الحوار الخليجي الإيراني بين الرفض السعودي والوساطة القطرية

الثلاثاء 18/أغسطس/2015 - 07:36 م
طباعة الحوار الخليجي الإيراني
 
تتابين التوجهات الخليجية تجاه التحاور مع إيران، وهو ما يجعل دائما العلاقات الخليجية الإيرانية في حالة من الشد والجذب  ولكن في نفس الوقت تحاول دول خليجية صغيرة أن تستفيد من هذا التابين في محاولة لكسب المزيد من المصالح مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو الأمر الذى تنفذه قطر بحماسة، خاصة بعد تأكيد وزير خارجيتها خالد العطية أن بلاده تدعم الاتفاق الذي توصلت إليه إيران حول برنامجها النووي مع مجموعة (5+1)، وأن قطر مهتمة بأمن وسلامة المنطقة من أي خطر نووي ، ومن حق أي دولة أن يكون لديها برنامج نووي يستخدم لغايات سلمية ويخضع للرقابة الدولية" متجاهلة بذلك  العداء التاريخي بين إيران ودول الخليج وعلى راسها السعودية التي تتزعم إيران إثارة الفتنة داخلها
الحوار الخليجي الإيراني
الرعاية القطرية لمحاولة التقارب الإيراني كشف عنها مسئول خليجي عن تفاصيل عن الحوار الخليجي - الإيراني الذي أعلنت طهران أنه سينطلق في الثاني والعشرين من سبتمبر 2015م، وقال إن الفكرة قطرية، ووجدت ترحيبًا حارًا من إيران وسلطنة عمان، فيما تحفظت 3 دول خليجية،  وإن وزير الخارجية القطري، خالد العطية، هو صاحب فكرة الحوار، وأطلقها خلال اجتماع عُقد مؤخرا لوزراء الخارجية الخليجيين في العاصمة السعودية الرياض، على أن يعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في سبتمبر.
 وأكد على أن  سلطنة عمان استجابت للمقترح القطري دون تردد ، لأهمية وجود حوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران لأنه يقرب من وجهات نظر الطرفين في الكثير من القضايا العالقة في المنطقة،  ولكن  الكويت لم تسجل موقفا رافضا للحوار، وبدا أنها لا تمانع من إجرائه، أما السعودية والإمارات والبحرين فكانت لديها تحفظات عميقة على إقامة مثل هذا الحوار في وقت لاتزال طهران تواصل مساعيها في التدخل في الشئون الداخلية للدول الخليجية، إضافة إلى استمرار سياستها العدوانية ضد جيرانها.
الحوار الخليجي الإيراني
وشدد على أن المسئولين الإيرانيين "مستميتون على عقد هذا الحوار، وذلك لإيقاف خسائرهم المتتالية في اليمن، و بعد فضح أجندتهم في البحرين والكويت كما أعلن هذا الأسبوع وان الحوار مع إيران في ظل سياستها العدوانية هو مضيعة للوقت، وتشتيت للجهود، وإضعاف لموقف الحزم الذي اتخذته دول الخليج باستثناء عمان  بقيادة السعودية في اليمن ولكن عقد  اجتماع خليجي - إيراني  في المنظور القريب امر مستبعد  وأن الموقف السعودي الإماراتي البحريني غير متقبل للفكرة تماما، خصوصا أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية لا يزال بين شد وجذب بين الإدارة الأميركية والكونغرس وأن عقد الاجتماع تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي في الفترة الراهنة، امر مستبعد ايضا وأن الأمانة العامة لمجلس التعاون غائبة حتى الآن عن الحوار المزعوم.
الحوار الخليجي الإيراني
وعلى الرغم من إعلان  حسين عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني، أن بلاده ستجري حوارا مع دول الخليج العربية، وأن المفاوضات مع "ممثلي" الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية ستشمل الأوضاع في سوريا واليمن، وتم تحديد سبتمبر موعدا للقاء، على أن يعقد في واحدة من دول المنطقة إلا أنه يواجهه عدة مشاكل على رأسها :
1- احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى منذ عام 1971م لأسباب استعمارية بحتة ودوافع استراتيجية غير عابئة بصالح دول الخليج تسمح لها بالسيطرة على مدخل  الخليج العربي ومضيق "هرمز" مما يمكنها من التحكم في الطريق التجاري للخليج العربي
2- تهديد إيران المستمر  بإغلاق مضيق هرمز  باعتباره  جزء من سياسة إيران الدفاعية تجاه التهديد العسكري الأمريكي،   في محاولة إيرانية لإجبار دول الخليج على التعاون مع "طهران" لتحقيق الأمن والاستقرار  لها وإعطائها  دورًا في الترتيبات الأمنية في المنطقة، وأن استبعادها من إبرام أي مفاوضات أمنية، يعني بالضرورة أن الأمن الإقليمي لا يمكن أن يتحقق في منطقة الخليج.
3- قيام إيران باستمرار  برفع شعار تصدير الثورة إلى الجوار الجغرافي وتحديدا منطقة الخليج من خلال محاولاتها المستمرة لزعزعة استقراره عبر اثارة وتحريك بعض الأقليات المنتمية للمذهب الشيعي
4- تنظر إيران الى الخليج على أنها  صاحبة اليد الطولى فيه عبر أذرعها الحوثي في اليمن والشيعة في البحرين والسعودية 
5- التخوف الخليجي من المحادثات السرية الأمريكية الإيرانية- حيث ترى دول الخليج أن ثمة ترتيبات تقوم بها الولايات المتحدة لشئون المنطقة بالتنسيق مع طهران بعيدًا عن العواصم الخليجية، وهو ما اعتبرته دول الخليج تهديدا مباشرا لأمنها القومي وخداعا أمريكيًا لتحالفها معهم طوال العقود المنصرمة.
الحوار الخليجي الإيراني
إيران نفسها غير جادة في الحوار مع السعودية والتقارب معها حيث سبق وهاجم عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني السعودية  قائلا " إنها تسعى إلى الحيلولة دون التوصل إلى اتفاق نووي بجانب الكونجرس الأمريكي وإسرائيل" ونفس الأمر فعله  محسن رضائي سكرتير مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني بقوله "الولايات المتحدة والسعودية تخططان لتقسيم سوريا والعراق واليمن إلى سبع دول والمخطط يقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث دول، وسوريا إلى بلدين، واليمن إلى بلدين شمالي وجنوبي وأن أمريكا  هي من تدعم الموقف السعودي في الملفين اليمني والسوري،  مما سيؤدى الى حالة من عدم الاستقرار ستعم المنطقة خلال العقدين أو الثلاثة المقبلة بل وتمادت إيران في مهاجمة السعودية بحديث العميد أحمد رضا بوردستان قائد القوة البرية في الجيش الإيراني، عن "ضربة عسكرية  للسعودية إن لم تكف عن القتال في اليمن".
وشدد  على أنه يجب على الرياض  الكف عن قتال إخوانها في اليمن، لأنها تخوض بذلك حرب استنزاف، قد تعرضها لضربات قاضية وأن الجيش السعودي يفتقر إلى التجارب الحربية، ولذا فإنّه جيش ضعيف، وإن واجه حرب استنزاف يجب أن يتحمل ضربات قاصمة وقاضية، وسوف يُمْنَى بهزيمة قوية، لذلك على الرياض أن تترك خيار الحرب وتلجأ إلى الخيار السياسي وإلى المفاوضات وأن الانفجارات قد تقع في السعودية عن طريق سقوط الصواريخ على الأرض فمن المؤكد أن تلافي ذلك سيكون صعبًا جدًا بالنسبة للمسئولين السعوديين".
الحوار الخليجي الإيراني
المملكة العربية السعودية دائما ما تتوجس من الموقف الإيراني ودعواته للحوار وتعتبرها غير صادقة فيه وهو ما حسمه الأمير محمد بن نايف ولي العهد السعودي برفض أي حوار مع إيران قبل وقف دعمها ومساندتها العسكرية والسياسية للحوثيين وحليفهم الرئيس اليمني السابق، وأن أي حوار يمني – يمني يجب أن يتم بعد أن ينسحب الحوثيون من صنعاء وبقية المدن اليمنية وتسليم معسكرات الجيش ومقار الحكومة للنظام الشرعي، وأن يتم الحوار تحت رعاية الرئيس الشرعي لليمن ووفق أسس المبادرة الخليجية.
مما سبق نستطيع أن نؤكد أن نجاح  الحوار الإيراني الخليجي أمر في غاية الصعوبة في ظل استمرار إيران في سياساتها بالمنطقة، وأن الوساطة القطرية ستفشل ما دامت قطر تضع مصالحها الشخصية على حساب أمن الخليج  واستقراره.

شارك