أوروبا تترنح مع تفاقم أزمة اللاجئين السوريين
الأحد 06/سبتمبر/2015 - 09:26 م
طباعة


استقبال اللاجئين بالترحاب فى المانيا
استقبلت ألمانيا والنمسا آلاف المهاجرين الذين تمكنوا من عبور الحدود بعد أن خففت المجر من القيود على السفر، حيث تدفق على النمسا آلاف من المهاجرين واللاجئين جاءوا سيرا على الأقدام وعلى متن قطارات وحافلات أقلتهم إلى منطقة الحدود بين النمسا والمجر حيث استقبلهم متطوعون ثم توجه بعضهم إلى العاصمة فيينا والبعض الآخر اتجه إلى ميونخ جنوبي ألمانيا، وسط تعليقات من المحللين الاوروبيين بشأن تخبط الاتحاد الأوروبي في التعامل مع تزايد أعداد طالبي اللجوء السياسي.
يأتي ذلك بعد أن شهدت العاصمة المجرية بودابست الأسبوع الماضي مشهدًا يتسم بالفوضى، حيث علق مئات اللاجئين أمام محطة قطار رئيسية سعيا لاستقلال قطارات لدول غرب أوروبا، ورفض كثير من المهاجرين أن يأخذوا إلى معسكرات في المجر للتسجيل حيث أصروا على الوصول إلى ألمانيا والنمسا، كما اخترقت جموع من اللاجئين، من بينهم أطفال، الخطوط الأمنية وساروا نحو 175 كيلومترًا حتى الحدود، وتحت كثير من الضغوط، رضخت بودابست وفتحت حدودها مع النمسا التي تتوقع أن تستقبل نحو 10 آلاف شخص اليوم السبت.

اللاجئون يصرون على الاقامة فى المانيا
من جانبه أكد نيك ثورب مراسل بي بي سي على الحدود المجرية النمساوية استمرار تدفق اللاجئين نحو الحدود ، كما استقل بعضهم قطارات محلية من المجر ومع اقترابهم من الحدود تسارعت خطواتهم رغم الإرهاق والخوف الذي أحاط برحلاتهم، واستمرت الجموع في التوافد على الحدود حتى بعد حلول الليل وارتدى البعض ملابس صيفية رغم برودة الجو ولف البعض أجسادهم ببطانيات.
من جانبها جمدت برلين عمليا تطبيق اتفاقية دبلن بقرار مكتب الهجرة واللاجئين وقف إجراءات ترحيل اللاجئين السوريين إلى الدول التي سبق أن دخلوا إليها، وتركوا "بصمتهم" فيها، بالتزامن مع تدفق الآلاف منهم مؤخرا إلى ألمانيا برا عبر اليونان ومقدونيا وصربيا والنمسا، وفيما تتخوف دول جوار ألمانيا، وخاصة المجر من موجة اللاجئين الحالية وتداعياتها المستقبلية، حتى أن رئيس حكومتها فيكتور أوربان وصف الوضع الحالي بأنه "موجة جديدة من عصر الهجرات"، تستعد ألمانيا لاستقبال حوالي 800 ألف لاجئ ومهاجر العام الجاري، ما يزيد على العدد الذي استقبلته في العام الماضي بأربعة أضعاف.
وفي هذا السياق أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن بلادها يمكنها تدبر أمر اللاجئين في العام الحالي من دون زيادة للضرائب.
وكشفت صحيفة " فرانكفورت تسايتونج"، أن تكلفة استقبال ألمانيا لأعداد قياسية من اللاجئين فاقت 10 مليار يورو، أي 4 أضعاف ما تم إنفاقه على اللاجئين في العام الماضي وكان عددهم 203 آلاف.

ملاحقة الشرطة لللاجئين
وأكد خبراء أن التعاطف الكبير لدى الألمان تجاه اللاجئين السوريين، يتمثل في محاولة ضخ دماء جديدة في مجتمع يعاني من حالة شيخوخة مزمنة، لم تفلح معها إجراءات الحكومة في الحد منها بتشجيع زيادة النسل ورفع معدل الولادات، خاصة وأن المانيا لديها أقوى اقتصاد في أوروبا ونسبة البطالة فيها الأقل بعد النمسا ولوكسمبورغ وهولندا، وانخفضت النسبة العام الحالي إلى 2.77 مليون، ومع ذلك تقول تقارير ألمانية أن البلاد بحاجة في السنوات المقبلة إلى 1.5 مليون ونصف المليون من الأيدي العاملة للمحافظة على وتيرة اقتصادها المرتفعة.
ورد متابعون ظاهرة إحجام الكثيرين عن الإنجاب في ألمانيا، حيث تفيد التقارير بأن عدد الأطفال الجدد الذي يدخلون المدارس انخفض بنسبة 10% خلال 10 سنوات، إذ يلتحق بالمدارس 800 ألف طفل سنويا، وفي الوقت نفسه يحال إلى التقاعد 850 ألف شخص.

نزوح جماعى للاجئيين
ويرجح الخبراء أن يكون دافع ألمانيا إلى فتح أبوابها على مصراعيها أمام اللاجئين هو لمواجهة شيخوختها، مشيرين إلى أنها لو أرادت ذلك لاكتفت بفتح باب الهجرة أمام حملة المؤهلات والكفاءات، لافتين إلى أن استقبال اللاجئين في هذا البلد يجري من دون تمييز، ومع ذلك، تضمن القوانين الألمانية للاجئ البقاء ما بقي وضعه الإنساني قائما، ولاحقا يتمكن من البقاء في البلاد أولئك الذين يتمكنون من إعالة أنفسهم ويتم ترحيل الآخرين بعد زوال ظروفهم القاهرة وتحسن أوضاعهم الإنسانية.
من ناحية أخرى كشفت شركة القطارات النمساوية أن نحو 13 ألف شخص غادروا البلاد عبر القطارات من فيينا إلى ميونيخ، مع التأكيد أن غالبية اللاجئين يريدون الذهاب إلى ألمانيا وينظرون إلى النمسا كمنطقة عبور فقط، وأوضح متحدث عن وزارة الداخلية النمساوية أن "موجة النزوح الجماعية إلى ألمانيا، لم تهدأ أبدا الليلة الماضية، وحسب تأكيدات سلطات ولاية بافاريا، فإن نحو عشرة آلاف لاجئ وصلوا إلى محطة القطارات بميونيخ نهاية الأسبوع الجاري، ونزل اللاجئون الجدد من القطارات في ميونيخ وفرانكفورت وأماكن أخرى، وسط هتافات من المرحبين الذين حملوا بالونات والتقطوا صورًا وقدموا لهم الماء والغذاء، وأعلن متحدث باسم شرطة ميونيخ بعد ظهر الأحد أن حوالي ثلاثة آلاف طالب لجوء وصلوا اليوم الأحد من المجر عبر النمسا إلى بافاريا جنوب ألمانيا.
ويظهر هذا الرقم، الذي سجل عند نقطة الدخول الرئيسية للاجئين في ألمانيا، انخفاضا في العدد نسبة إلى ثمانية آلاف وصلوا إلى البلاد أمس السبت. وكانت الشرطة الاتحادية قد قالت لوكالة فرانس برس إن ثمانية آلاف مهاجر عبروا الحدود الألمانية يوم السبت فقط، وبعد نزول اللاجئين من القطارات، وجهتهم الشرطة إلى حافلات لتقلهم إلى مراكز استقبال مؤقتة أقيمت داخل مبان عامة وفنادق وثكنات للجيش في جميع أنحاء البلاد.
وأشادت منظمة "برو أزول" الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق اللاجئين بقرار الحكومة الاتحادية الألمانية بشأن دخول اللاجئين إلى ألمانيا. وقال المدير التنفيذي للمنظمة غونتر بوركهارت: "إنه عمل عظيم للإنسانية". وعن الجدل القائم في الاتحاد الأوروبي حول تطبيق نظام الحصص في توزيع اللاجئين، قال بوركهارت: "إن التوزيع الذي يبدو عادلا وفقا لنظام حصص ثابتة لا يعد حلا".
شدد على أن أغلب السوريين والأفغان والعراقيين على مستوى أوروبا يعيشون في ألمانيا، ويتوجه أغلب الأشخاص إلى المكان الذي يعرفون أشخاصا به، وتابع قائلا: "إننا نعايش تجربة اختبار بالنسبة لأوروبا"، مؤكدا أن هناك حقوق إنسان في أوروبا ولابد من جعلها معيارا للتصرف وفقا لسياسة تحتكم للمنطق والعقلانية.