الخلافات بين الفصائل الإسلامية في سوريا لا تخدم سوى "الأسد" و"داعش"

السبت 08/أغسطس/2015 - 04:00 م
طباعة الخلافات بين الفصائل
 
تشكل الخلافات بين الفصائل الإسلامية في سوريا أحد أهم العناصر التي تخدم النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش"، ولعل أبرز هذه الخلافات ما طفى على السطح مجددا من أتهام زهران علوش قائد "جيش الإسلام"، لواء "فجر الأمة" التابع للاتحاد الإسلامي لأجناد الشام بتخزين ألف طن من المواد الغذائية في مدينة حرستا، وبيعها بأسعار فلكية على أهالي الغوطة الشرقية وإن الكثير من أطفال الغوطة الشرقية يلجئون إلى حاويات القمامة الفارغة لأكل الدود الموجود عندها قائلا: "أطفالنا يأكلون الدود والاتحاد الإسلامي يخزن ألف طن من الغذاء".
الخلافات بين الفصائل
 وتابع قائلا: "إن احتكار الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام للمواد الغذائية، رفع الأسعار بشكل كبير، حيث أصبح كيلو الرز يُباع بـ1300 ليرة سورية، بينما ارتفع سعر كيلو السكر إلى 1900 ليرة، وفق قوله: وإن جيش الإسلام الذي يحكم أكثر من 70 بالمائة من أراضي الغوطة الشرقية، لا يجد قُوتا يكفيه لأكثر من أسبوع وسعر البنزين وصل إلى 1500 ليرة والاتحاد الإسلامي يخزّن مليون و200 ألف لتر بنزين".
 حديث زهران علوش جاء رد على "أبو سليمان طفور" القاضي العام السابق للقضاء الموحد الذي يضم "جيش الإسلام"، و"الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام"، الذي اتهم علوش بالتسبب في تدهور أوضاع الغوطة الشرقية متهما علوش بتسييس القضاء لصالحه، والتكبر على أهالي الغوطة الشرقية وهو ما نفاه علوش قائلا إنه هو الذي حرّض أهالي الغوطة على الخروج في المظاهرات المطالبة بإسقاطه، والشيخ سليمان يتهمني بتجويع الغوطة، ويصمت على فصيله الذي يخزن ألف طن من الغذاء وأنه يرفض بشكل قاطع اللجوء إلى السلاح في وجه الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، مطالبًا في الوقت ذاته وجهاء "الغوطة الشرقية" بالتدخل الفوري لحل النزاع بين الطرفين، ومما زاد من حدة الخلافات أيضا إتهام “جيش الإسلام” فصيل تابع لـ "الأجناد" باختطاف مجموعة مسلحة تابعة له، ولكن "الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام" نفى اتهامات "جيش الإسلام" لـ"لواء فجر الأمة" التابع له، واتهمه بالكذب وتزوير الحقائق وبشن حملة اعتقالات عشوائية وطالب بإطلاق سراح مسلحيه واعتذار "جيش الإسلام" ووقف حملة التشهير ضد "لواء فجر الأمة" فرد عليه "جيش الإسلام" بخطف مسلحين من "أجناد الشام"، وطالب جيش الإسلام بـ "تدخل المحكمة الشرعية" وإطلاق سراح المعتقلين ووقف المظاهر المسلحة، وتسليمه نفقاً اغتصبه "فجر الأمة" وإعادة الحقوق والمسروقات له. 
الخلافات بين الفصائل
 هذه الخلافات دفعت "القضاء الموحد" للفصائل الإسلامية المسلحة  إلى التدخل فيما بينهم  والتوصل إلى اتفاق بين كل من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام وجيش الإسلام وبوساطة كل من فيلق الرحمن وجبهة النصرة والشيخ سعيد درويش؛ بهدف حل الخلاف الحاصل بينهما في مدينة حرستا بالريف الدمشقي، ونص الاتفاق على ما يلي:
1- وجوب إزالة كافة المظاهر المسلحة والانتشار العسكري إلى ما كانت عليه قبل بداية المشكلة بينهما. 
2- أن يتم تبادل المعتقلين بين الطرفين برفقة كافة حاجياتهم واماناتهم وسياراتهم وبشكل فوري.
3- وقف جميع الحملات الإعلامية من الطرفين فور التوقيع .
4- تشكيل لجنة قضائية مؤلفة من قاضي من جيش الإسلام وآخر من الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، بالإضافة لقاضي مرجح من جبهة النصرة، على أن تُعطى اللجنة مدة خمسة عشر يومًا للبت في الدعاوي الخاصة المقدمة من الطرفين، مع أحقية القاضي المرجح التمديد لمرة واحدة بمدة خمسة عشر يومًا .
5- ضرورة التزام الطرفين الهدوء لمدة يومين من توقيع الاتفاق، ثم يتم تسليم "النفق الذي اختلف عليه الطرفان في مدينة حرستا" إلى اللجنة القضائية. 
6- تعهد فيلق الرحمن بتأمين مستلزمات جيش الإسلام (ذهابًا وإيابًا) حتى انتهاء المحاكمة .
7- إلزام فيلق الرحمن وجبهة النصرة بتنفيذ الحكم القضائي الصادر عن اللجنة القضائية المشكّلة، ويعتبر الفصلان مسئولان عن وضع آلية تنفيذ الحكم .
الخلافات بين الفصائل
 ويعد هذا الخلاف امتدادًا لخلافات قديمة بين قادة الفصائل الجهادية المتناحرة في سوريا، والذي يرجع لعدة أسباب، على رأسها ما يلي: 
1- اختلاف الرؤية الشرعية والسياسية لهذه الفصائل وصراعها مع النظام السوري. 
2- ربط هذه الفصائل صراعها بطبيعة الصراع في الشرق الأوسط  فهناك فصائل ترى انتماءها ومشروعها قطريًا وأخرى تراه سنيًا عابرًا بين العراق والشام.
3- دائما ما يحدد الدعم لهذه الفصائل من خلال ارتباطها بالمنظومة الإقليمية الذي يحديد أولويات المشروع لكل فصيل.
4- الفصائل السورية غير متفقة أصلا حول فكرة الدولة فهي إسلامية عند البعض ومتعايشة مع شكلها الحالي عند البعض الآخر. 
5- شعور بعض الفصائل بالقوة في مقابل فصائل أخرى أضعف مما يجعل الأولى تتجه إلى القضاء على الاخرى في صراع لا يخدم سوى النظام وداعش. 
6- تأمين الحدود التركية التي تشكل مصدر هام لدعم هذه التنظيمات.
الخلافات بين الفصائل
ومن أهم الصراعات بين الفصائل السورية 
1- القضاء تنظيم حزم وجمال معروف في إدلب وريفها من قبل جبهة النصرة. 
2- قضاء تنظيم داعش على عدة فصائل في حلب وريفها. 
3- محاولة القضاء على المجموعات المدربة أمريكيًا من الفصائل السورية المدعومة من تركيا من قبل جبهة النصرة. 
4- الصراع المستعر بين داعش من جهة وجيش الإسلام والأحرار والنصرة من جهة أخرى. 
5- الصراع بين جبهة النصرة وجيش المهاجرين والأنصار في ريف حلب، بعد رفض معظمهم المشاركة مع الفصائل في قتال تنظيم داعش بريف حلب.
6- الصراع بين أحرار الشام والمجموعات المتحالفة مع داعش في ريف حمص.
هذه الصراعات تصب في الأساس لصالح النظام السوري وهو ما أكد عليه العقيد قاسم سعد الدين الناطق باسم مجلس القيادة. العسكرية العليا لقوات المعارضة السورية قائلا: "إن الانقسامات في المعارضة السورية المسلحة تصب في صالح النظام فقط، وإنه لا أحد يضمن ألا تتصارع فصائل المعارضة المسلحة السورية مع بعضها بعضا في المستقبل وإن الانشقاقات والانقسامات تعود لعدم وفاء الغرب بالتزاماته تجاه الشعب السوري، وتقاعسه عن نجدته خاصة بعد قيام النظام بضرب الشعب بالسلاح الكيماوي وإذا لم يدعم الغرب الشعب السوري وهيئة الأركان فستتحول كل فصائل المعارضة المسلحة إلى جيوش "إسلامية سنية" قائمة على التعدد الديني والعرقي للشعب السوري، وهو بالطبع أمر خطير، وإن الغرب هو من سيحصد ثماره بالمستقبل".
الخلافات بين الفصائل
واعتبر عبد الناصر العايد المحلل العسكري والاستراتيجي السوري الأمد الزمني للحرب في سوريا والتدخلات الخارجية والاستقطابات الأيديولوجية والدينية أدت إلى تفسخ جبهة المقاومة الوطنية، وحولتها إلى مشاريع كتائب دينية تنبع من خلفيات عقائدية مختلفة مستبعدا توحد المعارضة؛ لأن ذلك أصبح أمرًا من الماضي، وهذه التشكيلات والكتائب تعودت العمل منفردة تحت قيادة زعاماتها ووفقا لأيديولوجياتها.
وأكد أن وجود مثل هذه الكتائب لا ينسجم مع المعايير العلمية التي يمكن أن يوصف بها جيش ما، وأوضح أن المعارضة السورية مسئولة بنسبة 50% عن عدم ظهور جيش موحد بالداخل السوري؛ لأنها انشغلت بمشاكلها الداخلية ولعبت دورًا من أسوأ ما يكون في هذه الثورة وتدخلت باستراتيجيات غير واضحة.
 وفي النهاية لا يخدم الصراع بين الفصائل المسلحة الإسلامية على مناطق السيطرة والنفوذ سوى النظام السوري وتنظيم داعش، أو أن هذا الصراع سوف يؤدي في النهاية إلى حرب أهلية سنية سنية وسيكون النظام وإيران هما المستفيدان منها بينما تبقى جبهة الأسد وحلفاؤه متكاتفة لا تسمح بأي شقاق داخلي.

شارك