قراءة في مبادرات حل أزمة سوريا: بقاء الأسد.. وحلف لمحاربة "داعش" أبرز الملامح
الإثنين 03/أغسطس/2015 - 10:22 م
طباعة

عكست التطورات الإقليمية الأخيرة مدى التوافق حول حل الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس دون بوادر انفراجه قريبة، ومن بين أبرز المبادرات التي تم طرحها، للحل المبادرة الروسية التي يتم حالياً مناقشتها في الدوحة مع وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، والسعودي عادل لجبير، والأمريكي جون كيري. في حين تجلت أول نتائج الاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى، على أحد أبرز قضايا المنطقة تشابك، (القضية السورية)، حيث أعلن مساعد وزیر الخارجیة الإیرانی حسین أمیر عبد اللهیان عن إعداد طهران مبادرة مُعدلة لحل الأزمة في سوریا، موضحاً في تصريحات متلفزة أن المبادرة ستطرح للنقاش إقلیمیا ودولیا.
وتحدث مراقبون وخبراء في ملف الشئون الإيرانية عن احتمالية حل العديد من أزمات المنطقة بعد الاتفاق النووي، حيث تحدثت تقارير عن أن التقدم الذي أحرزته قوات المعارضة اليمنية ضد ميلشيا جماعة الحوثي المدعومة بقوة من طهران، وقوات الرئيس السابق على عبد الله صالح، تعتبر جزءًا من الاتفاق النووي الذي تمسك خلف الكواليس، بضرورة تسوية إيران للعديد من قضايا المنطقة، بما فيها اليمن، وسوريا.
ومن المؤكد أن تتمسك المبادرة الجديدة بوجود الرئيس بشار الأسد خلال المرحلة المقبلة، في مقابل تشكيل تحالف إقليمي ودولي لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية، المعروف بـ "داعش"، خاصة وأنه يبدو ان هناك توافق سعودي على ذلك الطرح.

عبد اللهيان، قال لقناة "العالم" الإخباریة خلال برنامج "من طهران"، إن المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوریا ميخائيل بوغدانوف ووزير الخارجية السوري وليد المعلم سيزوران طهران قريباً لبحث المبادرة، مشيراً إلى أن المرحلة التي أعقبت الاتفاق النووي ستشكل فرصة مناسبة لتعزيز العلاقات مع دول الجوار وتعميق التعاون في مختلف الملفات للخروج من الأزمات التي تواجهها المنطقة.
ويبدو أن الاتفاق النووي مع إيران، سوف يعزز من دورها إقليميًا، ففي الوقت الذي فرض عليها عقوبات من الدول الكبرى بسبب برنامجها النووي، كانت تتحكم بشكل كبير في مقاليد الأمور في العديد من دول المنطقة، وهو ما دفع خبراء إلى التوقع بان رفع العقوبات من عليها سيساعدها في بسط نفوذها في المنطقة بشكل كبير.

وربما تتوافق الرؤية المصرية مع الإيرانية في حل الأزمة السورية سياسياً، لكنها تتنافر في بقية الملفات، خاصة المتعلقة بتدخل طهران في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما دفع العديد من المراقبين الاعتقاد بتقارب مصري إيراني خلال المرحلة المقبلة، إلا أن تعاقب الأحداث حال دون ذلك.
من جانبه، كشف رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، أمس الأحد عن بعض من تفاصيل المبادرة الإيرانية، لحل الازمة السورية، معرباً عن استعداد بلاده عقد اجتماع برلماني عالمي للدول التي تؤمن بالحل السياسي للأزمة السورية.
هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) نقلت عن المسئول الايراني قوله، خلال مؤتمر صحفي عقده في مقر السفارة الايرانية، إن "المبادرة الجديدة تتضمن الدعوة لتوفير أرضية لإجراء مفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة، وإيقاف إطلاق النار وتشكيل مجموعة اتصال من الدول التي اشتركت في المؤتمر التي استضافته إيران موخرًا وشاركت فيه 30 دولة، ووصل المسؤول الايراني إلى دمشق، السبت الماضي، والتقى مسؤولين سوريين، ثم التقى الرئيس بشار الأسد.

وبحسب تقارير فإن المقترح الإيراني لحل الأزمة السورية يتضمن أربعة بنود، وضعها وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، "وهو من أفضل المقترحات، وأكثرها جدية وواقعية"، بحسب تصريحات أمير عبد اللهيان، ولفت إلى ان الأمم المتحدة تعرفت على بعض تفاصيلها، هي وأطراف دولية أخرى، مشيرًا إلى أن إيران ستناقش هذا المقترح خلال زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، والمبعوث الروسي بوغدانوف لطهران.
وأضاف: "أعلنا وجهة نظرنا بصراحة إلى المبعوث الأممي حيال المقترحات، ومن المقرر أن تعقد غدا جلسة في الدوحة على مستوى وزراء الخارجية بمشاركة وزير الخارجية الروسي"، لمناقشة الاقتراحات.
وقال إن إيران ستقوم بمناقشة اقتراحاتها مع الجانب الروسي، خلال لقاء مع ممثل الرئيس بوتين الخاص في الشرق الأوسط، بوغدانوف، الذي سيزور طهران نهاية الأسبوع ليلتقي الوزير ظريف.

وحول هذه المبادرة، قال مساعد الخارجية الإيرانية، إن الحكومة الإيرانية تعد مبادرات على مستوى المنطقة، تشمل تقوية العلاقات بشكل شامل بينها وبين دول المنطقة، ابتداء من قضايا البيئة وحتى أعلى مستويات القضايا السياسية والأمنية.
وقال إن هناك فرصة سانحة الآن أمام الدول الإقليمية للخروج من الأزمات التي تشهدها المنطقة، وأوضح أن ما سيساعد بخصوص المقترح الإيراني، أن هناك تحولا استراتيجيا في نظرة اللاعبين الإقليميين حيال سوريا، وقال إن إيران كان لها مناقشات جيدة مع المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا، وأن له مقترحات سيقدمها قريبا إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشتها.
وشدد أمير عبد اللهيان على تطابق سياسة إيران وروسيا حيال سوريا، مضيفا أن لطهران وموسكو وجهة نظر مشتركة حيال المستقبل السياسي لسوريا، وحق الشعب السوري في تقرير مصيره بنفسه.

ورغم المساعي الإيرانية، للتقارب مع الرياض، إلا أن السعودية ترفض ذلك، وتعتبر طهران الخطر الأكبر عليها في المنطقة، فيما قال عبد اللهبان إن بلاده مستعدة للتعاون مع السعودية لحل أزمات المنطقة، خاصة اليمن وسوريا ولبنان وغيرها، معرباً عن رغبته في عودة العلاقات مع الرياض إلى ما يجب تكون إلى مجاريها الطبيعية، وأن تكون على مستوى مقبول.
وقد أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن سيرغي لافروف، سيعقد خلال زيارته لقطر لقاء ثلاثيا مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير، لبحث ملفات تسوية الأزمة السورية عبر السبل السلمية، ولا يعلم ما إذا كانت المبادرة الإيرانية ستكون على طاولة النقاش أم لا.

وكانت مصادر دبلوماسية روسية قد كشفت أن موسكو بعد مفاوضات أجرتها مع واشنطن والرياض، أعلنت عن مبادرة تشكيل التحالف الدولي الإقليمي، يضم نظام الأسد ودول المنطقة لمواجهة مخاطر تنظيم داعش وتنامي الإرهاب في الشرق الأوسط.
وأضافت أن هذه المبادرة التي تحظى بدعم سعودي – أمريكي، أعلن نظام الأسد تأييده لها، ما يستوجب وضع آليات لتنفيذها في أرض الواقع، ويجعل للقاء كيري - لافروف - الجبير أهمية خاصة، باعتبار أنه قد ينتقل بهذه المبادرة إلى مرحلة التنفيذ.
بذلك يمكن القول، أن كافة المبادرات التي تم طرحها أخيراً لحل الازمة السورية، تمسكت بوجود نظام الرئيس بشار الأسد، ولا أحد يعلم دور القاهرة في طرح هذه المبادرة، اللهم إلا تصريحات لوزير الخارجية المصري سامح شكري قالها خلال لقائه كيري في القاهرة الأحد الماضي، أثناء عقد الحوار الاستراتيجي، الذي ناقش الأزمة السورية، إن العديد من دول المنطقة اقتنعت بالموقف المصري لحل الأزمة السورية، والتي تمسكت بالحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها.

كانت المشاورات التي جرت خلال الأسابيع الماضية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، تركزت حول ضرورة القبول ببقاء الأسد على رأس نظامه خلال المرحلة الانتقالية، باعتبار أن سقوط الأسد سيفتح الباب أمام سيطرة الجماعات الإرهابية على الأمر.
وبحسب تقرير لموقع "العربية نت" فإن العديد من الخبراء الروس في شؤون الشرق الأوسط، يعتبرون محادثات (كيري - لافروف – الجبير) ستكون مفصلية، ويمكن أن تؤدي لإطلاق تسوية سلمية للأزمة السورية تضمن بقاء الأسد في السلطة خلال الفترة القادمة، بهدف مواجهة مخاطر داعش التي باتت تهدد أمن روسيا القومي.

ولم يستبعد هذا الفريق أن تطرح موسكو مبادرتها المتعلقة بإنشاء حلف خليجي لضمان أمن الخليج تشارك فيه دول مجلس التعاون الخليجي وإيران، بهدف تهدئة التوتر بين إيران والسعودية، وإيجاد محاور تعاون تضمن مصالح كافة الأطراف، وتنهي حالة الصراع الجارية، تمهيدا لتوحيد الجهود الإقليمية لتصفية تنظيم داعش.
وتخشى موسكو من وصول الجماعات الإرهابية إلى شمال القوقاز وبقية الأقاليم الروسية، وبعد أن وصلت أعداد المنضمين إلى داعش – بحسب بيانات جهاز الأمن الفيدرالي الروسي- إلى نحو 2000 مواطن روسي غادروا روسيا إلى سوريا والعراق ليصبحوا جندوا في ميليشيات تنظيم داعش.
اللافت أن أمريكا أعطت الضوء الأخضر للتحالف الدولي بتوجيه ضربات للجيش السوري، في حال اعتراضه تقدم المعارضة التي أطلقت عليها "المعتدلة" والتي قالت تقارير إنها تنتمي إلى تنظيم "الإخوان" التي قامت بتدريبها في تركيا، وهو ما يعقد ربما الأمر في سوريا.