بعد فشل محاولاته في الصعود.. "حزب الله" يشكك في تظاهرات لبنان
الثلاثاء 01/سبتمبر/2015 - 12:24 م
طباعة

بعد فشل محاولات "حزب الله" في لبنان، باستغلال التظاهرات التي تشهدها بيروت الآن، للوصول إلى أهدافة في الإبقاء على نفوذه في لبنان بعد خسائره في سوريا، فضلًا عن تعيين ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر والحليف المسيحي الرئيسي لحزب الله، رئيسًا للحكومة، كذلك يسعى لتمرير ملف تعيينات القيادات الأمنية منها الجيش، أبدى أمس شكوكًا حول حملة "طلعت ريحتكم" والقائمين عليها في تطور لافت يعكس فشل الحزب في احتواء الحراك الاحتجاجي.

كان حزب الله يأمل في استغلال التحركات الاحتجاجية لإشعال فوضى بالبلاد، تدفع إلى إسقاط النظام القائم وإقامة نظام حليف له وحليف لإيران التي تزورها هذه الأيام وفود من كل الأحزاب الممثلة لـ8 آذار، حيث التقى أعضاء الوفود بمستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي الذي قال لهم: إن لبنان يعنينا أكثر من السابق.
وقال "رئيس كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد بأن موقف حزب الله من الحراك المطالب بمكافحة الفساد في لبنان ليس سلبيا، ولكن لا بد من الوقوف على الأطراف التي تحركه.
وأضاف: نؤكد أننا إيجابيون بالتعاطي مع مثل هذا الحراك، لكن على من يقوده أن يكون واضحا مع الناس.
وتوجه رعد إلى الحراك في بيروت بالسؤال عن هوية الذي يقود الناس في تلك الساحات، قائلا: "لا نسلم قيادتنا لأي كان، ولا تأخذنا الشعارات دون أن نعرف البرنامج والقيادة التي تقود هذا الحراك"، مشيرا إلى أن حزب الله لا يشكك لكن هذا السؤال هو من حق كل مواطن.
والجدير بالذكر أن حزب الله، منذ بدء التظاهرات وهو يحاول إلى الانضمام وفرض سيطرته وشجع التظاهرات، لكنه فشل في نهاية المطاف في احتواء حركة "طلعت ريحتكم"؛ الأمر الذي جعله يعلن عن أن هذه التظاهرات مشكوك في أمرها، وأن هناك جهات معنية بتوجيهها، على حسب رؤيته.
وفي ظل فشل الحزب في تحقيق مساعيه لتولي النائب المسيحي ميشال عون زعيم التيار الوطني الحر، رئاسة الحكومة في لبنان، بدأ يهاجم التظاهرات ويتهمها بأنها تهدف إلى التخريب والدمار.

وعقب منع منظمو تظاهرة السبت الماضي، العونيين من المشاركة، أطلق اتهاماته إلى المتظاهرين، قائلا إنهم سرقوا شعاراتنا، وأعلن عن تظاهرة مستقلة للحزب وحلفائه.
ويرى مراقبون أن حزب الله في حيرة من أمره، فهو يريد مراعاة حليفه المسيحي من جهة واستغلال التظاهرات لتعطيل العمل الحكومي والحياة في بيروت من جهة أخرى.
وهذا ما دفعه السبت الماضي إلى إبقاء مجموعة من عناصره في وسط بيروت بعد الإعلان عن انتهاء التظاهرة.
وقام هؤلاء إلى استفزاز قوى الأمن والاعتداء عليها وتخريب بعض المحلات التجارية والمنشآت العامة وإشعال النار فيها فضلا عن اقتلاع إشارات المرور.
وقال المحلل السياسي اللبناني مهند حاج علي في حواره مع العرب اللندنية: إن حزب الله تفاجأ كبقية الأحزاب اللبنانية المشاركة في السلطة بحجم تحرك التظاهرات، لافتًا إلى أن ناشطين بالحراك تفطنوا إلى وجود محاولة حزبية لاستدراج المحتجين إلى القيام بأعمال شغب وأفشلوها.
وأضاف أن التيار العوني حاول ركوب الموجة المطلبية لكنه فشل بسبب وعي بعض الناشطين، مشيرًا إلى أن الحراك اتبع تكتيكًا ذكيًّا وناجحًا يتمثل في الانسحاب إلى ساحة الشهداء كلما ظهرت هذه المجموعة المنظمة والحزبية، وهكذا احتواها وأظهر حجمها الصغير.

ورأى مراقبون أن توغل حزب الله في الحركة الاحتجاجية وتحريكه لحلفائه العونيين، في جزء منهما هو عملية تنفيس عن الحزب ومسئوليه الذين لم يعودوا قادرين على تبرير استمرار الحرب في سوريا والفاتورة الباهظة التي يدفعها ودون أي مؤشرات على وجود حل في القريب، وهو أيضًا عملية تنفيس إيرانية بعد انغلاق الآفاق في سوريا والعراق واليمن تريد من خلالها طهران الإيحاء بقدرتها على المناورة وتخفيف الضغوط عن حلفائها.
وفشل الحزب في مساعيه وتحويل التظاهرات الشعبية في بيروت إلى ما يشبه بالمحاكمات السياسية لخصومه، وبالأخص عندما رفع المندسون صورًا لقيادات من 14 آذار متهمين إياها بالفساد، وهو ما رد عليه النشطاء المستقلون برفع صور لقادة وأعضاء من فريق 8 آذار ومنها صور لرئيس مجلس النواب نبيه بري المتحالف مع الحزب ورئيس التيار الوطني الحر ميشال عون كلها عوامل دفعت إلى التشكيك في التحركات.
وحسبما يرى خبراء أن حزب الله لم يتخذ موقف فرديًا في هذا الحراك الاجتماعي، ولكنه نسق مع باقي أقطاب 8 آذار، فقد أطل ميشال عون الرئيس السابق للوطني الحر، قبل أيام قليلة، مهاجمًا التحرك، معلنًا أنه سيسير مسيرات بعيدة عنه.
الجدير بالذكر أن نبيه بري الذي كان من بين الأطراف الرئيسة التي طالتها انتقادات الحملة، بادر إلى إعلان مبادرة تقضي بقيام حوار بين رئيس الحكومة تمام سلام ورؤساء الكتل النيابية تتناول البحث في رئاسة الجمهورية، وعمل مجلس النواب، وعمل مجلس الوزراء، وقانون الانتخابات، وقانون استعادة الجنسية، ومشروع اللامركزية الإدارية، ودعم الجيش.
ولاقت دعوة بري، ترحيبًا واسعًا، حيث رحب كل من حزب الله والنائب اللبناني وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بهذه المبادرة، وأعلن حزب الله في بيان له تأييده الكامل للمبادرة الحوارية التي أطلقها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في خطابه بالأمس في ذكرى اختفاء مؤسس حركة أمل الإمام موسى الصدر.
وأضاف البيان، "أن الحزب رأى في المبادرة فرصة جدية لإيجاد منفذ يؤدي إلى حل الكثير من القضايا العالقة في البلاد، وصولًا إلى إيجاد حل دائم ومستقر للأزمة السياسية وما ينتج عنها من أزمات اقتصادية واجتماعية تهدد المواطن اللبناني"، وأعرب الحزب عن أمله في أن تقوم كل القوى السياسية المعنية بالاستجابة لهذه الدعوة بنيات طيبة، والعمل على إنجاحها.

من جانبه، قال وليد جنبلاط- في التصريحات التي أدلى بها لجريدة "الأنباء" الإلكترونية التابعة لحزبه التقدمي الاشتراكي-: "إننا نرحب مرة جديدة بهذا الحوار الذي يبقى السبيل الوحيد للتفاهم بين اللبنانيين، ولاجتياز التحديات الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة". وأضاف: "رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لطالما كان سباقاً في العمل على التقارب بين اللبنانيين لا سيما في المنعطفات الكبرى، وما دعوته إلى الحوار اليوم إلا استكمال للجهد الذي بذله منذ سنة 2006 وفي أوج الانقسام بين اللبنانيين لعقد اجتماع لهيئة الحوار الوطني في مجلس النواب".
ورأى جنبلاط أنه على الرغم من أهمية البنود المقترحة لجدول الأعمال، فإنه في حال تعذر التوافق على الانتخابات الرئاسية اللبنانية لأسباب إقليمية ومحلية، وفي حال غياب التفاهم على قانون انتخاب جديد؛ فإنه من الضروري تلافى الاستغراق في عناوين خلافية مطاطة والسعي للتركيز في اتجاه تفعيل عمل الحكومة الحالية وتحويلها إلى حكومة منتجة قادرة على محاكاة المطالب الشعبية المحقة على مختلف المستويات المعيشية.
وقال مراقبون: إن مبادرة بري تأتي في محاولة لإنقاذ مركزه هو كرئيس لمجلس النواب بعد أن سخر المحتجون والنشطاء من استمراره الطويل في رئاسة البرلمان، وبعد تلميحات من نافذين في حزب الله إلى أن تغيير النظام يعني أيضًا بري شخصيًّا رغم كونه حليفًا.
فيما يرى متابعون، أن المبادرة في جوهرها تخدم حزب الله وتيار عون اللذين يضغطان لإسقاط الحكومة وفرض مرشحهم للرئاسة رئيسا للبنان رغم معارضة فريق 14 آذار.