حزب الله ومعركة "الطائفية" الديموغرافية في سوريا.. الزبداني نموذجًا
الخميس 03/سبتمبر/2015 - 02:42 م
طباعة

يخوض حزب الله اللبناني معركة طائفية ديموغرافية بامتياز في سوريا تعد أحد مراحلها محاولته السيطرة على مدينة الزبداني ليس بسبب موقعها الاستراتيجي القريب من الحدود السورية- اللبنانية فقط، ولكن من أجل تغيير طبيعتها الديمغرافية من السنة لصالح الشيعة، وهو نفس الأمر الذي دفعه إلى القتال إلى جانب الأسد، بحجّة حماية «المراقد» الذي عدّل فيما بعد ذلك إلى «حماية القرى الشيعية الـ5 على الحدود» لنصل الآن إلى مرحلة تهجير السنة من الزبداني لتطل علينا من جديد الطائفية بوجهها القبيح .

وللتمكين لهذه المعركة تمكن حزب الله وقوات النظام السوري وجيش التحرير الفلسطيني وقوات الدفاع الوطني من التقدم مجدداً في مدينة الزبداني، عقب اشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة ومسلحين محليين من المدينة، وأصبحت قريبة من حاجز الهدى المؤدى إلى ساحة السيلان في الأحياء الغربية للزبداني بمساحة 3 كيلومترات مربعة كما دارت اشتباكات من جهة الجبهة الغربية، على أطراف الحي الغربي من جهة الجسر، إضافة إلى ساحة السيلان شرق، وبذلك أصبح حزب الله وقوات النظام يسيطران على مساحة 70 – 75% من مساحة الزبداني.
مشروع تغيير الديموغرافيا السورية ينفذه "حزب الله" على عدة مراحل منذ دخلت قواته الأراضي السورية، وتتمثل فيما يلي:
1- هجّر حزب الله أهالي «السيّدة زينب» في ريف دمشق وأبقى على سكانها الشيعة وبيئتها المذهبية التي يسيطر عليها، وتوطين العديد من أهالي مدينة بصرى الشام بها.

2- تدمير القصير بيتاً بيتاً وتهجير السنة منها وإحلال عناصر شيعية داخلها، وأصبحت عشرات الكيلومترات في «القصير» وريفها مستوطنات ومعسكرات لحزب الله.
3- البدء في توطين الشيعة في مدينة حمص بعد تدميرها والتي لم يبق من أهلها الأصليين سوى بضعة آلاف ما زالوا محاصرين في «حي الوعر» حتى الآن.
4- توطين الحزب للعشرات للألاف من الشيعة في القلمون وهو ما برّره حسن نصرالله في أحد خطاباته قائلاً: "إن حزب الله ليس غازياً، بل هو من أهل الأرض".
5- تهجير معظم أهالي قرى الأذنية والخالدية والسكميات والسماقيات وأكوم والبجاجية وعرب الفواعرة من السكمانية وأبو حورى وعرب المقالدة من البرهانية وعرب الطويلع من النهرية بالقصير.
6- عمل حزب الله على إنشاء معسكرات في القرى الحدودية الموالية له في الجنطلية ومطربا وزيتا والديابية وكوكران والفاضلية ووادي حنا.

الزبداني النموذج الأبرز والتي تتقاطع فيها الخطوط الطائفية، والسياسية والاستراتيجية في بقعة واحدة، يجعل من الاستيلاء عليها، وإجبار سكانها على الرحيل، ضرورة ملحة للتحالف ولذلك رفض أهلها أي مبادرة تطرح التغيير الديموغرافي لمدينتهم ولأي شبر من الارض السورية، وأن كل الإجراءات القانونية وإجراءات البيع والتمليك والاستحواذات الحاصلة بعد عام 2011، باطلة ولاغية، لصدورها عن نظام عصابة فاقد للشرعية، وعن محتلٍّ إيراني مغتصب، لا يملك الحق في توزيع ممتلكات السوريين على الغرباء وكشفت المفاوضات الأخيرة بين الإيرانيين وحزب الله من جهة وحركة "أحرار الشام" من جهة أخرى، أن هدفها تهجير أهالي مدن وبلدات الزبداني ومضايا وبقين وبسيمة إلى إدلب، على أن يتم جلب أهالي بلدتي الفوعة وكفريا لتوطينهم فيها؛ الأمر الذي رفضه أبناء الزبداني مختارين "الموت كأشجار الزبداني".

وقال محمد، أحد المقاتلين في صفوف فصائل الثوار في الزبداني: "انتهى كل شيء، خيارنا أصبح أكثر وضوحاً، ونحن نعي طريقنا، سنقاتل حتى آخر رجل فينا، ونروي تراب مدينتا بدمائنا، ولن يهنأ بها أحد من القادمين الجدد، وإن الإيرانيين عرضوا علينا أن يتم نقلنا من الزبداني ومضايا وبقين وبسيمة إلى منطقة الفوعة وكفريا، على أن توزع علينا البيوت هناك والأراضي بما يماثل ما نملكه في الزبداني، كما طرحوا علينا أن نغير اسم المنطقة هناك ونطلق عليها الزبداني، لكنه لم يضمن لنا عدم تعرضنا للقصف هناك".
وتابع: "ليس عددنا بكبير، لكننا مؤمنون بعمق جذورنا بهذه الأرض، ولن نتنازل عن أرضنا مهما كانت المغريات، هذه المدينة بناها أجدادنا وشبع ترابها من عرقهم وأنّ الثوار عقدوا العزم على القتال حتى آخر رجل منهم؛ وهم يدركون حجم القوة الهائلة التي يكيلها النظام وحزب الله على الزبداني، لكن نحن نعدهم أنها ستكون معركة مكلفة وذات خسائر موجعة لهم، وأن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد، وهم ينتظرون أن يبدأ الهجوم البري بفارغ الصبر، إذ لن يجنوا أي مكسب من القصف الجوي الصاروخي والمدفعي".

ويريد حزب الله والنظام السوري تحقيق أهدافهم الطائفية الديموغرافية؛ من أجل إجبار أهل السُنة على الفرار من المناطق التي يردونها، من خلال ما يلي:
1- استخدام العنف غير المسموع مثل الذي رأيناه مؤخرًا في دومًا، إنّ الأثر النفسي للفظائع سيجعل المدنيين يفرون من أماكن أخرى إذا أمرهم النظام بترك منازلهم.
2- هجمات عسكرية عديمة الرحمة من الحرس الثوري الإيراني والجيش السوري وحزب الله لتطهير المناطق المختارة- ذات الأهمية الاستراتيجية وغير قابلة للتفاوض- للمعارضة أو السُنة أو كليهما.
3- إجراء محادثات ناعمة حول حلول سياسية، مع عدم وجود تحركات جادة لحل أزمات المناطق المستهدفة والاستمرار في إرسال المعدات العسكرية إلى الأسد وحزب الله حتى يستطيع السيطرة عليها .

مما سبق نستطيع أن نقول: إن هدف حزب الله الرئيسي هو تغير الديمغرافية السورية من أجل تحقيق أهدافه التوسيعية الطائفية التي تخدم إيران في المقام الأول لتنتهي الحرب السورية بتوسع حزب الله وإيران في مساحة أكبر من الأراضي السورية كما فعلت في جنوب لبنان.
في مقابل ذلك، ما هي الخطة المضادة من المعارضة السورية؟ لا شيء.