رغم مصادر تمويله.. "النور" يدِّعى "التقشف" خلال انتخابات مجلس النواب المُقبلة
الثلاثاء 25/أغسطس/2015 - 06:12 م
طباعة

يقوم حزب النور السلفي، الذراع السياسية للدعوة السلفية، في الآونة الاخيرة بتصدير حالة من التقشف المالي، خلال فترة الدعاية الانتخابية للمرشحين في انتخابات مجلس النواب، حيث تصر قيادات الحزب، على أنه لا يملك أموالاً أو موارد مالية وكل مرشح للانتخابات سيتحمل نفقات حملته الانتخابية.

وحول هذا الموضوع قال الدكتور محمود حجازي، عضو الهيئة العليا للحزب، إن جميع المرشحين سيتحملون نفقات الدعاية الانتخابية بالكامل، مشيرًا في تصريحات صحفية، إلى أن حزب النور لن يقوم بجمع أموال من مرشحي الحزب، بل سيتحمل كل مرشح نفقته، سواء المرشح على المقعد الفردي أو القائمة، وأكد أن الحزب عندما يختار مرشحين لخوض الانتخابات البرلمانية، كان من ضمن المعايير أن يتحمل المرشح نفقات الدعاية بشكل كامل، وعن الدعاية الانتخابية، أوضح "حجازي"، أن الحزب سيكون له طرق وأساليب جديدة في الدعاية لن يفصح عنها، وستكون في إطار القانون، وقد كشف الدكتور شعبان عبد العليم، عضو المكتب الرئاسي لحزب النور، عن تشكيل الحزب للجنة جديدة تسمى "لجنة حسم المرشحين على المقاعد الفردية" يكون مهمتها فقط حسم أسماء المرشحين على الدوائر الانتخابية، التي تم دمجها في قانون تقسيم الدوائر الجديدة، وأضاف عبد العليم، في تصريح صحفية، أن اللجنة من المفترض أن تستلم تقارير من المجمعات الانتخابية بالدوائر التي تم دمجها، وترفع تقريرًا للمكتب الرئاسي للحزب لاعتماد هذه الأسماء، ثم عرضها على اللجنة العليا للحزب للموافقة عليها، بحيث يكونوا مرشحين رسميين للحزب خلال الانتخابات، وأكد عضو المكتب الرئاسي لـ"النور"، أن الحزب لن يصرف أموالًا على الدعاية الانتخابية، لأنه ليس لديه موارد مالية كثيرة يمكن الاعتماد عليها، موضحًا أن قيادات الحزب اتفقوا على أن كل مرشح على المقاعد الفردية سيصرف الدعاية من أمواله الخاصة أو بمساعدة من عائلته، بينما القائمة سيساهم فيها كل مرشح بقدر متساو مع المرشح الآخر، وأكد شعبان عبد العليم، أن الحزب سيعتمد على وسائل بعينها تقلل من نفقة الدعاية، لافتًا إلى أنه لن يعتمد على إعلانات تليفزيونية، وسيعتمد على مواقعه الإعلامية بجانب زيادة التواصل مع الجماهير، وفى السياق نفسه، قال الدكتور يسرى العزباوي، الباحث بالنظم الانتخابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن فكرة الأموال لدى حزب النور لن تشكل أية أزمة، لأن الحملات الجماهيرية التي يدشنونها على مستوى الجمهورية تدعم كثيرًا في الدعاية لمرشحيهم في دوائرهم. وأضاف العزباوى، أن حزب النور يعتمد على فكرة دعم أنصار الحزب في المحافظات له، كما أنه يعتمد على الملصقات والبوسترات ولا يعتمد على وسائل دعاية باهظة الثمن، لافتًا إلى أن ذلك يساهم كثيرًا في تقليل نفقة الدعاية.

وردا على هذه الادعاءات وحين البحث عن مصادر تمويل «الدعوة السلفية» وقعت بين أيدينا مجموعة مقالات مهمة «غير منتشرة» كتبها الباحث «إسلام مهدى» بعنوان «من يدفع للدعوة السلفية ثمن الخيانة؟»، ميزة هذه المقالات أنها تحدثت عن وقائع بعينها، كشفت مصادر واضحة لتمويل أنشطة الدعوة، لنجد ان بداية الخيط من عند رجل الأعمال طارق طلعت مصطفى.. معلوم لدى الجميع دعم حزب «النور» للرجل في الانتخابات البرلمانية الماضية في مواجهة المرشح المحسوب على جماعة «الإخوان» المستشار محمود الخضيري، ولم يكن دعم «النور» لرجل الأعمال مجرد «مكايدة» من الدعوة السلفية في مواجهة «الإخوان» بعد دور الجماعة في إسقاط «متحدث الدعوة» عبد المنعم الشحات، في دائرة أول منتزه، وإنما العلاقة بين الطرفين أكبر كما يبدو.

يقول مهدى: «فروع معهد الفرقان لإعداد الدعاة (أزهر الدعوة السلفية) تم إنشاؤها بأموال طارق طلعت مصطفى، وإذا كانت بعض الفروع في المحافظات حصلت على تبرعات من عامة الناس فإن المقر الرئيسي في مسجد نور الإسلام بمنطقة باكوس في الإسكندرية هو من أموال آل طلعت مصطفى، مشيرًا إلى وجود علاقة «صداقة قوية» بين أحمد حطيبة، أحد مؤسسي «الدعوة السلفية» وطارق طلعت مصطفى، وأن الأول حصل على تبرعات بالملايين من الأخير، بحسب مهدى.

أما عن التمويل الخليجي لـ«الدعوة السلفية»، يمكن أن نعتبر أن اليد الكويتية -غير الرسمية بالطبع– هي الأساس في التمويل، ولنعد إلى الوراء قليلًا، ففي عام 1994 ألقت الأجهزة الأمنية القبض على قيم (رئيس) الدعوة السلفية محمد عبد الفتاح ومعه مسئول نشاط الطلائع مصطفى دياب، بسبب تلقيهم شيكًا من أمير كويتي يمثل ثلث ثروته أوصى بها للدعوة السلفية، وبعد حبسهم لفترة جرى الإفراج عنهم بوساطة من الأمير ذاته.
استمر دعم بعض الجمعيات الكويتية في التدفق على «الدعوة السلفية» بعد ثورة 25 يناير، وبخاصة التبرعات الواردة من جمعية «إحياء التراث الإسلامي»، ولعب عبدالرحمن عبدالخالق، وهو سلفي كويتي من أصول مصرية، وأحد القيادات السلفية الكبيرة والمؤثرة في العالم العربي، دور «العراب» في عملية التمويل.
خيط ثالث.. سعيد حماد.. اسم مجهول لقيادي في «الدعوة السلفية»، لعب دورًا كبيرًا في عملية التمويل، كان وكيلًا لوزارة الاتصالات في بداية الألفينيات وقيادي في الدعوة أيضًا، أما الدور فهو العمل على إرساء مناقصات برامج تدريب شباب الخريجين (منحة الاتصالات) على الشركة الخاصة بعبد المنعم الشحات.
وقد نجح «حماد» بالفعل في إرساء جانب كبير من هذه المناقصات على شركة «الشحات»، ولم تقتصر استفادة «الدعوة السلفية» على الناحية المادية فقط، وإنما امتدت إلى تدريب الكثيرين من أبنائها الذين صاروا كوادر في الحزب.
جانب آخر استغلته «الدعوة السلفية» في تحصيل ملايين الجنيهات، إنها «أموال الإغاثة» التي جمعتها تحت ستار «نصرة إخواننا في غزة وسوريا وليبيا والصومال» وغيرها.
البداية من غزة حينما كانت «سبوبة» قادرة على تحريك جيوب الأغنياء، فقد جمعت الدعوة تبرعات على مدار سنوات طويلة بالتنسيق مع فرعها في غزة «جمعية بن باز»، ولا أحد يعلم إلى الآن كم تبلغ قيمة الأموال التي جمعتها الدعوة السلفية لأجل غزة؟! وهل تعرضت لـ«السمسرة» في الإسكندرية قبل وصولها إلى غزة؟!
واقعة أخرى تتعلق بجمع التبرعات للصومال، ترددت أنباء مؤكدة عن استيلاء مندوب الدعوة السلفية على مبالغ مالية ضخمة من التبرعات، وادعى أنه سلمها للمنكوبين هناك، ونفس الأمر بالنسبة إلى سوريا، فقد جمعت الملايين تحت ستار إغاثة الشعب السوري، ولا أحد يعلم أيضا مصير هذه الأموال.

حاولت «الدعوة السلفية» التعلم من تجربة الإخوان في تأسيس كيانات اقتصادية تابعة لها، فدشنت في أكتوبر من العام 2012 مؤسسة «بيت الأعمال» وهى كيان اقتصادي مرجعيته الأولى متمثلة في «الدعوة السلفيّة»، وبمثابة «ذراع اقتصادية» لها.
اتخذت المؤسسة من منطقة زيزينيا في الإسكندرية مقرًا رئيسيًا لها، على أن يرأس مجلس أمنائها محمد عبدالفتاح، الرئيس العام للدعوة السلفية بعضوية 9 رجال أعمال، ومنهم: بسام الزرقا، نائب رئيس مجلس الأمناء نائب رئيس حزب النور، وحسام صالح، ووليد السيد، ومحمد سعيد، وإيهاب عبد الجليل، وإبراهيم رجب، ومحمد سباخي، ومحمد النجار.
هذه المؤسسة تعد «ستارا» لإخفاء أموال «الدعوة السلفية»، ومحاولة للهروب من السؤال حول مصادر التمويل، فقد جرى الدفع بمبالغ مالية كبيرة داخل هذه المؤسسة وأعيد تدويرها مرة أخرى لتخرج «نظيفة» في عملية أشبه بـ«غسيل الأموال».
ورغم كل هذه التمويلات وغيرها تصر قيادات الحزب، على أنه لا يملك أموالاً أو موارد مالية وكل مرشح للانتخابات سيتحمل نفقات حملته الانتخابية.