التقسيم يضرب هُوية اليمن.. و"تعز وإب" تدشنان لملامح الدولة الجديدة

الإثنين 21/يوليو/2014 - 08:28 م
طباعة اقاليم اليمن الجديد اقاليم اليمن الجديد
 
وسط الحرب الشرسة التي يخوضها الجيش اليمني ضد تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية، وفي ظل الصراع السياسي والقبلي والطائفي الدائر بين جماعة الحوثيين، وجماعة الإخوان المسلمين، وفي ظل فشل رئاسي في عودة الأمن والاستقرار.
مدينة تعز
مدينة تعز
وبعد أكثر من ستة أشهر على صدور قرار اعتماد النظام الفيدرالي وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، دشنت محافظتا تعز وإب "الأكبر سكانًا على مستوى البلاد " أولى خطوات شكل الدولة الجديد في إطار إقليم الجند الذي يضمهما معا، وجاءت هذه الخطوة من خلال عقد لقاء مشترك للجنتين الأمنيتين بمحافظتي "تعز" و"إب"، وسط البلاد "برئاسة محافظ تعز شوقي أحمد هائل ومحافظ إب يحيى الإرياني.
ويبلغ مجموع سكان محافظتي تعز وإب، نحو 7 ملايين نسمة وهو ما يجعل إقليم الجند الأكبر سكانا بين الأقاليم الستة للبلد، البالغ تعداد سكانه 24 مليون نسمة، كما أن ذلك دفع ناشطين إلى إطلاق لقب (الصين الشعبية) على الإقليم.
وكانت الحكومة اليمنية قد أصدرت مؤخراً قراراً باعتماد محافظة تعز عاصمة ثقافية للبلاد، وقبل ذلك بفترة كان قد جرى اعتماد محافظة إب عاصمة سياحية، وذلك بالإضافة إلى كون صنعاء عاصمة سياسية وعدن عاصمة اقتصادية للجمهورية اليمنية.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، "سبأ"، فقد ناقش اللقاء القضايا الأمنية المشتركة وتعزيز عملية التنسيق والاتصال والتواصل الأمني ومحاربة الجريمة وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار باعتبارهما الركيزة الرئيسية في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأكد مسئولو المحافظتين أن التنسيق الأمني المشترك سيكون له كبير الأثر في التسريع بتهيئة البنى التحتية لإقليم الجند في مختلف الجوانب على طريق تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، كما جرى الاتفاق على القيام بوضع رؤية مشتركة لتنفيذ مناطق أمنية وتغطية الفجوة الأمنية لسد الاختلالات الأمنية التي يتسلل منها المطلوبون أمنياً والخارجون عن القانون بين المحافظتين.
وجاء إطلاق اسم الجند على الإقليم الذي يضم محافظتي تعز وإب، بالاستناد إلى الأهمية التاريخية والشهرة التي اكتسبها جامع الجند، الذي بناه الصحابي الجليل معاذ بن جبل في السنة السادسة للهجرة، حين ابتعثه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لدعوة اليمنيين إلى الإسلام .
وفيما كانت "تعز" خلال حقبة الدويلات الإسلامية المتعاقبة عاصمة للدولة الأيوبية ثم الرسولية، فقد كانت "إب" من خلال مدينة جبلة عاصمة للدولة الصليحية التي كان أبرز ملوكها الملكة أروى بنت أحمد.

تقسيم اليمن لـ6 أقاليم

الرئيس اليمني عبد
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي
في فبراير 2014 اعتمدت اللجنة المكلفة تحديد الأقاليم في الدولة اليمنية الاتحادية، التي تقرر إنشاؤها في الحوار الوطني، صيغة من ستة أقاليم، اثنان في الجنوب وأربعة في الشمال،.
اجتمعت اللجنة في صنعاء لحسم هذا الملف الخلافي اعتمدت الأقاليم الستة "بأعلى درجة من التوافق والتقارب واعتماد الأسس العلمية" بين أعضاء اللجنة التي يرأسها رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي.
وأطلق على الإقليم الأول اسم إقليم حضرموت وعاصمته المكلا، ويضم مناطق المهرة، وحضرموت، وشبوة، وسقطرى، والثاني "إقليم سبأ" وعاصمته سبأ، ويضم مناطق الجوف ومأرب، والبيضاء.
أما الإقليم الثالث فأطلق عليه اسم "إقليم عدن" وعاصمته عدن، ويضم مناطق عدن، وأبين، ولحج، والضالع، والرابع هو "إقليم الجند"، وعاصمته تعز، ويضم مناطق تعز وإب.
وأطلق اسم "إقليم أزال" على الإقليم الخامس، وعاصمته صنعاء، حيث يضم صعدة، وصنعاء، وعمران، وذمار، في حين أطلق على الإقليم السادس والأخير اسم "إقليم تهامة"، وعاصمته الحديدة، ويضم الحديدة، وريمة، والمحويت، وحجة.

اليمن الجديد "غير سعيد"

قوات أنصار الله
قوات أنصار الله
ومع بداية التقسيم الفعلي، وفي ظل تقدم قوات أنصار الله نحو العاصمة اليمنية صنعاء ،أصبح المشهد الآن أقرب إلى تابلوه واضح الأطر، بعد ظهور الدولة اليمنية في شكلها الجديد، وسيطرة الحوثيين علي صنعاء ضمن التقسيم الجديد، والذي يضم العاصمة تحت مسمي "إقليم أزال" وهو الإقليم الخامس، وعاصمته صنعاء، حيث يضم صعدة، وصنعاء، وعمران، وذمار، وهي مناطق يقطن في أغلبها الحوثيون وخاصة منطقة صعدة.
ويرى محللون أن تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم سيؤدي إلي تفكيك النسيج الاجتماعي وفصل الأغلبية السكانية الجبلية عن هذه المناطق، حتى تكون صيداً سهلاً للأشباح الدوليين وجماعات العنف، وهو ما يؤدي إلى إسقاط الدولة التاريخية في اليمن، وتصبح شبح دولة قائم يسيطر عليه المليشيات.
وستدفع الصراعات القائمة داخل اليمن، توازياً وارتباطاً بنزاعات الإقليم، في اتجاه تفكك هوياتٍ محليةٍ وتبلور أخرى..  بيد أن الأقاليم الستة التي اعتُمدت مؤخراً تبدو محصلة اللحظة الراهنة، أكثر مما هي انعكاس لما يمكن الركون إليه في المدى البعيد أو حتى المتوسط، فبعض الجماعات عبّر عن نفسه اصطناعياً لأن موازين القوى الإقليمية تسمح له بذلك، فيما بعضها الآخر يتحين فرصة فرض ذاته رقماً أصعب في المعادلة من أجل حيازة هذا التعبير.
لذلك لن تجعل الأقاليم الستة اليمن بلداً "سعيداً"، فلئن كانت الخطوة مدخلاً للاعتراف بوقائع تجاوزت قدرة السلطة المركزية على الاحتواء، إلا أنها لا تعكس هويات ثابتة في البلاد.

شارك