وفد العراق في مؤتمر باريس يطالب بتجسيد المواطنة سياسيًا واصلاح كتب التربية الدينية
الأربعاء 09/سبتمبر/2015 - 06:16 م
طباعة

في إطار متابعة تداعيات مؤتمر الأقليات الذي انعقد بباريس أمس الثلاثاء كان من المهم إبراز مشاركة وفد "العراق" التي تعاني فيها الأقليات بشكل كبير واصبحت مصدر للاجئين في أوربا نتيجة لتوغل وسيطرة تنظيم داعش الإرهابي بها، و شارك بالمؤتمر عن العراق وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وممثلا عن اقليم كردستان فؤاد حسين، وعن مسيحيي العراق تراس الوفد غبطة البطريرك لويس ساكو رافقه المطران يوسف توما (مطران كركوك والسليمانية) والأب صبري آنار راعي كنيسة خورنة سارسيل قرب باريس.
لم يتطرق المشاركون بالمؤتمر إلى الجوانب العسكرية، وإنما بحثوا في الجرائم التي اقترفتها داعش ببربرية، واتخذت من الأقليات هدفا ودمرت الإرث الثقافي والتنوع في الشرق الأوسط، وحاول المؤتمرون رسم خارطة طريق إنسانية وسياسية وقانونية مع جمع أكبر عدد ممكن من الضمانات لتحقيق مطالب الضحايا والمهجرين حتى لو تطلب الأمر زيادة استعمال القوة على الأرض.
وجاءت كلمة البطريرك ساكو في مقدمة المداخلات وقد بدأها بالقول إن السلام ممكن وهو رسالتنا جميعا، وعلينا ساعد المتألمين.
وبعد ذلك توزع المؤتمرون إلى ثلاث طاولات مستديرة حول الجانب الإنساني، الجانب السياسي، والجانب القضائي. واشترك الوفد الكلداني في الطاولة المستديرة حول الجانب الانساني وكان غبطته أول المتحدثين فطالب بالأمور الآتية كأساسيات
- تحرير المناطق وتمكين النازحين من العودة.
- توفير سكن لائق للعائلات المهجرة خصوصا أن الفترة طالت.
- ضمان الدراسة لكل المراحل لأن من دون مواصلة الطلاب دراستهم قد تفرز حالات غير متوقعة.
- توفير الأموال لتحقيق هذه المطالب لأن ليس للحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان الأموال الضرورية لدعم هذه المشاريع لرفع معنويات الناس وإعطائهم الأمل.

وقد التقى الوفد الكلداني مع مسؤول دائرة الهجرة في فرنسا وأكدوا احترامهم لقرار الأشخاص والعائلات في الهجرة وبعده التقى غبطة البطريرك والوفد مع رئيس مجلس أساقفة فرنسا المطران جورج بونتييه، والأساقفة مساعديه، وتداولوا سبل التعاون ومساعدة العائلات المهجرة. وفيما يلي نص كلمة البطريرك ساكو
الطائفية والقبلية
السلام ممكن وهذه رسالتنا نحن رجال الدين والسياسة وهو أمل شعبنا المتألم الذي يبحث عن العيش في الكرامة.
أعمال العنف التي هزت العراق والشرق الأوسط كانت صدمة كبيرة لبلداننا وللعالم أجمع، ولا يمكن للإنسانية أن تتخذ موقف المتفرج.
وقد كان للطائفية والقبلية مردودات سلبية وخلقت أرضا خصبة للفكر الجهادي. ناهيك عن الجدران المنظورة وغير المنظورة التي فرّقت بلداننا على أساس الدين أو اللغة أو العرق، إلى جانب الفساد والظلم والبطالة والفقر، من دون كل هذا ما كان للفكر الجهادي أن يثبت قدميه. لذلك، فإن على المواطنة الفعلية الحقيقية للجميع في الشرق الأوسط أن تتجسد سياسيا وتكون الحل المثالي.

1 - تجسيد المواطنة تجسيدًا سياسيًا
لوقف هذا الفكر الجهادي مع كل وحشيته، يجب علينا تحقيق مصالحة سياسية في العراق وسوريا على أساس المواطنة الواحدة. السلام يتطلب إصلاح الدستور ليشمل جميع مكوّنات المجتمع المدني من دون منطق قبلي أو طائفي أو ديني أو مذهبي، هذا يقتضي أن يكون جميع المواطنين سواسية وتمنع أشكال التمييز في المجتمع، لا سيما داخل الحكومة. يجب على الكفاءة فقط أن يعوّل عليها.
في هذه الظروف فقط يمكن لبلداننا ان تبقى موحدة! وهذه المواطنة الملموسة تعني الفصل بين الدين والدولة. لأن العيش معا يتطلب أيضا أن تأخذ العدالة مجراها. كما ينبغي وضع قائمة واضحة لكل أولئك الذين ارتكبوا جرائم ضد الانسانية وإجراء محاكمة لمرتكبيها. اليوم يتبنى الفكر الجهادي رجال مسلحون، مما يزعزع الاستقرار في المنطقة. لهذا السبب يجب أن تتحقق مبادرة دولية لاستتباب الاستقرار في بلداننا، وإخراج الجهاديين، ولا ينبغي استبعاد التدخل العسكري على أرض الواقع.
2 - إصلاح كتب التربية الدينية.
إن الوضع المأساوي في العراق وسوريا الذي أفرز قتلى ودمار وتهجير ينبغي أن يسبّب صدمة للضمائر من أجل بناء السلام. لذا من الضروري إصلاح كتب التربية الدينية بمناهج تعزّز الانفتاح مقبولة من الجميع وقابلة للتطبيق. كما على كتب التربية الدينية أن تتعامل بشكل إيجابي يحترم الديانات الأخرى. فبرامج التعليم الحالية لا تزال تحتوي للأسف أفكارا متطرفة ترفض الديانات الأخرى. على الدين أن يكون مصدرا للأمل ويسهم في تنمية المجتمع واستقراره، وليس بث الكراهية والانقسام كما هو الحال باستخدامه لمصالح طائفية وسياسية.
3 - المواطنة تتطلب مساعدات انسانية طارئة
الملايين من البشر يعيشون في ظروف مهينة، آخرون لم يعد لديهم إمكانية دفع الإيجار لإيواء أسرهم ... إنهم قلقون على مستقبلهم ومستقبل أطفالهم. إن المساعدات الدولية ضرورة ملحة للعائلات النازحة التي تعيش خارج منازلها، في المخيمات وتحت الخيام. انها بحاجة إلى مساكن لائقة، إلى طعام، وكساء ودواء ومدارس. ولئلا يتحول هؤلاء النازحين إلى تابعين للمساعدة الوحيدة التي توزع عليهم، يجب أن يتمكنوا من العمل للحفاظ على الثقة بأنفسهم: وهذا يوطد عندهم أمل العودة إلى ديارهم عندما ستتحرر. لأن الالتزام أمل أيضا.
لحسن الحظ، في قلب هذه الأزمة الإنسانية، أظهر عراقيون أن هذه المواطنة المشتركة ممكنة. وأذكر من بين أولئك رجالا ونساءً مسلمين شيعة وسنة ساعدوا قريبهم بدون تمييز في الدين أو الانتماء. كما أسجل شكري لإقليم كردستان الذي استقبل ملايين اللاجئين من دون النظر إلى هويتهم. هؤلاء هم مستقبل العراق، هم أمل الشرق الأوسط.
على المسيحيين والمسلمين إذن أن يعملوا معا لبناء مستقبل أفضل للجميع.
أجدد إيماني بأن السلام ممكن تحقيقه ولا حياة كريمة من دون سلام آملا أن يحرر هذا النداء ضمائر الدول المشتركة في هذا المؤتمر. شكرا لدولتي فرنسا والأردن على تنظيم هذا المؤتمر.