تجدد الحوار الليبي.. مساعٍ أممية تنتهي بالفشل

السبت 08/أغسطس/2015 - 01:23 م
طباعة تجدد الحوار الليبي..
 
مع توالي المساعي لحل الأزمة العالقة بين أطراف النزاع الليبي، تتوالى الحوارات بدعم من الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها لدى ليبيا برناردينو ليون؛ حيث وصل الحوار الأخير الذي شهدته مدينة الصخيرات المغربية إلى التوقيع على مسودة الاتفاق النهائية بتشكيل حكومة وفاق وطني لعودة الأمن والاستقرار إلى البلاد.

تجدد الحوار

تجدد الحوار
رغم توقيع مختلف الأطراف على المسودة، إلا أن الحكومة الموازية المنضوية تحت لواء المؤتمر الوطني المنتهية ولايته في طرابلس والموالية من ميليشيات فجر ليبيا، رفضت التوقيع إلا بشروطها، ما عرقل مسيرة الاتفاق.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أمس الجمعة، تجديد جولة مباحثات جديدة بعد غدًا الاثنين 10 أغسطس 2015 في جنيف بين الفرقاء الليبيين للتوصل إلى اتفاق سياسي يُنهي النزاع المستمر في هذا البلد.
وقال بيان للبعثة: إن "جولة جديدة لمباحثات الحوار ستعقد يوم الاثنين، ويأتي ذلك في أعقاب مشاورات مكثفة مع الأطراف الليبية المعنية والشركاء الدوليين".
وأضاف البيان أن ليون حث الأطراف الرئيسية على مضاعفة جهودها والاستمرار في العمل سوية لتضييق فجوة الخلافات القائمة، والتوصل إلى أرضية مشتركة يمكن أن تشكل الأساس لتسوية سلمية للنزاع السياسي والعسكري في ليبيا.
وشدد ليون بحسب البيان على أهمية أن يستمر جميع الأطراف في العمل على معالجة العوائق بشكل مشترك في إطار عملية الحوار، رغم أنه لا يزال لدى بعض الأطراف تحفظات على ما تم إنجازه إلى الآن.
وتقود بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا وساطة تهدف إلى حل النزاع المتواصل منذ عام، عبر توقيع اتفاق سياسي يجري التفاوض في شأنه، وينص على إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنتهي بانتخابات جديدة.
وشهد الحوار الليبي منذ انطلاقة من جانب الأمم المتحدة، فشل غير طبيعي، حيث تسود كل جولة حالة نزاع تنتهي بإحباط المساعي لإنجاح الحوار.
وتشهد ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي، صراعًا غير مسبوق على السلطة؛ مما أحدث انقسامًا في البلاد بين حكومة معترف بها دوليًّا يواليها مجلس النواب والجيش الليبي وتقيم في طبرق، وأخرى موازية متمثلة في المؤتمر الوطني المنتهية ولايته المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين ويواليها ميليشيات فجر ليبيا.
وشهد شهر يوليو الماضي 11 توقيع لأطراف ليبية بينها البرلمان المعترف به في منتجع الصخيرات في المغرب بالأحرف الأولى اتفاق "سلام ومصالحة" يفتح الطريق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية، لكن ممثلي المؤتمر الوطني العام تغيبوا، رافضين توقيع اتفاق المغرب في انتظار مناقشة تعديلات يطالب بإدخالها عليه، بينما طالب تحالف "فجر ليبيا" المسلح الذي يسيطر على العاصمة منذ عام بحوار داخل ليبيا من دون وساطة أجنبية.
ويشترط المؤتمر الوطني العام البرلمان المنتهية ولايته، إقالة الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الموالي للسلطات الشرعية من منصبه؛ لتشكيل حكومة وفاق وطني والتوقيع على اتفاق السلام الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة.

محاولات للإطاحة بحفتر

محاولات للإطاحة بحفتر
وقال عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني العام: إن الإطاحة بحفتر كانت من بين الموضوعات التي بحثها نوري أبو سهمين رئيس البرلمان السابق لدى لقائه الأسبوع الماضي في الجزائر مع المبعوث الأممي، موضحًا أنهم طلبوا من ليون رسميا في جولات الحوار الماضية، وكان رده بالإيجاب شفويًّا، ولكن رسميًّا وفعليًّا نرى غير ذلك.
وأوضح حميدان: لدينا مبررات كثيرة أهمها أن حفتر أول من انقلب على الثورة وأعلن تجميد الإعلان الدستوري.. وأن قواته ستدخل طرابلس وهذا قبل انتخاب البرلمان، بمعنى أنه يريد أن يقوض النظام الديمقراطي.
ويرى متابعون أن هناك انقسامًا في الموقف بين أعضاء برلمان طرابلس حول العودة مجددًا لطاولة المفاوضات التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة، وأن المحادثات التي عقدها رئيس البرلمان في الجزائر مع مبعوث الأمم المتحدة لم تسفر عن أي نتيجة للاتجاه المتشدد في المؤتمر، بينما ظل الداعمون للحوار على موقفهم الأول من الدعم، على حد قولها.
وينص الاتفاق الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة على إدخال البلاد في مرحلة انتقالية لعامين، تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتنتهي بانتخابات جديدة.

الجيش يواصل محاربة الإرهاب

الجيش يواصل محاربة
وعلى الصعيد الميداني يواصل الجيش الليبي قصف مواقع تابعة للإرهابيين في مدينة درنة التي تعد معقلا لجماعات متطرفة في شرق البلاد، بينما تواجه حملته العسكرية لإعلان تحرير بنغازي وتخليصها من قبضة المتطرفين صعوبات جمة.
وطبقًا لما أعلنه ناصر الحاسي المتحدث باسم سلاح الجو الليبي، فإن طائرات تابعة للجيش هاجمت سفينة صغيرة كانت تحاول الرسو في ميناء درنة وهي مدينة ساحلية تسيطر عليها جماعات متشددة.
وبعد مرور 16 شهرًا على عملية الكرامة العسكرية التي أطلقها الجيش الليبي بقيادة الفريق خليفة حفتر في بنغازي ضد الإرهاب، ما زال الحظر الدولي على تسليح الجيش يمثل عقبة رئيسية لمساعي الجيش من أجل حسم الصراع هناك، وما زالت قوات الجيش عرضة لرصاص قناصة مختبئين في مناطق سكنية يصعب ضربها بأسلحة ثقيلة.
ويفتح مقاتلون من تحالف مجلس الشورى النار من مبان، محاولين استدراج الجنود إلى شوارع ضيقة أو إقناع القادة بإرسال طائرات هليكوبتر أو ميج.
وبينما يقول الجيش إنه يسيطر على 90 في المائة من المدينة، فإن مجلس الشورى يتحصن في المنطقة المركزية حول الميناء وفي عدد من المناطق الأخرى. وميناء بنغازي ومطاره مغلقان.
وقال محمد الحجازي الناطق باسم الجيش: إن قرار حظر تسليح الجيش الليبي الذي فرضه مجلس الأمن الدولي خلال الانتفاضة على القذافي عام 2011، هو السبب الأول في تأخير تقدم الجيش، وإن هذا قرار فرض في ثورة 17 فبراير بحجة أنه لا يوجد جيش. 
وأضاف الآن يوجد جيش منظم وقيادة واحدة ونتحرك بأوامر عسكرية. لكن القوى الكبرى رفضت رفع الحظر، إذ إن جيش الشرق عبارة عن مزيج غير منظم من معارضين سابقين للقذافي ووحدات انشقت عن الجيش خلال الثورة ومدنيين غير مدربين ورجال عشائر.
وقال الحجازي: نحتاج إلى أسلحة متطورة.. نحتاجها في حربنا. وأضاف: ما يعيق جنودنا في الميدان هو كثرة المفخخات في المنازل والشوارع. نحن نواجه مجموعات إرهابية مدربة تدريبًا على أعلى مستوى.

قرارات حاسمة

قرارات حاسمة
وتملك قوات حفتر بعض الطائرات والطائرات الهليكوبتر ودبابات سوفيتية الصنع، لكنها تعتمد في الأساس مثل جماعات المعارضة السابقة الأخرى على شاحنات البيك أب التويوتا التي وضعت عليها أسلحة مضادة للطائرات.
وتعاني مستشفيات بنغازي نقصًا في الأدوية والأجهزة الطبية والأطقم الطبية، بينما يلوح في أفق الحكومة المزيد من المشكلات. فقد فتح المقاتلون المتشددون جبهة جديدة إلى الجنوب الغربي من بنغازي في أجدابيا قرب ميناء البريقة النفطي.
ويرى مسئولون أن أجدابيا تكرار لما حدث في بنغازي، إذ يغتال مسلحون ضباط الجيش ويعملون على استدراج الجنود إلى حرب شوارع ليسوا مؤهلين جيدا للفوز بها.
من جانبه التقى حفتر أمس في مقر القيادة العامة في مدينة المرج، وفدًا من أعيان ومشايخ القبائل في مدينة بنغازي وما حولها، حيث أكدوا دعمهم الكامل للقوات المسلحة الليبية في حربها ضد الإرهاب، والتقى قبائل بنغازي وبنينا والأبيار وسلوق وتوكرة، والرجمة، في مقر القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية في مدينة المرج.
يرى مراقبون أنه في حالة عدم نجاح الحوار في اعتماد الاتفاق السياسي وتشكيل حكومة وفاق قبل نهاية أغسطس الجاري، فإن مجلس النواب المنتخب قد يلجأ إلى اتخاذ حزمة من القرارات الحاسمة.
 ووفقًا لمصادر برلمانية، فإن القرارات ستضمن الاستقرار التشريعي، كما أن البرلمان لن يسمح لمعرقلي الحوار بالمماطلة حتى انتهاء فترة ولايته في أكتوبر المقبل؛ ما قد يؤدي إلى دخول البلاد في مأزق الفراغ السياسي.

شارك