هل يمنع الإرهاب المنتشر في الجسد السوري التقارب الروسي مع المعارضة المعتدلة؟

الخميس 13/أغسطس/2015 - 12:44 م
طباعة  هل يمنع الإرهاب
 
على الرغم من أن روسيا وسيط منحاز بشكل كامل إلى النظام السوري  ضد المعارضة السورية بكافة توجهاتها، لكن العديد من مكونات المعارضة تسعى دائمًا إليها للضغط على الأسد من جهة ومحاولة كسب دعمها من جهة أخرى، ولكن دائمًا ما تواجهها انتشار العناصر الجهادية المسلحة وعلى رأسها تنظيم داعش والنصرة، ولكن المفاوضات دائمًا مستمرة، وهو الأمر الذي يتم منذ فترة وحاليًا؛ حيث يلتقي رئيس الائتلاف الوطني السوري خالد خوجة في موسكو اليوم 13-8-2015م يرافقه عدد من أعضاء الائتلاف، هم نغم غادري ومصطفى أوسو، وبدر جاموس وجورج صبرة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومن ثم المبعوث الخاص للرئيس الروسي لمنطقة الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.
 هل يمنع الإرهاب
وتبحث اللقاءات آخر المستجدات السياسية، وستناقش الإحاطة التي تقدم بها المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن، والوضع الميداني وأهمها ما يحصل في مدينة الزبداني، بالإضافة إلى موقف الائتلاف ووثيقة التسوية السياسية التي أقرها، وتوافق عليها مع مكونات المعارضة السورية، وهو الأمر الذي سبق وأكده ميخائيل بوغدانوف المبعوث الروسي الخاص إلى الشرق الأوسط، نائب وزير الخارجية، في وقت سابق بأن بعض وفود المعارضة السورية ستصل إلى موسكو في الأيام القريبة القادمة.
العلاقة الروسية مع المعارضة السورية لم تكن منذ بداية الأزمة السورية جيدة؛ حيث دعم الروس نظام الرئيس بشار الأسد بكل قوة ورفضت جميع الخطط الأمريكية الهادفة إلى حماية المعارضة السورية بتوجيه ضربات جوية لقوات النظام السوري، بل وحذرت واشنطن من تصاعد التوتر الأمني في سوريا في حال نفذت مخطط توجيه ضربات جوية للقوات السورية، واعتبرت أن تقديم مساعدات مالية أو تقنية للمعارضة السورية من شأنه أيضًا أن يؤدي إلى تفاقم الوضع في سوريا، وأن إضعاف القيادة السورية سيؤدي إلى فقدان القدرة على مواجهة تنظيم الدولة (داعش).
 هل يمنع الإرهاب
وهناك عدة أسباب لدعم روسيا للنظام السوري، تتمثل فيما يلي: 
1- رغبة روسيا في استمرار مبيعات الأسلحة الروسية إلى دمشق حيث طلب الأسد الحصول على أسلحة من روسيا بقيمة 3.5 مليارات دولار أمريكي.
2- استمرار وجود القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري؛ لأن نجاح الثورة ضد الأسد يعني زوال هذه القاعدة المهمة لروسيا في البحر المتوسط. 
3- رغبة الكرملين في إظهار نفسه على أنه قوة عالمية تستطيع فرض إرادتها على العالم بالوقوف إلى جانب الحكومة السورية، وإن لا أحد سواء الأمم المتحدة أو أية وكالة أو مجموعة دولية أخرى لها الحق في تقرير مصير دولة تدعمها موسكو.
4- رغبة موسكو في القضاء على حجج التدخل الإنساني التي يرددها الغرب كلما أراد التدخل في الشأن الداخلي للدول؛ لأنها ترى فيه تمويهًا يخفي سياسة تهدف إلى تغيير الأنظمة.
5- اعتقاد الروس أن موقفهم المتشدد ضد المعارضة ليس فقط وسيلة لصيانة مصالح روسية معينة، وإنما فرصة لتحقيق مكسب سياسي مهم بالسيطرة على الأوضاع في سوريا.
6- رغبة موسكو في التأكيد على أن لها نفوذًا خاصًّا على دمشق، وأنها تنصح الأسد بتغيير سيرته، وإجراء بعض التغييرات الشكلية حتى تكون قادرة على الدفاع عن النظام بشكل أفضل بدعم منهم. 
7- تحاول موسكو التواجد داخل الأزمة السورية في كافة الاتجاهات، فحتى في حال اضطرار الأسد وبطانته المقربة إلى الرحيل، فإنها قد تتاح لها الفرصة لصياغة إطار تفاوضي يشارك فيه أطراف خارجيون، ما يمنح موسكو هامشا للمناورة بشأن مصالحها التجارية والعسكرية في سوريا.
 هل يمنع الإرهاب
المعارضة السورية بمختلف أطيافها، اعتبرت من البداية أن الموقف الروسي منحاز إلى جانب الأسد؛ ولذلك فقد رفضت تشكيل ائتلاف دولي موسع يضم نظام الرئيس بشار الأسد ضد "داعش"، وقال هشام مروى المعارض السوري أن "مواجهة الإرهاب تمر عبر تشكيل هيئة انتقالية تضم كل السوريين وأنه لا مكانة للأسد في هذه المرحلة ولا في مستقبل سوريا". 
وشدد هيثم مناع عضو الائتلاف الوطني السوري على أن الانتصار على داعش يمر عبر إحداث تغير سياسي في سوريا، يضم كل القوى السورية وأننا نريد إقناع لافروف بالانضمام إلى المقاربة البراجماتية التي طرحها المبعوث الأممي إلى سوريا ستفان دي مستورا، وهي مناقشة مختلف المسائل المتعلقة بإطلاق مسار يمكن أن يقود إلى عقد "ندوة جنيف 3"، والتي تتضمن تشكيل أربع لجان تضم النظام والمعارضة الأولى، وتتعلق بالمجال الأمني ضمن مسعى لرفع الحصار عن مختلف المدن السورية، والسماح لسكانها بتلقي العلاج، وإطلاق سراح المعتقلين، بينما تهتم الثانية ببحث المسائل السياسية، على غرار تنظيم انتخابات وتشكيل حكومة مؤقتة، على أن تخصَّص اللجنة الثالثة لبحث الجانب العسكري؛ من خلال مكافحة الإرهاب ووقف إطلاق النار. أما اللجنة الرابعة فتخصَّص لإعادة الإعمار.
وبذلك من الممكن أن تشكل المفاوضات الجارية بين موسكو والمعارضة المعتدلة بداية للتقارب بين الطرفين في محاولة للوصول إلى صيغة مرضية لكافة الأطراف، ليس بالضرورة أن يكون الأسد أحد أطرافها. 

شارك