تحديات أمنية وانتخابية تزيد من أزمات أردوغان

الأحد 06/سبتمبر/2015 - 07:07 م
طباعة تحديات أمنية وانتخابية
 
في محاولة لتعويض الفشل السابق في الانتخابات البرلمانية، انتهى حزب العدالة والتنمية من قبول الترشيحات للانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في الأول من نوفمبر المقبل ولم يتقدم نواب الحزب القدامى من المؤسسين الذين قضوا ثلاث فترات متتالية بالبرلمان للترشح في هذه الانتخابات وهم الذين اختلفوا مرارًا في الفترة الأخيرة مع توجهات وقرارات الرئيس رجب طيب أردوغان وذلك بحكم اللائحة الداخلية للحزب.
ويرى مراقبون أن غالبية النواب الذين لم يتقدموا للترشح لعضوية في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية هم من الأسماء التي اختلفت في الرأي من حين لآخر مع الرئيس رجب طيب أردوغان، ومن أبرز هذه الشخصيّات نائبي رئيس الوزراء في الدورة السابقة؛ مثل بولنت أرينتش وحسين تشيليك ومهندس الاقتصاد في تركيا علي باباجان ونهاد أرجون ونعمت باش، وأن الصفة المشتركة الأخرى التي التفت حول هذه الشخصيات هي إعرابهم عن وجهة نظرهم بضرورة تشكيل حزب العدالة والتنمية حكومة ائتلافية مع أي من الأحزاب الفائزة عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السابع من يونيه الماضي التي أسفرت عن عدم فوز أي من الأحزاب بالانفراد بالحكم، وكذلك وجهة نظرهم بأن الانتخابات المبكرة ستضر بالبلاد، وهو ما يتوافق مع رأي رئيس الجمهورية السابق عبد الله جول.

تحديات أمنية وانتخابية
وركز محللون على خلافات النائب السابق لرئيس الوزراء بولنت أرينتش في العامين الماضيين مع الرئيس رجب طيب أردوغان، في حين أن الأخير لم يخجل أو يتردد في وضع الأول في مواقف صعبة أمام الرأي العام أكثر من مرة، إذ إنه عقب النقاش الساخن الذي دار في البلاد وبين المسئولين بخصوص "المنازل التي يسكن الشباب فيها الذكور والإناث معًا" وصل هذا الجدل إلى مرحلة اضطرت أرينتش إلى أن يخرج عن صمته ويقول "أنا أيضًا لدي ثقل نوعي؛ فأنا لستُ مثل كيس الملاكمة!"
أما النائب السابق الآخر لرئيس الوزراء علي باباجان؛ فقد أخذ نصيبه من الاتّهامات في الفترة التي استهدف فيها أردوغان البنك المركزي في العام الماضي، إذ أن أردوغان الذي اتهم رئيس البنك المركزي أردم باشتشي بالخيانة للوطن استهدفت باباجان في تصريحاته بشكل ضمني وحذّره قائلا "عليك أن تضبط نفسك وتعيد حساباتك".
فيما استهدف حسين تشيليك وزير التعليم والمتحدث باسم الحزب سابقا، أردوغان مطالبًا بضرورة أن يشكل العدالة والتنمية حكومة ائتلافية مع الشعب الجمهوري بدلا عن الذهاب لانتخابات مبكرة.

تحديات أمنية وانتخابية
يأتي ذلك في الوقت الذى زادت فيه العمليات الإرهابية وأعمال العنف في المدن التركية المختلفة منذ صعود حزب الشعوب الديمقراطية الموالي للأكراد، حيث شهدت المدن ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق تركيا تكثيفًا لنشاطات العمليات الإرهابية عقب فشل مفاوضات السلام والتسوية الرامية إلى حل المشكلة الكردية.
وأسفرت الهجمات التي حدثت خلال الـ45 يومًا الأخيرة فقط عن سقوط 30 شهيدًا من رجال الأمن. وكان المدون المشهور على موقع التواصل الاجتماعي تويتر فؤاد عوني المعروف بفضحه لمؤامرات الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنيمة قد فجَّر مفاجآت عبر تغريداته الأخيرة، حيث كشف عن أن أردوغان ينسج ويعدّ "ألاعيب قذرة" في قصره، بعد فشل العدالة والتنمية في الحصول على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 يونيه الماضي، مدعيًا أن هذه الخطة دخلت بالفعل حيز التنفيذ من خلال سيناريو تنفيذ هجمات على رجال الأمن، على حد زعمه، وبعد مدة قصيرة من هذه الادعاءات، بدأ الشعب التركي يتلقى فعلاً أخباراً عن سقوط رجال الأمن شهداء واحدًا تلو آخر، مثلما أخبر عنه فؤاد عوني.

تحديات أمنية وانتخابية
وحسب تقارير خبراء الأمن، فإن مديريات الأمن في بلدات المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد تعاني من نقص في أعداد رجال الأمن والعناصر الشرطية وحتى المعدات والمركبات القادرة على التدخل في حالة حدوث أي أعمال مخلّة بالأمن العام. حتى أوضحوا أن نقص المركبات في مديريات الأمن في المنطقة وصل إلى حد بحيث لا توجد في بلدة واحدة سوى سيارة واحدة لمكافحة الشغب  (TOMA)، وعربة مصفحة خفيفة، ومركبة مدرعة واحدة، وفي حالة حدوث أية أعمال عنف أو ما شابهها، يحاول رجال الأمن التدخل باستخدام العربات المصفحة الموجودة لديهم، إلا أن تلك العربات لا تتمتع بالتصفيح الكامل، وإنما تعتبر مصفحة فقط ضد الأسلحة الخفيفة والقناصات، وليس الألغام الأرضية والقنابل.
وكشف الخبراء والمتخصصون عن وجود أزمة حقيقية تعاني منها المنظومة الأمنية في تركيا مؤخراً، وهي مدراء الأمن. إذا لا يتعدى عدد مدراء الأمن أصحاب الخبرات الأمنية اللازمة أصابع اليد الواحدة، إلى جانب فشل استخباراتي ذريع في التعامل مع الهجمات الإرهابية وأعمال العنف التي تشهدها المنطقة وتركيا برمتها. كما تعرض قوات الأمن حياة المواطنين المدنيين للخطر بسبب إقدامها على استخدام الأسلحة الثقيلة في التعامل مع هذا النوع من المواقف قبل استنفاد كل طرق الحل السلمية نتيجة لإخفاقها في حساب المخاطر المحتملة ودراسة التقارير السابقة الخاصة بالمنظمات الإرهابية وطبيعة عملها، ويرى خبراء أتراك أن هذا الوضع يضع قوات الأمن وأصحاب البيوت والمحالّ التجارية في المنطقة وجهاً لوجه، مما يؤجج مشاعر الغضب لدى الطرفين. 

تحديات أمنية وانتخابية
من ناحية أخري امتنعت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) عن الاستجابة لطلب السلطات التركية إصدار نشرة حمراء بحق المدعيين العامين زكريا أوز وجلال كارا اللذين أشرفا على تحقيقات الفساد والرشوة الشهيرة التي كشف عنها في 17 و25 ديسمبر 2013.
وأكد المكتب القانوني للإنتربول فيما يتعلق بوجود "منظمة فتح الله كولن الإرهابية" (FETÖ)، التي اتهمت السلطات التركية كلاً من زكريا أوز وجلال كارا بالانتماء إليها وطالبت بإصدار نشرة حمراء بحقهما، أن النظام الدولي لا يوجد به منظمة إرهابية تحت هذا المسمى، وبرر رفضه الطلب بأن "الإنتربول ليس الطاولة السياسية لتركيا".
كان المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العموم في تركيا، قرر في ديسمبر 2014، منع المدعين العامين زكريا أوز وجلال كارا من مزاولة مهمتهما أولا، وبعدها صدر بحقهما قرار باعتقالهما؛ لأنهما كانا يديران تحقيقات الفساد التي تكشفت وقائعها في 17 ديسمبر 2013 والمتورط فيها أربعة وزراء من حكومة العدالة والتنمية وأبنائهم، ورفض الإنتربول مرتين قرار النشرة الحمراء الصادر من قبل الدائرة الثانية لمحكمة العقوبات المشددة في باكير كوي بإسطنبول. وكانت وزارة العدل التركية طالبت في أول طلب أرسلته للإنتربول، بناء على قرار المحكمة، أن يتم البدء في اتخاذ إجراءات دولية من أجل إعادة كل من زكريا أوز وجلال كارا بتهمة عضويتهما في منظمة إرهابية مبررة ذلك بتحقيقات الفساد ومنشوراتهما على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. 
إلا أن الإنتربول أكّد في معرض رده على طلب السلطات التركية أن النظام الدولي لا توجد به منظمة إرهابية تُدعى "منظمة فتح الله كولن الإرهابية". وهو ما اضطر وزارة العدل التركية إلى المطالبة مرة أخرى بإعادة المدعين العامين بتهمة انتهاك الخصوصية وتزوير وثائق والتهديد والابتزاز، إلا أن رد الإنتربول كان شديدًا وحازمًا هذه المرة؛ حيث قال الإنتربول إن طلبات الإعادة بعيدة كل البعد عن القانون، وإن "الإنتربول ليس الطاولة السياسية لتركيا".


شارك