تمدد طالبان في الشمال.. هل يُشعل الحرب الأهلية في أفغانستان؟

الأربعاء 26/أغسطس/2015 - 04:16 م
طباعة تمدد طالبان في الشمال..
 
فيما يبدو أن ملامح الحرب الأهلية أصبحت ترسم على الأراضي الأفغانية، عقب نجاح حركة طالبان في حملة الربيع التي تقودها ضد حكومة طالبان وسيطرتها على عدد من المدن الأفغانية، وفي ظل أنباء تتحدث عن قيام نائب الرئيس الأفغاني الجنرال عبدالرشيد دوستم للاستعانة بميليشيات لمواجهة الحركة في شمال البلاد عقب فشل الجش في صد هجمات طالبان.

محاولة اغتيال دوستم

محاولة اغتيال دوستم
وأحبطت قوات الأمن والحرس الخاص لنائب الرئيس الأفغاني عبد الرشيد دوستم مخططًا لاغتياله، الاثنين 24 أغسطس الجاري.
وذكرت وكالة أنباء كاما الأفغانية أنه تم القبض على ثلاثة انتحاريين بالقرب من محيط مقر الجنرال دوستم في منطقة قيصر.
ووفقًا للتقارير، كانت الجماعات المسلحة تتطلع لشن هجوم منسق على مقر الجنرال دوستم بمساعدة الانتحاريين، وفر انتحاري رابع ولم تتمكن القوات من القبض عليه.
يأتي ذلك عقب نصب حركة طالبان كمينًا لموكب الجنرال دوستم في منطقة قيصر يوم الجمعة الماضية 21 أغسطس، حينما كان الجنرال دوستم في مدرعة أمنية وكان في طريقه إلى منطقة جورماتش في محافظة بادجيس، غير أن دوستم نجا من الهجوم بعد أن تلقت مدرعته العديد من طلقات الرصاص من مقاتلي طالبان.
وقتل خلال هذه الأحداث ما لا يقل عن 8 من مسلحي طالبان واعتقل 13 آخرون بعد تعامل قوات الأمن مع الكمين.
ويشرف دوستم حاليًا على تنسيق عمليات مكافحة الإرهاب ضد متمردي طالبان في الأجزاء الشمالية من البلاد.
ويعد الجنرال دوستم، أبرز المسئولين الحكوميين الناشطين بقوه في مواجهة حركة طالبان، الا انه بعد أشهر من «التوسل» لمجلس الأمن القومي؛ من أجل التدخل ضد طالبان، التي توغلت أخيرًا في إقليمه، جوزجان، شمالي البلاد، لم يجد زعيم الحرب السابق بديلًا عن التحرك بنفسه، بحسب ما ذكرت صحيفه «نيويورك تايمز» الأمريكية.

ميليشيات دوستم

ميليشيات دوستم
ومع سقوط بعض المناطق في شمال أفغانستان خصوصًا ولايتي "فارياب وقندوز" بيد مقاتلي طالبان بعد معارك عنيفة مع الجيش الأفغاني، وكذلك تمدد مقاتلي الحركة ومحاولتها نقل المعركة من الجنوب إلى الشمال، بدأ الجنرال دوستم، في تجهيز مقاتليه لدفاع عن مناطق نفوذه في شمال أفغانستان، مع فشل الجيش والقوات الأمنية في مواجهة مقاتلي حركة طالبان والتي سيطرت على عدد من المناطق في شمال البلاد.
ويؤكد الجنرال دوستم أن «9 آلاف متطوع مستعدون لمقاتلة طالبان في فارياب»، ولمسافة ساعتين بالسيارة من مواقع القتال، يؤوي دوستم في مقره العام عشرات المقاتلين. ويؤكد الرقيب نسيب: «ننتظر للذهاب إلى الجبهة منذ منتصف يوليو الماضي.. منذ عيد الفطر»، مضيفًا: «نريد الدفاع عن وطننا أفغانستان».
و ذكر زعيم الأوزبك في تصريحاته الأخيرة، أنه "بصدد إعداد جيش لمواجهة طالبان"، وأنه "سيُعلن قريباً عن بدء عمليات موسّعة ضد المسلحين في عدد من الأقاليم الشمالية". 
وينوي الجنرال، البالغ من العمر 61 عامًا، الذهاب تحديدًا إلى فارياب بصفته نائبًا للرئيس، وليس زعيم حرب معروفًا بقسوته أثناء الحرب الأهلية في التسعينيات.
وقال إنه عند وصوله قال: «سأشجع الجميع، وسنستعيد المناطق التي يسيطر عليها
المتمردون». وأضاف: «سترون، النساء سيرشقن طالبان بالحجارة».

التحالف مع أعداء الأمس

التحالف مع أعداء
ولأن المعركة مع طالبان تمثل لجنرال دوستم حياة أو موت، وهو يتزعم القتال ضد الحركة، نائب الرئيس الأفغاني والزعيم الوحيد للأقلية الأوزبكية، إلى التحالف مع أعدائه القدامى، وتوسيع دائرة تحالفاته ضد مقاتلي حركة طالبان، وينوي دوستم تسخير شعبيته لمكافحة طالبان، ولو استدعى ذلك التحالف مع أعداء الأمس، على غرار عطا محمد نور، زعيم الحرب السابق من أقلية الطاجيك والرجل القوي في ولاية بلخ المجاورة لجوزجان.
فبعدما كان الرجلان متحالفين ضد طالبان في التسعينيات، تصاعدت الكراهية بينهما لتصل إلى اشتباكات عنيفة بين قواتهما؛ من أجل السيطرة على مدينة مزار شريف بعد سقوط نظام طالبان في 2001.
 وبعد 13 عامًا يبدو أنهما قلبا هذه الصفحة. وتذهب الشائعات حتى إلى تحالف دوستم ونور للدفاع عن منطقتهما في الشمال، لكن مصدرًا مقربًا من دوستم ينفي ذلك، متحدثًا عن «تعاون» بين مقاتليهما «على المستوى المحلي».
كما يمكن للجنرال دوستم الاعتماد على القوات الحكومية، حيث نشرت كابل نحو 5 آلاف جندي في فارياب، الولاية التي لطالما تمتعت بالاستقرار حتى باتت ساحة معارك شرسة على الرغم من المحاولات الأخيرة لعقد محادثات سلام بين حكومة كابل وطالبان.
في جبهة الشمال، حاكم إقليم بروان عبد البصير سالنكي، أن "بعض أمراء الحرب في الشمال يوزعون الأسلحة على الناس بهدف إرباك الوضع أكثر". وذكر من بينهم محمد عطاء نور. بينما أفاد أحد مسئولي الأمن في الشمال هوما موزاي أن "80 في المائة من سكان بعض مناطق الشمال تم تسليحهم مجدداً، وهم يشكلون الآن خطراً لأمن المنطقة".

خلاف مع الرئيس الأفغاني

خلاف مع الرئيس الأفغاني
وتشير بعد التقارير الإعلامية أن الرئيس الأفغاني، أشرف غني، يعارض تحرك نائبه الجنرال رستم، موضحة أن ذلك التحرك، وإن كان يوصف بين الكثير من المواطنين في أفغانستان بالشجاعة، إلا أنه قد يعود بنتائج سلبيه؛ لا سيما الذعر الذي سيضرب الجيش الأفغاني والمؤسسات السياسية، وغياب الثقة في قدره أفغانستان على صد التهديد الإرهابي الموجود على أرضها.
وتشير بيانات وزارتي الداخلية والدفاع الرافضة لفكرة تشكيل الميليشيات الخاصة، إلى "وجود تصدّع داخل حكومة الوحدة الوطنية". كذلك تلفت تسريبات صحافية إلى أن "الرئيس أشرف غني أحمد زاي، أمهل نائبه دوستم أياماً للتراجع عن فكرة تشكيل الميليشيات". 
فيما قال سلطان فيضي، المستشار الإعلامي في مكتب الجنرال عبد الرشيد دوستم النائب الأول للرئيس الأفغاني: إن تحركات الجنرال رستم تحظى "بمباركة من الرئيس غني وموافقة أعضاء مجلس الأمن القومي وذلك لتحقيق أهداف رئيسية".
وأضاف سلطان فيضي، أن كل شيء بينهما يتم بالتشاور وبموافقة الطرفين، خصوصًا ما يتعلق بالحرب الحالية في شمال البلاد للقضاء على جيوب طالبان.

توسع "طالبان"

توسع طالبان
وكادت حركة طالبان أن تبسط سيطرتها مؤخرًا، على عاصمة ولاية قندز بشمال أفغانستان، في هجوم وصف بأنه الأكبر منذ الغزو الأمريكي لأفغانستان العام 2001. وشهد التمرد انتشارًا سريعًا من معاقله التقليدية الجنوبية والشرقية نحو الشمال، فيما تقف القوات الأفغانية وحيدة في القتال ضد المسلحين.
وفي قندز العاصمة الإقليمية في الشمال، التي تشكل تقاطعًا على الطريق المهم إلى طاجيكستان، يواجه الجيش الأفغاني صعوبة في التصدي للمتمردين الذين ينزلون به خسائر فادحة في «موسم المعارك» القاسي هذا، وهو الأول الذي تخوضه
كابل من دون الدعم الكثيف لقوات الحلف الأطلسي التي انسحبت من البلاد في أواخر ديسمبر الماضي. واستهدفت الهجمات في كابول في الأيام الأخيرة معسكرًا تتمركز فيه القوات الأمريكية الخاصة وأكاديمية للشرطة ومجمعًا سكنيًّا، وأدت إلى مقتل 51 شخصًا على الأقل، بحسب مسئولين.
وهذه الهجمات هي الأولى التي تضرب العاصمة الأفغانية منذ تعيين الملا اختر منصور على رأس حركة طالبان، بعد وفاة الملا عمر التي أعلنت الأسبوع الماضي.
وتؤكد موجة العنف هذه الأوضاع الأمنية المضطربة التي تشهدها البلاد وسط عملية سلام متعثرة والقدرة التي لا تزال طالبان تتمتع بها، رغم انقساماتها الداخلية المتزايدة.

المشهد الأفغاني

المشهد الأفغاني
ولم يفاجئ إعلان بعض قيادات "جبهة الشمال" بتشكيل ميليشيات خاصة حليفة للحكومة لمواجهة خطر "طالبان" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الأفغان كثيراً، إذ إن المحاولات الحثيثة لتشكيل كيان عسكري خاص في الشمال مستمرة منذ فترة. لكن ما أثار الاستغراب هو أن القياديين المدافعين عن تشكيل الميليشيات الحليفة للحكومة، يشغلون أهم المناصب في الحكومة، وهم: حاجي محقق نائب الرئيس التنفيذي عبد الله عبد الله، والجنرال عبد الرشيد دوستم، نائب الرئيس الأفغاني، ومحمد عطاء نور أحد أبرز قادة جبهة الشمال، وحاكم إقليم بلخ.
الأوضاع تشير في أفغانستان إلى عودة ظاهرة الميليشيات مع فشل المصالحة مع حركة طالبان، وفشل القوات الأمنية في مواجهة مقتلي الحركة، وتمددها في البلاد، مع ظهور تحد آخر وهو تنظيم الدولة الإسلامية، فهل ستشهد أفغانستان حربًا أهلية جديدة بين أمراء الحرب في البلاد، في ظل غموض مساعي المصالحة، وارتفاع مؤشر الحرب؟

شارك