على خطى "الأسد".. الكيماوي سلاح دموي جديد في يد "داعش"
الأربعاء 26/أغسطس/2015 - 04:46 م
طباعة

بعد الاتهامات التي وجهت للنظام السوري باستخدام السلاح الكيماوي المتمثل بإلقاء براميل مليئة بغاز الكلور على المدنيين في القطاعات التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة وهو ما كشفت عنه منظمة «هيومن رايتس ووتش»، سار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" على نفس خطى النظام الأسدي، فبالإضافة إلى استخدامه كافة الأساليب الوحشية المدمرة من أجل الحفاظ على وجوده وتصفية خصومه- وصل بهذه الوحشية إلى حد استخدام المواد الكيميائية في هجومه على المعارضة المسلحة السورية الغير تابعة له في مناطق في محافظة حلب السورية.

هذا الأمر كشفته منظمة "أطباء بلا حدود" بالكشف عن أنها عالجت أسرة سورية من أربعة أفراد، بدت عليهم آثار التعرض لمواد كيميائية بعد إصابة منزلهم بقذيفة مورتر خلال هجوم لـ"داعش" على مناطق في حلب في شمالي سوريا، وأن أربعة أشخاص تم علاجهم في مستشفى في حلب الجمعة الماضي كانوا يعانون صعوبات في التنفس والتهاب البشرة واحمراراً في العينين والتهاباً في الملتحمة، وأفادت الأسرة بأن قذيفة مورتر أصابت منزلهم، وبعد الانفجار امتلأت غرفة المعيشة بغاز أصفر، والذي أكدت منظمة "أطباء بلا حدود" أن الأعراض على المصابين والطريقة التي تغيرت بها، تشيران إلى التعرض لمادة كيميائية.
"داعش" سبق واستهدف قوات البيشمركة الكردية بالسلاح الكيماوي تم وضعها في 45 قذيفة هاون قصفت على جبهات قوات البيشمركة في محور الكوير- مخمور؛ ولذلك كانوا يرتدون أقنعة مضادة للأسلحة الكيماوية، وبالفعل أظهرت التحاليل أن الغاز المستخدم في القصف هو غاز الخردل؛ نفس الأمر أيضًا حدث في محور تلسقف؛ ما أدى لتردي الحالة الصحية لعدد من الجنود الأكراد، وقال إسماعيل قادر نائب الضابط المسئول عن القوة 73 في بيتواته، التابعة لقيادة قوات بيشمركة سبيلك: إن "مسلحي داعش قصفوا جبهاتنا التي تبعد نحو كيلومترين عن معاقلهم بصواريخ الكاتيوشا، وعقب القصف ظهرت رائحة سيئة، ثم لاحظنا تردي الوضع الصحي لعدد من مقاتلي البيشمركة، وإن بعض مقاتلي البيشمركة أصيبوا بحرقة في العيون، وبعضهم الآخر شعر بصداع في الرأس، فيما شعر جزء منهم بآلام في أوعيتهم الدموية".

وتابع: "وما أن شعرنا بذلك أبلغنا قيادتنا، التي قالت لنا: إن داعش استخدم السلاح الكيماوي، وبلغتنا بالإرشادات الضرورية للحفاظ على السلامة، ثم أرسلت سيارات إسعاف لنقل البيشمركة المصابين إلى المستشفى، وأن داعش لم يستخدم السلاح الكيماوي في عمليات القصف التي شنها في السابق في المنطقة بالكاتيوشا، لكن هذه المرة شعرنا بعد القصف بقليل بانتشار رائحة قوية تشبه رائحة الغاز؛ ما أدى إلى تردي الوضع الصحي لعشرين مقاتلا من البيشمركة، وبعد إجراء الفحوصات اللازمة في المستشفى تبين أنهم استنشقوا غازًا سامًّا".
وسبق وأن استخدم "داعش" الأسلحة الكيماوية في سبتمبر عام 2014م؛ حيث شهدت ناحية الضلوعية شمالي بغداد التابعة لمحافظة صلاح الدين اعتداءً جديدًا من تنظيم داعش بغاز الكلور تسبب باختناق نحو 15 شخصًا نقلوا على إثره إلى مستشفى البلد، وفي يناير عام 2015م اتهمت حكومة إقليم كردستان العراقي تنظيم داعش باستخدام غاز الكلور كسلاح كيماوي ضد قوات البيشمركة. وقوات البيشمركة قامت بجمع عينات من التربة والملابس تعرض بعض أفرادها لتفجير انتحاري بعربة مفخخة وفي 23 يناير وفي مارس 2015 م قصف تنظيم داعش قضاء الدور في محافظة صلاح الدين، شمال بغداد بقذائف محشوة بغاز الكلور، وفي الضلوعية تعرضت أجزاؤها الشمالية لقصف من قبل "داعش" بقذائف تحمل مادة الكلور، وأدت إلى وقوع حالات تسمم بين الأطفال، وفي الصقلاوية استخدم تنظيم داعش غاز الكلور في منطقة الصقلاوية بعد محاصرة أكثر من 400 جندي، والذي أدى إلى استشهاد الكثير منهم بسبب الاختناق. بالإضافة إلى استخدام التنظيم السلاح الكيماوي في قصف بلدة مارع الواقعة في محيط مدينة حلب، بعد أن أطلق قذائف تحتوي على غاز الخردل السام على البلدة؛ مما تسبب بحالات تسمم ظهرت أعراضها على المواطنين بعد القصف بيوم واحد.

العديد من التقارير أكدت أن "داعش" حصلت على السلاح الكيماوي من مصدرين، هما:
1- المصدر الأول: مخازن النظام السوري الذي اعترفت حكومته في عام 2013 بامتلاك كميات كبيرة من المركبات الكيميائية عندما وافقت على التخلي عن ترسانتها من الأسلحة الكيميائية.
2- المصدر الثاني: السلاح الكيماوي الذي كان يتواجد في مستودعات للأسلحة الكيماوية من عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، ولم تتمكن القوات الأمريكية من العثور عليه وقام الضباط العراقيين المنخرطين حالياً في صفوف "داعش" بالكشف عن هذه المواقع والمستودعات واستخرجوا منها كميات تستخدمها داعش في نشاطها العسكري حاليًا.
تنظيم "داعش" لا يكتفي باستخدام السلاح الكيماوي، بل أعلن في مقالة نشرت في مجلة دابق أن بمقدوره شراء سلاح نووي من باكستان في غضون عام، وأنه بصدد تنفيذ عملية كبرى تتضاءل أمامها أي عمليات سابقة، بل وترددت في الآونة الأخرى أنباء قوية عن سعي "داعش" إلى التعاقد مع خبراء في مجال الأسلحة الكيماوية من عهد صدام حسين؛ مما يؤكد على نوايا التنظيم في إنتاج الأسلحة الكيمياوية لتحقيق أغراضه اللاإنسانية، ولكن فارس ججو وزير العلوم والتكنولوجيا العراقي استبعد أن يتمكن التنظيم من صنع قنبلة من المواد المشعة التي حصل عليها من المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا والعراق؛ لأن "داعش" لا تتوفر لديه البنية التحتية لصنع مثل هذه القنبلة، وأنه لا يمتلك التقنية الكافية لصنع قنبلة، من المواد المشعة، التي سيطر عليها؛ لأن مثل هذه القنبلة تحتاج إلى تكنولوجيا عالية وبنية تحتية غير موجودة في العراق وسوريا، على الرغم من أنه سيطر على مواد مخبرية من مستشفيات ومختبرات، لكنها ليست بالخطورة لصنع قنبلة كيماوية، ولكن داعش لن يتوانى عن استخدام أي سلاح كيماوي، إذا ما حصل عليه.

وحذرت جولي بيشوب وزيرة الخارجية الأسترالية من احتمال قيام تنظيم "داعش" بصنع ما وصفته بقنبلة كبيرة قذرة، وأنه يقوم بجمع المواد المشعة من المستشفيات والمؤسسات البحثية في المدن العراقية والسورية، وأن استخدام داعش الكلورين، وتجنيده خبراء فنيين مدربين تدريبًا عاليًا، يكشف عن جهود جدية لداعش لتطوير أسلحة كيميائية؛ لأن لديه عشرات آلاف المجندين من بينهم خبرات فنية ضرورية لتطوير عناصر أولية وبناء أسلحة كيميائية.
مما سبق نستطيع أن نؤكد أن "داعش" على الرغم من أنه لم يستطيع إنتاج السلاح الكيماوي على المدى القريب، إلا أنه يستخدمه بالفعل ويستطيع إنتاجه على المدى البعيد وهو ما يتطلب تكاتف الجهود الدولية للقضاء على هذا الكيان الإرهابي قبل أن يتنامى أكثر من ذلك، ليتحول من مجموعة إرهابية تملك مواد كيماوية إلى دولة إرهابية تمتلك وتنتج أسلحة كيماوية تدمر بها العالم ويصبح ضحاياه بالملايين.