صحيفة الإندبندنت: الأكراد بين مطرقة داعش وسندان تركيا۔۔۔"الإيكونوميست": مناورة "أردوغان"
الإثنين 10/أغسطس/2015 - 08:55 ص
طباعة
تقدم بوابة الحركات الإسلامية كل ما هو جديد يومًا بيوم وذلك من خلال تناول الصحف العالمية اليومية، وكل ما يخص الإسلام السياسي فيها اليوم الاثنين الموافق 10/8/2015
صحيفة الإندبندنت: الأكراد بين مطرقة داعش وسندان تركيا
نشرت صحيفة الإندبندنت تقريرًا عن الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق، وتجدد المواجهات بين أجهزة الأمن التركية والانفصاليين التابعين لحزب العمال الكردستاني.
وذهبت مبعوثة الصحيفة إلى معاقل حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق، لنقل أجواء استعداد مسلحي الحزب لمواجهة تقدم تنظيم "الدولة الإسلامية" في جبهتي مخمور وكركوك، إلى جانب قوات البيشمركة.
وتقول: إن حديث المسلحين الأكراد لم يكن عن الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" وإنما عن عدو قديم شمالًا، وهو تركيا.
فقد أعلن الحزب في نهاية يوليو أنه قتل اثنين من أفراد الشرطة التركية، انتقامًا لمقتل أكثر من 30 ناشطًا مواليًا للأكراد في تفجير ببلدة سروج التركية نُسب إلى تنظيم "الدولة الإسلامية".
فحزب العمال الكردستاني يتهم تركيا بمساعدة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو ما تنفيه تركيا.
وشرعت تركيا في شن غارات جوية على مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، ومواقع حزب العمال الكردستاني، شمالي العراق.
وتقول الصحيفة: إن الولايات المتحدة دافعت عن حق تركيا في ضرب مواقع حزب العمال الكردستاني، لكنها نفت أن يكون لذلك علاقة بسماح تركيا للطائرات الأمريكية باستعمال قاعدة جوية لضرب تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا.
فواشنطن تصنف حزب العمال الكردستاني تنظيما إرهابيا، ولكنها في سوريا توفر الدعم الجوي للمقاتلين الأكراد، الذين تربطهم علاقة وطيدة بحزب العمال الكردستاني.
وأوردت الإندبندنت في تقريرها رغبة مسلحي حزب العمال الكردستاني "التوجه شمالا لمواجهة القوات التركية" وتفضيل بعضهم قتال الجيش التركي عن قتال تنظيم "الدولة الإسلامية"؛ لأنهم يرون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هو الخطر الأكبر.
ويتهم الكثير من الأكراد تركيا بعدم مساعدة مقاتليهم في بلدة عين العرب (كوباني) التي حاصرها تنظيم "الدولة الإسلامية" عدة شهور، ولم تنج البلدة إلا بمساعدة الغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة في سوريا.
"الإيكونوميست": مناورة "أردوغان" الخطيرة
بقصفها الأكراد و"داعش"، تركيا تزيد من حجم الفوضى العارمة في الشرق الأوسط
يزداد القلق لدى حلفاء تركيا في الغرب بشأن رئيسها العنيد "رجب طيب أردوغان". ففي الداخل، أصبح أردوغان شموليًا ويتطلع إلى تغيير الدستور حتى يخول لنفسه المزيد من السلطات. وفي الخارج يتهاون بشأن مرور المتطرفين عبر بلاده للقتال في سوريا. وخلال عام من إعلان الجهاديين من أتباع تنظيم "داعش" عن إقامة ما يُسمى بدولة "الخلافة" في أجزاء من العراق وسوريا، وقيام الولايات المتحدة بحشد ائتلاف "لإضعافهم وتدميرهم نهائيًا، رفض "أردوغان" السماح لحلف "الناتو" باستخدام القواعد التركية.
ولعله خشى أن يستهدف الجهاديون تركيا. أو لعله ظن أنهم ذوو نفع وجدوى في الجغرافيا السياسة لمنطقة الشرق الأوسط. وكان ينبغي تبديد تلك الأوهام كافةً في العشرين من يوليو الماضي عندما قتل مفجر انتحاري 32 شخصًا في مدينة (سوروج) التركية على الحدود مع سوريا. وفي غضون أيام، أعلنت تركيا أنها سوف تسمح للولايات المتحدة باستخدام قاعدتها في (أنجرليك) وأن طائراتها قامت بقصف تنظيم "داعش". وثمة حديث الآن حول إقامة منطقة عازلة في سوريا لقطع آخر خطوط الإمداد التابعة "لداعش".
ويأمل كثيرون في أن يكون "أردوغان" قد أدرك – أخيرًا – حقيقة تهديد "داعش". غير أنه حتى الآن لم يسهم إلا في زيادة ضراوة الحروب الدائرة بالمنطقة. فكثيرًا ما يقوم سلاح الطيران لديه بقصف الأكراد الذين أثبتوا بشتى السبل أنهم أشد المقاتلين ضد "داعش" عزمًا وإصرارًا.
وكان "حزب العمال الكردستانى"، الذي شن حالة من التمرد ضد تركيا والذي تأرجح بين النشاط والسكون على مدى عقود، قد دعا إلى الثأر بخرق هدنة لوقف إطلاق النار على مدى عامين وقتل العديد من رجال الشرطة والجنود انتقامًا للتورط المفترض من جانب تركيا في قصف "سوروج" الذي دمر مركزًا ثقافيًا كرديًا. ولكن "أردوغان" يتسم – أيضًا – بالنزق والطيش.
فبإذكائه للمشاعر القومية المناوئة للأكراد يهدد "أردوغان" فرصة إبرام تسوية دائمة للقضية الكردية وإضعاف القتال ضد تنظيم "داعش".
لماذا تصمد الخلافة؟
بما أن "داعش" تتعرض لهجمات من قبل الولايات المتحدة ومجموعة لها ثقلها من الحلفاء، كان من المنتظر أن يتراجع هذا التنظيم تراجعًا كليًا. فمن المؤكد أن هناك صدوعًا في جدار الخلافة، إلا أنها صمدت وأحيانًا ما استولت على مناطق جديدة. وشكل صمودها أسطورة عن نعمة المقاومة الإلهية التي لا تُقهر والتي تستقطب معجبين من أنحاء العالم وتجذب مجندين وتفرز جماعات مماثلة محاكية لها.
ويأتي صمود دولة الخلافة من أن هزيمتها لا تمثل أولوية لأي طرف. فواشنطن تهدف إلى الحد من التزامها العسكري في الشرق الأوسط. وبالنسبة للسعودية ودول الخليج العربي، يكمن التهديد الكبير في إيران. وتتمثل المهمة الرئيسية لإيران في دعم الديكتاتور السوري "بشار الأسد". فالأسد يوجه اهتمامه الأول لكبح جماح متمردين آخرين. ويكمن الشغل الشاغل للمتمردين في التخلص من "الأسد ".
وكان أكثر أنواع القتال ضراوة ضد "داعش" في العام الماضي قد أُضرم في العراق على يد ميليشيات الشيعة و"البيشمركة" الأكراد، وفي سوريا من جانب القوات الكردية من "وحدات حماية الشعب" التابعة لحزب العمال الكردستاني.
وكانت بسالة الأكراد السوريين في الدفاع عن مدينة "عين العرب"، على مرأى كامل من كاميرات الفضائيات عبر الحدود في تركيا، قد نالت الكثير من الإعجاب والدعم المباشر من جانب سلاح الطيران الأمريكي. وعلى الرغم من أن تركيا قد أوت المدنيين الفارين من "عين العرب" إلا أنها شاهدت بشيء من اللامبالاة المقاتلين الأكراد وهم يقاتلون بضراوة ضد تنظيم "داعش" ولم تسمح- إلا على مضض- للأكراد العراقيين بدعمهم.
وبما تمتلكه من أقوى جيش في المنطقة، فإن تركيا قد تحقق توازنًا في مواجهة تنظيم "داعش ". ولكنها لديها – أيضًا – أولويات أخرى. ففي البداية، جعل "أردوغان" التخلص من "الأسد" مهمته الشخصية، وفيما بعد ساوره القلق بشأن الحيلولة دون تحقيق الأكراد المزيد من المكاسب. وعندما طرد الأكراد "داعش" من مدينة "تل أبيض" الحدودية، حذرتهم تركيا من أن يعبروا نهر الفرات ويلتحقوا بمنطقة كردية أخرى نحو الغرب. "فالمنطقة الخالية من داعش" في سوريا والتي تنشدها تركيا تبدو على الأرجح منطقة خالية من الأكراد.
ويرتاب الكثيرون في أن "أردوغان" يستغل الأزمة لمصلحته السياسية في الداخل. فعندما اعتلى حزبه (العدالة والتنمية)، الذي يتسم بنزعة إسلامية، السلطة لأول مرة عام 2002، كان "أردوغان" مصلحًا يسعى إلى إبرام اتفاق مع الأكراد. ولكن في انتخابات يونيو، خسر أغلبية الأصوات أمام حزب "الشعوب الديمقراطي" الذي كان ظهوره قويًا، حيث إنه يمثل جماعة تميل إلى التيار اليساري وتتسم بالدهاء وتربطها صلات قوية بالأكراد. لذا "فإن "أردوغان" حاليًا يلعب بورقة العداء للأكراد. وقد تنصل من "خارطة الطريق" للسلام الذي يتفاوض بشأنه كل من حزب "العدالة والتنمية" وحزب "العمال الكردستانى".
ويقول: إن محادثات السلام "غير ممكنة" ويريد نزع الحصانة عن أعضاء البرلمان من "حزب الشعوب الديمقراطي". وبقصف قواعد "حزب العمال الكردستاني" في العراق ربما يحاول "أردوغان" قطع الدعم عن حزب "الشعوب الديمقراطي" قبل الدعوة إلى عقد انتخابات جديدة هذا الخريف للحصول على الأصوات التي يحتاجها لتغيير الدستور.
وإذا كان ذلك كذلك، فإن حلف "أردوغان" يهدد بالزج بتركيا في محرقة الشرق الأوسط. وينبغي على حزب "العدالة والتنمية" أن يتجاهل تدبير الرئيس ويرضخ لتشكيل ائتلاف مع الوسطيين واستئناف محادثات السلام مع الأكراد. ويتعين على حزب "العمال الكردستاني" أن يستعيد الهدنة: إذ إن أكثر من ثلاثة عقود من القتال لم تسفر إلا عن البؤس والشقاء.
وأما الآن، وقد تخلى حزب "العمال الكردستاني" عن نزعته الانفصالية القديمة، فإن المفاوضات بشأن تداول السلطة وحقوق اللغة تقدم أفضل آفاق للسلام. ولو أن الأسلحة التركية والكردية سُددت إلى "داعش" بدلاً من تسديدها إلى بعضهم البعض، لكان ذلك أفضل لتركيا والشرق الأوسط والعالم أجمع.