اليوم الختامي لمؤتمر: "الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل"

الثلاثاء 18/أغسطس/2015 - 05:05 م
طباعة اليوم الختامي لمؤتمر:
 
اختتم اليوم المؤتمر العالمي الذي نظمته دار الافتاء المصرية والذي كان عنوانه "الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل"، وقد حضر الجلسة الختامية المهندس إبراهيم محلب وقال كلمة في المؤتمر جاء فيها:
"أرحب بكم جميعا باسم الشعب المصري العظيم في بلدكم مصر بلد الأمن والأمان ... بلد الحضارة والعمران... بلد الأزهر الشريف قلعة العلم الشرعي في العالم الإسلامي كله..

اليوم الختامي لمؤتمر:
تحية امتنان وتقدير إلى هذه الكوكبة الكبيرة من كبار المفتين والعلماء الذين اجتمعوا في بلد الأزهر للتباحث في سبل الارتقاء بالإفتاء من أزمة الفوضى والجمود إلى الإفتاء الوسطي الصحيح بمنهجه العملي الفعال الأصيل؛ وذلك لأن الفتوي قد أصابها بعض الخلل والانحراف عن مسارها فقد أصبحت سلاحًا مشروعاً لدى الجماعات الإرهابية في تبرير العنف وإراقة الدماء وزعزعة استقرار المجتمعات.
يأتي عقد مؤتمر دار الإفتاء في هذا التوقيت أيضًا ليسهم في مسيرة التقدم والرقي التي بدأتها مصر بعد ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو والتي كان آخرها افتتاح قناة السويس الجديدة التي فتحت باب أمل للمصريين جميعاً 
فافتتاح قناة السويس الجديدة أكدت على ريادة مصر .. ومؤتمر دار الإفتاء هذا يواصل مسيرة الريادة المصرية من الناحية الدينية والفكرية
ودار الإفتاء المصرية تعتبر بحق من طليعة المؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي التي استطاعت أن تقدم الفتاوى العصرية التي تعبر عن منهج ثابت على مدار تاريخها يستقي أهدافه من المصالح العليا للدين والوطن..
وفتاوى دار الإفتاء المصرية تعبر عن المجتمع المصري والحراك الذي يحدث فيه على جميع المستويات ليس من داخل مصر فقط ولكن من مختلف بلدان العالم وبلغات مختلفة، وهو ما يؤكد مكانة الدار وثقة الناس فيها في مصر والعالم أجمع .
وانطلاقاً من قاعدة أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر فقد قامت دار الإفتاء برصد الشبهات التي يطلقها المرجفون والإرهابيون بهدف النيل من الإسلام، والزج بالدين في عمليات مشبوهة، لا علاقة لها بالإسلام ومقاصد الشريعة وردت على هؤلاء بالحجج الدامغة وبلغات متعددة من خلال مرصدها التكفيري.. 
ومن ثم جاء دعم الدولة المصرية لهذا المؤتمر الذي يمثل خطوة جديدة في مسيرة الدولة المصرية من خلال دار الإفتاء المصرية نحو نشر الوجه الصحيح لإسلام، ومساعدة العقل المسلم بل والعقل العالمي للوقوف صفًّا واحدًا في مواجهة الأفكار المتطرفة الساعية إلى تهديد السلم والأمن الإنساني .
وأعتقد أن دار الإفتاء المصرية كانت حريصة على دعوة أكبر عدد من كبار العلماء والمفتين من مختلف بلدان العالم للوصول لبلورة استراتيجية تسهم في تنقية ساحة الإفتاء من بعض الظواهر السلبية مثل فوضى الفتاوى والتشدد في الفتوى .
وإني لأرجو أن يثمر هذا المؤتمر عن صياغة جامعة لكلمة الإفتاء في العالم تعمل على الحفاظ على وظيفة الدين باعتباره أداة تنوير وتنمية
السادة الحضور
إن العالم كله يواجه حالة غير مسبوقة من التوتر والاضطرابِ نتيجة ظهور حركات متطرفة تعتمد الإرهابَ أداة لتنفيذِ مآربها؛ فقد تعرض مواطنون آمنون إلى الاعتداءِ على كراماتهم الإنسانية، وعلى حقوقِهم الوطنية، وعلى مقدساتِهم الدينية، وجرت هذه الاعتداءاتُ باسمِ الدينِ، والدين منها بَراءٌ.
ونحن نؤكد أنه ما من دين سماوي إلا ويعتبر قدسية النفس البشرية واحدة من أسمى قيمه، بما في ذلك الدين الإسلامي وقد جعل الله تعالى ذلك أمرًا واضحًا بنص القرآن الكريم، حيث شدد على حرمة قتل النفس وجعلها دستورا إلاهيا كما ورد في قوله تعالي أن من قتل نفساً واحدة {فكأنما قتل الناس جميعا}.
فلا يمكن أن يكون القتل والإرهاب نتاج للفهم السوي في أي دين، إنما هما مظهر من مظاهر الانحراف لدى أصحاب القلوب القاسية والنفوس المتغطرسة والفكر المشوه..
ومصر في هذا الصدد اتخذت قرارها الحاسم الذي لا رجعة فيه بعدم مهادنة الأفكار المدمرة المتطرفة، وخطت خطوات واسعة في محاصرة الفكر التكفيري بفضل جهود علمائها في الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية.
وفي النهاية فإني آمل أن يكون انطلاق هذا المؤتمر العلمي من أرض الكنانة بأهدافه، وما يتمخض عنه من زخم علمي وتوصيات ومبادرات يصب في صالح إعادة المرجعية الوسطية في الفتوى ولدار الإفتاء المصرية كمؤسسة إفتائية عريقة لها ثقل علمي وتاريخي كبير".
اليوم الختامي لمؤتمر:
فيما أكد د.نصر فريد واصل- مفتي مصر الأسبق- أن الإسلام دين الرحمة للعالم أجمع، وأن ما يلصق بالتشريع الإسلامي من أكاذيب لا تعكس حقيقة الإسلام الذي أعلى من قيمة الدماء والحقوق، مشددًا في الجلسة الصباحية للمؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصرية أن الفتوى الشرعية أفضل وسائل القضاء على العنف والتطرف والإرهاب الذي نتابعه عبر جماعات ترتدي ملابس الإسلام وهو منها براء مبيناً أن الإسلام والسلام وجهان لعملة واحدة؛ حيث أمر الله المكلفين بخطابه أن ينفروا إلى بيان حقيقة التشريع الإلهي دون تشدد أو تساهل حتى لا يكون المفتي كاذبًا على الله تعالي، وليعلم المتجرءون على الفتوى أنهم يتجرءون على النار، فقد كان عمر بن الخطاب يجمع للفتوى في المسألة الواحدة أهل بدر.
وقال د.واصل: أسباب أزمة الفتوى راجعة إلى تصدر غير المختصين في الفضائيات، وانصراف الناس عن علماء الدين الراسخين في العلم بسبب ظن الناس أنهم علماء السلطة؛ الأمر الذي سبب الخلط في المفاهيم عند الناس بين الفقيه والداعية والمفتي.
واقترح د. واصل تجنب الاعتماد في طلب الفتوى على دعاة الفضائيات وشرائط الكاسيت، أو سماع درس ديني، أو أخذ الفتوى من شخص غير متخصص في العلوم الدينية والشرعية، وليعلم المتجرءون على الفتوى انهم يوقعون عن رب العالمين، كما طالب د. واصل بإصدار تشريع قانوني يقضي بتجريم التصدي للفتوى دون أن يكون متخصصًا.

اليوم الختامي لمؤتمر:
كما أكد د.محمد كمال إمام- أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة الإسكندرية- أن مؤتمر الإفتاء جاء في وقت بالغ الأهمية حيث تعاني الأمة الإسلامية من التطرّف الفكري الناتج عن تشوهات الفتاوى التي يصدرها غير المتخصصين، ولا شك أن العالم الإسلامي وأبناءه حريصون على تفعيل دين الله وفق إرادة المولى سبحانه وتعالي.
وفي سياق متصل أوضح د.عبد الحي عزب- رئيس جامعة الأزهر- في كلمته بالمؤتمر العالمي للإفتاء أن الإفتاء في الدين والدنيا من سمات الشرع الحكيم، ويمثل بياناً للناس يقوم عليه الأمين منهم المدرك لمنهجية الوسطية والاعتدال، مؤكدًا في بحثه الذي جاء تحت عنوان: "الوسطية في الإفتاء بين الحقيقة والادعاء"، أن الوسطية الفكرية تستلزم أن يكون المفتي الناطق الرسمي عن الشرع الحكيم، والمفتون هم نجوم السماء، وحاجة الناس إليهم أشد من حاجتهم للطعام والشراب" .
وأضاف رئيس جامعة الأزهر أنه يجب إحاطة منصب الإفتاء بضمانات وضوابط تسهم في تحقيق الوسطية بعيدًا عن الادعاء بما يساعد على تأمين الفتوى من الأدعياء، والدخول فيها دون علم.
بينما أشار الشيخ عبد اللطيف دريان- مفتي لبنان- أن هناك صفات يجب توافرها في المفتي، أبرزها عدم التسرع أو التشدد، والتمسك بالكتاب والسنة دون إفراط ولا تفريط، فالوسطية حق بين باطلين، واعتدال بين تطرفين، وعدل بين ظلمين.

البيان الختامي للمؤتمر:

البيان الختامي للمؤتمر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد تمَّ بحمدِ اللهِ اختتامُ المؤتمرِ العالميِّ لدارِ الإفتاءِ المصريَّةِ تحتَ عُنوانِ: "الفتوى.. إشكاليات الواقع وآفاق المستقبل"، المنعقد في مدينةِ القاهرة، يومَيِ الثاني والثالث من ذي القعدة 1436هـ، الموافق السابع عشر والثامن عشر من أغسطس 2015م.
وبرعايةٍ كريمةٍ من فخامةِ الرئيسِ عبد الفتاح السيسي-رئيس جمهورية مصر العربية- وبحضور معالي رئيسِ مجلسِ الوزراءِ المهندس/ إبراهيم محلب، والذي ألقَى كلمةً رئيسيَّةً مهمَّةً في ختامِ المؤتمرِ، وبتشريفِ صاحبِ الفضيلةِ الإمامِ الأكبرِ الأستاذ الدكتور أحمد الطيب- شيخ الأزهر- والذي ألقَى الكلمةَ الرئيسيةَ في افتتاحِ المؤتمرِ، وبحضورٍ ميمونٍ من السادةِ الوزراءِ، والسفراءِ، والعلماءِ، ورجالِ الدولةِ، ورجالِ الصحافةِ والإعلامِ.
وقد شاركَ في المؤتمرِ نُخبةٌ منَ السادةِ العلماءِ والمُفتين والباحثين المتخصصين من مختلفِ البلدانِ، حيث أُثريَتْ جلساتُ المؤتمرِ بأبحاثِهم وما دارَ حولها من مُداخلاتٍ مفيدةٍ ومناقشاتٍ مهمَّة.
وقد عُنِي المؤتمرُ في جلساتِه وأبحاثِه ونقاشاتِه بالفتوى وضوابطِها في الشريعةِ الإسلاميةِ، وبيانِ أهميَّةِ الإفتاءِ وأثرِهِ في المجتمعاتِ، وخطورةِ الفكرِ التكفيريِّ وحتميَّةِ مواجهةِ التطرُّفِ والتكفيرِ والتعصبِ المذهبيِّ، وتسليطِ الضوءِ على معالم الوسطيةِ في الإفتاءِ وأهميةِ التجديدِ في علومِ الفتوى، وإبرازِ دورِ الإفتاءِ في عمليةِ التنميةِ.
وقد نُوقشَتْ في المؤتمر حزمةٌ من المبادراتِ بهدفِ تحقيقِ أكبرِ قدرٍ من التنسيقِ والتشاورِ بين دُورِ وهيئاتِ الفتوى في العالمِ والتصدِّي للخِطابِ المتطرفِ ومعالجةِ ما يُسمَّى بفوضَى الفتاوى. ومن أهمِّ هذه المبادرات:
أولًا: إنشاءُ أمانةٍ عامةٍ لدُورِ وهيئاتِ الفتوى في العالم.
ثانيًا: إنشاءُ مركزٍ عالميٍّ لإعدادِ الكوادرِ القادرة على الإفتاءِ عن بُعدٍ.
ثالثًا: إنشاءُ مركزٍ عالميٍّ لفتاوَى الجالياتِ المسلمةِ بهدفِ إعادةِ المرجعيةِ الوسطيةِ في الفتوى.
رابعًا: إنشاءُ ميثاقِ شرفٍ للفتوى يضعُ الأُطُرَ القانونيةَ والإجرائيةَ للتصدِّي لفوضَى الفتاوى.
خامسًا: تنفيذُ مشروعٍ علميٍّ لتحليلِ وتفكيكِ وتفنيدِ الفتاوى التكفيريةِ والشاذة. 
وقد خرجَ المؤتمرُ في ختامِه بمجموعةٍ من التوصياتِ والقراراتِ المهمَّة التي خَلُصَ إليها من اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ من العلماءِ والباحثين؛ وقد جاءتِ التوصياتُ بما يلي:
التنسيقُ الدائمُ بين دُورِ الفتوى ومراكزِ الأبحاثِ لصياغةِ ردودٍ فعالةٍ في مُخاطبةِ الرأي العامِّ في مِلفِّ الردِّ على الفتاوى الشاذةِ والتكفيريةِ أولًا بأول 
ضرورةُ مراعاةِ المفتين لتغَيُّرِ الأعرافِ من بلدٍ لبلدٍ عند مباشرتهم للفتوى، وتنبُّهِهِمْ إلى خطورة سَحْبِ مسائلِ الماضِي إلى الواقعِ الحاليِّ دون التفاتٍ إلى تغيُّرِ مناط الأحكام.
إنشاءُ معاهدَ شرعيةٍ معتمَدَة للتدريب على مهارات الإفتاء، والعملُ الجادُّ على إدراج المَساقاتِ والمقرراتِ المتخصصةِ في الإفتاء في المؤسسات الأكاديمية .
صياغة الجهود الفقهيةِ والأصوليةِ التي بُذِلت في فقه الأقليات في منهجٍ متكاملٍ لتناول قضايا الأقليات يُمَكِّنهم من التعايش الرشيد مع الآخر .
التأكيد على الدور الاجتماعي للإفتاء في صياغة منظومةِ حقوق الإنسان وفقًا للقواعد والضوابط الشرعية.
تطويع وسائل التواصل الحديثة لخدمة العملية الإفتائية حتى تصبح أعلى جودةً وكفاءةً وأكثر فاعليةً .
الدعوة إلى تحديد المباحث التي يحتاج إليها المفتي في علوم الواقع كالإدارة والاجتماع والاقتصاد والإعلام وعلم النفس .
العمل على توليد علوم الإفتاء، وتسليط الضوء على ما خرج من بَوَاكِيرها؛ مثل: علم اجتماع الفتوى، وعلم نفس الفتوى.
الدعوة إلى ميثاقِ شرفٍ لمهنة الإفتاء، ودعوةُ المشتغلين بالإفتاء مؤسساتٍ وأفرادًا إلى تفعيله والالتزامِ به.
الدعوةُ إلى دَوريَّةِ انعقادِ المؤتمرِ بشكلٍ سنويٍّ لتُبحثَ فيه مسائلُ الفتوى الكبرى، والنوازلُ والمستجداتُ التي لا تتوقَّفُ عن الوقوع .
التأكيدُ على ضرورة بُعد مؤسساتِ الإفتاءِ عن السياسةِ الحِزبيَّةِ.
الدعوةُ إلى الالتزامِ بقراراتِ الهيئاتِ الشرعية والمجامع الفقهيةِ ودُورِ الإفتاءِ الكبرى في مسائل النوازلِ وفتاوى الأمة؛ لما فيها من جُهد جماعيٍّ.
ضرورةُ وجودِ لجنةٍ علميةٍ لتنفيذ توصيات المؤتمر.
دعوةُ أجهزةِ الإعلامِ باعتبارها شريكًا في معالجة أزمة فوضى الفتوى للاقتصار على المفتين المتخصصين في برامجها الإفتائية بجانب زيادة حملاتها التوعوية بضرر تصدُّر غيرِ المؤهلين للإفتاء، والاشتراك في وِرَش عملٍ لإيجاد حلولٍ واقعيةٍ تَحُولُ دونَ تصدُّرِ هؤلاءِ الأدعياء .
وفي الختام، يتوجَّهُ المجتمعون بالتقدير الكبير إلى فخامةِ الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية لرعايته الكريمةِ للمؤتمرِ، وإلى معالي السيد المهندس/ إبراهيم محلب رئيسِ مجلسِ الوزراء لدعمه الكبير للمؤتمر، وإلى الأزهر الشريف، وإلى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور/ أحمد الطيب على حضوره الكريم وتفضُّلِه بإلقاء الكلمة الرئيسية فيه.
مُتمَنِّينَ لمصرَ كنانةِ الله في أرضِه كلَّ التوفيق والنجاح في أداءِ دورها الرائدِ في كافةِ المجالات.
والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحاتُ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

شارك