الدوافع الحقيقية لإعلان تركيا الحرب ضد الارهاب (2 من 2)
الخميس 03/سبتمبر/2015 - 08:48 م
طباعة
عرضنا في الاسبوع الماضي أهم الاسباب التي دفعت النظام التركي في الفترة الاخيرة لإعلان الحرب ضد الارهاب وذلك على خلفية تعرض تركيا لموجة من الضربات الارهابية سواء من داعش أو التنظيمات الكردية المسلحة . ولقد أكدنا أن الازمة السياسية الداخلية التي جاءت عقب اعلان نتيجة الانتخابات التركية حيث تراجع نصيب حزب (العدالة والتنمية) وعجز عن الفوز بعدد من المقاعد تسمح له بتشكيل حكومة وحيث وصلت نسبة ما حصل عليه من مقاعد حوالى 40% فقط وبينما حصلت المعارضة على 60%من المقاعد . وبناء على ذلك فقد عجز الحزب في تشكيل حكومة ائتلافية توافقية مع أحزاب المعارضة . وهى احدى الاسباب التي دفعت النظام التركي لإعلان الحرب على الارهاب خارج الحدود التركية في محاولة لكسب تعاطف الشعب التركي والايحاء بالمخاطر الخارجية والمؤامرات التي تحاك ضد تركيا . ثم يأتي توقيع ( الاتفاق النووي ) بين ايران و مجموعة 5+1 كأهم الاسباب التي تدفع تركيا لإعلانها الحرب على الارهاب خاصة خارج حدودها . مع التوقيع ( الاتفاق النووي ) سنشهد بالتأكيد تقاربا في العلاقات بين ايران وأمريكا وحيث ترغب الاخيرة في توجيه اهتماماتها الى اسيا لمواجهة النفوذ الصيني والروسي في منطقة شرق اسيا . وتدرك أمريكا أن ايران لها دورا محوريا في ضبط ايقاع الصراع في منطقة الشرق الاوسط . ومن هنا ستدعم أمريكا ايران للقيام بدور بارز في المنطقة ولكن دون الاخلال بعلاقة امريكا مع دول الخليج. وسيسمح رفع العقوبات عن ايران بالأفراج عن مليارات من الدولارات المقيدة قد تصل 1500 مليار دولار وهذه المليارات ستسمح لإيران بمضاعفة قوتها العسكرية و بالتالي ستزيد من دعمها لحلفائها في المنطقة . وتعتبر سوريا أكثر مناطق الصراع جدلا بين طهران و أنقرة . وطهران تعمل بكل قوة للحيلولة دون سقوط نظام بشار الاسد وتدفع بمليشيات ( حزب الله ) ومليشيات ( فيالق القدس ) المنبثقة عن الحرس الثوري الإيراني لدعم نظام بشار الاسد عسكريا . بينما ترى تركيا أن حل الازمة السورية لن يتم الا في حالة اقصاء نظام بشار الاسد عن الحكم و تتوافق تركيا مع دول الخليج في استراتيجية حل الازمة السورية فاذا كانت دول الخليج قد دعمت و مازالت تدعم تنظيمات عسكرية سنية في مواجهة نظام بشار الاسد و (حزب الله) والتمدد الإيراني فأن تركيا تعمل في نفس الاتجاه بالتعاون الوثيق مع قطر في دعم (جبهة النصرة) . بل أن تركيا قد ساهمت في تأسيس تنظيم داعش عندما سمحت بالألاف من المتطوعين بالتدريب على أرضها والعبور للأراضي السورية والعراقية اضافة أن تركيا تشكل غطاء سياسيا لتنظيمات الاسلام السياسي مثل (الاخوان المسلمين) في مصر و (حماس) في غزة و (حزب النهضة) في تونس علما بأن هذه السياسة التركية لا تتوافق مع سياسات بعض دول الخليج مثل السعودية والامارات . اذا كيف ستستطيع تركيا حل هذا التناقض في مواقفها مع دول الخليج . أن اعلان تركيا على الارهاب ومطالبتها بمنطقة عازلة على الأراضي السورية وقيامها بتدريب ما يعرف بمتطوعين تحت اسم الجيش السوري الحر سيضمن لها التواجد المباشر على الأراضي السورية وتدريب وتسليح قوة جديدة بالاتفاق مع دول الخليج لتقديم الدعم الازم لعمليات التسليح والتدريب . على أن اعلان تركيا بالحرب على الارهاب لا يعنى الحرب على داعش فقط بل يعنى ايضا حربها التاريخية ضد الاكراد و من هنا ايضا يظهر الخلاف التركي / الإيراني . فتركيا دائما ما تتهم ايران بدعم الاكراد خاصة حزب العمال الكردستاني و تؤكد تركيا أن فيالق القدس تدعم حزب العمال الكردستاني في حربه ضد تركيا . وتخشى أنقرة بعد توقيع (الاتفاق النووي) أن يتزايد مستوى الدعم الإيراني للأكراد لمواجهة تركيا. وسيصبح الحرب على الارهاب هو المخرج الإعلامي ومحاولة اضفاء شرعية لحرب تركيا ضد الاكراد. و ستكون الساحة السورية خاصة الشمال السوري هو نقطة الانطلاق العسكري التركي في مواجهة الاكراد و منذ أن سمحت امريكا للأكراد بإقامة الحكم الذاتي في شمال العراق وكان هدف امريكا من وراء ذلك تهدئة الاوضاع الداخلية في العراق ثم الدفع بقوة ثالثة هي الاكراد لتناوش بين معسكري الشيعة والسنة في العراق. لقد استفاد الاكراد من هذه الفرصة في بسط نفوذهم في شمال العراق وفى سوريا. وعموما فأن المسألة الكردية تقع في اولى اهتمامات الدولة التركية و تجعلها هذه المسألة تدرس حساباتها جيدا في علاقاتها مع الدول التي تضم الاكراد مثل ايران وسوريا والعراق و من العوامل المهمة والاساسية التي فرضت على تركيا اعادة علاقاتها مع ايران لشعورها بخطر مليشيات حزب الاتحاد الديموقراطي التي حققت مكاسب عسكرية على الارض في مناطق شمال شرق سوريا على الحدود التركية مستفيدة من الصراع بين المعارضة السورية وقوات داعش . ثم يأتي حزب العمال الكردستاني بخبرته العسكرية الممتدة لعشرات السنين والذى استطاع اعادة تجديد دمائه وقام بتجديد عناصر كردية من داخل وخارج تركيا كما استطاع أن ينفذ عدة عمليات قوية على أهداف داخل الأراضي السورية .أما في الداخل التركي فقد أثارت نتيجة الانتخابات التركية على قدرة الاكراد على الحشد والتعبئة والدخول كلاعب مهم في الساحة السياسية حيث أسفرت النتائج عن فوز حزب الشعوب الديمقراطية ب 80 مقعدا و لأول مرة في البرلمان وجاء ذلك الفوز نتيجة للثقة التي اكتسبها الاكراد خلال الثلاث سنوات الاخيرة والملاحظ أن عملية المداهمة والتفتيش التي جاءت عقب الاحداث الاخيرة كانت تشمل العديد من العناصر التركية و أن هجمات الطيران التركي على المواقع الكردية كانت أكثر من هجمات على تنظيم داعش . أن أردوغان لن يفوت فرصة الدعاية بالحرب على الارهاب لمحاولة كسر شوكة الاكراد خاصة في شمال العراق وشمال شرق سوريا و أن أشد ما يخشاه أردوغان هو اعلان الاكراد عن الدولة الكردية الموحدة على الأراضي التركية والعراقية والسورية.