الحكومة التركية تصعِّد ضد الصحفيين.. واتهامات لأنقرة بخداع واشنطن

الثلاثاء 01/سبتمبر/2015 - 09:30 م
طباعة محاولات تركية لحرب محاولات تركية لحرب وهمية على داعش
 
تركيا تصمت على جرائم
تركيا تصمت على جرائم داعش
صعَّدت الحكومةُ التركيةُ من خطواتِها لملاحقةِ الصحفيينَ والسياسيين، ومحاولة تلفيق عددٍ من التُّهم لهم، بزعم مساعدة تنظيمات إرهابيةٍ، وآخر هذه العمليات، واقعة اعتقال الصحفيين البريطانيين "جايك هنرهان" و"فيليب بندلبري" اللذين يعملان في "فايس نيوز" ومترجمهما العراقي، بعد أن أقرت محكمة تركية اعتقال هؤلاء بتهمة التورط في أنشطة "إرهابية" لحساب تنظيم "داعش". 
واتهمت المحكمة في ديار بكر بجنوب شرق البلاد الصحافيين ومترجمهما العراقي الذين كانوا اُعتقلوا الأسبوعَ الفائتَ بـ"المشاركة في أنشطة إرهابية" لحساب تنظيم "داعش" المتطرف، بعد أن اقتيد الثلاثة إلى أحد سجون ديار بكر في انتظار محاكمتهم من دون أن ترشح تفاصيل عن التهمة الموجهة إليهم، بينما تم الإفراج عن مشتبه به رابع هو سائق المجموعة.
وبحسب بعض المعلومات، اعتقلت الشرطة الصحافيين بعد تبلغها بوجودهما في المنطقة، وصادرت الصور التي التقطوها، ورفض الصحافيان الاتهامات الموجهة إليهما بحضور محاميهما.
غارات تركية ضد اهداف
غارات تركية ضد اهداف داعش
من جانبها قالت قناة "فايس نيوز" الإخبارية على الإنترنت أنهما جايك هنرهان وفيليب بندلبري، وذكرت القناة أنه وفقا لبعض المصادر قد يكون الصحافيان اُعتقلا لالتقاط صور من دون ترخيص حكومي وأنهما "اتهما لاحقا بدعم تنظيم داعش، وأضاف متحدث باسم القناة أن الصحافيين يواجهان "اتهامات بالإرهاب لا أساس لها".
كان الصحافيان توجها إلى جنوب شرق تركيا، المنطقة التي تشهد أعمال عنف منذ إطلاق أنقرة في نهاية يوليو "حربا على الإرهاب" تستهدف تنظيم داعش، وخاصةً حركة التمرد في حزب العمال الكردستاني.
من جانبها دعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج "فورا" عن الصحافيين ووصفت الاتهامات بحقهما بأنها "معيبة وغريبة".
من ناحية أخرى دافعت الولايات المتحدة عن تركيا في الحرب على الإرهاب وخاصة داعش، وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، إن تركيا قدمت أكثر مما توقعته» واشنطن في إطار الحرب على تنظيم داعش.
جاء ذلك ردا على مقال لصحيفة نيويورك تايمز، وصف المشاركة التركية في الحرب ضد التنظيم بأنها «إلهاء» للعالم عن حربها ضد بي كا كا.
وفى هذا السياق قال المتحدث باسم الوزارة «مارك تونر»: نحن نواصل مباحثاتنا مع تركيا بشأن مخاوفهم المتعلقة بالحدود وطرق مساعدتها لتأمين حدودها، لكن كما تعلمون فإن تركيا قد فعلت أكثر مما توقعنا لها، في محاربة داعش والتعامل مع تدفق اللاجئين السوريين.
 أضاف "جميع الغارات التركية ضد أهداف بي كا كا، كانت ردًا على هجمات التنظيم على قوات الجيش والشرطة، نريد أن نرى بي كا كا يتوقف عن الهجمات، نريد أن نرى كلا الجانبين يمتنعان عن العنف، ونريد أن نرى عودة إلى عملية الحل التي تنتهي بتحقق السلام.
يذكر أنه قبل أيام اعتبرت واشنطن، أن مشاركة تركيا بشكل كامل في عمليات التحالف الدولي، ستحقق إضافة في الحرب ضد تنظيم داعش  ، من شأنها أن تضعف التنظيم وتتسبب بهزيمته في نهاية المطاف، بحسب «جوش أرنيست» المتحدث باسم البيت الأبيض.
اتهامات لاردوغان
اتهامات لاردوغان بدعم داعش
وكان وزير الدفاع الأمريكي «آشتون كارتر»، قد أكد الأسبوع الماضي، أن بلاده تنتظر من تركيا «فعل المزيد» في إطار حربها ضد داعش
وأعلنت أنقرة في 24 يوليو الماضي، موافقتها على استخدام قوات التحالف الدولي، قواعد عسكرية تركية، بما في ذلك قاعدة إنجرليك الجوية بمدينة أضنة جنوب شرقي البلاد، لتنفيذ ضربات جوية ضد التنظيم، والتحقت 6 طائرات من طراز «إف 16» و300 عسكري أمريكي بالقاعدة الجوية للمساهمة في جهود بدء غارات جوية ضد تنظيم الدولة من تركيا، كما وافقت تركيا على عدم تنفيذ عمليات عسكرية ضد داعش حتى الانتهاء من مباحثاتها مع الولايات المتحدة حول تفاصيل مشاركتها ضمن الحلف.
ومساء الجمعة الماضية، شن الطيران التركي أول غاراته ضد تنظيم داعش  في سوريا، وأكدت الخارجية التركية أن مكافحة التنظيمات الإرهابية هو موضوع أساسي على صعيد الأمن القومي بالنسبة لتركيا وهذه المكافحة ستتواصل بحزم.
على الجانب الآخر اعتبرت صحيفة انجليزية أن تركيا خدعت الولايات المتحدة في الحرب على الارهاب ومواجهة تنظيم داعش، وهو ما كشف عنه باتريك كوكبرن في تحليل له بعنوان تركيا خدعت أمريكا، وتنظيم الدولة يجني الثمار.
أكد باتريك كوكبرن في صحيفة الإندبندنت أن الولايات المتحدة وبتوقيعها الاتفاق العسكري مع تركيا لاستخدام قاعدة إنجرليك الجوية، خانت السوريين الأكراد الذين كانوا أكثر الحلفاء فعالية ضد تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية أو داعش، خاصة وأن الاتفاق العسكري يقضي بحصول أمريكا على تعاون عسكري أكبر من تركيا، لكن بسرعة تبين أن هدف أنقرة الحقيقي كان الأكراد في تركيا وسوريا والعراق، وأن الضربات ضد تنظيم داعش لم تكن أولوية للأتراك، إذ أن 3 غارات جوية تركية فقط استهدفت تنظيم الدولة مقابل 300 شُنت ضد قواعد لحزب العمال الكردستاني، كما يقول كوكبرن.
شدد على إن سيطرة الأكراد على نصف الحدود السورية – التركية التي يبلغ طولها نحو 550 ميلا، كان سببا وراء عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التعاون بشكل أكبر مع الولايات المتحدة، وفتح قاعدة إنجرليك أمامها بعدما مُنعت منها في السابق، معتبرا أن هناك قناعة كبيرة في واشنطن إن تركيا خدعت الولايات المتحدة، عندما أظهرت أنقرة أنها تريد ضرب تنظيم الدولة، في حين كانت نيتها استهداف الأقلية الكردية البالغ عددها 18 مليونا.
أوضح أن هناك دلائل أخرى تشير إلى أن تركيا تهدف أيضا إلى إضعاف حلفاء الولايات المتحدة المعارضين لـ"تنظيم الدولة " في سوريا، العرب منهم والأكراد، خاصة أن الولايات المتحدة كانت تحاول إنشاء قوة معتدلة من المقاتلين السوريين لتحارب تنظيم الدولة والحكومة السورية، وفي شهر يوليو أرسلت مجموعة مقاتلين تحت مسمى "الفرقة 30"، ولكن ما أن عبر أفرادها إلى سوريا من تركيا حتى وجدوا مقاتلين من جبهة النصرة الذين أسروا عددًا منهم.
اعتقد باتريك كوكبرن هذا دليلًا على أن جبهة النصرة حصلت على معلومات عن تلك الفرقة من المخابرات التركية.
مسلحوداعش يسخرون
مسلحوداعش يسخرون من جنود تركيا
وحسب تحقيق أجراه ميتشيل بروثيرو، من منظمة ماك كلاتشي للأخبار، فإن دافع تركيا هو تدمير الفرقة التي أسستها الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة.
ويقول كوكبرن إن ذلك لن يترك لأمريكا سوى خيار تدريب قوات لها علاقة بتركيا ويكون هدفها الأساسي إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، ويتساءل كيف للاتفاق التركي الأمريكي أن يؤثر على تنظيم "الدولة"؟
نوه كوكبرن إلى أن التنظيم قد يواجه صعوبة في نقل مقاتليه عبر الحدود السورية التركية، لكنه سيشعر بالراحة لرؤية قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تحت وطأة الضغط التركي وكذلك قوات حزب العمال الكردستاني التي تتعرض لضربات جوية في جنوب شرق تركيا وسلسلة جبال قنديل في العراق.
ركز باتريك كوكبرن على أن تنظيم الدولة لم يفقد زخمه، ففي السابع عشر من مايو تمكن من الاستيلاء على مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار بالعراق وبعد خمسة أيام دخل مدينة تدمر في سوريا، وفي كلتا المدينتين لم يتعرض لهجمات مضادة بشكل فعال، ولا يشعر بخطر على وجوده.
ويقول كوكبرن إن الحملة العسكرية الأمريكية ضد تنظيم داعش فاشلة، ولم تغير الاتفاقية مع تركيا شيئا، لكن هناك سببا أقوى لعدم قدرة أمريكا على مواجهة تنظيم الدولة بصورة ناجحة، كما يذكر المقال، وهو أن الولايات المتحدة ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أرادت مقاتلة تلك المنظمات من نوعية تنظيم القاعدة، ولكن من دون تعكير صفو علاقاتها مع الدول السنية كتركيا والسعودية وباكستان ودول الخليج، إلا أن هؤلاء الحلفاء كانوا حواضن، أو متغاضين، أو فاشلين في التحرك ضد المجموعات الشبيهة بالقاعدة، مما يفسر سبب نجاحاتها المستمرة.

شارك