واشنطن ومحاولة ترويض حليفتها "قطر" الداعمة للإرهاب
الخميس 06/أغسطس/2015 - 11:38 ص
طباعة

دائمًا ما تثار الشبهات حول قطر باعتبارها أحد مصادر التمويل الرئيسية للعديد من الجماعات الإرهابية في العالم على الرغم من محاولاتها نفي ذلك، ولكن ما أكد هذا الأمر مؤخرًا هو ما قامت وزارة الخزانة الأمريكية، بفرض عقوبات على من وصفتهم بأنهم ممولون ذوو جنسية قطرية لدورهما في توفير الدعم المادي لجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، وتم تصنيف سعد بن سعد محمد شريان الكعبي وعبد اللطيف بن عبدالله صالح محمد الكعوري بأنهما "إرهابيان عالميان" تحت قانون يسمح للوزارة بتجميد أصول المنخرطين بالإرهاب ومنع الأمريكيين من التعامل معهم.

الرئيس الأمريكي باراك أوباما
وكشف مسئول أمريكي أن الشبكات التي يديرها هؤلاء كبيرة، وأن فرض العقوبات ضدهما سيكون له تأثير كبير على قدرتهما على جمع التبرعات في المنطقة ونحن نركز على داعش الآن، ولكن هذا لا يعني أننا أهملنا المجموعات الإرهابية الأخرى وأن موقع مداد آل الشام الاجتماعي الذي استعمله هؤلاء لجمع التبرعات تم إغلاقه من قبل الحكومة القطرية في خطوة وصفها "بالمهمة".
وأكدت التقارير أن سعد الكعبي القطري الجنسية متورط منذ العام الماضي بجمع التبرعات في قطر لصالح جبهة النصرة لشراء أسلحة ومواد تموينية وأنه عمل كوسيط لجمع الأموال التي استخدمت لتحرير أحد رهائن جبهة النصرة، كما عمل مع ممول آخر لتنظيم النصرة هو الكويتي حامد العلي، الذي تم فرض العقوبات ضده سابقًا من قبل الولايات المتحدة والأمم المتحدة.

أما عبدالله الكعوري القطري أيضًا فعمل كوسيط لجمع التبرعات من قطريين وإرسالها لتنظيم القاعدة، حتى إنه قام بتسليم إيصالات للمتبرعين القطريين تثبت أن أموالهم بالفعل ذهبت لتنظيم القاعدة وعمل مع القاعدة في بداية العقد الماضي في جمع التبرعات لتنظيم القاعدة في باكستان، وبالحصول على جوازات سفر مزورة استخدمها ناشطو تنظيم القاعدة للسفر إلى قطر ولكن لم يتم تحديد الأموال التي جمعها هؤلاء أو أسماء الرهائن الذين تم تحريرهم ومدى تورط الحكومة القطرية نفسها في تمويل الفديات للمخطوفين.
ومما يؤكد على تورط قطر ما سبق وأعلنت عنه وزارة الخزانة من الجو المتسامح في قطر الذي يسمح بجمع مبالغ كبيرة من الأموال لدعم التنظيمات الإرهابية، خاصة تلك التي تعمل في سوريا وأن لديها مخاوف فيما يتعلق بالتمويل الإرهابي في قطر كما كشف تقرير نشر في لندن عن تمويل مواطنين قطريين بارزين لجماعات إسلامية متطرفة على صلة بالقاعدة ويبلغ عددهم 20 شخصية قطرية، وأن 10 منهم صنفوا كإرهابيين في قوائم سوداء رسمية للولايات المتحدة والأمم المتحدة.

وكشف روبرت مينديك باحث في شئون الجماعات الإرهابية، أن مواطن قطري هو خالد محمد تركي السبيعي كان أحد ممولي هجمات 11 سبتمبر، وهو من يمول اليوم بعض التنظيمات الجهادية المتطرفة في سوريا بعد أن قامت السلطات القطرية بإطلاق سراحه، وأنه سبق أن قدم "دعما ماليا" لخالد شيخ محمد، أحد منفذي الهجمات وكشفت وثائق نشرتها وزارة الخزانة الأمريكية عن وجود صلات بين السبيعي وممول إرهابي اتهم بتمويل فرع تنظيم القاعدة الذي خطط لتفجير طائرات مسافرين باستخدام قنابل توضع في عبوات معجون الأسنان، وأن الجيش الأمريكي أجهض المخطط في ضربة جوية على مقرات قيادة الجماعة في سوريا
وتابع: "هذه القضية تلقي الضوء على القلق المتنامي بشأن فشل قطر، إحدى أغنى دول العالم، في وقف تمويل الشبكات الإرهابية، وأن منتقدين بارزين باتوا يدعون إلى تدقيق أكبر بصلات قطر مع الإرهاب العالمي، والتلويح بالعقوبات في حالة فشلها في التعامل مع هذه المشكلة".

كما كشف تقرير صادر عن وزارة الخزانة الأمريكية أن السبيعي القطري كان على صلة بشخصين وصفا بأنهما إرهابيان، وهما أردنيان، ولكنهم يحملان بطاقة هوية قطرية، طبقًا لمسئولين أمريكيين، وهما أشرف محمد يوسف وعثمان عبد السلام الذي يزعم أنه ساعد السبيعي في نقل "مئات الآلاف من الدولارات" إلى القاعدة في باكستان، ويوصف عبد السلام بأنه الداعم المالي لتنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة القريبة من القاعدة في سوريا، وأن شخصية قطرية رفيعة أخرى هي عبد الرحمن بن عمير النعيمي، وهو مستشار لدى الحكومة القطرية ومؤسس لمنظمة خيرية على صلة بالعائلة الحاكمة في دولة قطر، وكان صنفه الأمريكيون ضمن قوائم الإرهاب، وهو متهم من قبل الأمريكيين بنقل مبلغ 1.25 مليون جنيه استرليني شهريًّا إلى تنظيم القاعدة في العراق.
ولم يقتصر رصد قطر بتمويل التنظيمات الإرهابية بل امتد إلى أوروبا؛ حيث اتهمت السلطات الإسبانية، قطر بتمويل الإرهاب على أراضيها، وأنها تدعم وتمول المنظمات الإرهابية والجماعات الدينية المتشددة من بينها "داعش" وجماعة "الإخوان المسلمين" على الأراضي الإسبانية وفي عدد من دول العالم، وكشفت عن أن رجال أعمال أثرياء من قطر يمولون أئمة المساجد ذات الطابع السلفي المتشدد الموجودة في "كتالونيا" (250 مسجدا منها 80 في برشلونة)، وأن خبراء من الشرطة الإسبانية أكدوا أن قطر تقوم بتمويل تنظيم "داعش" أيضًا، كما تجند عناصر وشباب تلك المنظمات الموجودة في إسبانيا خاصة في كتالونيا والتي منها "الإخوان" للانضمام إلى داعش، والسفر إلى الدول العربية مثل سوريا والعراق.

وكشفت الصحف الإسبانية أن جماعة "الإخوان المسلمين" تعمل تحت غطاء منظمات المجتمع المدني الإسلامية في إسبانيا "لنشر الثقافة الإسلامية باعتبارها تراثا للإنسانية جمعاء، وذلك كمجرد غطاء، ولكن الحقيقة أن هذه المنظمات التي من بينها الإخوان تعمل بحرية في إسبانيا ولكن بطريقة شبه سرية لنشر العنف"، حسب المصادر الإسبانية، وأن تلك المنظمات "تعيش في مجتمع منفصل أو مواز للديمقراطية، ويشبه الأقاليم المستقلة في "سبتة" و"مليلة" في وضع قابل للانفجار.
ويؤكد على ذلك لوري بلوتكين بوغارت زميلة أبحاث في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن قائلة: "ترى الولايات المتحدة في حليفتها المقرّبة قطر بؤرةً لتمويل الإرهاب، إلى حد أن واشنطن وصفت هذه الدولة الخليجية الصغيرة بأنها بيئة متساهلة مع تمويل الجماعات الإرهابية، ولكنها في الوقت نفسه لا تملك أدلة على أن الحكومة القطرية تموّل هذه الجماعات، ولكنها تعتقد أن أفراداً في قطر يُسهمون على المستوى الشخصي في تمويل هذا التنظيمات، ولا تبذل جهوداً كافية لوضع حد لهذه الظاهرة؛ ولذلك انتهجت الولايات المتحدة مقاربة العصا والجزرة مع حليفتها القطرية، بحيث انهالت عليها بالثناء على الأنظمة الجديدة التي وضعتها لمكافحة تمويل الإرهاب، فيما عمدت إلى ردعها في السر عن دعم التنظيمات الإرهابية وأحياناً لومها علناً على ذلك.

وتابعت: "لكن المشكلة الجوهرية هي أن الأجندة الأمريكية لمكافحة الإرهاب تتعارض أحياناً مع ما تعتبره قطر مصالحها السياسية الخاصة فقد اقتضت الاستراتيجية الأمنية لقطر أن تدعم عدد كبير من التنظيمات الإقليمية والدولية؛ بهدف ردّ التهديدات عن البلاد. وقد تضمنت هذه الاستراتيجية تقديم المساعدات السخية للمنظمات الإسلامية، بما فيها تلك المقاتلة مثل «حماس» وطالبان، ويشكل السماح بجمع التبرعات المحلية والخاصة لصالح جماعات إسلامية في الخارج جزءاً من هذا النهج؛ لذلك فإن إغلاق قنوات الدعم للمسلحين الإسلاميين، وهو ما تريده واشنطن من الدوحة يتنافى مع المقاربة الأساسية التي تعتمدها قطر إزاء أمنها الخاص.