تجدد مطالب تغيير الدستور في العراق.. هل تُعيد الميليشيات الشيعية المالكي للحكم؟

الثلاثاء 04/أغسطس/2015 - 01:01 م
طباعة تجدد مطالب تغيير
 
جددت الميليشيات الشيعية "الحشد الشعبي" مطالبها بتغيير الدستور ونظام الحكم في العراق إلى نظام رئاسي، فيما اعتبره مراقبون مخططًا لعودة المالكي للسلطة، فيما قوبل برفض من أغلب القوى السياسية في البلاد.

مطالب بتغيير النظام

مطالب بتغيير النظام
كشفت كتلة "الصادقون" النيابية، الثلاثاء، عن تحرك لجمع توقيعات داخل مجلس النواب لتعديل الدستور وتغيير النظام في البلاد إلى رئاسي، مؤكدةً وجود تأييد شعبي وجماهيري لهذا التغيير.
وكتلة "الصادقون" النيابية تمثل الذراع السياسي لميليشيات عصائب أهل الحق الشيعية إحدى فصائل الحشد الشعبي، وهي أحد الميليشيات القريبة من الحرس الثوري الإيراني.
وقال رئيس الكتلة حسن سالم في حديث لـ السومرية نيوز: إن "تغيير نظام الحكم في البلاد، ليس مطلب صادقون لوحدها، وإنما هناك تأييد نيابي لهذا المطلب".
وأضاف أنه "خلال الأيام المقبلة سنقوم بجمع تواقيع داخل مجلس النواب لتعديل الدستور وتغيير النظام في البلاد"، مؤكداً "وجود تأييد شعبي وجماهيري لتغيير النظام".
علي البديري النائب عن كتلة "التحالف الوطني" الذي يضم الأحزاب الشيعية في البرلمان قال خلال مؤتمر صحافي قبل أيام: إن "قادة الحشد الشعبي أعطوا وعوداً بتغيير مسار العملية السياسية في البلاد بعد انتهاء المعركة ضد داعش".
وأضاف: إن "الحرب ضد الفاسدين في العملية السياسية أكثر خطورة من الحرب ضد داعش".

مخطط لعودة المالكي

مخطط لعودة المالكي
ورأى العديد من المراقبين والقيادات السياسية في العراق، أن دعوة لتغيير نظام الحكم في العراق من برلماني إلى رئاسي، هي مخطط محبط من الميليشيات الشيعية المقربة لإيران لإعادة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي إلى سدة الحكم من باب رئاسة البلاد هذه المرة لا رئاسة حكومته.
الدعوة التي أطلقتها حركة "أهل الحق" المقرّبة من المالكي الذي يشغل اليوم منصب نائب رئيس الجمهورية في العراق، قُرئت من قبل بعض الأطراف على أنها محاولة لإعادة المالكي بصورة غير مباشرة.
وأبدى مراقبون تخوفهم من سيطرة الفصائل الشيعية "الحشد الشعبي" في السيطرة على العملية السياسية في العراق، فقوات الحشد الشعبي التي تمثل اليوم قوة أساسية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إلى جانب قوات الجيش والشرطة النظامية، فإن الطموحات السياسية لقوات الحشد بدأت تلوح في الأفق.
الحكومة العراقية قررت قبل شهرين تحويل الحشد إلى مؤسسة رسمية تابعة لها في محاولة من رئيس الوزراء حيدر العبادي؛ لمنع هذه الفصائل من زيادة نفوذها السياسي والاجتماعي في البلاد.
ولكن محاولات العبادي تبدو غير كافية، إذ تتمتع بعضها وخصوصاً تلك المدعومة من إيران بنوع من الاستقلالية في اتخاذ القرارات الأمنية والعسكرية، كما أنها تتسبب في فوضى في المناطق التي تنتشر فيها، ويتجوّل عناصرها بدون وثائق قانونية ويصعب محاسبتهم عند ارتكابهم أخطاء.

الصدر يرفض

الصدر يرفض
رفض التيار الصدري العراقي ممثلا في زعيمه مقتدى الصدر، دعوات تحويل النظام في العراق من برلماني إلى رئاسي، معللا بأن ذلك من شأنه أن يجعل العراقيين بيد شخص واحد.
وقال "الصدر" على موقعه الإلكتروني، ردا على سؤال حول "الترويج من خلال وسائل الإعلام المختلفة لتحويل نظام الحكم في العراق من نظام برلماني إلى رئاسي"، إنه "من الواضح أنه يراد به ألا يتحكم الشخص الواحد في العراق والعراقيين".
ولم يكتف التيار الصدري برفض تحول النظام إلى رئاسي، وإنما حمل المالكي مسئولية وصول الأوضاع السياسية والأمنية في العراق إلى ما هي عليه اليوم، ومن هنا يأتي رفضه لتوليه رئاسة البلاد بأي صورة كانت.

المجلس الإسلامي

المجلس الإسلامي
كما اعتبر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في العراق عمار الحكيم، مطالب تغيير نظام الحكم في العراق من برلماني إلى رئاسي "مثيرة للاستغراب"، داعيًا المؤيدين لهذا المشروع إلى عدم مقارنة العراق بالأنظمة الرئاسية في الدول المستقرة.
حيث تقول عضو الهيئة السياسية للمجلس ليلى الخفاجي في بيان لها ورد بوكالة أنباء فارس: إن "تحويل النظام من برلماني لرئاسي سيعطي السلطة لشخص واحد، ويكرس حكم الدكتاتورية في البلاد"، مبينة أن "زمن تغيير القوانين والأنظمة وشكل الحكم بجرة قلم أو تصريحات ودعوات في الإعلام قد ولى مع عهد الدكتاتورية".
وأبدت الخفاجي استغرابها من "الدعوات التي يطلقها البعض لإلغاء مجلس النواب وتحويل نظام الحكم إلى رئاسي، وكأنهم لم يقرءوا الدستور ويطلعوا على آليات تعديل فقراته".

القوى السنية ترفض

القوى السنية ترفض
ورأى رئيس المجلس النيابي العراقي سليم الجبوري الذي ينتمي إلى تحالف القوى العراقية " سني"؛ حيث أوضح بدوره أن تغيير نظام الحكم في العراق من برلماني إلى رئاسي بحاجة إلى تعديلات دستورية، مستبعداً أن تكون هذه التعديلات ممكنة في الوقت الحالي.
الجبوري دافع عن النظام البرلماني مبيناً أنه "من الحالات المميّزة للعراقيين بأن يكون لديهم أجواء من الديمقراطية الواسعة، وهناك مجلس نواب يؤدي دوره التشريعي والرقابي ينبثق عنه تشكيل الحكومة ويتم اختيار رئيس الجمهورية".
ويضيف: "يجب عدم بخس حقنا وأن لا نقلل من قيمة النظام الذي نتبعه اليوم، وإذا ما وجدنا أن هناك نظاماً سياسياً أفضل لا مانع من سلوكه ولكن لا يأتي ذلك بمعطيات سياسية، وإنما وفق سلوك نظام أفضل، ويجب أن يكون وفق سياقات دستورية".

التحالف المدني الديمقراطي

التحالف المدني الديمقراطي
على صعيد متصل قال رئيس التحالف المدني الديمقراطي، علي الرفيعي: إن من "غير الممكن الحكم على نظام برلماني عمره قصير لا يتجاوز 12 سنة بالفشل"، مبيناً أن "البرلماني البريطاني الذي تأسس قبل ثلاثة قرون ما يزال بعيداً عن المثالية".
وأضاف الرفيعي، أن "الآليات التي تتبعها الأطراف المهيمنة على المشهد السياسي العراقي هي من أوصلت الناس إلى انتقاد شكل نظام الحكم في البلد"، عاداً أن "طرح موضوع تغير نظام الحكم في العراق حالياً سياسياً وليس قانونياً".

رفض الأكراد

رفضت حكومة كردستان العراق دعوة تغيير الدستور وتوسيع صلاحيات الحكومة المركزية. ودعت الحكومة الكردية إلى ما أسمته الاعتصام بالدستور الحالي. 
وقال مسئول العلاقات الخارجية بحكومة كردستان صلاح مصطفى: إن "زمن الحكم الشمولي وسيطرة الدولة المركزية انتهى". 
وأضاف: "نحن نريد أقاليم ذات صلاحيات واسعة وحكومة قوية فعالة".. مشددًا على ضرورة ما سماه الاعتصام بالدستور الحالي.

دولة القانون

دولة القانون
وعلى الرغم من اقتناع أصحاب الدعوة لتغيير نظام الحكم إلى رئاسي بأن هذا الأمر لن يتم بسهولة، إلا أنهم يدافعون عن فكرة عودة المالكي إلى الحكم من باب الرئاسة.
 "إذا صوّت الشعب على اختيار المالكي أو غيره لرئاسة البلاد مستقبلاً فهذا حقه الدستوري، المهم أن الأمر لا يتم عن طريق الانقلابات". يقول سعد مطلبي عضو ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي. 
ويضيف: "الدستور فيه ألغام كثيرة، نحتاج إلى إلغاء الدستور وإعادة كتابته بشكل ديمقراطي وبعدها تغيير نظام الحكم لكن هذا يتطلّب جهداً من الشعب وجماعات الضغط والكتل السياسية".

مطالب غير بريئة

مطالب غير بريئة
وقد اتفق ناشطون وسياسيون، على عدم إمكانية اعتبار النظام البرلماني في العراق فاشلاً؛ كونه "لم يطبق بشكله الحقيقي" لعدم تشريع القوانين التأسيسية المكملة لهيأة الدولة، وفيما عدوا أن الدعوات بهذا الشأن "سياسية وغير بريئة" وناتجة عن "عدم فهم" النظام الرئاسي، شبهوها بـ"أحلام عصافير" لصعوبة تغيير الدستور.
فقد رأى عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين عامر فياض، أن "الإلحاح بالمطالبة بتغير النظام البرلماني إلى رئاسي قد يكون غير بريء"، لافتاً إلى أن "لدى الأطراف التي تطالب بذلك فهماً خاطئاً عن النظام الرئاسي؛ كونها تعتقد بوجود بطل أو سوبر مان، يستطيع أن يأتي بالمعجزات".
وتابع فياض، أن "الحديث عن شكل النظام السياسي يختلف عن جوهر السلطة، والأخيرة هي المشكلة؛ لأنها تقوم على أساس المحاصصة وغياب التعددية السياسية وعدم استغلال القضاء"، مؤكداً على ضرورة "التفكير في استكمال المؤسسات الدستورية قانونيا قبل التفكير بشكل النظام".
جاء ذلك خلال الندوة الحوارية التي أقامها (المجلس العراقي للسلم والتضامن) و(مركز المعلومة للبحث والتطوير)، تحت عنوان (جدل تحويل نظام الحكم في العراق إلى رئاسي أو تعزيز اللامركزية).
وأضاف فياض، أن "الأغلبية السياسية غير متوافرة في العراق وعندما تتوافر على حساب الأغلبيات العددية يمكن اختيار نوع النظام"، عاداً أن "المطالبة بتغير النظام في العراق إلى رئاسي في هذا التوقيت، غير مناسباً وليس عقلانياً لأن البرلماني لم يستنفذ بعد، ولا يمكن الحكم عليه بالفشل أو الموت".
ذكر الباحث القانوني حسام الحاج، في تصريحات صحفية لـ(المدى برس)، أن "الوضع العام في العراق لا يتناسب مع النظام الرئاسي"، مستدركاً "لكن بعض السياسيين يستثمرون عدم فهم الناس ووعيهم بشأن النظام السياسي، ويدفعون باتجاه حكم الفرد الذي يختلف عن النظام الرئاسي الديمقراطي".
ودعا الباحث القانوني، من يدعون للنظام الرئاسي، إلى "إدراك الفوارق بينه وبين النظام النيابي"، معتبراً أن "الفجوة التي تفصل النظامين ليست بتلك المساحة التي يمكنها أن تحل مشاكل العراق".

تغيير النظام

تغيير النظام
إن فكرة تغيير نظام الحكم في العراق قد تكون صعبة التطبيق في الوقت الحالي، طبقا لموازين القوى ونظام المحاصصة السياسية، لكنها قد تكون مقبولة إذا استمرت أزمة الثقة والانقسام السياسي بين أطراف العملية السياسية، وانسداد أفق الحل والتوافق على الثوابت التي تجنب العراق المزيد من الخسائر والتضحيات.

شارك