داعش وذبح الصحفيين
الأحد 23/أغسطس/2015 - 08:28 م
طباعة

منذ استيلاء تنظيم الدولة "داعش" على الموصل وهو لا يكف عن تصدير إرهابه الى العالم على طريقته، لبث الرعب في نفوس خصومه وأكثر ما يخشاه هو أن يتم نقل ما لا يريده إلى العالم، وهذه هي وظيفة الصحفيين في الأساس، ولذلك فهم دائما تحت السيف "الداعشي"، المسلط على رقابهم دائما.

المرصد العراقي للحريات رصد جرائم التنظيم الدموى حيث كشف عن أن تنظيم داعش مستمر في عمليات تصفية الصحفيين في الموصل، ويقدم على إعدام الإعلاميين في أحد الميادين العامة بمدينة الموصل، بمجرد أن يخالفوا تعليماته، وأن عدد ضحايا الإعلاميين في العراق في تزايد مستمر وأن أحدث الأسماء على قائمة انتهاكات داعش هو الصحفي يحيى الخطيب الذى اختطف من منزله في مدينة الموصل قبل 10 أيام، وتم إعدامه في الأسبوع الماضي في منطقة باب الطوب الشهيرة التي شهدت عمليات إعدام لناشطين مدنيين وصحافيين والعديد من الأهالي الرافضين لوجود داعش في المدينة، بالإضافة إلى أن الصحفيين المتبقين في المدينة يتخفون عن التنظيم، ولا يمارسون أعمالهم بشكل طبيعي، وهم معزولون وقلقون، ومنهم من يحاول الهرب لكن دون جدوى.
وأضاف "ما يفوق الـ 40 صحفي قتلوا في الموصل منذ سيطرة داعش عليها قبل أكثر من سنة، غير أنه وبسبب التكتم الإعلامي والعزلة التي تفرضها تنظيمات إرهابية على المدينة لا يمكن تحديد الرقم النهائي لعدد الضحايا، كما شهدت الفترة الممتدة ما بين مايو 2014 إلى مايو 2015 عمليات مميتة بحق الصحفيين العراقيين والأجانب، حيث أُصيب وقتل 34 مراسلا ومصورًا صحفيا واختطف أكثر من 27 آخرين، بعد سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من البلاد، كان ينشط فيها الصحفيون المحليون والأجانب ما جعلها مناطق خوف ورعب يتجنبها المراسلون الميدانيون.
داعش وذبح الصحفيين:

دائما ما يقوم التنظيم بعدد من المقدمات تكون البداية لذبح الصحفيين فبعد وقوع الموصل تحت سيطرة التنظيم المتطرف في يونيو 2014م اتخذت داعش مجموعة إجراءات تتعلق بعمل وسائل الإعلام ووسائل الاتصال وخدمة الانترنت، منها قطع خدمة الانترنت في أغلب المحافظات والمدن التي يسيطر عليها التنظيم إغلاق القنوات الفضائية وكافة المنافذ الاخبارية ووكالات الأنباء والابقاء على منفذها الإعلامي فقط، بالإضافة إلى حجبها جميع مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وخدمات أخرى مثل سكايب و فايبر و واتس آب ومن يضبط بممارسة أعمال إعلامية من الصحفيين يتم قتله بعد احتجازه في أغلب الحالات.. هذا التضيق أدى الى مجموعة من النتائج الخطيرة الى تمثلت فيما يلي:
1- غياب الصحفيين عن مشهد التواصل مع الكثير من مناطق البلاد، مما جعل التغطية الصحفية غير موضوعية
2- سيطر المتطرفون من داعش على عملية نشر المعلومات في المناطق التي يبسطون سيطرتهم عليها.
3- خوف الصحفيين أدى إلى هيمنة صحفيين متحزبين متطرفين بدلاً من الصحفيين المحترفين، وتركت هذه التغطيات أثرها على الصورة الكبيرة للأحداث وسط روايات متناقضة.
4- ضعف الثقة فيمن تبقى من الصحفيين الحقيقيين الذين يحاولون نقل حقائق الأحداث وإنقاذ مصداقية الإعلام، وهو ما دفع عناصر داعش إلى ممارسة أبشع الجرائم والترويع ضد الصحفيين ومندوبي الأخبار في محاولة منه لاستكمال حريته في نشر ما يريده وإخفاء الجوانب المظلمة من عملياته.
جرائم داعش ضد الصحفيين

هذه الإجراءات وما ترتب عليها أدت إلى المزيد من الجرائم ضد الصحفيين تمثلت فيما يلى :
1- قيام التنظيم بشن حملات بحث عن الصحفيين الهاربين من التنظيم والقبض عليهم
2- اختطاف التنظيم لأكثر من 27 صحفيًا في مدينتي تكريت والموصل
3- تعميم بيانات مختومة بختم "الدولة الإسلامية" مفادها إصدار أوامر إلى جميع عناصره بتصفية الإعلاميين المتواجدين في المحافظتين ومصادرة جميع ممتلكاتهم بتهمة "قيامهم بتضليل صورة الدولة الإسلامية لصالح الحكومة العراقية"
4- تنفيذ عمليات إعدام وخطف واعتقال بحق صحفيين عراقيين تمثلت فيما يلي:
- في 6 سبتمبر عام 2014، أعدم التنظيم الصحفي رعد محمد العزاوي، الذي يعمل مصوراً في قناة "سما صلاح الدين"، بعد أسابيع من اختطافه من قرية (سمرة) شرقي مدينة تكريت
- في 19 فبراير عام 2014 أعدم التنظيم المتطرف مراسل قناة "سما الموصل" قيس طلال رمياً بالرصاص وسط المدينة
- في 28 أبريل اعدم التنظيم الصحفي ثائر العلي، بعد اختطافه من مقهى في منطقة الدواسة، وسط المدينة، عندما "كان يجري اتصالات هاتفية مع وسائل إعلام محلية وتزويدها بالأخبار
- في يونيو 2014 قام التنظيم المتطرف في الموصل بشن حملة اعتقالات بعد أعداد "داعش" قائمة مطلوبين" تتضمن أسماء 50 صحفيا ومساعدا إعلاميا.

- اعتقال التنظيم أكثر من 14 صحفيا ومساعدا إعلاميا، بعد أن تمت مهاجمة منازلهم في مناطق متفرقة من مدينة الموصل، ولم تقتصر الاعتقالات على مراسلي ومصوري القنوات الفضائية، بل شملت فنيين عاملين في مجالات الهندسة الضوئية والمونتاج وإدارة المؤسسات الإعلامية.
- احتجاز التنظيم 8 كتاب وصحفيين ومصورين في محافظة نينوى منهم الكاتب والصحفي فاضل الحديدي والإعلامي مهند العكيدي، والمصور الصحفي علي النوفلي، ومقدمة البرامج في قناة "الموصلية" الفضائية ميسلون الجوادي والكاتب الصحفي جمال المصري.
- في ديسمبر عام 2014 اختطف التنظيم ثلاثة آخرين هم مراسل وكالة "عين الاخبارية" محمد ابراهيم وشقيقه مصعب ابراهيم الذي يعمل بصفة مصور فوتوغرافي في ذات الوكالة ومراسل قناة "الموصلية الفضائية" عبد العزيز محمود.
- في 15 مارس عام 2015 اعدم التنظيم الإعلامي في صحيفة "الموصل اليوم"، أحمد حسكو رميا بالرصاص في الجانب الأيمن من مدينة الموصل، بعد فتوى صادرة عن المحكمة الشرعيّة للتنظيم الذي اتهمه بـ"التخابر والتواصل مع وسائل إعلام حكومية".
- وفاة علي الأنصاري الصحفي العراقي الذي يعمل في قناة "الغدير" المحلية، بعد إصابته بالقدم، برصاص تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وظل ينزف حتى الموت شرق العراق
- هجرَّ التنظيم 450 صحفياً من مناطق سكنهم داخل المناطق التى سيطر عليها .
داعش مجرمة الحرب على الصحفيين:

وكشف المرصد العراقي للحريات في تقريره السنوي عن ان داعش يتصدر قائمة منتهكي حرية الصحافة في العالم خلال الأشهر الماضية، وان السلطات المختصة لم تقدم مذنبا واحدا بشكل حقيقي ومباشر للعدالة رغم حوادث القتل التي تطال الصحفيين سواء في سجون داعش أو من خلال محاكمات صورية تنتهي بإعدامهم، أو الذين يتم استهدافهم من مراسلين ومصورين ومدونين و أن داعش اعتبارا من 10 يونيو 2014م ارتكب انتهاكات كبيرة ضد الصحفيين، سبقها بوضع قوائم بأسماء مصورين ومراسلين ضمت أسماء 40 صحفيا من مدينة الموصل مما دفعهم لمغادرة الموصل، ومن فشل في الهروب وقع في قبضة التنظيم كما قتل وأصيب العديد من المراسلين الحربيين خلال مواجهات القوات العراقية مع داعش .
ويؤكد مشرق عباس الصحفي العراقي ومدير مؤسسة "بيت الاعلام العراقي"، على انه يجب على المؤسسات الإعلامية تأمين سلامة مراسليها وأن تعتبر ذلك من مهامها الأساسية، وان تتحمل مسؤولية مباشرة عن تعرض المراسل الى حوادث سواء بسبب عدم ارتداء مستلزمات الحماية الصحفية، او عدم خضوعه إلى دورات تدريبية وتأهيلية لرفع مستوى قدرته على التعامل مع ساحات المعارك، وقدرته على التصرف بشكل صحيح أثناء تغطية أحداثها وان طبيعة المعارك التي تجري على الساحة العراقية شديدة التعقيد، فليس هناك جبهات بالمعنى الحرفي وانما هناك ساحات متداخلة وخطرة وأن العمل الإعلامي في مثل هذه الظروف يتطلب المزيد من الاحتياطات الأمنية".

وطالب مؤيد اللامي، نائب رئيس اتحاد الصحفيين العرب نقيب الصحفيين العراقيين بأن يتم تحويل ملف جرائم داعش الى المحكمة الجنائية الدولية، وقد عملنا على تهيئة كافة الوثائق التي تدين داعش وسنقدمها الى المحاكم الدولية بالتعاون مع الحكومة العراقية وأن نقابة الصحفيين العراقيين والمرصد العراقي للحريات الصحفية وكافة الصحفيين العراقيين الذين يتعرضون إلى اعتداءات يجب عليهم التوجه إلى القضاء، وملاحقة المعتدين، والذين يتطاولون عليهم ويمنعونهم من التغطية الصحفية وعلى مجلس النواب العراقي دعم الصحفيين، ومنع أي محاولة لتمرير قوانين من شأنها تقييد الحريات العامة والخاصة، أو التضييق على الصحفيين بأي شكل من الأشكال".
مما سبق نستطيع أن نؤكد على أن داعش سوف تستمر في تسليط سيوفها على رقاب الصحفيين مادامت لا توجد ضمانات قانونية ومواثيق دولية تكفل الحماية للصحفيين العاملين في مناطق النزاعات حول العالم التي من المفترض انها داخل منظومة القانون الدولي فما بالك بالتنظيم الدموى الذى يتواجد ويعمل بالأساس خارج إطار القانون ووفق قانونه الخاص .