بمساعدة "إخوة التوحيد".. "داعش" يسعى لإقامة "ولاية صبراتة" في ليبيا
الثلاثاء 25/أغسطس/2015 - 12:56 م
طباعة

في الوقت الذي يسعي فيه التنظيم الإرهابي "داعش" إلى التمدد والتوغل في أنحاء ليبيا، واستغلاله لحالة الفوضى التي تشهدها البلاد نتيجة انشغال الحكومة الليبية بالتصدي للميليشيات المسلحة، ليوسع خريطة تمدده في ليبيا، بات هذا الأمر يهدد بسقوط البلاد بالفعل واستحواذ "داعش" على أكبر مساحة من ليبيا.
"داعش" يستنجد بإخوة التوحيد

علي الرغم من استنجاد الحكومة مرارًا وتكرارًا بالدول العربية لإنقاذها من تمدد داعش، وتسليحها في مواجهة التنظيم الإجرامي، إلا أنه حتى الآن لم تستجب أي من الدول لمطالبها وكأنه مخطط غربي لإسقاط ليبيا في أيدي الجماعات الإرهابية.
ومع إصراراه على التمدد والتوسع في مختلف المناطق، وجه تنظيم داعش دعوة إلى من أسماهم "إخوة التوحيد" في دول الخليج وتونس ومصر والسودان للقدوم إلى ليبيا ومحاربة قوات الجيش الليبي.
وعرض التنظيم مقطع فيديو جديد على مواقع التواصل الاجتماعي ظهر فيه أحد قادته ويدعى أبوعلي الجزراوي، مهددًا القائد العام للجيش الليبي "القوات الموالية للحكومة الليبية المؤقتة" خليفة حفتر، وتوعده بالقتل والتنكيل، قائلا "نبشر الطاغوت خليفة حفتر بالدحر والهزيمة".
وأضاف خلال كلمته: لقد قطعنا على أنفسنا عهدا، ألّا نكل، ولا نمل، حتى ندحركم، ويحكم دين الله عز وجل في ليبيا"، حسب قوله.
وقال: إن نداء الجهاد ارتفع في بلاد ليبيا لدعوة إخوة التوحيد في جزيرة العرب والشام والمغرب والعراق واليمن من أجل نصرة الإسلام فيها".
كان التنظيم الإرهابي هدد في وقت سابق وبالتحديد في أول أغسطس الجاري أعضاء مجلس النواب الليبي المعترف به دوليا والقائد العام للجيش الفريق خليفة حفتر بـ"القتل والذبح".
وظهر أحد عناصر التنظيم، والذي يلقب بـ"أبويحيى التونسي"، في تسجيل فيديو تحت اسم "رسائل سرت" يهدد فيها الفريق حفتر، وأعضاء البرلمان بالقول "أوجه هذا الخطاب إلى حفتر وزبانيته والكفار المرتدين الذين يجتمعون ويتواطؤون في البرلمان، إننا لن نرحمكم وإننا نجد اللذة في ذبحكم".
وتتوالي رسائل التهديد والوعيد من قبل مقاتلي التنظيم خصوصا بعد هزيمته من قوات الجيش الليبي في درنة وبنغازي.
الفوضى بسبب الانقسام

حسبما أكد متابعون أن التنظيم الإرهابي تكبد خسائر فادحة، سواء كانت مادية أو بشرية في معاركه مع قوات الجيش الوطني في مدينة درنة التي كانت أحد معاقله، ودفعت هذه الخسائر التنظيم إلى فتح جبهات قتال أخرى لتدارك الفشل في السيطرة على عدد من المدن المحورية.
تشهد مدن سرت ومصراتة اشتباكات دموية بين ميليشيات فجر ليبيا وتنظيم داعش، ومن جهة أخرى يقاتل الجيش الليبي جماعات متشددة موالية لفجر ليبيا وأخرى موالية لتنظيم أنصار الشريعة.
وتشهد مدينة بنغازي منذ أكثر من عام معارك دامية بين جماعات مسلحة متشددة من بينها جماعة أنصار الشريعة القريبة من تنظيم القاعدة، والقوات الموالية للحكومة المؤقتة.
وساعد علي انتشار الجماعات المسلحة، حالة الانقسام السلطوي التي تشهدها البلاد ما بين حكومة معترف بها دوليًا في طبرق، وأخرى تابعة للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين والتي يواليه ميليشيات فجر ليبيا.
ولاية "داعش" في ليبيا

يسعي التنظيم الإرهابي إلى فرض نفوذه في البلاد، للإعلان عن ولاية جديدة له في ليبيا بعد تمكنه من السيطرة على مناطق محورية مثل سرت وصبراتة والكفرة، وذلك في إطار زحفه نحو طرابلس، حيث ذكرت مصادر إعلامية بأن تنظيم "داعش" يعتزم الإعلان عن هذه الولاية الجديدة تحت مسمى "ولاية صبراتة".
وأبدي مراقبون تخوفهم من إعلان صبراتة ولاية جديدة لتنظيم داعش نظرا لأهمية موقعها الجغرافي والذي سيمكن التنظيم من التمدد نحو تونس وتطويق العاصمة الليبية طرابلس.
وأكدوا أن إعلان إمارة لداعش في ليبيا تعني السيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية على ليبيا والقضاء على المسار السياسي لتأسيس دولة مدنية.
وتمدد داعش من أقصى الشرق إلى الغرب، مرورا بالوسط، تركيزه على المناطق الساحلية نظرا لأهميتها الاستراتيجية اقتصاديا وعسكريا على خططه المستقبلية، لا سيما أن البلاد لا تزال تعاني من الظروف الأمنية والسياسية نفسها التي استغلها الإرهابيون.
البداية في "درنة"

الجدير بالذكر أن درنة أول "إمارة" للإرهابيين، فهي المدينة التي ذهب عدد من شبانها إبان حكم معمر القذافي إلى أفغانستان والعراق للقتال تحت لواء المتشددين، قبل أن تسقط، بعد "الثورة" التي أطاحت نظام القذافي عام 2011، بقبضة "كتيبة أبو سليم" التي تتبنى منهج تنظيم القاعدة المتشدد.
ومن أبرز الانتهاكات الذي ارتكبها الإرهابيون في درنة، التي باتت تحت سيطرتهم المطلقة بعد طرد حلفائهم السابقين في "مجلس شورى مجاهدي درنة"، مجزرة "لحرير" التي أسفرت عن مقتل 3 أخوة في مواجهات مع داعش، الذي أقدم أيضا على قتل شقيقتهم بعد نقلها إلى المستشفى.
=
"ليبيا" تحتاج للسلاح
من جانبه أكد القائد العام للجيش الليبي، الفريق خليفة حفتر، أن الليبيون يحتاجون للأسلحة ليحاربوا الإرهاب، وأن العالم كله معني بما تمر به ليبيا، مؤكدًا أن ليبيا ليست بحاجة إلى الرجال ولكنها في حاجة إلى السلاح.
وأضاف حفتر، أمس الاثنين، أننا نركز على النتائج الإيجابية بشأن ليبيا وأننا مع ما هو في صالح الشعب الليبي، وما هو ليس في مصلحة الليبيين لسنا معه، موضحا أن وجود الحل السياسي الداخلي شيء مطلوب في ليبيا
الإخوان سبب انتشار الإرهاب

من ناحية أخري، قال السفير عاشور حمد بوراشد، مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية، إن الأمة تواجه العديد من التحديات سواء سياسية أو اقتصادية، مؤكدا أن أخطر تلك التحديات هو الإرهاب، وهو ما يجعل وضع استراتيجية عربية موحدة لمواجهة الإرهاب ضرورة كبيرة.
وأضاف بوراشد، أن المجتمع الليبي مترابط اجتماعيًا، وغير قابل للتقسيم، موضحًا أن هناك عدة مناطق مُقسمة بسبب ما تُعانيه ليبيا من أزمات أمنية، مُحذرا من تمكن داعش من دخول ليبيا، حيث سيؤثر ذلك على تونس والجزائر وتشاد ودول الجنوب الأوروبي، وهو ما يجعل وضع استراتيجية عربية موحدة لمواجهة الإرهاب ضرورة كبيرة
وقال بوراشد إن ليبيا بها إرهابيون من كل الدول العربية نتيجة الفراغ الأمني، لكن ليبيا مجتمع مترابط، ولن تكون أبدا حاضنة للإرهاب، والدليل أن مدينة درنة التي أنتمي لها، والتي أعلنت فيها أول انطلاقة لداعش واختطافها بشكل كامل من التنظيم، وأصبح هناك والٍ يمني على المدينة.
ويرى بوراشد أن بداية الخلل من جماعة الإخوان في ليبيا، لأن القضية فكرية، وهم ساعدوا بشكل كبير في دخولهم، رافعين شعار الدين لتحقيق أغراضهم السياسية، وبدأ يتولد من فكر الإخوان هذا الفكر المُتطرف بالتسميات التي عرفتها المنطقة العربية مثل داعش وغيرها من التنظيمات، ولكن في النهاية الفكر واحد، وهناك من يدعى لنفسه بأنه يحمل راية الله على الأرض ليطبق الشريعة حسب أهوائه ومصالحه.
ويتوقع بوراشد أن الحوار الذي يتم لتشكيل قوة عربية مشتركة هو الأساس، بالإضافة لحظر السلاح وقضية الدفاع العربي المشترك، ستتمكن ليبيا من تجاوز أزمتها الأمنية، وبالقوة المشتركة ستتدخل في أي دولة بناء على طلبها للقضاء على هذا الإرهاب.