العالمُ يواجه مأساةَ السوريين في صمت
الخميس 03/سبتمبر/2015 - 11:42 م
طباعة


الهروب للبحث عن البقاء
عادت أزمة اللاجئين السوريين لتطل بوجهها الحزين على صدارة نشرات الأخبار العالمية، بعد تزايد معاناة اللاجئين، وعدم قدرتهم على البقاء في بلادهم نتيجة الحرب المستمرة هناك، وغياب الأمان والسلع الغذائية، وسقوط آلاف القتلى.
يأتي ذلك في الوقت الذي انتقد فيه تحقيق أجرته الأمم المتحدة في الحرب الدائرة في سوريا ما وصفه بـ"إخفاق العالم" في حماية اللاجئين السوريين ويقول إن ذلك أدى إلى تفاقم أزمة المهاجرين التي تواجهها القارة الأوروبية، وجاء في التقرير الذي أعدته اللجنة أن ألفي سوري على الأقل ماتوا غرقا في مياه البحر المتوسط أثناء محاولتهم بلوغ السواحل الأوروبية، محذرًا من أن الحرب السورية ماضية في التصاعد دون أي بصيص أمل بتوقفها.
وحث رئيس لجنة التحقيق سيرجيو بينييرو المجتمع الدولي على التصرف "بإنسانية وتعاطف" مع اللاجئين من خلال تأسيس سبل قانونية لانتقال البشر.

الاطفال يدفعون الثمن
وقال رئيس اللجنة بينييرو للصحفيين في جنيف إن 250 الفًا من اللاجئين السوريين سعوا للحصول على اللجوء في أوروبا، فيما تستضيف الدول المجاورة لسوريا أربعة ملايين منهم، مؤكدًا على أنه من الضروري للمجتمع الدولي أن يتصرف بإنسانية وتعاطف، وذلك بتأسيس قنوات قانونية للهجرة من شأنها زيادة الحماية للاجئين والساعين للجوء".
كانت لجنة التحقيق قد شكلت من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات مزعومة لقانون حقوق الإنسان الدولي في سوريا، وشمل التقرير الأحداث التي شهدتها سوريا في الفترة بين يناير 2015 وحزيران من العام نفسه، ويخلص إلى أن العنف في سوريا أصبح "متوطنا"، وأنه "للأسف يتصاعد في كميته ونوعيته، والاشارة إلى انه لا يبدو اي من الأطراف المتصارعة أنه قريب من الانهيار او على وشك تحقيق نصر ناجز، فالكل قد حصلوا على قنوات دعم وأراض تسمح لهم بالاستمرار لعدة سنوات مقبلة، كما أن الحرب تدفعها بشكل متزايد القوى الدولية والإقليمية، تبعا لمصالح هذه القوى الجيواستراتيجية دون أن يشير إلى هذه القوى بالاسم.
وركز التقرير الأممي على أن التنافس بين القوى الإقليمية من أجل النفوذ قد أدى ضمن ما أدى إليه، إلى تصاعد مخيف في البعد الطائفي للصراع وهو بعد أججه تدخل المسلحين الأجانب ورجال الدين المتطرفين."
كما كشف عما توصل إليه المحققون من أن مسلحي تنظيم "داعش" قد ارتكبوا "جرائم قتل وتعذيب واغتصاب واستعباد جنسي وعنف جنسي وطرد وغيرها من الأفعال اللاإنسانية، وذلك كجزء من هجوم منظم على السكان المدنيين، كذلك تقوم جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة بفرض أيديولوجيتها المتطرفة في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة إدلب الشمالية.
ويحذر التقرير من أن "الأماكن التي يتمتع بها اللاجئون السوريون الذين يحاولون الفرار بالحماية تتقلص باستمرار، ونتيجة لذلك، يسلم العديد منهم أرواحهم للمهربين وتجار البشر ويحاولون عبور البحار على ظهر زوارق غير آمنة مما نتج عنه موت أكثر من ألفين منهم غرقا في السنوات الأربع الأخيرة.
وركز التقرير على أن إخفاق العالم في حماية اللاجئين السوريين يجري ترجمته الآن إلى أزمة في جنوبي القارة الأوروبية.
إن مسؤولية حماية حقوق هؤلاء اللاجئين لا يجري تقاسمها أو الاضطلاع بها بشكل كاف."

الفرار الى المجهول
من ناحية أخري ومع تفاقم أزمة محاولة دخول لاجئين سوريين إلى دول أوروبية، ظهرت تساؤلات بشأن أسباب عزوف هؤلاء عن التوجه إلى دول الخليج الغنية والقريبة في نفس الوقت من وطنهم، وعلى الرغم من أن هؤلاء اللاجئين من الأزمة السورية يعبرون الحدود لسنوات عديدة إلى لبنان والأردن وتركيا بأعداد غفيرة، فإن أعداد الذين يتوجهون إلى دول عربية أخرى، لاسيما دول الخليج، أقل بكثير، حيث يمكن للسوريين، رسميا، التقدم بطلب الحصول على تأشيرة سياحية أو تصريح عمل لدخول دول الخليج.
يأتي ذلك ضمن عقبات واسعة النطاق أمام السوريين الذين يتطلب الأمر حصولهم على تأشيرة نادر الحصول عليها لدخول معظم الدول العربية، فبدون تأشيرة لا يستطيع السوريون حاليا دخول دول عربية باستثناء الجزائر وموريتانيا والسودان واليمن.
ودفعت الثروات النسبية والقرب من سوريا العديد، على الصعيدين الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدية، إلى التساؤل بشأن ما إذا كانت هذه الدول لديها مسؤولية أكبر من دول أوروبا تجاه السوريين الذين يعانون على مدار أكثر من أربع سنوات من الصراع الدائر وظهور جماعات "جهادية" في البلاد.