريين. وقد ظلت هذه الجبهة تؤدي عملها كجمعية أهلية على النحو الصحيح، حتى انحرفت عن الجادة، وخرجت عن أغراضها، وبدلا من أن تعمل على رفع شأن الأزهر والأزهريين أخذت تنال من الرموز الدينية لهذا المجتمع وكبار علمائه، وغير ذلك من المخالفات، وبناء على ذلك تم حل مجلس إدارة هذه الجمعية وتعيين مجلس مؤقت لها بقرار السيد محافظ القاهرة رقم (381) لسنة1998م، وقد صدر حكم المحكمة الإدارية العليا بصحة قرار السيد محافظ القاهرة المشار إليه، وهو حكم بات لا يقبل الطعن عليه بأي حال، ثم تم تغيير اسم هذه الجمعية من جبهة علماء الأزهر إلى الجمعية الخيرية للعاملين في هيئات الأزهر بتاريخ 1998/4/8 م.

ومن المعروف أنه منذ تولى شيخ الأزهر الراحل د.محمد سيد طنطاوي مشيخة الأزهر عام 1996م، بدأ صراع ضد الجبهة لإصدارها فتاوى ضد رغبة الشيخ، فقام الأخير برفع دعاوى قضائية ضد الجبهة؛ حتى حصل على حكم قضائي نهائي بحلها أواخر عام 1999م. ومنذ عام 2000م اختفت الجبهة حتى عاودت الظهور مرة أخرى من الكويت وأطلقت موقعًا إلكترونيًّا، معلنةً إحياء نشاطها ورسالتها