الإنترنت المظلم.. الساحة الآمنة لجماعات الإرهاب
الأحد 30/أغسطس/2015 - 08:06 م
طباعة

حذر مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء من خطورة استغلال الجماعات التكفيرية والمتطرفة لما يسمى بـ"الإنترنت المظلم"، والذي يعد الآن ساحة مظلمة وسرية مفتوحة أمام جماعات العنف والتكفير لممارسة كافة أنشطتها غير المشروعة بعيدًا عن الملاحقات الأمنية.
وأضاف المرصد في تقريره التاسع والعشرين تحت عنوان "الانترنت المظلم.. الساحة الآمنة لجماعات الإرهاب"، أن الانترنت المظلم يُعد وسيلة لعدم الكشف عن الهوية على الإنترنت، فهو مصطلح يشير إلى مواقع الويب التي تحجب عناوين الـ IP عن الخوادم التي تنشر من خلالها، مما يجعل من المستحيل معرفة هوية المواقع أو القائم عليه، حيث لا يظهر على محركات البحث، وطبقا لصحيفة الجارديان، فإن محركات البحث مثل جوجل لا تستطيع الدخول سوى على أقل من 0.03٪ من المعلومات على الإنترنت! بينما تقطن بقية المعلومات في شبكة مجهولة، يستخدمها أشخاص مجهولون، ولا يمكن لأحد الدخول على تلك الشبكات.

تابع التقرير أن "الانترنت المظلم" يعتبر أحد أكبر التحديات التي تواجه جهود مكافحة ومواجهة الجماعات التكفيرية والمتطرفة، وقد نشر أحد مراكز الأبحاث تقريراً يشير إلى أن تنظيم داعش يقوم بالفعل بجمع الأموال وتجنيد الأفراد عبر "المواقع المظلمة" وأوضح التقرير أنه في عام 2014، تم العثور على حاسب آلي محمول تابع لأحد أعضاء تنظيم "داعش"، وهو تونسي ويدعى أبو محمد، يحتوي على العديد من الخطب والأناشيد الجهادية، وآلاف الوثائق الجهادية التي نشرها صاحبها، ومعظمها على الإنترنت المظلم، وتشير العديد من التقارير التي رصدها مرصد الإفتاء إلى أن "الشبكة المظلمة" تحتوي على ما يزيد على 50 الف موقع و300 منتدى لمنظمات إرهابية وذلك حسب أحد التقارير الصادرة في عام 2011 لأحد المراكز البحثية الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن استخدام "الانترنت المظلم" لدى الجماعات الإرهابية يتمثل في الإعداد للعمليات الإرهابية، وتوفير الموارد المالية اللازمة للتنظيم، والحصول على صفقات السلاح مع الجهات المشبوهة، بالإضافة إلى الحصول على الوثائق السرية والحكومية، وهي كلها مواد متوافرة بكثرة على مواقع "الانترنت المظلم".
وقد عُثر على وثيقة لأحد مناصري تنظيم "داعش" بعنوان "بيتكوين وصدقة الجهاد"، من تأليف "تقي الدين المنذر"، حدد فيها الأحكام الشرعية لاستعمال "البيتكوين" – وهي عملة رقمية إلكترونية يتم تداولها عبر الانترنت المظلم - مشددا على ضرورة استعمالها لتمويل الأنشطة الجهادية، وعلى عكس العملات التي تصدرها الحكومات، فإن الميزة الأقوى لعملة البيتكوين هي أنها مجهولة، فنظامها الشبكي اللامركزي يجعل من الصعوبة بمكان تتبع عمليات الشراء والبيع التي تتم عبرها.
تابع التقرير أَن تنظيم "داعش" الإرهابي أعلن مؤخراً عن إنشاء وزارة مختصة بالآثار، للتنقيب عن الآثار وبيعها، وهي تجارة مربحة توفر للتنظيم مصادر دخل مرتفعة وتسهم في تعزيز قدراته وإمكاناته، ويمكن تسويق الآثار والمواد المراد بيعها عبر الانترنت المظلم، بشكل يجعل من الصعوبة بمكانة ملاحقة جهات الأمن لتلك العمليات على الشبكة المظلمة.
وأوصى التقرير بضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة التنظيمات التكفيرية في الفضاء المظلم "الانترنت المظلم"، كي تستطيع تجفيف منابعها الفكرية ومواردها المالية وعلاقاتها التجارية، حيث أكدت الدراسة على أهمية مشاركة الشركات الرائدة في مجالات التكنولوجيا، حيث يقع على عاتقها دور كبير في تتبع ورصد المواد التكفيرية والإرهابية المنتشرة على مواقع الإنترنت، خاصة ما يتعلق بتطوير وتحديث أدوات جديدة لمراقبة "الانترنت المظلم" والتعرف على المواد المنشورة به، والتعرف على مستخدميه والمواقع المنتشرة به، وخاصة أن عملية السيطرة عليه والتعرف على مستخدميه تعد مسألة صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة.
وشدد مرصد الإفتاء علي ضرورة تطوير برامج وتقنيات حديثة تمكن من الكشف عن مستخدمي شبكة "الانترنت المظلم"، خاصة أن متصفح "تور" – أحد متصفحات الانترنت المظلم - يحجب بيانات المستخدمين ومواقعهم وكافة البيانات المتعلقة بهم.
كما دعا التقرير إلى تجريم ومنع الدخول إلى مواقع "الانترنت المظلم"، وتضيق فرص تواجد تلك المواقع وإمكانية الوصول لها، وذلك عبر تشريعات دولية وداخلية ملزمة لأطراف المجتمع الدولي بهدف مكافحة هذه المواقع والمحتوى المنتشر بها.
وأكد التقرير على أن المواجهة العسكرية مع التنظيمات الإرهابية لا يمكن أن تؤتي ثمارها طالما ظلت الساحات الافتراضية المظلمة آمنة ومتاحة لتلك التنظيمات، فمواقع "الإنترنت المظلم" توفر مساحة آمنة وسهلة وبعيدة عن أعين الجهات الأمنية بالإضافة إلى أنها تتيح تجنيد الأفراد ونشر الأفكار والمناهج المتطرفة، والحصول على الدعم المادي وشراء كافة أنواع الأسلحة والمعدات اللازمة لتنفيذ العمليات الإرهابية التي تنال من أمن واستقرار الدول والشعوب، وبالتالي فإن المواجهة العسكرية لتلك التنظيمات لابد أن تتزامن مع مواجهة أخرى تكنولوجية في ساحات "الإنترنت المظلم" بمظلة دولية وإقليمية.
عن الوثيقة

أثارت وثيقة لأحد مناصري دولة العراق والشام (داعش) بعنوان "بيتكوين وصدقة الجهاد"، من تأليف “تقي الدين المنذر”، حدد فيها الأحكام الشرعية لاستعمال "البيتكوين"، مشددًا على ضرورة استعمالها لتمويل الأنشطة الجهادية، اهتمام وسائل الإعلام العالمية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وعلى عكس العملات التي تصدرها الحكومات، فإن الميزة الأقوى لعملة البيتكوين هي أنها مجهولة، فنظامها الشبكي اللامركزي يجعل من الصعوبة بمكان تتبع عمليات الشراء والبيع التي تتم عبرها.
وقد أدركت العصابات العالمية، المتخصصة في “تجارة الظلام” كالمخدرات والاتجار بالبشر، هذه الميزة واستعملتها بحرفية عالية، فنجحت في جذب مواقع مثل "طريق الحرير" المتخصص في التحويلات المالية غير القانونية والتي تقدر معاملاته بأكثر من مليار ومئتي مليون دولار.
وجاء في الوثيقة أن البيتكوين تمثل حلا عمليا للتغلب على الأنظمة المالية للحكومات “الكافرة”، وشرحت كيفية استخدام هذه العملة الافتراضية وإنشاء الحسابات المالية على الإنترنت، ونقل الأموال دون لفت انتباه أي أحد.
عكست الوثيقة خبرة كبيرة لدى كاتبها في المعاملات المصرفية والإجراءات القانونية، وحتى بالمنظومة الهيكلية للبيتكوين وكيفية عملها. وجاء في الوثيقة التفاصيل التالية: لا يمكن للمرء إرسال حوالة مصرفية لمجاهد أو من يشتبه فيه أنه المجاهد دون الحكومات الكافرة الحاكمة على علم بما يجري، والحل المقترح لهذا هو ما يعرف باسم بيتكوين لإعداد نظام تبرع مجهول تماما، يمكن أن ترسل الملايين من الدولارات فورا… ستصل إلى جيوب المجاهدين على الفور بقليل من الجهد".
تنظيم داعش لم يتبن رسميا هذه الوثيقة، ولم يظهر على صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي أي إشارة إلى حملة جمع تبرعات عن طريق بيتكوين.
ونشر محرر مجلة فوكاتيف نص الرد الذي تلقاه من حساب "شاهد أمريكي” Amreeki Witness الذي نشر الوثيقة على مدونته الإلكترونية، والذي يضع على حسابه على تويتر، صورة للبيت الأبيض مقر الرئاسة الأمريكية، مستبدلا العلم الأمريكي على السطح بعلم داعش، وفي صورة البروفايل، يستبدل شعار وزارة الخارجية الأمريكية بمساحة بيضاء، فيها كلمات “محمد رسول الله".
وقال المحرر إنه راسل صاحب الحساب عبر تويتر، فكان جوابه “كل ما سأعلنه هو أنني رجل مسلم من الشرق الأوسط، حتى لا ترسل لي طائرة أمريكية دون طيار لقتلي".
وأضاف أنه لم يكن يتوقع أن يحصل ما نشره على الكثير من الاهتمام، مشيرا إلى أن الموضوع يبدو أنه أخذ على محمل الجد.
وقد نشرت المدونة آنفة الذكر عددًا من المقالات، من بينها “الاستراتيجية العسكرية للدولة” و”البقاء مجهولا على الإنترنت”.
ومع تصاعد الجدل حول مدى رسمية هذه المدونات، إلا أن الوكالات المتخصصة بدأت في دراسة التداعيات والتهديدات الأمنية المحتملة لهذه المعطيات، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في مايو الماضي أنها تحقق في تهديدات أمنية محتملة، مشيرة إلى أن “إدخال عملة افتراضية من المرجح أن تشكل تهديدا ماليا، إذ تزيد في عدم الشفافية، وتساعد سرعة تبادلها على كفاءة التخطيط للهجمات الإرهابية".
وكان مجلس العلاقات الخارجية قد أصدر تقريرا قال فيه إن الجماعات الإرهابية تتلقى التمويل من مجموعة متنوعة من المصادر، ويطرح مراقبون آخرون السؤال التالي: هل تحتاج داعش إلى جمع المال من مؤيديها باستخدام البيتكوين بعد تصنيفها مؤخرا كأغنى منظمة إرهابية في العالم بعد سطوها على البنك المركزي في الموصل، وسرقتها 500 مليار دينار عراقي، أي ما يعادل 400 مليون دولار أمريكي، وعددا من السبائك الذهبية.
يقول بعضهم إنها ستستعمل البيتكوين لإنشاء خلايا جديدة في مناطق جديدة من العالم؟ غير أن بعض مستخدمي العملة يرجحون “هذه المعلومات مجرد مقدمة لحظر بيتكوين تحت ستار مكافحة الإرهاب؟”.