هيئة علماء المسلمين.. هل اتفق الإخوان ورجال إيران في العراق؟

الأحد 16/أغسطس/2015 - 12:08 م
طباعة  هيئة علماء المسلمين..
 
أطلقت هيئة علماء المسلمين في العراق المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، في مؤتمر لها مساء السبت، مبادرة لإنقاذ العراق والمنطقة، تحت عنوان "العراق الجامع"، المبادرة التي كانت اقرب إلى تغير الشكل السياسي في العراق، بما يشير إلى أن هناك طبخة جددة تعد في بلاد الرافدين لتغير دستور بريمر 2005.

نص المبادرة:

نص المبادرة:
وتضمنت المبادرة التي تلاها الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، الدكتور مثنى الضاري، أربعة بنود تتمثل وتتضمن المبادرة ما يأتي:
أ. الدعوة إلى لقاءات تشاورية موسعة بين القوى العراقية المناهضة للمشروع السياسي القائم في العراق؛ لغرض الاتفاق والتنسيق على مبادئ وثوابت مشروع العراق الجامع وتفعيلها.
ب. الدعوة إلى عقد سلسلة من الندوات الموسعة بين كفاءات ونخب المجتمع وقواه المدنية الفاعلة، وقادة الرأي والواجهات الاجتماعية؛ لتقريب وجهات النظر والوصول إلى رؤى متقاربة ما أمكن.
ج. الدعوة إلى اجتماع شرائح وفئات مجتمعية مهمة في كيانات وعناوين؛ تمهيداً لمشاركتها في أي جهد عراقي جمعي قادم، ودعم رأي عام عراقي وتوسعته نحو حركة جماهيرية ناشطة.
د. الدعوة إلى عقد مؤتمر عام؛ لتأسيس إطار عراقي جامع، يكون عنواناً واحداً ينظم أفكار ومنطلقات القوى العراقية سالفة الذكر من خلال ميثاق للعمل المشترك، يقوم على أسس الوحدة، واستقلال القرار العراقي، ورفض التبعية للخارج القريب والبعيد، وتعزيز السلم المجتمعي، ويقطع الطريق على محاولات الانفراد ببعض القوى وسحبها لتنازلات انفرادية أو فخاخ معدة هنا وهناك، وتحضيراً لحل مناسب يحول دون وقوع العراق فريسة الفراغ القاتل. 

دواعي المبادرة

دواعي المبادرة
وقال الأمين العام لهيئة علماء المسلمين، الدكتور مثنى الضاري، في مؤتمر صحفي، عقد في العاصمة الأردنية عمّان: أولاً: بعد معاناة طويلة من تغول الحكومات المتعاقبة وأجهزتها القمعية ومصادرتها لحق الشعب في المطالبة بحقوقه، واحتجاجه على السياسات الفاسدة والظالمة؛ اضطر الشعب العراقي بتاريخ (25/2/2011) إلى القيام بثورة سلمية ضد حكومته انطلقت في ست عشرة محافظة عراقية من أصل ثماني عشرة، منددة بسياسة القتل والاعتقال والفساد التي طالت مؤسسات الدولة جميعها.
وكانت تلك الثورة ثورة شعب بكل مكوناته، تعرض لظلم شديد لما يقرب من عقد، وصور الظلم التي تعرض لها الشعب العراقي كله معروفة، تتلخص في أمور كثيرة، منها: الإسراف في القتل والاعتقال والتعذيب والاغتصاب، والتطهير والإقصاء والتهميش، والفساد المالي والإداري، والإذلال الممنهج مع سبق الإصرار والتعمد، وسرقة المال العام، وغياب الخدمات؛ والأرقام والإحصائيات الدولية بهذا الصدد مروعة ومعروفة، وما خفي كان أعظم.
ثم انطلقت مرحلة ثانية من الثورة الشعبية وذلك من خلال التظاهرات والاعتصامات، التي بدأت بتاريخ (23/12/2012)، وقمعت بالحديد والنار أيضًا، وسقط المئات من المتظاهرين السلميين في ساحات الاعتصام بين قتيل وجريح؛ الأمر الذي اضطر الناس إلى الدفاع عن أنفسهم في مواجهة مسلحة، تم فيما بعد تحريف مقاصدها، والالتفاف على غاياتها.
واليوم نشهد معالم مرحلة ثالثة من مراحل الثورة الشعبية؛ بدأت في محافظاتنا الجنوبية وانتقلت إلى العاصمة بغداد، بعد بروز حالة الإفلاس التي كان يحذر منها المتخصصون بسبب الفساد المستشري، وتداعياتها التي أتت على ما تبقى من جسد البلاد المتعب، الذي أنهكته السرقات، وتهريب الأموال، وتحكم أمراء الحرب فيه بمصائر الناس، ومستقبلهم. وفي هذا كله دلالات واضحة على أن شعبنا العظيم سئم هذه الأوضاع، وما عاد قادراً على تحمل وطأتها، وأنه اليوم يتطلع إلى الخلاص.
ثانياً: بعد توريط الشعب العراقي في حرب دموية لا ناقة له فيها ولا جمل، ينزف خلالها أبناؤه دماً عزيزاً، ويفقد في أوارها قوته يوما بعد يوم، ولا أحد يدري لم هذه الحرب، ومن المستفيد منها، وإلى أين ستنتهي، ولماذا يلقي أبناء العراق فلذات أكبادهم في أتون صراع لا يعدو أن يكون صراعا بالوكالة، تؤججه أطراف دولية من الخارج لا تريد للعراق وشعبه خيراً، ولمصلحة من يهجر الملايين من أبنائه بيوتهم ومدنهم، ليتفرقوا في طول البلاد وعرضها، ما بين الصحارى، أو السكن في أماكن أخرى تزيد من معاناتهم، ومعاناة الذين يحتضنونهم؛ بعد ذلك كله كان لزاماً أن ينبري الحكماء لفعل شيء؛ من أجل وقف نزيف الدماء، ودفع عوامل الفرقة والتمزيق، وإعادة اللحمة الوطنية لشعب لم يعرف التجزئة على مدار تاريخه، وإعادة كل عراقي إلى موطنه وبيته آمنًا مطمئنًّا.
ثالثاً: أصبح من المُسَلمات أن النظام السياسي القائم في بغداد لا يمثل العراقيين جميعاً؛ وأنه مصمم لخدمة مصالح أحزاب وجهات محددة، بعيداً عن مصالح الشعب، ووفقاً للدستور- الذي تمخض عنه النظام السياسي- وشكل حجر الزاوية في الفشل الخطير والمتلاحق لهذا النظام وعمليته السياسية؛ الأمر الذي يعرب عن حقيقة أن تغيير أسس النظام السياسي القائم في العراق بأي صيغة مرضية تضمن بقاء مقومات كيان العراق الرئيسة، وتحفظ وحدته وسيادته الحرة؛ من شأنه أن يعطي فرصة حقيقية لبناء عراق جديد، يستطيع القضاء على بؤر الصراع في أرضه، ويوفر الحياة الآمنة لأبنائه، ولا يسمح باتخاذه معبراً؛ لإلحاق الأذى بدول المنطقة والعالم.
رابعاً: إن تجربة مداها أكثر من ثلاث عشرة سنة فشلت فيها وجوه العملية السياسية المختلفة: مبدأ وأشخاصاً وتطبيقات، في إدارة شئون العراق، وجلب الاستقرار له، والمحافظة على عناصر القوة فيه، حتى استحق عن جدارة وصفاً أطلقته بحقه منظمات دولية متخصصة، وهو: (الدولة الفاشلة)؛ لا يمكن بعد هذه التجربة المرة إقناع العالم أن هذه الوجوه نفسها ستنجح هذه المرة، إذا قدم لها المزيد من الدعم الدولي؛ فتجربة المجرب عقيمة، وأي حل ترقيعي يبقي قواعد اللعبة السياسية القائمة الآن كما هي، ويبقي السياسيين على خطاياهم وأخطائهم لن يكون ناجعاً بالمرة؛ وسيقود العراق والمنطقة إلى مزيد من الهاوية، وهذا ما يستدعي البحث عن مخرج سليم يضع الأمور في سياقها الطبيعي، والحقوق في أنصبتها، ويقطع دابر الفساد والدمار.
خامساً: اندلاع الصراع بين مكونات العملية السياسية نفسها؛ كنتيجة طبيعية لما ارتكبته بحق العراق والعراقيين؛ ينذر بتداعيات أشد خطورة، ومستقبل يفتح على الشعب أبواباً أخرى من الجحيم. وسبق لنا أن نبهنا مراراً وتكراراً على ذلك، وحذرنا من تداعياته ومخاطره، وهذا ما انكشف الآن، وبان لكل ذي عينين، وقطع حجج كثيرين ممن كانوا يجادلون في ذلك؛ مما يتطلب استدراك الأوضاع قبل بلوغها المرحلة التي لا عودة فيها، والدخول في نفق مظلم آخر، يأتي على ما تبقى من مقومات الشعب والبلاد.
سادساً: فشل كل المحاولات الدولية لتخفيف الأضرار، وإصلاح الخلل، وعقد المصالحات، بما في ذلك جهود الأمم المتحدة، التي أرسلت خلال السنوات الماضية عدداً من المبعوثين الخاصين لأمينها العام دون إنجاز يذكر، حتى غدا المجتمع الدولي وسط حيرة كبيرة في كيفية التعاطي مع الشأن العراقي وتداعياته المستمرة، وتقديرنا أن من الأسباب الرئيسة لذلك هو تغييب القوى العراقية الكفوءة عن المشهد، وتسليم مقاليد الأمور لغير أهلها.

مشروع العراق الجامع

رأت الهيئة في مؤتمرها أن فحوى المبادرة يكمن في أن "المرحلة الحالية بحاجة ماسة جدا لصيغة ما لعمل عراقي مشترك قائم على الوضوح، يتيح الجمع بين الرؤى والتوجهات والأفكار المشتركة؛ من أجل إيجاد حلول ناجعة وحاسمة قدر الإمكان. ومن هنا جاء الإعلان عن إطلاق المبادرة تحت عنوان: (مشروع العراق الجامع.. الحل المناسب لإنقاذ العراق والمنطقة)".
وإرساء قواعد هذا المشروع المبارك تضمن تحقيق الآتي: 
١ـ إزالة المخاوف التي تراود بعض أطياف وتنوعات المجتمع العراقي من الآثار التي قد تنتج عن التغيير.
٢ـ توسيع رقعة المشاركة الجماهيرية في مقاومة التدخل والنفوذ الخارجي الضار بالعراق ومواطنيه، وإقناعها بإمكانية توفير البديل.
٣ـ استقطاب قادة الرأي والشخصيات الفاعلة والمؤثرة في المجتمع العراقي للمشاركة في التغيير الحقيقي.
٤ـ توحيد جهود القوى العراقية وتوسيع دائرة القوى المشاركة في مشروع التغيير، تحت مظلة جامعة تتبنى مسئولية تحديد المسار وتوزيع المهام.
وشهد إعلان المبادرة حضور شخصيات عراقية ومؤسسات مجتمع مدني عراقي، وواجهات عشائرية من أطياف مختلفة. 

مهاجمة إيران

مهاجمة إيران
وهاجمت هيئة علماء المسلمين في إعلان المبادرة "الاحتلال الإيراني للعراق"، وقالت: إن "العراق يعاني تدخلًا إيرانيًّا ضارًّا بمصالحه كل الضرر، ونفوذًا متناميًا، واحتلالًا غير معلن، أدى إلى إرباك المنطقة، وإثارة مخاوف دولها، وهذا ما يشي بأن أي عملية لإيجاد صيغة تفاهم بين العراقيين، وتأسيس دولة عراقية مستقرة، فإن ثمة من سيضع دونها العقبات".

تغير الدستور والنظام السياسي

تغير الدستور والنظام
وفيما يشبه الاتفاق مع مساعي رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي، في طموحه ومساعيه لتغير الدستور، شددت هيئة علماء المسلمين في العراق، على أن الدستور الحالي للعراق أحد أسباب فشل الدولة العراقية.
كما ذكّرت المبادرة المجتمع الدولي بعدم جدوى إصراره على (تجاهل الأسباب الحقيقية الكامنة في الأسس الخاطئة التي قامت عليها العملية السياسية في العراق، والدستور البائس الذي استند إليها، والاعتماد على الفاسدين في إدارة البلاد، وإقصاء القوى الوطنية بكل الوسائل)، ثم أوضحت أن أمام العالم ولا سيما الدول الإقليمية (فرصة تاريخية لتكون طرفاً عادلاً وفاعلاً في إقناع المجتمع الدولي ورعاة العملية السياسية؛ بتصحيح المسار الخاطئ في العراق)؛ حيث إن (اجتماع الإرادات العراقية والعربية والإقليمية والدولية على إيجاد قناعات حلول واقعية وشاملة؛ كفيل بإنهاء مشاكل العراق الخطيرة).
وأكدت المبادرة على أن:" الهدف الأسمى للعراقيين جميعا لا ينحصر في الضرب على أيدي المفسدين فحسب، وإنما يتجاوز ذلك إلى بناء مشروع عراقي حقيقي، يضع رؤية مستقبلية شاملة؛ تضمن بناء إرادة حرة للشعب العراقي، وتنقله من واقعه الحالي إلى واقع العمل السياسي الحر والمستقل عبر انتخابات حرة، بشروط تضمن نزاهتها ومشاركة العراقيين جميعاً فيها، وتفرز ممثلين حقيقيين عنهم؛ لكتابة دستور يحقق آمال أبناء الشعب العراقي جميعاً ويلبي طموحاتهم، ويضمن لهم التداول السلمي للسلطة بعيداً عن الأثرة والأنانية والإقصاء؛ ليتجاوزوا النفق المظلم الذي يعيشون فيه، والمستقبل المجهول".
وأعلنت الهيئة: عن فتح أبوابها لجميع أبناء الشعب العراقي ومن كل المكونات والأطياف للتواصل، وتسخير قدراتها كافة في سبيل تحقيق أهداف هذه المبادرة، وبما يضمن وضع العمل الناجع في بداية الطريق من جديد، قياماً منها بواجبها، مع تعهدها بأن تكون جزءاً فاعلا في أي جهد، وعاملاً مساعداً ومنتجاً وناصحاً ومسدداً؛ فهمنا الأول هو تيسير السبل، وفسح المجال لعجلة العمل بأن تمضي في طريقها، بالتعاون بين الجميع ووفق صيغة التعاون المشترك؛ اقتناعاً منا بأن نقاط قوة المشروع العراقي الجامع هي في اجتماع كلمة أطرافه وتعاونها وتوافقها، والله سبحانه هو الهادي إلى سواء السبيل".

هيئة علماء المسلمين

هيئة علماء المسلمين
تأسست هيئة علماء المسلمين، في 14 أبريل 2003، عقب سقوط نظام صدام حسين في العراق علي يد القوات الأمريكية، وبعد أيام من الاحتلال الأمريكي لبلاد الرافدين بقي الهم السياسي جزءا أساسيًّا من اهتمام الهيئة وبياناتها بما يخص التطورات والصراعات السياسية على الساحة العراقية.
وتعرف الهيئة نفسها بأنها "كيان يضم مجموعة من العلماء المتخصصين بالشريعة يحملون مجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية يعاونهم في ذلك المسلمون من أهل الاختصاص في العلوم الأخرى، ويؤازرهم عامة المسلمين في النشاط العلمي".
من أبرز من أسسوا هيئة علماء المسلمين: الشيخ الدكتور حارث الضاري والشيخ أحمد حسن الطه والدكتور محمد عبيد الكبيسي والشيخ الدكتور بشار الفيضي والشيخ الدكتور عبد السلام الكبيسي. والشيخ الدكتور إسماعيل البدري والشيخ عدنان العاني والشيخ الدكتور فهمي القزاز وغيرهم الكثير من المشايخ، وفي مايو الماضي انتخب مثنى حارث الضاري، أمينا عاما للهيئة.
وللهيئة 26 فرعًا داخل العراق، يعمل منها الآن 15 فرعًا، فيما أوقف عمل الفروع الأخرى لأسباب أمنية؛ نظرًا لصعوبة العمل الميداني العلني في تلك المناطق. وتشرف الهيئة على أكثر من 40 مدرسة دينيّة في العراق، إشرافًا كاملًا أو جزئيًّا.

المشهد العراقي

المشهد العراقي
في الوقت الذي خرجت في مظاهرات بالشارع العراقي، لمحاسبة المسئولين عن الفساد والتنديد بالطائفية، وتأييدًا لحكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي، يبدو أن هناك توافقًا في الأهداف بصورة أو بأخرى بين هيئة علماء المسلمين "سنة"، وهي محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في العراق، وحزب الدعوة الإسلامية "شيعي" بزعامة نوري المالكي حول الخوط السياسية العامة في العراق وفي مقدمتها تغير الدستور، رغم الهجوم على إيران.
فأول نصوص المبادرة الأربعة هي "الدعوة إلى لقاءات تشاورية موسعة بين القوى العراقية المناهضة للمشروع السياسي القائم في العراق"؛ وهو ما يهدف اليه نوري المالكي عبر نظام تغير النظام السياسي، وهو إن اختلفت الأهداف بين الإخوان والمحسوبين على إيران في السياسية العراقية فإن الأهداف واضحة وهي إعلان سقوط دستور بريمر في العراق، وبدأ العراق مرحلة جديدة، بدأت تتشكل أسسها في الأفق عبر القوى السياسية العراقية، وبدأ الحديث عن تغير سياسي جذري، فهل اتفق الإخوان ورجال إيران في العراق؟

شارك