هل تحسم القوانين مصير الحرب الطائفية المستعرة بالعراق؟

الثلاثاء 11/أغسطس/2015 - 08:17 م
طباعة هل تحسم القوانين
 
تشهد العراق حربا طائفية زادت وتيرتها منذ  الاحتلال الأمريكى للعراق في ابريل 2003م  وتحاول  الحكومات العراقية المتعاقبة التي على هذه المشكلة على الرغم من أن بعضها كانت السبب الرئيسي في تأجيجها وعلى رأسها حكومة الجعفري  والمالكي  وهو ما دفع الكتل النيابية المنتخبة الى اقتحام هذه المشكلة حيث طالب  كاظم الشمري    النائب عن ائتلاف الوطنية إنه بدأ بجمع تواقيع 33 نائبا لتشريع قانون تجريم الطائفية و أن الائتلاف تبنى حملة لجمع توقيعات  البرلمانيين بشأن تشريع قانون يجرم أي تصرف أو قول يحرض على الطائفية أو يشجع على محاربة الآخر أو إقصائه لأسباب عنصرية سواء في وسائل الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الدينية وبغض النظر عن انتماء الشخصية.
هل تحسم القوانين
وتابع أن أحد أهم الأسباب والأوراق الرابحة للفاسدين وأعداء العملية السياسية هي الطائفية المقيتة والتحريض عليها تحت مسميات شتى وهناك أصوات سياسية و دينية ومجتمعية تسعى بشكل أو بآخر لتحريك الطائفي خدمة لأحزاب سياسية أو شخصيات منتفعة و أن تظاهرات المواطنين المطالبين بالخدمات جمعت العراقيين الوطنيين الحريصين على وحدة البلاد.
وهناك عدة أسباب لتنامي الطائفية في العراق حاليًا يأتي على رأسها: 
1- تصاعد التدخل الإيراني مما أدى إلى زيادة النفوذ الشيعي حيث شغلت إيران موقع الدولة الخارجية ذات النفوذ الأكبر في العراق بعد الانسحاب الأمريكي عام 2011م، وكانت قد بدأت تلعب دورًا كبيرًا في الأحداث العراقية منذ الغزو الأمريكي في 2003م، لكن هذا الدور أصبح معلنًا بوضوح أكثر من أي وقتٍ قبل منذ بداية هذا العام وأصبح لها نشاطًا بارزًا.
هل تحسم القوانين
2-  دعم الحكومة الإيرانية للحكومة العراقية في عدة  أمور منها دعم قوات الأمن العراقية والميلشيات الشيعية في محاربة تنظيم  (داعش)، وذلك بتجهيزهم بالعتاد والأسلحة والمعدات، كما يقوم المستشارون الإيرانيون الموجودون في العراق بالإشراف على المشهد الميداني وتقديم المشورة خطوة بخطوة.
3- إشراف إيران على عدد غير مسبوق من الميليشيات الشيعية في كلّ من العراق وسوريا، ونجاح التنسيق بينهم، حيث إنهم خرجوا من ولاءاتهم المحليّة ليعززوا ولاءهم لمرجعيات دينية شيعية، جعل الأمر يبدو أننا أمام قوات شيعية عابرة للحدود ومنظمة.
4- تمركز السلطة والقوّة في العراق بيد جهات شيعية زاد من تفاقم الطائفية خاصة بعد أن رافق هذه السلطة الكبيرة للشيعة انتهاكات صارخة ودوريّة للمكون السني مما ولّد حالة استياء سنيّة عامة قابلة للانفجار.
هل تحسم القوانين
5- تصاعد الهجمات والانتهاكات الطائفية ضد المسيحيين  العراقي حيث أكد  النائب المسيحي في البرلمان العراقي يونادم كنا، أن عام 2014 كان الأسوأ على الإطلاق بالنسبة للمسيحيين؛ حيث أدت الهجمة الشرسة لمسلحي (داعش) على الموصل ومناطق المسيحيين في سهل نينوى إلى نزوح 160 ألف مسيحي على الأقل.
6- حدوث عملية إفراغ للعراق من المسيحيين منذ عام 2003 مع تصاعد أعمال العنف والتوجه الطائفي، وتصاعدت في عام 2006 لتبلغ ذروتها في السنين الأخيرة، ولا يوجد أرقام دقيقة حول عدد المسيحيين المتبقيين أو المهاجرين، حيث تتحدث بعض التقديرات عن انخفاضها إلى 400-500 ألف بعد أن كان يبلغ إجمالي السكان المسيحيين مليون ونصف تقريبًا قبل حرب العراق.
7- لعبت  السياسة العراقية بعد الغزو الأمريكى دورًا بارزًا  في تغذية الخطاب الطائفي بسبب التحشيد الجماهيري أو الشعبي لمصلحة حزب معين  والمنحى الطائفي عند له عند  التأسيس 
8- عدم وجود قوانين وتشريعات حازمة ضد الطائفية في العراق وهو ما أدى إلى تناميها 
9-  وجود وسائل إعلام عراقية اتخذت من نفسها منبرًا لبث الفرقة وإثارة الطائفية، وتقتنص الأحداث والحوادث لتصدّر خطاب مهدد للسلم الأهلي
هل تحسم القوانين
الجيش العراقى ايضا اتهم بالطائفية على الرغم من الحساسية الفائقة للمؤسسة العسكرية  وما يتطلبه عملها من تعامل عناصرها  بحذر شديد لتجنّب أي تصرّف طائفي أو عنصري ولكن على الرغم من ذلك  سجّلت حالات كثيرة رفعت في خلالها وحدات من الجيش العراقي أعلاماً دينيّة  وأطلقت هتافات دينيّة خاصة بطائفة محدّدة وظهر  اتجاه طائفي صريح في  عمليات الأنبار الأخيرة والتي ما زالت مستمرّة على الأرض وقد ترافق بعضها بانتهاكات لحقوق الإنسان، ومنها على سبيل المثال حرق جثث القتلى بالتزامن مع إطلاق هتافات دينيّة احتفاليّة بالإضافة إلى الاعتداء على النساء وضرب المعتقلين وقتل المدنيّين والتنكيل بجثث القتلى وهو ما يستلزم  قوانين وأعراف إداريّة وإجراءات قضائيّة صارمة ومتشدّدة جداً بخصوص التصرّفات ذات الطابع العنصري أو الطائفي  للحيش  مع ضرورة ألتزمه بالاتفاقيات الدوليّة التي توجب على الدول اتخاذ التدابير كافة لمنع حدوث أي نوع من الممارسات العنصريّة وكل ما من شأنه أن يتسبب بأجواء غير متسامحة وبانتهاكات مختلفة لحقوق الإنسان.
هل تحسم القوانين
وطالب على معموري الكاتب الصحفي الحكومة العراقية  بضرورة  دراسة مشروع قانون متكامل لمكافحة العنصريّة والتمييز والطائفيّة بكل مفاعيلها ومن ثم طرحه على مجلس النواب للتصويت عليه وإيجاد وحدات تدريبيّة قانونيّة في الجيش لتدريب الجنود والضباط على تلك القوانين بشكل مستمرّ مع  ، إيجاد مكاتب تحقيق ومحاكم قضائيّة خاصة بالمخالفات المرتبطة بهذا القانون ومعاقبة المتورّطين في أسرع وقت وبشكل صارم جداً.
وشدد فاضل الغراوي عضو مفوضية حقوق الانسان في العراق ان العبث بالسلم الاهلي في العراق تحركه اجندات خارجية، يساعدها في ذلك خطابات السياسيين المتشنجة مثلما حصل في احداث الاعظمية، داعياً إلى إيجاد برنامج يحقق السلم الأهلي بالعراق عن طريق الاستفادة من تجارب دول عديدة مرت بصراعات معقدة كجنوب إفريقيا وغيرها، على أن يترافق تطبيق المشروع بوضع آليات قانونية ومجتمعية وارشادات دينية وغيرها.
هل تحسم القوانين
واعتبر احمد الشريفي الخبير الأمني ان توتر الاوضاع الامنية وتسميم اجواء العراق بنعرات طائفية مقيتة انما يتحملها النموذج السياسي القائم في العراق بالدرجة الاساس بسبب خطابات السياسيين المتشنجة، وان البعض منهم يحاول ان يغطي على الفساد باثارة النعرات الطائفية كما حصل في الاعظمية و ان تحسين النموذج السياسي في العراق لا يتم الا بعد اقرار قانون الاحزاب في العراق حتى يتمكن العراقيون من معرفة قيادات الحزب السياسي ومصادر تمويله وبرنامجه الحقيقي.
هل تحسم القوانين
وقال هادي جلو مرعي مدير المرصد العراقي للحريات الصحفية في نقابة الصحفيين العراقيين أن إثارة الخطابات المتشنجة لا يقف وراءها السياسيون وحدهم، بل أن بعض وسائل الاعلام اتخذت من نفسها منبراً لبث الفرقة واثارة الطائفية، وهي تقتنص الاحداث والحوادث لتصدّر خطابها المهدد للسلم الاهلي و ان من الصعوبة بمكان السيطرة على تلك القنوات، كما يبدو، أو وقف بث مثل تلك القنوات نظراً لتعدده، كما ان معظمها يبث من خارج الحدود ولديها مكاتب في عدة دول عربية واقليمية. 
واشار الى ان هذه القنوات لا تعتمد أحيانا على صحفييها وانما تلجأ الى فيديوهات وصور منشورة في مواقع التوصل الاجتماعي مثل الـ"فيسبوك"، وتبني عليها مادتها الاعلامية و ان وسائل الاعلام التي تبث الخطاب الطائفي لا تخضع للشروط المهنية واخلاقيات المهنة، وانما تخضع لأجندات داخلة في الصراع السياسي القائم في العراق، لتتحول بالنهاية الى احدى ادوات الصراع.
هذه الأسباب والأطروحات السابقة تؤكد على أن العراق بحاجة ملحة إلى قوانين حازمة للقضاء على الطائفية المستعرة  بالعراق من خلال سياسات حقيقية لحكومة وطنية لكل الشعب العراقى وليس أحد مكوناته فقط .

شارك